صفقات العار: من توريث الكليات العسكرية إلى تسليح إسرائيل وبيع الغاز

التاريخ : الجمعة 19 ديسمبر 2025 . القسم : الفضائيات

ملخص الحلقة:

تناول جاويش في هذه الحلقة سلسلة ملفات تكشف نمطًا واحدًا لإدارة السلطة في مصر والمنطقة. بدأها بما وصفه بـ«الفضيحة السنوية» في قبول الأكاديميات العسكرية والشرطية، مستعرضًا تهاني نواب ولواءات ومستشارين بقبول أبنائهم، قبل حذفها بعد تصاعد الجدل، معتبرًا أن تكرار الأسماء والمناصب يعكس توريثًا مؤسسيًا داخل أجهزة الدولة، يقابله نفي رسمي وبيانات تهديد بدلًا من الشفافية والمحاسبة.

وانتقل جاويش إلى ملف خصخصة القطاع الصحي، موضحًا أن الحكومة تمضي في تسليم إدارة المستشفيات العامة لشركات أجنبية تحت شعار التطوير، رغم ارتباط بعض هذه الجهات – مثل شركة «إيني» الإيطالية – بعلاقات اقتصادية مع إسرائيل. وخلال حواره مع الدكتور مصطفى جويش عبر الإنترنت ، أكد أن ما يجري يمثل «تسليعًا للصحة»، يؤدي إلى ارتفاع كلفة العلاج وتراجع دور الدولة، بينما يُترك المواطن وحده في مواجهة الأعباء.

واختتم الحلقة بكشف تفاصيل الصفقة العسكرية الضخمة بين الإمارات وإسرائيل،وفي هذا السياق، رحّب جاويش بضيفه عبر الإنترنت الدكتور توفيق طعمة المحلل السياسي، الذي وصف الصفقة بأنها مشبوهة بلا أي مبرر دفاعي، مؤكدًا أن الإمارات لا تواجه تهديدًا إقليميًا يبرر هذا الحجم من التسلح، ولا سيما في ظل علاقاتها الاقتصادية الواسعة مع إيران.

 مضامين الفقرة الأولى: المؤامرة الكونية وارتباك النظام بسبب فيلم «السيسي فرعون مصر الجديد»

استهلّ جاويش الحلقة بالسخرية من الخطاب الإعلامي الرسمي الذي روّج لما وصفه بـ«المؤامرة الكونية» لاستهداف الدولة المصرية، معتبرًا أن ما جرى ليس كشفًا استخباراتيًا ولا إنجازًا أمنيًا، بل محاولة لتبرير الهلع الذي أصاب أذرع النظام عقب عرض فيلم وثائقي أوروبي مدته 54 دقيقة. وأوضح أن أبواق النظام حاولت إقناع المواطنين في الدلتا والصعيد والعاصمة وسيناء بوجود تحالف كوني يضم الماسونية العالمية، والصهيونية، والمخابرات الفرنسية، وأطرافًا ألمانية، وأذرعًا إخوانية لإسقاط الدولة عبر فيلم وثائقي، واصفًا ذلك بانفصال غير مسبوق عن الواقع. وانتقد حالة الهياج داخل إعلام السلطة، معتبرًا أن ارتباك مدينة الإنتاج الإعلامي وما صاحبه من صراخ وتخوين كشف هشاشة النظام وخوفه من الكلمة والصورة والتحليل، كما أشار إلى تعامل بعض المذيعين بسذاجة متعمدة مع عنوان الفيلم «السيسي: فرعون مصر الجديد» وتصويره كإشادة حضارية، رغم أن توصيف «الفرعونية» سياسيًا وتاريخيًا يرتبط بالطغيان والقمع واحتكار السلطة لا بالإنجاز.

وعرض جاويش مضمون الفيلم الوثائقي، موضحًا أنه عمل تحليلي سياسي واقتصادي بثته قناة فرنسية–ألمانية، أخرجته صحفيتان أوروبيتان، وقدّم قراءة نقدية مباشرة لطبيعة الحكم في مصر بعيدًا عن القوالب الدعائية، حيث فكك خطاب «الإنجازات» وربط بين السياسة والاقتصاد والقمع الاجتماعي، مسلطًا الضوء على التناقض بين مشروعات عمرانية فاخرة وتدهور مستوى المعيشة واتساع الفقر. 

وأشار إلى تناول الفيلم اقتصاد الديون بالأرقام، وتصاعد الاستدانة الخارجية دون تحسن حقيقي في حياة المواطنين، إلى جانب عَسكرة الدولة وتحول الجيش إلى لاعب اقتصادي مركزي وإدارة البلاد بعقلية عسكرية تفضّل السرعة والصورة على الجدوى والأثر. وأضاف أن الوثائقي عرض شهادات لمواطنين ومعتقلين سابقين ومشاهد من داخل السجون، وخلص إلى أن القمع أصبح أداة حكم وأن الصمت شرط للنجاة، محذرًا من فجوة متسعة بين السلطة والمجتمع واحتمال انفجار اجتماعي في ظل نموذج غير مستدام، منتقدًا لجوء إعلام النظام للتخوين واتهام صُنّاع الفيلم بدل مناقشة مضمونه، ومؤكدًا أن الهجوم الهستيري لم يضر صُنّاعه بل فضح النظام نفسه، وأن الأزمة ليست في الفيلم بل في الواقع الذي كشفه ونظام يخشى الحقيقة أكثر من الخصوم.

مضامين الفقرة الثانية: القبول في الأكاديمية العسكرية أو أكاديمية الشرطة … حين تتحول الفرحة إلى دليل نفوذ

خلال الحلقة أشار جاويش إلى أن القبول في الأكاديمية العسكرية أو أكاديمية الشرطة يُعد يوم عيد حقيقي لأي أسرة مصرية بعد اختبارات قاسية تشمل كشف الهيئة والتحريات الأمنية والمقابلات الشخصية، مؤكدًا أن الإشكالية لا تتعلق بالطلاب المقبولين بل بسلوك عائلاتهم التي سارعت إلى نشر التهاني بشكل كشف نمطًا متكررًا يستحق التوقف. واستعرض بيانات الأكاديمية العسكرية التي أعلنت انتهاء إرسال الرسائل النصية للمقبولين بدفعة 2025، موضحًا أن دور المؤسسة انتهى عند هذا الحد، قبل أن تبدأ موجة تهاني العائلات، وهو ما كشف – بحسب تعبيره – ملاحظة «غير بريئة» تتكرر سنويًا.

وأشار جاويش إلى سلسلة من التهاني المنشورة لنواب في البرلمان ولواءات ومستشارين احتفلوا بقبول أبنائهم في الكليات العسكرية وكلية الشرطة، قبل أن يُحذف عدد منها لاحقًا. وأوضح أن الأسماء شملت أعضاء في مجلس النواب والشيوخ، بعضهم من لجان الدفاع والأمن القومي، مما جعل المشهد يبدو كإعادة إنتاج لموروث النفوذ داخل مؤسسات يُفترض أن تقوم على تكافؤ الفرص، وأن النتائج كشفت قبول عشرات من أبناء النواب وأقاربهم في دفعة واحدة، مما حوّل الفرحة الخاصة إلى فضيحة عامة ليس بسبب نجاح الأبناء، بل بسبب الرسالة التي تُرسل إلى المجتمع حول العدالة وتكافؤ الفرص.

وأضاف جاويش أن الأمانة العامة للبرلمان اضطرت لاحقًا لتنبيه النواب بعدم نشر التهاني تفاديًا للجدل، في اعتراف ضمني بحساسية ما جرى، قبل أن تصدر وزارة الداخلية بيانًا نفت فيه أي تجاوزات، مؤكدة أن القبول يتم وفق معايير محددة ومتوعدة بملاحقة من يشكك في النتائج. وانتقد جاويش البيان الرسمي معتبرًا أنه تجاهل جوهر الأزمة، ولم يفسر كيف تصادف أن يكون هذا العدد من المقبولين من أبناء نواب ولواءات ومسؤولين، مؤكدًا أن المشكلة ليست فقط في وجود وساطة، بل في إنكارها وتقديم خطاب أخلاقي لا يصمد أمام الوقائع المنشورة بأيدي أصحابها.

مضامين الفقرة الثالثة: خصخصة المستشفيات… الصحة خارج أولويات الدولة

خصص جاويش جزءًا من الحلقة للحديث عن ملف خصخصة القطاع الصحي، مستعرضًا إعلان رئاسة الوزراء عن بحث التعاون مع مؤسسة «إيني فاونديشن» الإيطالية لإدارة وتشغيل مستشفيات في مصر، موضحًا أن الشركة الأم مرتبطة بتوريد النفط لإسرائيل والمشاركة في مشروعات غاز قبالة سواحل غزة. وأشار إلى أن الحكومة تسوّق التوجه تحت شعار «التنمية المجتمعية»، بينما تمضي فعليًا في أكبر موجة خصخصة للمستشفيات العامة منذ عقود، مع طرح مئات المستشفيات للإدارة الخاصة، ما يعني انسحاب الدولة التدريجي من مسؤوليتها الصحية.

ناقش جاويش الملف مع الدكتور مصطفى جويش وكيل وزارة الصحة الأسبق، عبر استضافته من خلال الانترنت  الذي أكد أن الرعاية الصحية حق دستوري، وأن خصخصة المستشفيات تحوّل الصحة إلى سلعة والمريض إلى زبون، حيث تخضع الخدمة لمنطق الربح لا العلاج. وأوضح أن التجارب السابقة، مثل مستشفى «هرمل»، أظهرت تقلص الخدمات المجانية وفرض رسوم غير مباشرة، محذرًا من أن انخفاض عدد المستشفيات الحكومية يعكس اتجاهًا لإخلاء يد الدولة من القطاع الصحي. وأكد أن المستفيد الحقيقي من هذه الصفقات شبكة من الوسطاء ومنظومة فساد، بينما يتحمل المواطن الأغلبية كلفة العلاج، في ظل إنفاق حكومي على الصحة لا يتجاوز 1.2% من الناتج المحلي مقارنة بالمعايير العالمية، مشددًا على أن الأزمة تكمن في أولويات الإنفاق، حيث تُوجَّه المليارات للمشروعات الخرسانية ويُترك الإنسان بلا علاج كافٍ، وأن أي حديث عن تطوير صحي دون رفع الإنفاق وجعل الصحة أولوية، ليس سوى إعادة تغليف للخصخصة.

مضامين الفقرة الرابعة: صفقات الخيانة… حين يُموَّل العدوان عربيًا

واختتم جاويش الحلقة بالحديث عن أخطر ما كُشف عنه خلال الأيام الماضية، مشيرًا إلى أن دولة الإمارات كانت المشتري السري لثاني أكبر صفقة سلاح في تاريخ شركة التسليح الإسرائيلية «إلبيت سيستمز»، في وقت تشهد فيه غزة إبادة جماعية مفتوحة. وأوضح أن الشركة أعلنت في 17 نوفمبر 2025 توقيع عقد دولي بقيمة 2.3 مليار دولار يمتد على ثماني سنوات دون الكشف عن هوية المشتري، قبل أن يكشف موقع Intelligence Online  أن العميل الغامض هو إمارة أبوظبي، مشيرًا إلى أن الصفقة ليست بيعًا تقليديًا للسلاح بل اتفاق حكومي مشترك لتطوير وتصنيع أنظمة دفاع جوي متقدمة داخل الإمارات عبر كيان مشترك، متجاوزة صفقات الشركة السابقة مع دول أوروبية مثل ألمانيا.

ورحب جاويش بضيفه عبر الإنترنت الدكتور توفيق طعمة المحلل السياسي، الذي وصف الصفقة بأنها مشبوهة بلا أي مبرر دفاعي، مؤكدًا أن الإمارات لا تواجه أي تهديد إقليمي يبرر هذا الحجم من التسلح، لا سيما في ظل علاقاتها الاقتصادية الواسعة مع إيران. وأضاف أن السلاح الإماراتي لا يُستخدم لحماية الدولة، بل لملاحقة حركات التحرر ودعم الانقلابات والميليشيات من ليبيا إلى السودان، وتمويل شبكات تستهدف المقاومة الفلسطينية، معتبراً أن المشروع الإماراتي بات متطابقًا مع المشروع الصهيوني في المنطقة، وانتقد بشدة دفع مليارات الدولارات لإسرائيل في ذروة العدوان على غزة، معتبرًا أن ما جرى تمويل مباشر للإبادة ودعم للاقتصاد الإسرائيلي وتمكين لآلة القتل ضد الشعب الفلسطيني.

وفي ختام حديثه، ربط جاويش بين الصفقة الإماراتية وصفقة الغاز التي أعلن عنها بنيامين نتنياهو مع مصر، واصفًا الأخيرة بأنها أكبر صفقة غاز في تاريخ إسرائيل بقيمة 112 مليار شيكل، يدخل منها 58 مليارًا إلى الخزانة الإسرائيلية. وأكد أن ما يحدث يمثل إنقاذًا اقتصاديًا لإسرائيل بأموال عربية في لحظة عدوان دموي، مؤكدًا أن هذه الاتفاقيات تعكس استثمارًا مباشرًا في القوة العسكرية والسياسية الإسرائيلية على حساب الشعب الفلسطيني والمصالح العربية.