الحرب الروسية–الأوكرانية على طاولة التحليل: من خطابات بوتين إلى الدفاع الأوروبي المشترك
التاريخ : الخميس 18 ديسمبر 2025 . القسم : الفضائيات
ملخص الحلقة:
استهل الإعلامي كمال ماضي الحلقة بالإشارة إلى تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التي وصف فيها المزاعم الأوروبية بشأن هجوم روسي محتمل بأنها أكاذيب وخزعبلات، في وقت تتصاعد فيه المخاوف الأمنية داخل أوروبا. وبيّن التقرير المرافق أن القارة الأوروبية تسعى لإنشاء منظومة دفاع مشترك لحماية جناحها الشرقي، مع التركيز على تعزيز القدرات البرية والجوية، الدفاع متعدد الطبقات.
وفي مداخلات الخبراء، شدد الكاتب إيهاب عمر على فشل فلسفة الأمن الأوروبي الجماعي واعتماد القارة على الولايات المتحدة، محذرًا من أن تصريحات بوتين بشأن الأراضي التاريخية تمثل تحذيراً روسياً غير مباشر، مع استعراض استعدادات أوروبا وروسيا العسكرية لعام 2025، في حين رأى جو هاربر أن خطاب بوتين بلاغي ويهدف للحصول على مكاسب تفاوضية. وناقشت مداخلات بروك تيلور، ماتزوف، وعماد أبو الرب وجهات النظر الأمريكية، الروسية، والأوكرانية حول الضمانات الأمنية، سيادة أوكرانيا، وطبيعة النزاع، مؤكدة أن الحل النهائي يعتمد على اتفاقيات قانونية ملزمة وبناء ثقة بين الأطراف، وسط تباين في مواقف الضمانات والمطالب الأمنية والاعتماد على القوة الأمريكية لتحقيق استقرار المنطقة.
مضامين الفقرة الأولى: "أكاذيب وخزعبلات".. بوتين يستفز أوروبا والقارة العجوز تستعد لأسوأ السيناريوهات
استهل الإعلامي كمال ماضي الحلقة بالحديث عن التصريحات الروسية التي نفى فيها الرئيس فلاديمير بوتين المزاعم الأوروبية بشأن هجوم روسي محتمل على القارة، واصفًا إياها بالأكاذيب والخزعبلات، في ظل تصاعد المخاوف الأمنية داخل أوروبا. وأوضح أن تنامي القلق الأوروبي دفع الاتحاد الأوروبي للتأكيد على ضرورة تحمّل القارة مسؤولية أمنها والدفاع عن نفسها، في ظل تراجع الثقة في الحليف الأمريكي الذي يتحمل نحو 66% من إنفاق حلف الناتو العسكري، مشيرًا إلى أن الدعوات للاستقلال الدفاعي ليست جديدة لكنها تفتقر إلى التنفيذ الفعلي منذ تعهدات عام 2017، وسط تساؤلات حول قدرة أوروبا على التحرك في مواجهة التهديدات الروسية المتزايدة.
وتناول تقرير عُرض خلال الحلقة تسارع النقاشات الأوروبية حول إنشاء منظومة دفاع مشترك لحماية الجناح الشرقي للقارة، خاصة بعد أن أعادت الحرب في أوكرانيا أهمية دول البلطيق وبولندا ورومانيا كخط دفاع أول. وأكد التقرير أن تعزيز القدرات البرية والجوية والدفاع متعدد الطبقات وحماية البنى التحتية الحيوية وسرعة التحرك العسكري باتت ضرورة استراتيجية، إلى جانب الاستثمار في أنظمة مضادة للطائرات المسيّرة لمواجهة الحرب الحديثة، مع التنبيه إلى مخاطر الحرب الهجينة والهجمات السيبرانية واستخدام الطاقة كأداة ضغط، في ظل تداخل أدوار الناتو والاتحاد الأوروبي وتساؤلات حول بناء دفاع أوروبي أكثر استقلالية بالتوازي مع دعم أوكرانيا ومسار التسوية الأمريكي.
مضامين الفقرة الثانية: أوروبا أمام اختبار أمني: تحذيرات الخبراء من فشل فلسفة الدفاع الجماعي واستعدادات المواجهة مع روسيا
أكد الكاتب الصحفي إيهاب عمر، خلال مداخلة ببرنامج «ملف اليوم»، أن تطورات الحرب الأوكرانية كشفت فشل فلسفة الأمن الأوروبي الجماعي، التي اعتمدت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية على المظلة الأمريكية، موضحًا أن واشنطن، سواء في عهد جو بايدن أو دونالد ترامب، غير مستعدة لخوض حرب بالنيابة عن أوروبا. وأشار إلى أن هذا الواقع أبرز ضعف المؤسسات العسكرية الأوروبية، خاصة في منظومات الدفاع الجوي والرادارات والتشويش، وصولًا إلى العجز عن مواجهة الطائرات المسيّرة التي اخترقت أجواء سبع دول أوروبية هذا العام، في رسالة روسية واضحة بقدرة موسكو على التصعيد خارج أوكرانيا.
واعتبر عمر أن تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن «الأراضي التاريخية» تمثل إعلان حرب غير مباشر، يستهدف الفضاء الروسي القيصري والسوفيتي السابق، ويعكس اعتماد بوتين على استراتيجية «الإشارات المتضاربة»، بما يضع الأمن الأوروبي والعالمي أمام مرحلة مفصلية. وأوضح أن نتائج المرحلة المقبلة ترتبط بمدى نجاح المبادرة الأمريكية الحالية، التي وصفها بـ«مبادرة اللحظة الأخيرة»، محذرًا من أن فشلها قد يدفع واشنطن إلى تطويق روسيا عسكريًا ودفعها لتكون الخاسر الأكبر في المواجهة.
في المقابل، رأى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي جو هاربر أن تصريحات بوتين ذات طابع بلاغي متكرر ولا تعني بالضرورة إعلان حرب، معتبرًا أنها محاولة لإعادة توظيف التاريخ لتحقيق مكاسب سياسية وضغوط تفاوضية، خاصة تجاه الولايات المتحدة. وأقر بوجود مخاوف حقيقية لدى دول الجناح الشرقي لأوروبا، لكنه وصف الحديث عن إنفاق واشنطن 66% من ميزانية الناتو بالمضلل، نظرًا لاعتماد أوروبا على شراء السلاح الأمريكي، مشيرًا إلى ضعف الإرادة الدفاعية الأوروبية، خاصة في ألمانيا، ومتسائلًا عن قدرة الاقتصاد الألماني على دعم مشروع دفاع أوروبي مستقل وتداعياته على أزمات عالمية أخرى مثل غزة والعلاقة مع الصين.
مضامين الفقرة الثالثة: تصاعد المخاوف العالمية من الحرب الروسية–الأوكرانية وسط تحركات دبلوماسية غربية
وفي جولة بالصحافة العالمية حول موضوع الحلقة، نقلت The Independent تحذير الرئيس البيلاروسي Alexander Lukashenko من أن استمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا قد يؤدي إلى صراع عالمي، مشيرًا إلى أن إنهاء الحرب يعتمد بدرجة كبيرة على موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والولايات المتحدة.
ومن جانبها، أبرزت The Guardian تصريحات المستشار الألماني Friedrich Merz حول احتمال نشر قوات حفظ سلام لأوكرانيا بعد وقف إطلاق النار، لكنه اعتبر أن هذا السيناريو لا يزال بعيد المنال. كما نقلت الصحيفة عن الرئيس الأوكراني Volodymyr Zelensky أن المقترحات النهائية لاتفاق السلام مع الولايات المتحدة قد تُعرض قريبًا على الكرملين، رغم غياب الجانب الروسي عن المحادثات.
أما The Economist فأشارت إلى أن أوكرانيا تواجه معضلة عدم التنازل عن أراضٍ دون ضمانات أمنية قوية، محذرة من أن تشديد الضمانات يزيد من احتمالات رفض موسكو لها، مؤكدة أن محادثات برلين تمثل تقدمًا محدودًا دبلوماسيًا لزيلينسكي في ظل ضغوط متزايدة وتباين مواقف الحلفاء الغربيين.
مضامين الفقرة الرابعة: مستقبل الأمن الأوروبي وأزمة أوكرانيا: بين رهان 'معجزة' ترامب و طموحات بوتين التاريخية
أكدت الخبيرة في شؤون الدفاع والأمن بروك تيلور، خلال مداخلتها ببرنامج "ملف اليوم"، أن إنهاء الحرب الروسية–الأوكرانية يرتبط بخطة سلام أمريكية شاملة، تقودها إدارة ترامب، وتهدف إلى تحقيق ما وصفته بـ«معجزة عيد الميلاد» لإنهاء الصراع في عامه الرابع. وأوضحت أن الخطة، المكونة من 28 بندًا ملزمًا قانونيًا، تركز على ضمان أمن أوكرانيا والاتحاد الأوروبي عبر اتفاقات ثنائية قوية بدلًا من انضمام كييف للناتو، مؤكدة فلسفة «السلام من خلال القوة» واستخدام الردع الأمريكي لفرض الدبلوماسية وبناء الثقة بين موسكو وكييف، مع الإشارة إلى أن جميع الأطراف، بما فيها الكرملين وأوكرانيا، تسعى فعليًا لإنهاء الحرب.
من جانبه، قدم الدبلوماسي الروسي السابق فيتشلاف ماتزوف قراءة للرؤية الروسية الرسمية، معتبرًا أن حديث الرئيس فلاديمير بوتين عن «الأراضي التاريخية» يخص مناطق يعيش فيها الروس تاريخيًا مثل دونباس والقرم وكييف وخاركيف، بهدف حماية الهوية الثقافية للسكان الروس وليس الاستيلاء على الموارد. وأوضح أن جذور الصراع أمنية بالأساس، متهمًا الغرب بإفشال اتفاق إسطنبول عام 2022، ومحذرًا من خطورة استخدام الأصول الروسية المجمدة، مؤكدًا استعداد موسكو لحرب طويلة وقدرتها على الصمود رغم العقوبات، وعدم تراجعها عن مطالبها الأمنية.
في المقابل، شدد الدكتور عماد أبو الرب، رئيس المركز الأوكراني للحوار، على أن أوكرانيا دولة ذات سيادة وحدودها معترف بها دوليًا، وأن الادعاءات الروسية التاريخية لا تمنح أي شرعية للاحتلال. ونفى وجود اضطهاد ممنهج للناطقين بالروسية، معتبرًا أن أوكرانيا ضحية صراع بين محور روسي يسعى لإبقائها ضمن نفوذه ومحور غربي يستخدمها للضغط على موسكو. وأشار إلى فشل مذكرة بودابست والضمانات السابقة، مؤكدًا أن أي تسوية مستقبلية يجب أن تقوم على ضمانات قانونية ملزمة، وأن كييف لن تقبل بحل لا يضمن أمنها وحقها في تقرير مصيرها.