من سد النهضة إلى صفقة الغاز والتعاون الاستراتيجي مع روسيا: القاهرة تؤكد خطوطها الحمراء وتحمي الأمن القومي المصري والسوداني

التاريخ : الأحد 21 ديسمبر 2025 . القسم : الفضائيات

ملخص الحلقة:

استهل الإعلامي يوسف الحسيني الحلقة بفتح ملف سد النهضة الإثيوبي، مؤكداً أن موقف مصر ثابت وواضح في حماية حقوقها المائية، مع دعم التنمية الإقليمية وعدم معاداة مشروعات توليد الطاقة في إفريقيا، كما تناول الخبراء الموقف القانوني والضغوط الدولية، مؤكدين أن مصر تمتلك أوراق ضغط متعددة عبر علاقاتها الدولية ودورها المحوري في ملفات المنطقة، وأن أي إدارة وتشغيل للسد يجب أن يخضع لضمانات تمنع الإضرار بالدول المصب.

في الملف الإقليمي والدولي، تناولت الحلقة العلاقات المصرية الروسية، حيث تم التطرق إلى تقدم مشروع محطة الضبعة النووية، وتوسيع المنطقة الصناعية الروسية بالسويس، وزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين. كما عرض التقرير جهود مصر لتعزيز الأمن والاستقرار في إفريقيا من خلال تدريب الكوادر الأمنية الأفريقية، وأكد الخبراء منهم الأستاذ مجدي عبد العزيز والدكتور طارق البرديسي أن الأزمة السودانية مرتبطة بالأمن القومي المصري، مشيرين إلى دور ميليشيا "الدعم السريع" والتهديدات الإقليمية، ومشدّدين على أهمية المقاربة الثابتة المصرية والخطوط الحمراء، وضرورة الحفاظ على الأمن المشترك وحماية مصالح مصر الاستراتيجية في البحر الأحمر والمنطقة.

مضامين الفقرة الأولى: بين الأمن المائي والتوازن الدولي.. رسائل القاهرة الحاسمة في سد النهضة وتعزيز الشراكة مع موسكو

استهل الإعلامي يوسف الحسيني الحلقة بفتح ملف سد النهضة، مؤكدًا أن موقف مصر ثابت يقوم على دعم التنمية في إفريقيا وعدم معاداة مشروعات السدود، شريطة عدم المساس بحقوقها المائية التي تمثل خطًا أحمر مرتبطًا بالأمن القومي، مستشهدًا بتجربة مصر في تنفيذ سد جوليوس نيريري بتنزانيا. وأوضح أن القاهرة استنفدت جميع المسارات الدبلوماسية عبر التفاوض والأطر الإقليمية والدولية، لكن التعنت الإثيوبي دفع الأزمة إلى مزيد من التعقيد، مستحضرًا سوابق الخطوط الحمراء المصرية في ليبيا وغزة والسودان. وفي هذا السياق، أكد الدكتور طارق فهمي أن الموقف المصري يستند إلى القانون الدولي، وأن أي تفاوض جديد يتطلب ضغوطًا دولية حقيقية، خاصة من الولايات المتحدة، مشددًا على رفض سياسة فرض الأمر الواقع، واحتفاظ مصر بكافة الخيارات لحماية حقوقها المائية، مع تأكيد أن ملف السد سيظل حاضرًا بقوة في حسابات الأمن القومي.

كما تناول الحسيني لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي مع وزير الخارجية الروسي، في إطار تعزيز التعاون الاستراتيجي بين القاهرة وموسكو، خاصة في ملفات محطة الضبعة النووية والمنطقة الصناعية الروسية. وخلال مداخلة هاتفية، أوضح الدكتور نبيل رشوان أن السياسة الخارجية المصرية تقوم على التوازن الاستراتيجي في علاقاتها مع القوى الكبرى، وفي مقدمتها روسيا والولايات المتحدة، بما يخدم المصالح الوطنية. وأشار إلى أن التعاون المصري الروسي يمتد من المشروعات الكبرى إلى التبادل التجاري المتنامي والتعاون داخل تجمع «بريكس»، مؤكدًا عمق العلاقات التاريخية بين البلدين وقدرتها على التوسع. وفيما يخص الملف السوري، لفت إلى أن روسيا تتبنى نهجًا براجماتيًا يعتبر التطورات شأنًا داخليًا، مع استمرار وجودها ومشروعاتها، بما يعكس سياستها القائمة على عدم التدخل المباشر.

مضامين الفقرة الثانية: خلفيات تاريخية وأبعاد مستقبلية.. صفقة الغاز في ميزان المصالح الاقتصادية المصرية

تناول الإعلامي يوسف الحسيني خلال الحلقة ملف صفقة الغاز بين مصر وإسرائيل في ظل الجدل حول أبعادها السياسية والاقتصادية، مشيرًا إلى أن القضية عادت للواجهة بعد تقارير دولية، من بينها «رويترز» و«سي إن إن»، تحدثت عن اعتراض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بدعوى أن الصفقة تخدم المصالح المصرية بالأساس. وفي هذا السياق، شدد المهندس أسامة كمال وزير البترول الأسبق على أن عقيدة الدولة المصرية تقوم تاريخيًا على رفض أي ضغوط خارجية أو ابتزاز سياسي، موضحًا أن التعاون في مجال الغاز بدأ التفكير فيه منذ منتصف التسعينيات عقب اتفاقية أوسلو بهدف خلق مصالح مشتركة، قبل أن يتم تعديل مسار خطوط الغاز بسبب اعتبارات أمنية إسرائيلية.

وأوضح كمال أن اكتشاف حقل «ظهر» مثّل نقطة تحول كبرى، حيث حققت مصر الاكتفاء الذاتي من الغاز بحلول 2018، قبل أن تؤثر جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية على الاستثمارات وسداد مستحقات الشركاء. وبشأن الصفقة الحالية، أكد أن مصر تحصل على الغاز بسعر يقل بنحو 40% عن السعر العالمي، ما يحقق وفرًا اقتصاديًا واضحًا، لافتًا إلى أن دول شرق المتوسط لا تمتلك منافذ للتسييل والتصدير سوى عبر محطات الإسالة المصرية. كما شدد على أن أمن الطاقة المصري غير مرهون لأي طرف، بفضل وحدات التغويز العائمة وإمكانية الاستيراد من مصادر متعددة، متوقعًا تراجع واردات الغاز بحلول 2026 مع تعافي الإنتاج المحلي ودخول مشروعات جديدة مثل محطة الضبعة النووية والطاقة المتجددة، بما يعزز فرص الفائض التصديري مستقبلًا.

مضامين الفقرة الثالثة: موسكو والقاهرة تتفقان على توسيع الشراكات الاقتصادية ودعم الحلول السياسية في المنطقة

عُرض تقرير تناول لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي بوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، يؤكد على عمق العلاقات الاستراتيجية بين القاهرة وموسكو، ونقل لافروف رسالة شخصية من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أشارت إلى أن العلاقة بين البلدين لا تتزعزع رغم التحديات الدولية، وجاء اللقاء على هامش المؤتمر الوزاري الثاني لمنتدى الشراكة الروسية الأفريقية بالقاهرة.

وفي ملف الطاقة النووية، أبرز التقرير تقدماً ملموساً في مشروع محطة الضبعة، حيث تم الانتهاء من تركيب "وعاء ضغط المفاعل" للوحدة النووية الأولى، وفق الجدول الزمني المتفق عليه، واصفاً المشروع بأنه "السد العالي للقرن الحادي والعشرين"، بما يعكس التعاون طويل الأمد بين مصر وروسيا في هذا المجال.

كما تناول التقرير آخر تطورات المنطقة الصناعية الروسية بالسويس، حيث تم الاتفاق على توسيع الاستثمارات لتشمل تصنيع الجرارات والشاحنات والصناعات الهندسية، لتصبح مصر بوابة روسيا لتصدير منتجاتها إلى أفريقيا والشرق الأوسط.

وشمل التقرير الأرقام الاقتصادية، حيث وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 9.3 مليار دولار بزيادة 31%، بالإضافة إلى تعزيز شبكات الطيران المباشر لزيادة أعداد السياح الروس إلى مصر. وفيما يتعلق بالأزمة الروسية الأوكرانية، أكد الرئيس السيسي دعم مصر لجميع الحلول السياسية، واستعدادها للقيام بدور "الوسيط النزيه"، مشيداً لافروف بعقلانية الموقف المصري الذي يسعى للاستقرار العالمي دون الانحياز لأي طرف.

مضامين الفقرة الرابعة: مصر والسودان: أمن مشترك وتحركات استراتيجية لحماية المصالح القومية

خصص الإعلامي يوسف الحسيني جزءًا موسعًا من الحلقة لعرض تقرير حول دورة تدريبية مصرية للكوادر الأفريقية، نظمتها القوات المسلحة بالتعاون مع الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، بهدف رفع كفاءة المشاركين في حماية وتأمين الشخصيات الهامة ودعم الأمن والاستقرار بالقارة. وشملت الدورة محاضرات نظرية وتدريبات عملية ورمايات تخصصية، وسط إشادة المتدربين بمستوى الاحترافية والخبرة المصرية، فيما أكد الحسيني أن هذه الدورات تمثل مزيجًا من القوة الناعمة والعسكرية، وتعزز مكانة مصر كدولة قائدة في إفريقيا وشريك داعم للاستقرار.

وفيما يتعلق بالأوضاع في السودان، شدد الحسيني على أن أمن السودان جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، واصفًا العلاقة بين البلدين بأنها ذات خصوصية وجدانية وتاريخية. وقدم الأستاذ مجدي عبد العزيز قراءة حاسمة، مؤكدًا أن ما يجري في السودان ليس صراعًا داخليًا فقط، بل حرب جيوسياسية تستهدف تفكيك الدولة والسيطرة على ثرواتها وموقعها الاستراتيجي، خاصة البحر الأحمر. ووصف ميليشيا الدعم السريع بأنها تمرد مسلح مدعوم إقليميًا بالمرتزقة والسلاح، كاشفًا عن معلومات استخباراتية حول معسكرات تدريب داخل إثيوبيا قرب منطقة بني شنقول لفتح جبهة شرق السودان، بما يهدد أمن مصر والسودان معًا، إضافة إلى محاولات للسيطرة على موانئ في جنوب البحر الأحمر.

من جانبه، قدم الدكتور طارق البرديسي تفسيرًا للموقف المصري انطلاقًا من "المقاربة المصرية الثابتة"، التي تقوم على ثلاث ركائز أساسية: الحفاظ على وحدة الدولة الوطنية، دعم المؤسسات الشرعية، ورفض الميليشيات والأجسام الموازية. وأكد أن مصر لا تتعامل إلا مع الدولة ومؤسساتها الرسمية، وأن اتفاقية الدفاع المشترك مع السودان تمثل سندًا قانونيًا واضحًا لأي تحرك مصري حال طلبت السلطة الشرعية ذلك. كما شدد على مفهوم "الأمن القومي المتصل"، معتبرًا أن أي محاولة لتقسيم السودان أو إقامة كيان ميليشياوي، خاصة في دارفور، تمثل خطًا أحمر مباشرًا للأمن القومي المصري، على غرار ما حدث في ليبيا، حيث فُرضت الخطوط الحمراء المصرية بقدرتها على التنفيذ.