ديون السيسي وتطبيع الإمارات… خصومات تكتيكية في الجزائر وضمّ صامت للقدس والضفة

التاريخ : الأربعاء 24 ديسمبر 2025 . القسم : الفضائيات

ملخص الحلقة:

ناقش أسامة جاويش في هذه الحلقة التناقض بين خطاب "الإنجازات" الاقتصادية الذي يروّج له نظام السيسي، وواقع الديون المتصاعدة وسياسات مبادلة الديون بالأصول، مؤكدًا أن هذه السياسات لا تنعكس بأي تحسن على حياة المواطنين. وفي الفقرة الثانية، استضاف جاويش عبر الإنترنت الدكتور عصام تليمة، الذي قدّم قراءة تاريخية موثقة لمسار التحول الإماراتي من تجريم التعاون مع إسرائيل إلى التطبيع الكامل ومحاربة التيار الإسلامي. كما تناول البرنامج ملف الجزائر، حيث رحّب جاويش بالدبلوماسي الجزائري السابق محمد العربي زيتوت، الذي أوضح أن قانون تجريم الاستعمار الفرنسي يحمل طابعًا رمزيًا ويأتي ضمن خصومة تكتيكية مع فرنسا، محذرًا من خطورة توظيف ورقة الانفصال داخليًا وإقليميًا. 

واختتمت الحلقة بملف فلسطين، باستضافة الباحث المتخصص في شؤون القدس والضفة الغربية عدي جعار، الذي شرح دلالات تصعيد الاستيطان وتحويل القدس إلى مركز قيادة عسكري، في سياق ضمّ فعلي للأراضي الفلسطينية تحت غطاء سياسي دولي ضعيف.

مضامين الفقرة الأولى: "إنجازات"نظام السيسي بين ادعاءات السداد وواقع الديون

استهلّ أسامة جاويش الحلقة بسخرية واضحة من خطاب “الإنجازات” الذي يروّج له نظام عبد الفتاح السيسي، معتبرًا أن النظام لا يتحدث إلا عن النجاح في وقت يزداد فيه الواقع الاقتصادي سوءًا على المواطنين. واستعرض تصريحات وزير المالية أحمد كجوك التي أعلن فيها خفض الدين الخارجي لأجهزة الموازنة بنحو 2 مليار دولار، والتأكيد على أن الدولة “تسدد أكثر مما تقترض”، مع تراجع نسبة الدين إلى الناتج المحلي من 96% إلى 86% خلال عامين. وعلّق جاويش على هذه الرواية بالإشارة إلى تقارير صحفية حديثة، من بينها ما نشره موقع "العربي الجديد"، كشفت موافقة صندوق النقد الدولي على شريحة تمويل جديدة بقيمة 2.5 مليار دولار ضمن برنامج قرض يبلغ 8 مليارات دولار، بما يناقض حديث الحكومة عن تقليل الاقتراض.

كما تناول تقرير نشرة "إنتربرايز" الذي أشار إلى اتجاه الحكومة لتوسيع سياسة مبادلة الديون بالاستثمارات، بعد تفويض وزارة المالية للتفاوض مع الدائنين، وعلى رأسهم نادي باريس، لتحويل الديون إلى حصص ملكية طويلة الأجل في مشروعات وأصول داخل البلاد. وأوضح جاويش أن الأزمة الحقيقية تتمثل في استحواذ فوائد الديون على نحو 80% من إيرادات الدولة، مع وصول إجمالي الدين العام إلى قرابة 14.9 تريليون جنيه (313 مليار دولار)، معتبرًا أن مبادلة الديون تعني عمليًا التفريط في الأصول مقابل تخفيف مؤقت للأزمة دون حل جذري، مختتمًا بالتأكيد على أن هذه "الإنجازات"لا تنعكس على حياة المواطنين في ظل تصاعد الفقر وتآكل الطبقة الوسطى واستمرار تحميل الشعب كلفة سياسات اقتصادية فاشلة.

مضامين الفقرة الثانية: الإمارات من الفتوى إلى التطبيع… انقلاب كامل على التاريخ والدين

خلال الحلقة، أشار جاويش إلى الربط بين السياسات الإماراتية الراهنة وجذورها الفكرية والتاريخية، مستحضرًا مقال الدكتور عصام تليمة حول فكرة “الاتحاد العالمي لمتضرري الإمارات”، ومرحبًا به كضيف عبر الإنترنت لمناقشة أبعاد هذا التحول. واستهل الحوار باستعراض وثيقة تاريخية من أرشيف الأزهر الشريف تعود إلى مؤتمر "مشكلات المجتمع الإسلامي المعاصر" المنعقد في سبتمبر 1972، بعد أشهر قليلة من تأسيس دولة الإمارات، وبحضور الرئيس الراحل محمد أنور السادات وبرعاية مجمع البحوث الإسلامية، موضحًا أن من بين توصيات المؤتمر نصًا صريحًا يجرّم التعاون مع الكيان الصهيوني، وأن أول الموقّعين عليه كان قاضي القضاة الإماراتي الشيخ أحمد عبد العزيز المبارك، بما يعكس الموقف الرسمي والديني للإمارات في بداياتها تجاه إسرائيل. وأكد تليمة أن هذا الموقف كان قيميًا مبدئيًا نابعًا من إجماع عربي وإسلامي يرى في المشروع الصهيوني خطرًا وجوديًا، كما وثّق المؤتمر الأهداف التوسعية لإسرائيل في المنطقة.

وفي سياق التحليل، علّق جاويش بأن ما جرى لاحقًا لم يكن تطورًا طبيعيًا، بل انقلابًا كاملًا في التوجه، معتبرًا أن ما كانت تحلم به إسرائيل بات يُنفَّذ إماراتيًا دون طلب مباشر. وخلال الحوار، استعرض تليمة سجلًا طويلًا من استهداف الإمارات للتيار الإسلامي والدعوي منذ ما قبل أحداث 11 سبتمبر، شمل منع شخصيات بارزة وتعذيب دعاة ومفكرين إماراتيين، مؤكدًا أن هذا النهج سابق على عهد محمد بن زايد. كما تناول سياسة صناعة رموز دينية “منزوعة الدسم” والترويج لخطاب يهاجم الإسلام السياسي ويتماهى مع السردية الإسرائيلية تحت لافتات “التعايش” و”محاربة التطرف”، رغم تناقضه مع ممارسات الإمارات على الأرض في مصر والسودان وليبيا وبناء علاقات تطبيع كاملة مع إسرائيل. واختتمت الفقرة بالتأكيد على أن الحملات الإعلامية واللجان الإلكترونية والوجوه الجديدة التي تتبنى خطابًا واحدًا تعكس تحركًا إماراتيًا منظمًا للرد على تصاعد الاتهامات الدولية بدورها في مجازر الفاشر بالسودان، ما أعاد طرح فكرة "الاتحاد العالمي لمتضرري الإمارات" كأداة ضغط سلمية وقانونية لكشف هذا الدور أمام الرأي العام العالمي.

مضامين الفقرة الثالثة: قانون تجريم الاستعمار الفرنسي… بين الرمزية والخصومة التكتيكية

خصّص أسامة جاويش جزءًا من الحلقة للحديث عن قانون “تجريم الاستعمار الفرنسي” في الجزائر، مستضيفًا عبر الإنترنت الدبلوماسي الجزائري السابق محمد العربي زيتوت لمناقشة دلالاته السياسية في هذا التوقيت. وأوضح زيتوت أن القانون يحمل أهمية مبدئية وتاريخية، لكنه عمليًا مفرغ من المضمون وجاء متأخرًا أكثر من ستة عقود بعد الاستقلال، معتبرًا أن العقوبات الواردة فيه، والتي تتراوح بين 3 و10 سنوات، تبدو ضعيفة مقارنة بعقوبات أشد تُفرض على قضايا اقتصادية بسيطة، ما يعكس اختلالًا واضحًا في سلم الأولويات. كما رأى أن القانون يندرج ضمن خصومة تكتيكية بين النظام الجزائري والسلطات الفرنسية، لا خلافًا استراتيجيًا، في ظل توترات مرتبطة بملفات مثل الصحراء الغربية والهجرة.

وفي السياق نفسه، أوضح زيتوت أن مفهوم "تجريم الاستعمار" يستهدف لجم الأصوات التي تمجّد الاستعمار الفرنسي، مذكرًا بأن الاستعمار لم يكن مرحلة عابرة، بل مشروع إلغاء كامل للجزائر كدولة وهوية أسفر عن قتل ملايين الجزائريين. وتطرّق الحوار إلى ملف حركة تقرير مصير القبائل، حيث قلّل زيتوت من تأثيرها الفعلي، مشددًا على رفض أغلبية سكان المنطقة للانفصال، ومحذرًا من توظيف ورقة الانفصال سياسيًا في الجزائر والمغرب لما تمثله من خطر وجودي، مع تحميل الأنظمة الحاكمة وأخطاء ما بعد الاستقلال مسؤولية أساسية في تفاقم هذه الأزمات، إلى جانب أدوار خارجية تسهم في تغذية هذه النزعات بهدف إضعاف الجزائر.

مضامين الفقرة الرابعة: القدس والضفة… من الاستيطان إلى الضم الكامل

في الجزء الأخير من الحلقة، تناول أسامة جاويش ملف فلسطين، مستعرضًا إدانة بريطانيا لمصادقة إسرائيل على بناء 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية، معتبرًا أن هذه الإدانة لا تتجاوز حدود التصريحات. كما ناقش تقريرًا حول تحويل القدس إلى مركز قيادة عسكري إسرائيلي، عبر نقل مقار عسكرية وأمنية من تل أبيب إلى القدس، وبناء برج دفاعي ومجمعات عسكرية وسكنية، بهدف تكريس تهويد المدينة وتحويل السيادة المعلنة إلى حضور عسكري دائم.
وفي هذا السياق، رحّب جاويش بضيفه عدي جعار، الباحث المتخصص في شؤون القدس والضفة الغربية، الذي أكد أن عام 2025 يشهد تصعيدًا غير مسبوق في الانتهاكات الإسرائيلية، من اقتحامات المسجد الأقصى إلى عمليات الهدم الواسعة ومشاريع الاستيطان الكبرى مثل مشروع E1  وربط مستوطنة "معاليه أدوميم" بالقدس. 

وأوضح جعار أن هذه الخطوات تهدف إلى حسم الصراع ديموغرافيًا وجغرافيًا ودفع الفلسطينيين إلى الهجرة القسرية، في توقيت مرتبط بزيارة نتنياهو المرتقبة إلى واشنطن واستغلال الدعم الأمريكي لفرض وقائع نهائية على الأرض، مشيرًا إلى أن ضم الضفة الغربية قائم فعليًا منذ سنوات مع سيطرة إسرائيل على 60% من أراضيها (مناطق "ج") "اي تحت السيطرة الإسرائيلة كاملة " ووجود مئات المستوطنات والبؤر الاستيطانية وآلاف الحواجز. واختتم بالتأكيد على أن ما يجري يمثل تصفية ممنهجة للقضية الفلسطينية في ظل اكتفاء المجتمع الدولي بالإدانات اللفظية دون ممارسة أي ضغط حقيقي على الاحتلال.