غزة تحت القصف والبرد.. الاستيطان والضغوط الدولية يعيقان المرحلة الثانية لخطة السلام

التاريخ : الجمعة 12 ديسمبر 2025 . القسم : الفضائيات

ملخص الحلقة:

يواجه قطاع غزة أوضاعاً إنسانية مأساوية بسبب المنخفض الجوي الشديد والدمار الكبير الناتج عن العمليات العسكرية الإسرائيلية، حيث وصل حجم الدمار إلى أكثر من 80% من القطاع، مع استمرار القصف رغم سوء الطقس، ما أسفر خلال 24 ساعة عن استشهاد خمسة فلسطينيين وإصابة عشرة آخرين. وتواصل إسرائيل رفضها الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة السلام، مشروطة باستعادة رفاة آخر جثمان محتجز في غزة وإشراك دول أوروبية في قوة الاستقرار، بينما تضغط الولايات المتحدة والمجتمع الدولي لتطبيق المرحلة التالية وضمان وصول المساعدات الإنسانية.

على صعيد الضفة الغربية، تصاعدت وتيرة الاستيطان الإسرائيلي، بعد الموافقة على بناء نحو 800 وحدة سكنية جديدة وإضفاء الشرعية على عشرات المستوطنات، في إطار خطة تهدف إلى السيطرة على نحو 80% من أراضي الضفة. وأشار محللون مثل الدكتور جهاد الحرازين والدكتور رمزي عودة إلى أن صمود المواطن الفلسطيني على الأرض والضغط الدولي والقانوني يمثل الرافعة الأساسية للحفاظ على الحقوق الفلسطينية، مع التأكيد على أن ملف الاستيطان معروض على المحكمة الجنائية الدولية باعتباره "جريمة حرب"، وأن استمرار إسرائيل في فرض أمر واقع يعقد فرص تنفيذ أي تسوية سلمية أو الانتقال الفعلي للمرحلة الثانية في غزة.

مضامين الفقرة الأولى: غزة تحت القصف والبرد.. المرحلة الثانية لخطة السلام مجمدة

استهل الإعلامي كمال ماضي الحلقة بالإشارة إلى الأجواء القاسية التي يمر بها قطاع غزة، حيث يضربه منخفض جوي شديد البرودة وغزير الأمطار، ما يزيد من المعاناة الإنسانية المتفاقمة. وبرغم سوء الطقس، واصل جيش الاحتلال قصف المناطق المدمرة أصلًا، ما أسفر خلال 24 ساعة فقط عن ارتقاء خمسة شهداء وإصابة عشرة آخرين. وفي خضم التصعيد، تواصل إسرائيل رفضها الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، مشروطة باستعادة رفاة آخر جثمان محتجز في غزة، إضافة إلى مطالبتها دولًا أوروبية بإرسال جنود لدعم قوة الاستقرار، فيما تتصاعد الأزمات في الضفة الغربية بعد موافقة حكومة الاحتلال على بناء نحو 800 وحدة استيطانية جديدة ضمن خطة السيطرة على نحو 80% من أراضي الضفة، ما دفع السلطة الفلسطينية إلى دعوة الإدارة الأمريكية للتدخل ووقف التمدد الاستيطاني.

وفي سياق المحادثات الجارية بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة ترامب لقطاع غزة، يبرز شرط إسرائيلي جديد يمثل عقبة متكررة في كل مسار تفاوضي، وهو تسلّم جثمان آخر محتجز في غزة قبل اتخاذ أي خطوة لاحقة، سواء انسحابًا أو إعادة ترتيب أمني. بينما تضغط واشنطن على حكومة الاحتلال للإسراع في تنفيذ المرحلة الثانية باعتبارها حجر أساس لاستقرار طويل الأمد في غزة، تبدو إسرائيل غير راغبة في ذلك، مستمرة في وضع عراقيل تعيق التقدّم. وعلى المستوى الدولي، تؤكد الأمم المتحدة وعدد من الدول الأوروبية أن تثبيت وقف إطلاق النار والانتقال للمرحلة التالية يتطلّبان ضمانات واضحة لوصول المساعدات الإنسانية ومحاسبة الطرف الذي يواصل انتهاكاته.

مضامين الفقرة الثانية: المرحلة الثانية لخطة السلام في غزة تواجه عقبات إسرائيلية وإنسانية

أكد الدكتور جهاد الحرزين، أستاذ العلوم السياسية، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يمارس المراوغة لتجنب الانتقال إلى المرحلة الثانية المتعلقة بالانسحاب العسكري وملفات الأسرى، رغم ضغط الإدارة الأمريكية. وأوضح أن السياسة الإسرائيلية تعتمد على التلاعب بالوقت، وأن الانتقال لهذه المرحلة يواجه تحديات عدة، منها دور قوة الاستقرار الدولية في نزع سلاح حماس والتواجد الأمني في غزة، فضلاً عن عدم وضوح المهام بين القوات الدولية والشرطة الفلسطينية، إضافة إلى تصريحات إسرائيل عن “الخطوط الحمراء” وحدودها الجديدة التي تعقد التوصل إلى حل. كما أشار الحرزين إلى أن حجم الدمار في قطاع غزة وصل إلى نحو 92%، ما يجعل تحديد مواقع الشوارع والمنازل أمرًا صعبًا، وأن إسرائيل لم تلتزم بالاتفاقات السابقة مثل اتفاق شرم الشيخ، بما زاد من معاناة المواطنين الفلسطينيين.

من جانبه، قال الدكتور عماد عمر، أستاذ العلوم السياسية، إن قطاع غزة يواجه أوضاعًا مأساوية حاليًا بسبب المنخفض الجوي الذي يجلب الأمطار والبرودة، فيما يعاني النازحون من نقص المأوى والاحتياجات الأساسية. وأوضح أن تصريحات رئيس أركان الجيش الإسرائيلي حول الحدود الجديدة بين إسرائيل وقطاع غزة تطرح تساؤلات حول إمكانية الانتقال إلى المرحلة الثانية، مؤكدًا أن الاحتلال استمر في خروقات متعددة، ما أدى إلى سقوط شهداء وجرحى، وأن إسرائيل لا ترغب في الالتزام بالبروتوكول الإنساني الخاص بإدخال الخيام والمستلزمات الشتوية، فيما تمتد معاناة السكان إلى الدمار الهائل الذي أحدثته الحرب في مختلف مناطق القطاع.

أما الصحفي والمحلل السياسي السيد ماثيو فادوم، فقد أشار إلى أن أي تسوية سلام تواجه صعوبات في بدايتها، وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي يصر على استعادة رفاة الإسرائيلي الأخير كشرط أساسي قبل الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة السلام. وأضاف أن حماس من المتوقع أن تمتثل لتسليم الرفاة رغم التحديات الميدانية الناجمة عن الدمار الكبير الذي يزيد عن 80% من القطاع، بما يشمل المنازل والشوارع والمرافق الحيوية. وأوضح فادوم أن المرحلة الثانية تشمل إنشاء مجلس للسلام والبنية الإدارية التي ستشرف على قطاع غزة، إلا أن احتمالية مشاركة دول أوروبية في قوات حفظ السلام تشكل عقبة جديدة، ما يبطئ الانتقال للمرحلة الثانية، بينما يستمر سكان غزة في مواجهة الظروف الإنسانية الصعبة والدمار الكبير الناتج عن العمليات العسكرية.

مضامين الفقرة الثالثة: استمرار التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية وتهجير الفلسطينيين

أعلنت وكالة رويترز أن وزير المالية الإسرائيلي بيتسلائيل لسموتريتش صرح بموافقة إسرائيل النهائية على بناء نحو 800 وحدة سكنية في ثلاث مستوطنات بالضفة الغربية المحتلة، في إطار خطة تشمل حوالي 51 ألف وحدة سكنية على الأراضي التي يسعى الفلسطينيون لإقامة دولتهم عليها. ودفعت هذه التحركات السلطة الفلسطينية لدعوة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للضغط على إسرائيل بشأن سياساتها الاستيطانية، فيما منحت وزارة داخلية الاحتلال إشعارات بلدية لثماني مستوطنات كانت تفتقر للشرعية سابقًا، لتصبح مستقلة رسميًا، فيما تمت الموافقة على بناء أو تصحيح وضع نحو 49 مستوطنة أو بؤرة استيطانية منذ تولي الحكومة الحالية السلطة في أواخر 2022، بعد توقف مماثل منذ التسعينيات.

وفي سياق إنساني، ذكرت صحيفة New York Times قصة المواطن الفلسطيني محمد عبد الرحمن (58 عامًا)، الذي عاش هو وزوجته على سفح تل في الضفة الغربية لعقدين من الزمن، قبل أن يقيم مستوطنون مخيمًا على بعد مئتين متر من منزله ويمنعوه من العودة، فيما نفت السلطات الإسرائيلية الرواية مؤكدة أنه غادر طواعية. وأضاف عبد الرحمن أنه لا يزال غير قادر على العودة إلى منزله بعد أن حول المستوطنون المكان إلى مركز للدراسة الدينية، مشيرًا إلى أن الاحتلال لا يسرق الأرض فحسب، بل يسعى أيضًا لقطع الروابط التي تربط الفلسطينيين بأرضهم.

مضامين الفقرة الرابعة: توسع المستوطنات يهدد حل الدولتين ويكشف التناقض الأمريكي الإسرائيلي

في مداخلة  هاتفية  مع الإعلامي كمال ماضي تناول الدكتور رمزي عودة، مدير وحدة الأبحاث بمعهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي، تصاعد الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية وتأثيره على مستقبل الدولة الفلسطينية، مشيرًا إلى تسارع الحكومة الإسرائيلية الحالية في تنفيذ مشاريع الاستيطان واصفًا هذه التحركات بأنها محاولة "لقبض مكافأة ضم الضفة الغربية"، نابعة من إدراك الحكومة بأنها "لن تظل طويلاً" وفقدان الشارع الإسرائيلي الثقة بها. وأوضح أن الهدف الإيديولوجي للاستيطان يتمثل في الإسراع بضم الضفة ومنع قيام الدولة الفلسطينية، عبر التوسع الاستيطاني المستمر في مناطق حساسة مثل "E1" قرب معالي أدوميم، وإنشاء الطرق الالتفافية والبلوكات الاستيطانية التي تربط المستوطنات ببعضها وتفصل المدن الفلسطينية الكبرى عن بعضها، ما يعكس أسلوب "الفصل العنصري" ويعيق إقامة دولة فلسطينية. كما أشار إلى أن خطة وزير المالية تسلئيل سموتريتش تشمل التهجير القسري للسكان في مناطق (ج) والأغوار، فيما يبقى 99% من الأوراق السياسية بيد إسرائيل، ما يعكس صعوبة تحقيق أي تقدم حقيقي نحو الدولة الفلسطينية، مع تجاهل الإدارة الأمريكية لدور الاستيطان ضمن مخطط "صفقة القرن".

بدوره، ركز الدكتور جهاد الحرازين على التناقض بين التصريحات السياسية الأمريكية وما يجري على أرض الواقع، مشددًا على أن الإجراءات الإسرائيلية الحالية تهدف لفرض أمر واقع يقوض حل الدولتين، وأن الرفض الأمريكي لضم الضفة الغربية يظل مجرد "إعلان سياسي" لا يواكب الأفعال على الأرض، حيث تستمر الحكومة الإسرائيلية في بناء مئات الوحدات الاستيطانية يوميًا بدعم من وزراء التطرف مثل سموتريتش وبن غفير، مع حماية الجيش والشرطة للمستوطنين الذين يمارسون "حالة الإرهاب" ضد الفلسطينيين. وأوضح الحرازين أن الموقف الأمريكي الرافض للاستيطان غير صادق، مع تغاضي واشنطن عن ممارسات الاحتلال وتمويل جمعيات استيطانية مقرها الولايات المتحدة، مشددًا على أن صمود المواطنين الفلسطينيين هو الرافعة الحقيقية للدولة المنشودة، مدعومًا بالدعم اللوجستي والمقاومة الشعبية، بالإضافة إلى الحشد الدولي والقانوني، حيث تعترف 160 دولة بالدولة الفلسطينية ورفعت ملف الاستيطان إلى المحكمة الجنائية الدولية باعتباره "جريمة حرب".