غزة بين الحرب والخطة الأمريكية: تداعيات اقتصادية وسياسية لإسرائيل وضغوط على خطة ترامب
التاريخ : الأربعاء 10 ديسمبر 2025 . القسم : الفضائيات
ملخص الحلقة:
غطى برنامج ملف اليوم تقرير بنك إسرائيل الذي كشف عن تراجع الاحتياطيات النقدية إلى 231 مليار دولار، وانخفاض الإنتاجية بنسبة 4.7٪، أي ما يعادل عامًا كاملًا من النمو، نتيجة الحرب على غزة. وخصصت حكومة نتنياهو 34.6 مليار دولار لموازنة الدفاع لعام 2026، ما عمّق الضغوط المالية. كما أثرت استدعاءات قوات الاحتياط على قطاعات التكنولوجيا والبناء والزراعة، ما أضعف المشاريع طويلة الأمد وأكد هشاشة الاقتصاد الإسرائيلي أمام التوترات العسكرية والسياسية.
وأكد خبراء الاقتصاد السياسي أن إسرائيل تواجه ندوبًا عميقة بعد الحرب، مع عجز قياسي بنسبة 8.5٪ وارتفاع الدين العام إلى 75٪ من الناتج المحلي. قطاع التكنولوجيا فقد نصف استثماراته، ومشاريع البناء والزراعة تعطلت بسبب نقص العمالة وتجمد ميزانيات الوزارات.
بينما أشار محللون إسرائيليون إلى الالتزام الجزئي لحماس بالاتفاق. محمد أبو شامة ومالك فرانسيس أكدا أن استباق إسرائيل لإعلان الخط الأصفر يهدف لتجميد الوضع قبل زيارة نتنياهو لواشنطن، واستبعاد توني بلير من مجلس السلام يمثل تهديدًا لخطة ترامب. وتوقّع الخبراء تطبيق بنود الخطة جزئيًا عبر تمييز الفلسطينيين غير المنتمين لحماس وتصعيد القوى المعارضة داخل القطاع، مع استمرار عزلة إسرائيل اقتصاديًا وسياسيًا دون إعادة النظر في سياساتها.
مضامين الفقرة الأولى: تداعيات الحرب على غزة تهز الاقتصاد الإسرائيلي: تراجع الاحتياطيات وانكماش الإنتاجية
استهلّ الإعلامي كمال ماضي الحلقة بتسليط الضوء على ندوبٍ عميقة تضرب اقتصاد إسرائيل، موضحًا أن تلك الندوب ظهرت في صورة تراجع مؤشرات النمو وانخفاض احتياطي النقد الأجنبي لدى دولة الاحتلال، وهو ما وصفته الصحافة العبرية بأنه باب مفتوح على القلق نتيجة الحروب المتتابعة التي أشعلها رئيس وزراء الاحتلال خدمةً لطموحاته في الهيمنة وسلب الأرض.
ونقل كمال ماضي عن رئيس أركان جيش الاحتلال قوله إن الخط الأصفر الفاصل في غزة هو الحدود الجديدة بين إسرائيل وغزة، باعتباره «خط دفاع أمامي عن المستوطنات… أو بالأحرى عن المستعمرات». وكأنّه يجُبّ ما وقّع عليه الرئيس الأمريكي في خطته لغزة، معلنًا عدم الدخول في المرحلة الثانية من الاتفاق التي تستوجب انسحابًا إسرائيليًا من الخط الأصفر إلى الخط الأحمر.
عرضت الحلقة تقريرًا صادرًا عن بنك إسرائيل أشار إلى تراجع جديد في احتياطيات النقد الأجنبي بنهاية نوفمبر الماضي، لتصل إلى نحو 231 مليار دولار بتراجع 529 مليون دولار مقارنة بمستواها في أكتوبر، مما يعكس هشاشة الاقتصاد الإسرائيلي في ظل التوترات المرتبطة بالحرب على غزة. وأوضحت التقارير أن الحرب تسببت في فقدان إنتاجية يُقدَّر بـ4.7٪ من الاقتصاد، ما يعادل عامًا كاملًا من النمو، إضافة إلى ضغوط مالية متزايدة نتيجة تخصيص نحو 34.6 مليار دولار لميزانية الدفاع في موازنة 2026.
وأشار التقرير إلى أن الاستدعاءات المتكررة لقوات الاحتياط خلال العامين الماضيين أربكت بيئة الأعمال وأثرت على المشاريع طويلة الأمد في قطاعات تعتمد على قوة العمل والمهارات المتخصصة. وقدّرت وكالة بلومبرج أن الاقتصاد الإسرائيلي أصبح أصغر بنسبة 7٪ مما كان سيكون عليه لولا الحرب، ما يعكس حجم الضربة الاقتصادية التي تقترب من تأثير الأزمة المالية العالمية.
مضامين الفقرة الثانية: الضغوط الاقتصادية والسياسية لإسرائيل بعد حرب غزة: ندوب مالية وأزمة استقرار
أكد الدكتور عمر البستنجي، خبير الاقتصاد السياسي، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي كمال ماضي، أن الحرب على غزة خلفت آثارًا عميقة على الاقتصاد الإسرائيلي، حيث بلغت تكلفة الحرب أكثر من 70 مليار دولار، وسجل الاقتصاد عجزًا قياسيًا في الموازنة بنسبة 8.5٪ بنهاية 2024، مع ارتفاع الدين العام إلى أكثر من 380 مليار دولار، أي نحو 75٪ من الناتج المحلي الإجمالي، ما أدى إلى خفض التصنيف الائتماني. وأوضح البستنجي أن القطاعات الحيوية تكبدت أكبر الأضرار، خصوصًا قطاع التكنولوجيا الذي فقد نصف استثماراته، كما توقف قطاع البناء بنسبة 50٪ نتيجة نقص العمالة، فيما تكبدت الزراعة والخدمات المدنية خسائر كبيرة وصلت إلى 4.7٪ من الإنتاجية، أي ما يعادل عامًا كاملاً من النمو.
وأشار البستنجي إلى أن الترويج الذي قام به نتنياهو لقطاع التكنولوجيا لا يعكس الواقع، فالاستثمارات بدأت تتجه إلى أسواق أكثر استقرارًا مثل الصين وتايوان ودول شرق آسيا، ما يقلل جاذبية الاستثمار في إسرائيل. وأكد أن سياسات نتنياهو المعتمدة على النصوص الدينية والنبؤات التوراتية عززت العزلة الاقتصادية والسياسية لإسرائيل، ما يجعل إعادة النظر في السياسات الداخلية والخارجية ضرورية لاستمرار الدولة واستقرارها الاقتصادي. كما أشار إلى الضغوط الاقتصادية المباشرة على الفلسطينيين داخل إسرائيل، مثل إلغاء ميزانيات بقيمة 250 مليون دولار وفرض ضرائب جديدة على الأراضي الزراعية.
من جهته، تناول الدكتور سهيل دياب، أستاذ العلوم السياسية، خلال مداخلة عبر الهاتف مع ماضي، الحالة الاقتصادية في إسرائيل والموازنة العامة لعام 2026، مشيرًا إلى أن المصروفات الأمنية تشكل بين 52 و58٪ من الميزانية، فيما تتعرض الوزارات المدنية والخدمات العامة مثل التعليم والصحة والرفاه الاجتماعي للتجميد أو التخفيض، ما يزيد الضغوط على المجتمع ويحد من تقديم الخدمات الأساسية. وأوضح دياب أن الميزانيات المخصصة للضفة الغربية والاستيطان ارتفعت بشكل كبير، بما في ذلك تخصيص نحو ثلاثة مليارات دولار لتثبيت الحوكمة وحماية المستوطنين، ما يعزز الهيمنة الإسرائيلية ويزيد الضغط على الفلسطينيين.
مضامين الفقرة الثالثة: الصحافة العالمية ترصد التطورات الأخيرة في غزة وتداعياتها الإقليمية
تناول الإعلامي كمال ماضي جولة في الصحافة العالمية حول التطورات الأخيرة في غزة، حيث سلطت صحيفة الجارديان البريطانية الضوء على تصريحات رئيس أركان جيش الاحتلال، زمير، تحت عنوان: "الخط الأصفر الذي يقسّم غزة هو الحدود الجديدة لإسرائيل". وأكد زمير أن إسرائيل ستحتفظ بمواقعها العسكرية الحالية، مما يمنحها السيطرة على أكثر من نصف غزة، بما في ذلك معظم الأراضي الزراعية.
وفي السياق نفسه، نشر الكاتب الإسرائيلي عاموس هاريل تحليلًا على موقع "أرتز"، تناول فيه تركيز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على المرحلة الثانية من خطته بشأن غزة. وذهب الكاتب إلى احتمال أن يطالب ترامب بانسحابات إسرائيلية إضافية من قطاع غزة، مؤكدًا أن الخطوات الرئيسة ستنتظر حتى بعد لقاء ترامب بنتنياهو هذا الشهر. وأوضح هاريل أن واشنطن فوجئت بالتزام حماس بالاتفاق، كما أقر الجيش الإسرائيلي بأنه لم ينتهك شروط وقف إطلاق النار إلا بالكاد.
ومن جهتها، سلطت صحيفة فايننشال تايمز الضوء على استبعاد توني بلير من قائمة المرشحين لعضوية مجلس السلام الذي يرأسه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في غزة، بعد اعتراضات من الدول العربية والإسلامية، حسبما أفاد أشخاص مطلعون على الأمر. وأوضحت الصحيفة أن بلير كان الشخص الوحيد الذي تم تحديده في المجلس عندما كشف ترامب عن خطته المكونة من 20 نقطة لإنهاء الحرب في غزة، لكن بعض الدول العربية والإسلامية عارضت مشاركته، جزئيًا بسبب الضرر الذي لحق بسمعته في الشرق الأوسط نتيجة دعمه القوي لغزو العراق عام 2003، وأيضًا بسبب المخاوف من تهميش الفلسطينيين في المجلس.
مضامين الفقرة الرابعة: أبو شامة وفرانسيس: التحديات الإسرائيلية وخطة ترامب للسلام في غزة بين الضغوط الأمريكية والمصالح الداخلية
أكد السيد محمد أبو شامة، مدير المنتدى الاستراتيجي للفكر والحوار، خلال مداخلة مع كمال ماضي، أن إعلان إسرائيل عن الخط الأصفر كحدود جديدة في غزة استباق متعمد قبل زيارة نتنياهو إلى واشنطن، ويهدف لتثبيت الوضع الراهن دون الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة ترامب للسلام. وأوضح أن الخط الأصفر أصبح يتحول من خط افتراضي إلى واقع عملي عبر بناء كتل إسمنتية وإعادة تموضع القوات، وأن الرئيس الأمريكي ترامب يمتلك تأثيرًا كبيرًا على السياسة الداخلية الإسرائيلية وقد يوقف أي خطوة قد تصعد التوترات. كما أشار إلى أن استبعاد توني بلير عن مجلس السلام يعتبر مؤشرًا خطيرًا، وأن التحركات الإسرائيلية تهدف لتمييز العناصر الفلسطينية غير المنتمية لحماس وتأجيج الصراع الداخلي لتعزيز مصالح إسرائيلية.
من جانبه، أوضح السيد مالك فرانسيس، عضو الحزب الجمهوري الأمريكي، خلال مداخلة مع ماضي، أن الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة تتصرف بحرية بفضل قوة اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة، وأن الرئيس ترامب ضعيف تجاه إسرائيل ويستمع كثيرًا لنتنياهو. وأكد فرانسيس أن نتنياهو لم يعترف بعد بخطة ترامب ويحاول عدم تطبيقها عبر استمرار القتل ومنع المساعدات وبناء المستوطنات وإعلان الخط الأصفر كحدود جديدة، لكنه سيرتبط عاجلاً أم آجلاً بالانسحاب نتيجة رفض الفلسطينيين والضغوط الدولية.
وأشار فرانسيس إلى أن الاقتصاد الإسرائيلي يعاني وأن غالبية الشعب يعارض الحرب بسبب تأثيرها على الحياة اليومية، مشيرًا إلى أن استمرار الحرب يخدم مصالح نتنياهو الشخصية في ظل محاكمته ويزيد احتمالات تصويت الشعب ضد الحكومة اليمينية في الانتخابات القادمة.
واختتم حديثه قائلا: أن خروج توني بلير لن يؤثر على اتفاقية شرم الشيخ، إذ سيحل محله كوشنر لإدارة إعادة إعمار غزة وتنفيذ المشاريع التجارية ضمن خطة ترامب، ما يعكس استمرار التوازن الدقيق بين الضغوط الأمريكية والمصالح الإسرائيلية الداخلية.