عماد الدين أديب في «الحكاية»: 2026 عام تسديد الفواتير.. وحلم الرئيس أكبر من قدرة الفريق

التاريخ : الاثنين 22 ديسمبر 2025 . القسم : الفضائيات

ملخص الحلقة :

استضاف الإعلامي عمرو أديب شقيقه الكاتب الصحفي عماد أديب، الذي قدّم قراءة شاملة للمشهد المصري والإقليمي والدولي، متوقعًا أن يكون عام 2026 «عام تسديد الفواتير» سياسيًا واقتصاديًا. على صعيد السياسة الخارجية، أكد أن مصر هي الدولة العربية الوحيدة التي لم تسحب سفيرها من سوريا، مرجعًا ذلك لاعتبارات تتعلق بالأمن القومي ووجود عناصر مطلوبة أمنيًا هناك، معتبرًا أن الحديث عن استقرار كامل في سوريا ما يزال سابقًا لأوانه في ظل تعقيدات النفوذ الدولي والإقليمي. كما شدد على أن تحالفات مصر مع تركيا وقطر والسعودية والإمارات تحكمها المصالح لا العواطف، وأن المجال الحيوي الحقيقي لمصر يظل في الإطار العربي، متطرقًا إلى الاستثمارات الخليجية، ومؤكدًا أن صفقة رأس الحكمة تعكس ثقة استثمارية في مصر، وأن الاستثمار الأجنبي لا يعني التفريط بل تنمية الأصول.

اقتصاديًا، أشار عماد أديب إلى مؤشرات تحسن متوقعة في 2026، من بينها زيادة تحويلات المصريين بالخارج، وارتفاع الصادرات، وتحسن قطاعات الصناعة والسياحة والغاز، إلى جانب إعادة هندسة ملف الدين العام، مع التحذير من أن حجم الديون الخارجية والداخلية يفرض ضرورة إدارة أقوى وأكثر كفاءة. وفي إدارة الدولة، رأى أن طموحات الرئيس السيسي تفوق قدرات الفريق الحالي، داعيًا إلى تشكيل فريق حكومي أكثر قوة، ورئيس وزراء قادر على اتخاذ قرارات حاسمة، وإدارة بعقلية الشركات، مع الاعتماد على الكفاءات الشابة وانتخابات المحليات كأداة لكشف الفساد. عالميًا، وصف 2026 بعام الحسم وسط ضغوط سياسية واقتصادية دولية، وتراجع دور السياسة أمام الاقتصاد، وقلق أمريكي من تآكل هيمنة الدولار، مع توترات داخلية وخارجية قد تعيد فتح ملفات كبرى لم تُغلق بعد.

تفاصيل اللقاء 

السياسة الخارجية.. ثوابت مصر وتحفظ محسوب تجاه سوريا

حلّ الإعلامي والكاتب الصحفي عماد الدين أديب ضيفًا على الإعلامي عمرو أديب في برنامج «الحكاية»، حيث أكد أن مصر تُعد الدولة العربية الوحيدة التي لم تسحب سفيرها من سوريا، معتبرًا أن هذا الموقف يعكس ثبات السياسة الخارجية المصرية وحرصها على الإبقاء على قنوات الاتصال الدبلوماسي حتى في أكثر الملفات تعقيدًا. وأوضح أن التحفظ المصري تجاه التطورات في سوريا تحكمه اعتبارات أمن قومي مباشرة، في ظل استمرار وجود جماعات وعناصر مطلوب ضبطها أمنيًا داخل الأراضي السورية، ما يفرض على القاهرة التعامل بحذر بعيدًا عن الانفعال أو المواقف الشعبوية. كما أشار إلى تعقيد خريطة النفوذ داخل سوريا نتيجة تداخل الأدوار الدولية والإقليمية وتعدد مراكز القوى، مؤكدًا أن الحديث عن استقرار كامل لا يزال سابقًا لأوانه في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه القيادة السورية في بسط السيطرة الكاملة وضبط المشهدين الأمني والسياسي.

ترامب ونتنياهو.. صراع شخصي بتداعيات سياسية

وكشف أديب عن تفاصيل وصفها بـ«المثيرة» حول طبيعة العلاقة المتوترة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مؤكدًا أن الخلاف بينهما ليس سياسيًا فقط، بل شخصي أيضًا. مشيراً إلى أن محاولات جرت للصلح بين الطرفين عبر زوجتيهما، إلا أنها لم تحقق نجاحًا حاسمًا، ما يعكس عمق الخلاف وتأثيره المحتمل على ملفات إقليمية حساسة، خاصة ما يتعلق بغزة وحماس.

كما لفت إلى أن قضية إبستين لم تُغلق بعد، وأن تداعياتها قد تعود للظهور مجددًا داخل المشهد السياسي الأمريكي، بما تحمله من إحراج وضغوط محتملة على شخصيات نافذة.

عودة العلاقات المصرية–التركية–القطرية بمنطق المصالح لا العواطف

تطرق أديب إلى ملف عودة العلاقات المصرية–التركية–القطرية، مؤكدًا أن السياسة لا تُدار بمنطق العداء الدائم أو الصداقة المطلقة، بل وفق حسابات المصالح المتغيرة، مشيرًا إلى أن المرحلة الراهنة تفرض على الدول إعادة ترتيب أوراقها والتحرك بقدر عالٍ من البراغماتية. وأوضح أن التحالفات الإقليمية الجديدة لم تعد خيارًا سياسيًا أو رفاهية دبلوماسية، بل أصبحت ضرورة لحماية الأمن القومي المصري في ظل عالم مضطرب يتراجع فيه الالتزام بالقواعد الدولية التقليدية.

وأكد أديب أن التنسيق مع السعودية والإمارات وقطر يمثل ركيزة أساسية في السياسة الخارجية المصرية، موضحًا أن المجال الحيوي الحقيقي لمصر هو محيطها العربي والإقليمي، حيث تتشابك المصالح الأمنية والاقتصادية، وليس الاقتصار فقط على العلاقات مع أوروبا والولايات المتحدة. وأضاف أن المنطقة العربية تمر بمرحلة إعادة تشكيل كبرى، وأن الدول التي لا تمتلك شبكة تحالفات قوية ومرنة ستكون أكثر عرضة لضغوط سياسية واقتصادية خلال السنوات المقبلة، خاصة مع تصاعد المنافسة على الموارد والطاقة والممرات الاستراتيجية.

الاستثمارات الخليجية وحساسية الشارع المصري

توقف أديب مطولًا عند الجدل المثار في الشارع المصري حول الاستثمارات الخليجية، وعلى رأسها صفقة رأس الحكمة، معتبرًا أن هذا الجدل يعكس حالة قلق مجتمعي طبيعية في ظل الضغوط الاقتصادية، لكنه شدد على أهمية التفرقة بين المخاوف المشروعة والقراءة الواقعية لمفهوم الاستثمار. وقال أديب إن ضخ 34 مليار دولار نقدًا لا يمكن فهمه إلا في إطار الثقة السياسية والاقتصادية في مصر والرئيس عبد الفتاح السيسي، مؤكدًا أن الصفقة تتجاوز كونها استثمارًا عقاريًا لتعبّر عن رهان طويل الأجل على استقرار الدولة وقدرتها على استيعاب مشروعات كبرى.

وأوضح أديب أن الحساسية تجاه الاستثمارات الأجنبية ليست حكرًا على مصر، بل ظاهرة عالمية تشهدها دول كبرى، حيث تخشى المجتمعات فقدان السيطرة على الأصول، إلا أن التجارب الدولية تؤكد أن الاستثمار لا يعني التفريط في السيادة، وإنما حسن توظيف الأصول غير المستغلة لتحقيق عائد اقتصادي، وتوفير فرص عمل، وضخ عملة صعبة في الاقتصاد. وأضاف أن الدول التي تمكنت من تجاوز أزماتها الاقتصادية لم تنجح عبر الانغلاق، بل من خلال الانفتاح المدروس على الاستثمارات، إلى جانب إدارة ذكية توازن بين الحفاظ على الحقوق الوطنية وتحقيق التنمية المستدامة.

الاقتصاد المصري.. مؤشرات تحسن يقابلها عبء ثقيل

وفي قراءته للوضع الاقتصادي، أوضح  أديب أن مصر تدخل عام 2026 بعدد من المؤشرات الإيجابية اللافتة، من بينها ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج بنحو 10 مليارات دولار، ووصول الصادرات إلى قرابة 44 مليار دولار، إلى جانب تعافٍ تدريجي في القطاع الصناعي، وتحسن ملحوظ في السياحة، وتطورات إيجابية في اكتشافات الغاز، ومحاولات لإعادة هندسة ملف الدين العام، إلا أنه شدد على أن هذه المؤشرات لا تعني انتهاء الأزمة، في ظل استمرار تحديات جسيمة تتمثل في ديون خارجية تتجاوز 160 مليار دولار، ودين داخلي يفوق 11 تريليون جنيه، فضلًا عن أعباء فوائد سنوية ضخمة تستنزف الموازنة، مؤكدًا أن التحدي الحقيقي لا يكمن في تحسين الأرقام فقط، بل في إدارتها بكفاءة وتحويل التحسن النسبي إلى نمو مستدام ينعكس فعليًا على مستوى معيشة المواطن.

حلم الرئيس وإدارة الدولة.. فجوة بين الطموح والتنفيذ

وأكد عماد الدين أديب بوضوح لافت أن حلم الرئيس السيسي أكبر من قدرة الفريق الحالي، معتبرًا أن الرئيس يتحمل بمفرده أعباء استثنائية تشمل التخطيط والتنفيذ والمتابعة والتدخل المستمر لتصحيح الأخطاء، وهو عبء يفوق طاقة أي رئيس مهما بلغت قدراته. وأشار إلى أن الدولة باتت بحاجة إلى إعادة نظر جذرية في أسلوب إدارة الجهاز التنفيذي، من خلال تشكيل فريق حكومي أقوى وأكثر كفاءة، ووجود رئيس وزراء يمتلك الجرأة على قول «لا» حين تقتضي المصلحة العامة، وإدارة الدولة بعقلية الشركات الكبرى القائمة على المحاسبة والنتائج، إلى جانب اختيار أفضل الكفاءات مقابل أفضل الأجور لضمان الأداء الأمثل. كما شدد على أن انتخابات المحليات تمثل حجر الأساس للاستقرار الحقيقي باعتبارها الأقرب للمواطن والأقدر على كشف الفساد الإداري، داعيًا إلى الاستفادة من كوادر مؤتمرات الشباب عبر التعيين أو خوض الانتخابات، لضخ دماء جديدة في الإدارة المحلية.

واختتم حديثه واصفاً عام 2026 بأنه العام الحاسم عالميًا وليس 2025، معتبرًا أنه عام «تسديد الفواتير» المتراكمة عن أزمات اقتصادية وسياسية سابقة، مشيرًا إلى أنه سيشهد ضغوطًا سياسية هائلة على قادة عالميين مثل ترامب ونتنياهو وزيلينسكي، إلى جانب حالة من الفوضى الاقتصادية وعدم اليقين المالي، وتصاعد دور الاقتصاد في رسم السياسات الدولية، وصعود تكتلات اقتصادية جديدة خارج إطار الهيمنة الغربية. وأوضح أن مصدر القلق الأكبر في الولايات المتحدة لا يتمثل في نقص النفط، بل في احتمالات التخلي عن الدولار في تسعير الطاقة، لما يحمله ذلك من تهديد مباشر لأسس الهيمنة الاقتصادية الأمريكية، خاصة مع تنامي دور تكتلات مثل منظمة شنغهاي للتعاون.