ديون حرب الخليج، صراع اليمن، وخطوط السيسي "الحمراء"
التاريخ : الجمعة 26 ديسمبر 2025 . القسم : الفضائيات
ملخص الحلقة:
تناول ناصر تاريخ أزمة الديون المصرية، معتبرًا أن إسقاط الديون بعد حرب الخليج لم يكن منحة، بل ثمنًا سياسيًا لمشاركة مصر في الحرب والسماح بترتيبات أمنية وعسكرية، قبل أن تتعطل فرصة إسقاط الديون بالكامل بسبب تدخلات داخلية حوّلت الملف إلى تجارة مصالح.
وفي المحور الثاني، ناقش تطورات الملف اليمني، مشيرًا إلى تصاعد الخلاف السعودي–الإماراتي من تباين مكتوم إلى صدام سياسي علني، مع تحذيرات دولية من تحول اليمن إلى ساحة حرب بالوكالة، في ظل تعقّد خيارات الرياض واحتمال لجوئها إلى تفاهمات مباشرة مع الحوثيين، أما الثالث، فتوقف عند الجدل الذي أثارته تغريدة محمد البرادعي حول تصاعد الإسلاموفوبيا في الغرب، و الذي اعتبر أن جوهر الأزمة لا يقتصر على السياسات الغربية، بل يمتد إلى دور أنظمة عربية في تمويل وتشجيع حملات تشويه الإسلام، مع التذكير بتناقض مواقف البرادعي السياسية السابقة.
واختتم الحلقة بنقد مفهوم "الخطوط الحمراء"، مؤكدة أن التهديد غير المصحوب بالفعل يفقد معناه، وأن الخطوط الحمراء التي أُعلنت في ملفات ليبيا والسودان وسد النهضة وغزة تحولت، وفق الوقائع، إلى خطاب سياسي بلا أثر، ما أفقدها قدرتها على الردع.
مضامين الفقرة الأولى : ديون تُسقَط مقابل أدوار سياسية… كيف دُفعت مصر ثمن حرب الخليج؟
استهلّ محمد ناصر الحلقة بدعوة المشاهدين إلى التمهّل والتركيز، مؤكدًا أن ما يطرحه ليس رأيًا جاهزًا ولا حلًا مباشرًا، بل “فزورة” معقّدة تحتاج تفكيرًا هادئًا، قبل أن يبدأ في سرد حكاية مصر الطويلة مع الديون، واصفًا إياها بأنها قصة ممتدة ومؤلمة تتكرر فصولها منذ عهد الخديوي إسماعيل، مرورًا بورطة حرب اليمن التي استنزفت مقدرات الدولة، ثم هزيمتي 1967 و1973، وصولًا إلى ديون عصر حسني مبارك، معتبرًا أن مصر كلما خرجت من حفرة وقعت في أخرى أعمق. ومن هذا المدخل التاريخي، انتقل ناصر إلى ما وصفه بأشهر “الصفقات الحرام” في تاريخ الديون المصرية، وهي صفقة إسقاط الديون العسكرية الأمريكية والخليجية وجزء من الديون اليابانية والأوروبية عقب مشاركة مصر في حرب الخليج، مؤكدًا أن هذا الإعفاء لم يكن منحة ولا عملاً خيريًا، بل ثمنًا سياسيًا واضحًا لموقف مصر من غزو العراق للكويت، وللسماح بالتواجد العسكري الأجنبي في المنطقة.
واستند ناصر في روايته إلى شهادة السفير عبد الرؤوف الريدي، السفير المصري الأسبق في واشنطن، الذي كشف أنه كان صاحب فكرة استغلال هذا "المومنتوم السياسي"، عبر التحرك داخل الكونغرس الأمريكي والتواصل مع سيناتورات بارزين، وطرح خطاب يربط إسقاط الديون بالمصلحة القومية الأمريكية، باعتبار أن تخفيف العبء عن مصر سيجعلها أكثر قدرة على تحمل التزاماتها في حرب تحرير الكويت. وأوضح ناصر، نقلًا عن الريدي، أن هذه الخطوة أدت بالفعل إلى إسقاط الديون العسكرية الأمريكية، ثم امتد الأثر ليشمل الديون الخليجية وجزءًا من الديون الأوروبية واليابانية. غير أن المفارقة الأخطر، بحسب ناصر، تمثلت في أن نادي باريس، الجهة المسؤولة عن الديون الأوروبية، كان قد أعلن نيته إسقاط كامل ديون مصر بعد الحرب، إلا أن هذا المسار توقف بسبب تدخل شخصيات مصرية نافذة، على رأسها رجل الأعمال إبراهيم كامل، وبحسب روايات أخرى جمال مبارك، وهو ما فتح الباب أمام ما عُرف لاحقًا بالتجارة في ديون مصر، ومنع إسقاطها الكامل تمهيدًا لتحويلها إلى صفقة ربح خاص، لا مصلحة وطنية.
مضامين الفقرة الثانية: اليمن على حافة الانفجار… من خلاف سعودي–إماراتي مكتوم إلى صراع معلن
خلال الحلقة، تناول ناصر تطورات الملف اليمني معتبرًا أن المشهد يتجه نحو انقلاب أو إعادة تشكيل قسري للسلطة، مدعومًا بتقارير دولية أبرزها تقرير لقناة “الحرة” تحدث عن غضب سعودي متصاعد واحتمالات تحرك حاسم بعد طول صبر. وأوضح أن الخلاف السعودي الإماراتي لم يعد تباينًا خفيًا، بل أصبح خلافًا معلنًا، ظهر بوضوح في بيان وزارة الخارجية السعودية الرافض للتحركات العسكرية الأحادية التي نفذها المجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت والمهرة دون موافقة مجلس القيادة الرئاسي، معتبرًا ذلك انتقالًا سعوديًا إلى مرحلة الوضوح السياسي بعد سنوات من الغموض.
وفي المقابل، أشار ناصر إلى أن رد المجلس الانتقالي جاء سريعًا عبر تصريحات عيدروس الزبيدي التي شكر فيها الإمارات علنًا على دعمها للجنوب، معلنًا عن تقديم 30 ميجا كهرباء لمحافظة أبين، في رسالة ذات دلالة سياسية تتجاوز بعدها الخدمي. وتوقف عند تقارير إعلامية ودولية، نقلًا عن "سايد أوفر" و"يورونيوز" ومعهد واشنطن، حذّرت من تحول اليمن إلى ساحة حرب بالوكالة بين الرياض وأبوظبي، في سيناريو يشبه ما جرى في السودان، مؤكدة أن التنافس بين البلدين لم يعد تكتيكيًا بل استراتيجيًا، ما ينذر بتصعيد أوسع.
وأوضح ناصر أن الخيارات السعودية باتت شديدة التعقيد، من بينها اللجوء إلى تفاهمات مباشرة مع الحوثيين، مستشهدًا باتفاق الإفراج عن نحو 2900 أسير، وهو ما يضع الرياض في موقف حساس. كما أشار إلى تقارير غربية، بينها “الجارديان”، وصفت الصراع بالمهين للسعودية لأنه يجري على حدودها، مقابل تساؤلات غربية حول دوافع الإمارات في تفكيك دول عربية عدة. وختم بالتأكيد على أن الخليج مقبل على مزيد من الاشتعال، في وقت تكتفي فيه بعض الدول ببيانات دعم عامة، معربًا عن أسفه لتجاهل التحذيرات السابقة بينما التوتر يتصاعد على حدود السعودية.
مضامين الفقرة الثالثة: تغريدة البرادعي والجدل المفتوح… من يحارب الإسلام في الغرب ولماذا؟
خصص ناصر جزءًا من الحلقة للجدل الذي أثارته تغريدة للدكتور محمد البرادعي حول تصاعد الهجمة غير المسبوقة على الإسلام والمسلمين في أوروبا وأمريكا، مشيرًا إلى أن الخطاب العدائي لم يعد يقتصر على ما يُسمى "الإسلام السياسي"، بل بات يستهدف الإسلام كعقيدة، بالتوازي مع قرارات حظر وتقييد سفر لمواطني دول ذات أغلبية مسلمة. وأوضح أن تساؤل البرادعي عن غياب رد فعل عربي وإسلامي حقيقي فجّر نقاشًا واسعًا، خاصة أن كاتب التغريدة ليس محسوبًا على التيارات الإسلامية، بل كان من داعمي انقلاب 2013 في مصر، ما أدى إلى انقسام التفاعل بين من ربط الهجمة بدور الكيان الصهيوني في توجيه الرأي العام الغربي ضد الإسلام، ومن حمّل المسلمين في الغرب مسؤولية تصاعد العداء بسبب سلوكياتهم وخطابهم.
لكن ناصر شدد على أن جوهر الأزمة يتجاوز الجدل حول البرادعي، ويتمثل في دور الأنظمة العربية والإسلامية نفسها، التي التزمت الصمت أو ساهمت فعليًا في تغذية الإسلاموفوبيا عبر تمويل حملات تشويه في الغرب، ودعم تيارات يمينية متطرفة، ومحاربة الإسلام سياسيًا تحت عناوين “مكافحة التطرف”، وفق تقارير حقوقية وإعلامية. كما أشار إلى انتقادات وُجهت للبرادعي بسبب مواقفه السابقة ودعمه للانقلاب، معتبرًا أن الأزمة الحقيقية تبدأ من الداخل العربي قبل أن تنعكس على الخارج، داعيًا إلى تسمية الأطراف المسؤولة بوضوح بدل الاكتفاء بالتعميم.
مضامين الفقرة الرابعة: حين تتحول الخطوط الحمراء إلى مجرد خطاب سياسي
في الفقرة الأخيرة، تناول ناصر مفهوم “الخطوط الحمراء” في العلوم السياسية، مستشهدًا بقاعدة منسوبة لميكافيلي تفيد بأن التهديد غير المصحوب بالفعل يحوّل الخط الأحمر من أداة ردع إلى دعوة مفتوحة لاختراقه، معتبرًا أن الخطوط الحمراء التي أعلنتها الدولة المصرية تحولت مع الوقت إلى خطاب سياسي بلا أثر عملي. وأوضح أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أعلن خطوطًا حمراء في ملفات متتالية، شملت ليبيا عندما قال إن سرت والجفرة خط أحمر، ثم السودان، ومياه النيل وسد النهضة، وصولًا إلى غزة ومحور فيلادلفيا، إلا أن الوقائع الميدانية – بحسب ناصر – أظهرت أن هذه الخطوط لم تُحترم، ففي ليبيا ظهرت قواعد عسكرية إماراتية في الجفرة، وتوسع النفوذ الروسي، ثم تصاعد النشاط التركي في شرق البلاد، من دون رد فعلي يوازي حجم التهديد المعلن، وفي السودان تكرر المشهد ذاته مع استمرار تمدد قوات الدعم السريع ورفض الهدن وتصاعد العنف والنزوح، وكأن إعلان “الخط الأحمر” لم يكن له وجود.
أما في ملف سد النهضة، فرأى ناصر أنه المثال الأوضح على تآكل الردع، إذ انتهى الأمر – وفق تقارير دولية – إلى تفوق إثيوبي في السيطرة على مياه النيل، مقابل لجوء القاهرة إلى التصعيد السياسي وطلب الوساطات من دون ترجمة عملية للتهديدات السابقة.
و اختتم ناصر الحلقة قائلاً: ان السلطة لا تُقاس بما يُقال بل بما يُنفَّذ، مستشهدًا بقول توماس هوبز إن القوة الحقيقية تقوم على القدرة على الفعل لا على الكلمات، مؤكدًا أن الخط الأحمر الذي لا يُحمى يتحول في النهاية إلى مادة للسخرية لا للردع.