من تسريبات الإسماعيلية إلى سيول جدة: صراعات السلطة وفساد الدولة في العالم
التاريخ : الجمعة 19 ديسمبر 2025 . القسم : الفضائيات
ملخص الحلقة:
تناول محمد ناصر خلال الحلقة تسريبات قسم ثالث الإسماعيلية، معتبرًا الواقعة مؤشرًا خطيرًا على عمق الصراع بين الجيش ووزارة الداخلية، وكيف تُدار الخلافات بين الأجهزة الأمنية بمنطق النفوذ لا القانون، بينما يظل المواطن خارج الحسابات. كما تطرق إلى تطورات المشهد السوداني، محللًا تحركات عبد الفتاح البرهان بين السعودية ومصر، وما تبعها من تصعيد ميداني وهجمات بالطائرات المسيّرة، ومتسائلًا عن أدوار القوى الإقليمية وحدود التصعيد المحتمل.
واختتم ناصر الحلقة بملف سيول السعودية، معتبرًا أن غرق جدة والمدن الكبرى ليس كارثة طبيعية، بل نتيجة فساد مزمن في البنية التحتية وصمت رسمي متعمد، في مقابل إنفاق مليارات على الترفيه والمشاريع الدعائية، ما فجّر غضبًا وسخرية واسعة داخل المجتمع السعودي.
مضامين الفقرة الأولى: تسريبات قسم الإسماعيلية.. ناصر يكشف حقيقة الصراع بين الجيش والداخلية وهروب
قدّم محمد ناصر في بداية حديثه خلفية عن الصراع القديم بين الجيش ووزارة الداخلية، موضحًا أنه صراع ممتد منذ عهد مبارك، ظهر إلى العلن في محطات متفرقة وتعمّق بعد ثورة يناير، ثم دخل مرحلة أكثر تعقيدًا في عهد السيسي مع تزايد نفوذ الأجهزة وتداخل أدوارها. وانتقل ناصر إلى واقعة قسم ثالث الإسماعيلية، معتبرًا إياها نموذجًا كاشفًا لطبيعة هذا الصراع، موضحًا أن الحادثة بدأت عندما توجّه ضابط جيش برفقة فني عسكري إلى القسم لتحرير محضر بفقدان أوراقه الثبوتية، فتم منعه من الدخول والتعامل معه باعتباره مدنيًا، وتطورت المشادة إلى اعتداء داخل القسم أدى إلى إصابته بجروح ونُقل على إثرها إلى المستشفى، مع تداول روايات عن إجباره على ترديد عبارات مهينة.
وأشار ناصر إلى أن الواقعة أعقبها تحرك عسكري واسع تمثل في محاصرة القسم بقوات من الشرطة العسكرية وصدور أوامر بضبط وإحضار الضباط المتورطين، في مقابل تحرك موازٍ من وزارة الداخلية لتهريبهم بملابس مدنية إلى مقرها في القاهرة. ولفت إلى أن التسريبات الصوتية كشفت توترًا غير مسبوق بين الطرفين وتعاملًا خارج إطار القانون، سواء في الحصار أو مراقبة الاتصالات، وأن الأزمة انتهت بفصل ضباط الشرطة المتورطين وإصدار تعليمات بحسن معاملة ضباط الجيش مستقبلًا، مقابل تعميم من وزارة الدفاع يقضي بعدم تعامل أفراد القوات المسلحة مع أقسام الشرطة المدنية في حالات فقدان أوراقهم. وأكد ناصر أن غياب أي تعليق رسمي، إلى جانب سوابق مماثلة، يعزز الشكوك حول الواقعة، مؤكدًا أنها تكشف عن نظام تُدار فيه الخلافات بين الأجهزة بالقوة والنفوذ لا بالقانون، بينما يبقى المواطن المدني خارج المعادلة بلا حماية أو مساءلة.
مضامين الفقرة الثانية: تصعيد في السودان: البرهان بين السعودية ومصر، والإمارات ترد بالمسيرات
خلال الحلقة، أشار ناصر إلى أن زيارة عبد الفتاح البرهان إلى السعودية لم تكن بعيدة عن الملف السوداني، موضحًا أن كثيرًا من المحللين ربطوها بمحاولة إعادة ترتيب المشهد، وبالأساس إخراج الإمارات من الملفين السوداني واليمني. وأوضح أن البرهان انتقل بعدها مباشرة إلى القاهرة، حيث بدا الاستقبال مختلفًا تمامًا عن زياراته السابقة، رغم تكرار زيارته لمصر في فترات سابقة بعضها جرى دون إعلان رسمي.
وعرض ناصر تفاصيل اللقاء المعلن بين السيسي والبرهان، لافتًا إلى أن البيانات الصادرة عقب الاجتماع، خصوصًا بيان الرئاسة المصرية، جاءت بلهجة حادة وغير معتادة في الشأن السوداني، وتضمنت دعوة صريحة لمحاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوداني. وأضاف أن الإعلام المصري تفاعل مع البيان وبدأ يتحدث عن “ثلاثة خطوط حمراء” تخص السودان، دون الإشارة المباشرة إلى الإمارات، بينما تساءلت تقارير صحفية عما إذا كانت مصر تلوّح بتدخل عسكري في السودان.
وتابع ناصر أن التطورات الميدانية جاءت سريعة، إذ شهد السودان هجمات مكثفة بالطائرات المسيّرة استهدفت محطات كهرباء ومدنًا رئيسية في الشرق، ما أدى إلى انقطاع الكهرباء عن ولايات كاملة، إلى جانب وقوع مجازر جديدة بحق المدنيين. وأشار إلى تزامن ذلك مع حملة إعلامية استخدمت مقاطع مصنوعة بالذكاء الاصطناعي لإعادة تصوير الصراع على أنه نزاع عرقي أو ديني، في محاولة لتغيير توصيف الجرائم، فيما جاءت تصريحات الدعم السريع بشأن التحقيق مع "عناصر منفلتة" في سياق التنصل من المسؤولية. وختم ناصر الفقرة بطرح تساؤلات حول قدرة مصر على مواجهة إقليمية مع الإمارات في الملف السوداني، ودور السعودية المحتمل في موازنة النفوذ، متسائلًا عما إذا كانت هذه التحركات تغييرًا حقيقيًا أم مجرد رسائل ضغط سياسية.
مضامين الفقرة الثالثة: سيول السعودية: فساد البنية التحتية وصمت بن سلمان وسط مليارات تركي الشيخ
خصص ناصر الجزء الأخير من الحلقة للحديث عن سيول جدة، مؤكدًا أن ما جرى ليس حادثًا عابرًا أو كارثة طبيعية مفاجئة، بل نتيجة متكررة لفشل مزمن في إدارة المدن والبنية التحتية. وأوضح أن غرق جدة يتكرر كل عام تقريبًا مع أول موجة أمطار، رغم المليارات المعلَن إنفاقها على مشاريع تصريف السيول، وانتقد الصمت الرسمي حيال سقوط ضحايا، خاصة وفاة مواطن صعقته الكهرباء، معتبرًا أن تجاهل الأرقام الحقيقية يعكس خوف السلطة من الاعتراف بالفساد والإهمال.
وأشار ناصر إلى تصاعد الغضب الشعبي بسبب غياب أي تحرك رسمي، وعدم تشكيل لجان تحقيق أو صرف تعويضات، على عكس ما حدث في سيول 2009. وانتقد توجيه المليارات لمشاريع ترفيهية ضخمة مثل نيوم وذا لاين والتعاقدات الرياضية الباهظة، بينما تغرق مدن رئيسية بسبب ضعف التصريف وانهيار البنية التحتية، مشيرًا إلى فساد شركات المقاولات وتنفيذ المشاريع على الورق فقط، وما كشفته الأمطار من هشاشة التنفيذ وسوء الرقابة، بالإضافة إلى تعامل البلديات مع الأزمة بطريقة خاطئة حولت مجاري السيول نحو منازل المواطنين، ما تسبب في غرق بيوت بينهم امرأة تعول أيتامًا.
وربط ناصر هذا الإهمال الداخلي بالبذخ المفرط على مواسم الترفيه والمهرجانات، مؤكدًا أن السلطة تنفق أموالًا طائلة على الحفلات واستقدام نجوم عالميين، بينما يُترك المواطن لمواجهة الفقر والغرق وحده، ما فجّر موجة سخرية وانتقادات على مواقع التواصل، طالت حتى رؤية 2030. وخَلُص إلى أن ما يحدث ليس مجرد فشل إداري، بل نتاج تراكم طويل من الفساد والصمت والمحاسبة الغائبة، مؤكدًا أن غرق المدن وتجاهل الضحايا وتقديم الترفيه على حساب حياة المواطنين كلها مظاهر لأزمة أعمق في إدارة الدولة وعلاقتها بالمجتمع.