السلطة في مصر، قيصر في سوريا، سباق الغاز، قمع ترامب، ومجلس السلام المؤجَّل

التاريخ : الجمعة 12 ديسمبر 2025 . القسم : الفضائيات

ملخص الحلقة :

 تناولت الحلقة مجموعة من الملفات الإقليمية المتشابكة؛ فبدأ أسامة جاويش بتفكيك نموذج الحكم في مصر عبر "رئيس واجهة" يكرّر تجربة عدلي منصور من خلال مصطفى مدبولي، مستعرضًا التناقض بين الخطاب الاقتصادي الحكومي وواقع الغلاء والديون والقوانين المُقيِّدة للحريات. ثم انتقل إلى قرار إلغاء قانون قيصر، موضحًا الفرق بين فرحة السوريين وإنعاش الآمال الاقتصادية وبين الحسابات السياسية المعقّدة وشروط واشنطن، قبل أن يعرض سباق الغاز بين مصر وإسرائيل والضغوط الأمريكية المرتبطة به، في ضوء مداخلة الخبير محمد أبو العنين. وناقش أسامة أيضًا التحوّل القمعي في الولايات المتحدة في عهد ترامب، عبر إجراءات التفتيش الفكري والرقابة الرقمية، وذلك بمشاركة الكاتب عبد الرحمن يوسف. وفي الختام، تناول ملف “مجلس السلام” الذي أعلن ترامب تأجيله، كاشفًا عن استبعاد توني بلير وترشيح نيكولاي ميلادينوف، وناقش دلالات هذا التطور مع الباحث محمد القيق بوصفه امتدادًا لصفقة القرن ومحاولة لإدارة غزة وفق رؤية أمريكية–إسرائيلية جديدة.

مضامين الفقرة الأولى: "عدلي منصور جديد"… مدبولي ودور الواجهة في حكم السيسي

استهل أسامة جاويش الحلقة بالحديث عن الفترة بين 3 يوليو 2013 وإعلان المشير عبد الفتاح السيسي ترشحه للرئاسة، مشيرًا إلى أن شخصية عدلي منصور كانت مجرد واجهة، بينما كان السيسي هو صاحب القرار الفعلي. وأوضح أن منصور كان يؤدي دوره كـ"عروسة مارونيت" بشكل يبدو جادًا، في حين كانت القرارات الحقيقية بيد السيسي. وأكد أسامة أن هذا الأسلوب استمر طوال 12 عامًا، حتى جاء اختيار مصطفى مدبولي ليكون نسخة جديدة من منصور كرئيس حكومة بلا قيمة سياسية، يقوم فقط بتلاوة القرارات التي يكتبها السيسي ويؤدي مؤتمرات أسبوعية بلا أي تأثير حقيقي.

ثم تناول جاويش تصريحات مدبولي الأخيرة حول الاقتصاد، حيث تحدث عن توقيع ست مذكرات تفاهم مع البنك الأوروبي وإطلاق تيسيرات اقتصادية، مشيرًا إلى أن التضخم في تراجع وأن الاقتصاد ينمو “بصورة جيدة جدًا”. واعتبر أسامة أن هذه التصريحات منفصلة تمامًا عن الواقع الذي يعيشه المواطن، من غلاء وبطالة وارتفاع أسعار، مؤكدًا أن الأرقام الرسمية نفسها تكذّب تصريحات الحكومة، خاصة فيما يتعلق بارتفاع الدين الخارجي وخطط الاقتراض المحلية التاريخية، ما يظهر أن مسار الديون يتصاعد ولا يتراجع كما يزعم مدبولي.

كما انتقد أسامة تعامل الحكومة مع حرية الرأي والشائعات، موضحًا أن مشروع قانون "مروجي الشائعات"يعكس ربط النقد المجتمعي بالإساءة للبلد، بينما الغياب الحقيقي للشفافية هو السبب في انتشار المعلومات غير الرسمية. وأشار إلى أن الدولة تطارد الشباب صانعي المحتوى الذين يحققون دخلًا عبر الإنترنت، معتبرًا أن النظام ينظر لأي دخل خارج إطار الدولة كخطر، وأن اتهامات مثل الانضمام لجماعة محظورة أو نشر شائعات تُستخدم لابتزازهم. واختتم بتفنيد نموذج نجاح الحكومة لخريج كلية التربية العامل في مصنع ضفائر كهربائية، مؤكدًا أن الواقع يعكس انهيار سوق العمل وفشل الحكومة في توظيف الشباب وربط التعليم الجامعي باحتياجات السوق.

مضامين الفقرة الثانية: إلغاء قانون قيصر… بين مشاعر الفرح وحسابات السياسة

خلال الحلقة تناول أسامة أولًا التمييز بين المشاعر الإنسانية والتحليل السياسي في خبر رفع العقوبات عن سوريا، موضحًا أن الفرح الشعبي السوري شعور طبيعي بعد سنوات المعاناة ولا علاقة له بحسابات السياسة. أما التحليل السياسي فيتطلب التراجع خطوة إلى الخلف لفهم الشروط والمقابل والأطراف المستفيدة وإمكانية عودة العقوبات.

ثم انتقل إلى تفاصيل القرار، إذ أشارت الجزيرة إلى خروج السوريين في احتفالات عقب تصويت مجلس النواب الأمريكي لصالح إلغاء قانون قيصر ضمن موازنة الدفاع الوطني، على أن ينتظر القرار تصويت مجلس الشيوخ وتوقيع ترامب ليصبح نافذًا. وأوضح أسامه أن الإلغاء ليس فوريًا، بل يعتمد على تقارير دورية من البيت الأبيض كل 90 يومًا ثم كل 180 يومًا لأربع سنوات، وإذا أخفقت سوريا مرتين في الالتزام بالشروط قد تعود العقوبات.

وعرض الشروط المطلوبة من دمشق، ومنها تقديم أدلة على مكافحة الإرهاب واحترام حقوق الأقليات والامتناع عن أي عمل عسكري أحادي ضد دول الجوار، وهو بند يشمل إسرائيل وفق رويترز و"ذا ناشيونال نيوز". وتوقف  أسامة عند هذا الشرط باعتباره الأخطر لأنه يعني، برأيه، مطالبة سوريا بعدم الرد على إسرائيل حتى في حال الاعتداء، من دون أي التزام مقابل يحد من الانتهاكات الإسرائيلية نفسها، ما يجعل رفع العقوبات أداة ضغط لإخضاع سوريا لمعادلة أمن إسرائيل، داعيًا الحكومة السورية إلى توضيح دلالات هذا البند.

وتابع عرض الشروط الأخرى مثل مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وملاحقة الجرائم ضد الإنسانية، ومكافحة المخدرات وخصوصًا الكبتاغون، والخضوع لرقابة دولية واسعة. وأشير إلى أن القرار قد يفتح المجال لعودة الاستثمارات الأجنبية من الخليج أو الصين أو الولايات المتحدة، بما قد يمهّد لانفراج اقتصادي ينتظره السوريون منذ سنوات. وختتم  أسامة بالتعبير عن أمله أن ينعكس هذا التغيير على حياة الناس لأن الأزمة الاقتصادية هي مأساتهم الأكبر اليوم.

مضامين الفقرة الثالثة: سباق الغاز… ضغوط أمريكية وتحولات إسرائيلية ومأزق مصريانتقل أسامة جاويش للحديث عن ملف الغاز، مشيرًا إلى تقارير رويترز وأكسيوس التي أشارت إلى تقدم محادثات الغاز بين مصر وإسرائيل، مع ضغط أمريكي من إدارة ترامب على إسرائيل لإنهاء الصفقة قبل قمة محتملة تجمع السيسي ونتنياهو في 29 ديسمبر. ووفق تصريحات وزير الطاقة الإسرائيلي، فإن الاتفاق قد يُوقَّع خلال أسابيع، ويُعدّ “صفقة تاريخية” تضمن أسعار طاقة منخفضة، مع تقليص الفجوات بعد توضيحات أمنية لم يُكشف عن تفاصيلها.

وقالت وسائل إعلام عبرية إن إسرائيل تستعد للمصادقة على صفقة توريد غاز لمصر بقيمة 35 مليار دولار، فيما حاولت قطر استغلال التأخير لإقناع القاهرة بشراء الغاز المسال منها. وأوضح جاويش أن مصر تقع بين ضغوط إسرائيلية–أمريكية لدفعها للاعتماد على الغاز الإسرائيلي، بينما تبحث القاهرة عن مخرج آمن عبر تنويع الموردين.

واستضاف جاويش محمد أبو العنين الذي أرجع التأخير إلى رغبة إسرائيل في رهن الوضع الاقتصادي المصري بالمشروع كجزء من استراتيجية أمريكية طويلة، مع وجود خلافات داخل إسرائيل حول المكاسب الأمنية والسياسية. وأضاف أن التفاهمات الأمنية غالبًا تتعلق بالمعابر وممر فيلادلفيا، وهي ملفات تتحفظ عليها مصر لاعتبارات أمنها القومي.

وأكد أبو العنين أن مصر تبحث عن بدائل وتنويع مصادر الطاقة ضرورة، معتبرًا أن ربط الطاقة الإقليمي بات ورقة ضغط تمارسها إسرائيل، وأن الأولوية للأمن القومي حتى لو كان الغاز الإسرائيلي أقل تكلفة من الغاز المسال القطري. وأوضح أن الهدف هو تحقيق توازن بين الاحتياجات الاقتصادية المصرية وخطوطها الحمراء الأمنية.

مضامين الفقرة الرابعة: إجراءات قمعية وتوسّع لسلطات ترامب

أوضح  جاويش التحوّل الكبير في صورة الغرب، خاصة الولايات المتحدة، مؤكدًا أن ما كان يُقدّم سابقًا كنموذج لحرية التعبير والانفتاح تغيّر جذريًا مع وصول ترامب، فتراجعت السياسات نحو ممارسات قمعية أقرب لأساليب الأنظمة الاستبدادية. ولفت إلى إجراءات مشددة لدخول الولايات المتحدة، تشمل كشف النشاط على وسائل التواصل الاجتماعي خلال خمس سنوات، إلى جانب بيانات شخصية وبيومترية، شملت زوار 42 دولة كانت معفاة سابقًا من التأشيرة. وأشار عبد الرحمن يوسف في مداخلة إلى تحول الفحص من السجل الجنائي إلى الخلفية الفكرية بالكامل، بما في ذلك المواقف السياسية والأحداث مثل السابع من أكتوبر، ما دفع كثيرين لإنشاء حسابات بديلة، مع توسع تعريف “محاربة الإرهاب” ليشمل آراء سياسية طبيعية، مما يخلق رقابة ذاتية وخوفًا بين المواطنين والأكاديميين والمثقفين.

وربط جاويش ويوسف ذلك باتساع سلطات الرئيس الأمريكي، موضحين أن قرارات ترامب التنفيذية خلقت صدامًا مستمرًا مع القضاء، وأن كثيرًا من القضايا المطروحة أمام المحكمة الدستورية تتعلق بحدود سلطته. وأشاروا إلى استخدام قوانين الإرهاب لمعاقبة موظفين في الأونروا كنموذج لـ“القمع التأويلي”، مؤكدين أن جزءًا كبيرًا من هذه الإجراءات سيواجه مقاومة دستورية وسياسية، لكنها تعكس توجهًا واضحًا لإعادة تشكيل المجتمع الأمريكي بطريقة غير مسبوقة، مما يثير قلقًا واسعًا داخل الولايات المتحدة نفسها.

مضامين الفقرة الخامسة: "مجلس السلام" المؤجَّل

خصص أسامة جاويش الجزء الأخير من الحلقة للحديث عن ملف "مجلس السلام"، مشيرًا إلى إعلان ترامب تأجيل تشكيل المجلس إلى مطلع 2026، مع استدعاء نتنياهو في 29 ديسمبر بفلوريدا وربما حضور السيسي، لمناقشة الخروقات والمرحلة الثانية التي لم تبدأ بعد. ونقل ما نشرته الفاينانشال تايمز عن استبعاد توني بلير بسبب اعتراضات عربية وإسلامية وتحفظات أمريكية وإسرائيلية، وكشف عن بديله نيكولاي ميلادينوف، الدبلوماسي البلغاري الذي شغل مناصب في وزارتي الخارجية والدفاع وعمل مبعوثًا للأمم المتحدة لليمن ولقضايا السلام، وله علاقات وثيقة مع شخصيات أمريكية وإسرائيلية بارزة وأكاديمية في أبو ظبي، ما جعله المرشح الأقرب لقيادة المجلس بدل بلير.

واستضاف جاويش الباحث محمد القيق  عبر الإنترنت الذي اعتبر أن التأجيل تكتيك أمريكي، وأن مجلس السلام امتداد لصفقة القرن، مؤكدًا أن تغيير الأسماء لم يغيّر جوهر المشروع. وأوضح أن ميلادينوف يجمع بين ملفات اليمن وغزة والسودان ضمن رؤية أمريكية موحدة، وانتقد فشل الوسطاء في حماية أطفال غزة، كما انتقد التصريحات العربية المتكررة التي لم تُترجم إلى خطوات عملية، معتبرًا أن ذلك فتح المجال أمام نتنياهو للتوسع في غزة. وختتم القيق بأن الخطط الأمريكية تغيّرت لكنها كلّفت المنطقة أثمانًا باهظة، مؤكدًا أن التحدي الحقيقي يكمن في منع ولادة هذه المشاريع أصلاً لا مجرد محاولة تعطيلها.