من المنتدى الروسي الأفريقي إلى تحركات السودان والغاز والطاقة... مصر تثبت قدرتها على إدارة الملفات الاستراتيجية وحماية مصالحها الوطنية والإقليمي

التاريخ : الأحد 21 ديسمبر 2025 . القسم : الفضائيات

ملخص الحلقة:

ركز الإعلامي نشأت الديهي على تحركات القاهرة الاستراتيجية لتعزيز الأمن القومي المصري واستقرار السودان والقرن الأفريقي. وتناولت الحلقة المنتدى الروسي الأفريقي بالقاهرة، واجتماعات الرئيس عبد الفتاح السيسي مع وزراء الخارجية الأفريقيين والروسي سيرجي لافروف. وتحركات مصر في السودان، مع تحديد "خطوط حمراء" لحماية الأمن القومي، ودور القوات المسلحة السودانية كمؤسسة شرعية وحيدة، بالإضافة إلى تعزيز القدرة التفاوضية لمصر في ملف الغاز والطاقة لضمان استقلالية القرار السياسي والأمن الإقليمي.

كما سلطت الحلقة الضوء على أهمية إدارة المعلومات كجزء من الأمن القومي، حيث أكد محمود المملوك أن تأخر صدور البيانات الرسمية يؤدي إلى انتشار الشائعات والحروب النفسية، داعياً إلى قانون استباقي يضمن حق الصحفي والمواطن في الحصول على معلومات دقيقة وسريعة.

مضامين الفقرة الأولى: تحركات القاهرة الاستراتيجية: من سد النهضة إلى الشراكات الروسية والأفريقية

استهل الإعلامي نشأت الديهي الحلقة بالإشارة إلى انعقاد المنتدى الروسي الأفريقي بالقاهرة ولقاءات الرئيس عبد الفتاح السيسي مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ووزراء خارجية الدول الأفريقية. حيث تناولت المباحثات أجندة أفريقيا 2063، التي تتضمن تطوير البنية التحتية، منظومة الطرق، الطاقة، الزراعة، التعليم، ورفع مستوى معيشة الشعوب الأفريقية، مع التركيز على إزالة آثار الظلم التاريخي عن القارة.

وتناول استقبال الرئيس السيسي رؤساء الوفود ووزراء الخارجية الأفريقيين في قصر الاتحادية، مؤكدًا دعم مصر لتنفيذ أهداف أجندة أفريقيا 2063 وتعزيز التعاون التجاري والاستثماري بين مصر والدول الأفريقية، حيث تجاوز حجم التجارة 10 مليارات دولار والاستثمارات 12 مليارًا. كما أشار إلى دور الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية في تنفيذ أكثر من 70 برنامجًا تدريبيًا، ودعم إدارة الموارد المائية المشتركة، مؤكداً أن مصر لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول، وأن خلافاتها مع إثيوبيا تقتصر على حقوقها المائية بشأن سد النهضة.

ونقل التقرير تحيات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأكد استمرار العلاقات الاستراتيجية بين القاهرة وموسكو، مع تنفيذ مشروعات ضخمة مثل محطة الضبعة النووية والمنطقة الصناعية الروسية في قناة السويس، إلى جانب نمو التبادل التجاري بنسبة 31% وتعزيز السياحة والطاقة، ما يعكس حرص مصر على توسيع شراكاتها الدولية بما يعزز الاستقرار الإقليمي.

مضامين الفقرة الثانية: مصر تحدد خطوطها الحمراء في السودان: استراتيجيات حماية الأمن القومي وتعزيز الاستقرار الإقليمي

قدمت الدكتورة أماني الطويل، خبيرة الشؤون الأفريقية، تحليلًا استراتيجيًا للأوضاع في السودان خلال لقاء مع الإعلامي نشأت الديهي، مؤكدة أن المشهد السوداني بالغ التعقيد ويحمل تهديدات مباشرة للأمن القومي المصري والعربي. وأوضحت أن استقبال الرئيس عبدالفتاح السيسي للفريق عبدالفتاح البرهان والبيان الرئاسي الأخير شكّلا خطوة حاسمة لتحديد «الخطوط الحمراء» المصرية، انطلاقًا من فلسفة القاهرة القائمة على دعم الدولة الوطنية ورفض أي ميليشيات متمردة تهدد وحدة السودان أو تسعى لتحويله إلى بؤرة للفوضى والإرهاب، مشددة على أن نجاح هذه الميليشيات يمثل خطرًا إقليميًا لا يمكن القبول به.

وأكدت الطويل أن الاتفاقية المصرية السودانية للدفاع المشترك تمنح القاهرة حق التدخل القانوني لحماية وحدة السودان في حال تعرضه لتهديد وجودي، وأن الخطوط الحمراء تشمل منع تقسيم البلاد أو إقامة كيانات موازية، مثل محاولات إعلان دولة في دارفور. وكشفت عن مخطط إقليمي تقوده أطراف تسعى لاستغلال الأزمة السودانية كورقة ضغط مائي وسياسي على مصر، مشيرة إلى تحرك القاهرة ضمن قوس أمني يمتد من البحر الأحمر إلى القرن الأفريقي، مدعومًا بروابط إنسانية واجتماعية عميقة بين الشعبين، بينها وجود ملايين السودانيين في مصر. واختتمت بالتأكيد على أن دعم مصر للقوات المسلحة السودانية نابع من كونها الضامن الوحيد لتماسك الدولة، وأن القاهرة استعادت زمام المبادرة ولن تسمح بفرض أمر واقع يهدد الأمن القومي أو وحدة الأراضي السودانية.

مضامين الفقرة الثالثة: مصر تضع خطوطاً حمراء لحماية وحدة السودان ومصالحها الاستراتيجية

أكد الإعلامي نشأت الديهي أن مصر تتحرك بخطوات حاسمة لحماية أمنها القومي وضمان استقرار السودان والقرن الأفريقي، استنادًا إلى اتفاقية الدفاع المشترك الموقعة عام 1976 والمجددة في 2021، والتي تتيح للقوات المسلحة المصرية والسودانية العمل كقوة واحدة لمواجهة أي تهديد وجودي. وأوضح أن استقبال الفريق أول عبد الفتاح البرهان في القاهرة يمثل اعترافًا صريحًا بالجيش السوداني كمؤسسة شرعية وحيدة، ورفضًا قاطعًا لأي مساواة بينه وبين ميليشيا الدعم السريع، مع توجيه رسالة ردع واضحة عبر استخدام المجالين الجوي والبري والبحري المشترك. كما حذر من مخاطر تقسيم السودان أو إنشاء كيانات موازية في دارفور، كاشفًا عن تحركات إقليمية، خاصة إثيوبية، لاستغلال الأزمة السودانية كورقة ضغط على مصر في ملف مياه النيل، مؤكدًا أن القاهرة رصدت هذه التحركات واستعدت للتعامل معها، وتتحرك وفق مصالحها الوطنية دون انتظار موافقات خارجية.

وفي تقرير عُرض بالحلقة، شدد وزير الخارجية المصري الدكتور بدر عبد العاطي على أن مصر هي الأكثر تأثرًا بما يجري في السودان، ما يجعلها الأحق بقيادة أي مسار للحل، مؤكدًا أن أي تسوية تتجاوز مفهوم الدولة الوطنية أو تساوي بين الجيش والميليشيات مرفوضة وغير قابلة للتطبيق. وأكد دعم القاهرة الكامل للمؤسسات الشرعية السودانية، وأن وحدة الأراضي السودانية خط أحمر لا يقبل القسمة، مع رفض فرض أي أمر واقع إقليمي يمس سيادة الدول المجاورة مثل الصومال. واختتم بالتأكيد على أن الدبلوماسية المصرية أصبحت أكثر حزمًا، وتعمل على ترجمة القوة العسكرية والاقتصادية إلى نفوذ سياسي فعّال يحمي الأمن القومي والمصالح الاستراتيجية في المنطقة.

مضامين الفقرة الرابعة: المعلومة جزء من الأمن القومي.. محمود المملوك يحذر من الفراغ المعلوماتي ويطالب بقانون استباقي

في الجزء الأخير من الحلقة، أكد الكاتب الصحفي محمود المملوك، خلال استضافته ببرنامج نشأت الديهي، أن إدارة المعلومة تمثل أحد ركائز الأمن القومي، محذرًا من أن غياب البيانات الرسمية السريعة في الدقائق الأولى لأي حدث يفتح المجال أمام الشائعات والحروب النفسية. وأوضح أن الدولة قد تتيح بيانات عامة، لكن تداول المعلومات الدقيقة يحتاج إلى إطار قانوني واضح يضمن حق الصحفي والمواطن في الحصول على إجابات رسمية ملزمة، بعيدًا عن الاعتماد على العلاقات الشخصية. كما أشار إلى أن تأخر البيانات يدفع المواطنين نحو السوشيال ميديا والقنوات الخارجية، منتقدًا الثقافة البيروقراطية التي تحتكر المعلومة، ومؤكدًا ضرورة حماية الموظف الذي يقدّم معلومات متاحة قانونيًا، مع تحديد استثناءات واضحة لمفهوم الأمن القومي تقتصر على التحركات العسكرية والملفات السيادية، مقابل إتاحة معلومات الصحة والاقتصاد والخدمات للرأي العام.

وفي هذا السياق، استعرض المملوك تجربة موقع «القاهرة 24»، مؤكدًا أن نشر معلومات غير مكتملة يضر بالمصداقية، بينما تعزز الشفافية ثقة المواطنين في الدولة. وأشار إلى التحديات التي تواجه الإعلاميين، ومنها ضعف خبرة بعض الأجيال الجديدة، وتأثير السوشيال ميديا، وصعوبة التواصل مع القيادات التنفيذية، مستشهدًا بأزمة الحجوزات في المتحف المصري نتيجة غياب الرد الرسمي. وانتقد عدم رغبة بعض المسؤولين في التواصل الإعلامي، معتبرًا أن ذلك يضر بالشفافية، واختتم بالتأكيد على ضرورة إقرار «قانون استباقي» يفرض وجود متحدث رسمي ومكتب معلومات قادر على الرد الفوري، ليصبح الحق في المعرفة جزءًا أصيلًا من منظومة الأمن القومي، لا مجرد ترف إعلامي.