الجارديان: السعودية تنفق 6 مليارات دولار على «الغسيل الرياضي»

التاريخ : الخميس 27 يوليو 2023 . القسم : ترجمات

كشفت صحيفة الجارديان في تقرير حصري إن المملكة العربية السعودية أنفقت ما لا يقل عن 6.3 مليار دولار (4.9 مليار جنيه إسترليني) في الصفقات الرياضية منذ أوائل عام 2021، أي أكثر من أربعة أضعاف المبلغ السابق الذي أنفقته على مدى ست سنوات، فيما وصفه النقاد بأنه محاولة لصرف الانتباه عن سجلها في مجال حقوق الإنسان. 

مبالغ ضخمة

ووظفت السعودية المليارات من صندوق الاستثمار السعودي على مدار العامين ونصف العام الماضيين وفقًا لتحليل أجرته صحيفة الجارديان، إذ أنفقت على الرياضة بوتيرة غيَّرت تمامًا لعبة الجولف الاحترافية وغيَّرت سوق الانتقالات الدولية لكرة القدم.

وقدم نادي الهلال السعودي، الإثنين، عرضًا قياسيًا عالميًا لقائد المنتخب الفرنسي، كيليان مبابي، بقيمة 300 مليون يورو (259 مليون جنيه إسترليني)..

ولفتت الصحيفة البريطانية إلى أن الاستثمار البالغ 6.3 مليار دولار يعادل تقريبًا الناتج المحلي الإجمالي لجمهورية الجبل الأسود أو دولة جزيرة بربادوس. ويقزم هذا المبلغ البيانات التي جمعتها مؤسسة جرانت ليبرتي قبل عامين، وتقدر أن السعودية أنفقت 1.5 مليار دولار في الفترة بين 2014 وأوائل 2021.

غسيل رياضي

وأشارت الصحيفة إلى أن الجماعات الحقوقية بما في ذلك جرانت ليبرتي ومنظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش تصف مثل هذا الإنفاق بـ «الغسيل الرياضي»، والذي يعني تمويل الأحداث الرياضية ذات الأسماء الكبيرة من أجل صرف الانتباه عن السجل السيئ في مجال حقوق الإنسان.

وقالت جرانت ليبرتي: «في السابق، رفضت الشخصيات الرياضية والعلامات التجارية عروض التعامل مع السعودية بسبب انتهاكاتها الموثقة جيدًا لحقوق الإنسان». وأضافت: «ومع ذلك، كان هناك تحول مقلق في الموقف الأخلاقي، ذلك أن الصفقات المربحة تُقبل الآن على الرغم من الانتهاكات المستمرة».

بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018، نُبذت السعودية على نطاق واسع، وقامت عديد من الشركات الكبرى بسحب أو إيقاف استثماراتها في المملكة.

تحول النظرة

لكن، وحسب ما تستدرك الصحيفة، فقد شهد العامان الماضيان تحولًا في كيفية النظر إلى المملكة دوليًا. وسافر جو بايدن، الذي وعد ذات مرة بجعل السعودية «منبوذة» بسبب قتل خاشقجي، إلى المملكة العام الماضي، في وقام بتحية ولي العهد والزعيم الفعلي، محمد بن سلمان، بقبضة يد مثيرة للجدل.

قامت صحيفة الجارديان بتجميع وتحليل قائمة الاستثمارات التي اضطلع بها صندوق الاستثمار العام السعودي - أحد أكبر 10 صناديق ثروة سيادية في العالم بأصول تقدر بنحو 700 مليار دولار - بالإضافة إلى هيئات حكومية أخرى بما في ذلك هيئة السياحة، وكلها وقعت منذ عام 2021. ومن المحتمل أن يكون الرقم الإجمالي البالغ 6.3 مليار دولار أقل من المبلغ الحقيقي، إذ يشتهر صندوق الاستثمارات العامة بالغموض بشأن موارده المالية، ولا يُعلن عن تفاصيل بعض الصفقات.

وأثار شراء نيوكاسل يونايتد في أكتوبر 2021 من جانب صندوق الاستثمارات العامة مقابل 391 مليون دولار مخاوف الجماعات الحقوقية، ولا سيما منظمة العفو الدولية، التي انتقدت النادي بعد أن أظهرت الصور المسربة تغييرات في مجموعته الخارجية لتتناسب مع ألوان المنتخب السعودي.

وقال فيليكس جاكنز من منظمة العفو الدولية إن الخيار «يكشف قوة الدولار السعودي وتصميم المملكة على غسيل وتبييض سجلها الوحشي والدموي في مجال حقوق الإنسان».

بعد عام، أعلن صندوق الاستثمارات العامة عن نيته إنفاق 2.3 مليار دولار على رعاية كرة القدم. وهذا يشمل استثمارات ضخمة غير محددة لشراء حصص الأغلبية في أربعة فرق كرة قدم سعودية. وأنفقت الأندية الأربعة ببذخ لجذب لاعبين من جميع أنحاء العالم، ولا سيما النصر، الذي تعاقد مع النجم كريستيانو رونالدو مقابل 200 مليون دولار سنويًا، مما يجعله الرياضي الأعلى أجرًا في العالم.

وتبع توقيع رونالدو الموسم الماضي مجموعة من النجوم والمدربين من بينهم كريم بنزيما من ريال مدريد ونجولو كانتي من تشيلسي وروبرتو فيرمينو من ليفربول ومدير أستون فيلا السابق ستيفن جيرارد.

وتفيد تقارير أن لاعب كرة القدم ليونيل ميسي يتقاضى ما يقدر بنحو 25 مليون دولار من هيئة السياحة السعودية مقابل ترويجه للبلاد، بما في ذلك النشر عن رحلات فخمة على وسائل التواصل الاجتماعي. وتلقى عرضًا من الهلال بقيمة 350 مليون جنيه إسترليني، لكنه اختار فريق إنتر ميامي الأمريكي.

في فبراير من هذا العام، أعلنت السعودية أنها ستستضيف كأس العالم للأندية 2023.

الاستثمار في لعبة الجولف

وأضافت الصحيفة أن صندوق الاستثمارات العامة قام أيضًا باستثمارات كبيرة أدت إلى قلب لعبة الجولف، والآن يجعل المملكة ربما القوة الأكثر نفوذًا في هذه الرياضة. في أكتوبر 2021، استثمر الصندوق ما يقدر بملياري دولار لإنشاء بطولة ليف للجولف، وهي بطولة كبرى.

وأثارت هذه الخطوة منافسة مريرة مع بطولة بي جي إيه، التي اتخذت إجراءات قانونية بدعوى أن المشروع الممول من السعودية كان يجذب اللاعبين لخرق التزاماتهم الحالية. واتهمت إحدى الدعاوى القضائية بطولة ليف السعودية بالانخراط في حملة لتوظيف مبالغ فلكية في محاولة لاستخدام لاعبي ليف ولعبة الجولف لغسيل وتبييض سمعتها فيما يتعلق بالفظائع الحقوقية في المملكة ولتعزيز مبادرات صندوق الاستثمار العام السعودي.

انتهى الخلاف بطريقة دراماتيكية مع استيلاء فعال على بطولة بي جي أيه لإنشاء تكتل للسيطرة على لعبة الجولف. ومن المقرر أن يترأس التكتل الجديد، ياسر الرميان.

أخبر مسؤول تنفيذي في بي جي إيه الكونجرس الأمريكي هذا الشهر أن صندوق الثروة السيادية سيستثمر نحو مليار دولار في الكيان الجديد. ويجري التحقيق في الصفقة من لجنة بمجلس الشيوخ الأمريكي.

تشمل بعض استثمارات المملكة الأخرى في لعبة الملاكمة ورياضات السيارات. هذا العام، صارع جيك بول، اليوتيوبر الذي تحول إلى ملاكم، تومي فيوري في الرياض مقابل مدفوعات قدرها 3.2 مليون دولار ومليوني دولار على التوالي، بالإضافة إلى حصة من إيرادات الدفع مقابل المشاهدة. كما دفعت المملكة ما يقدر بنحو 60 مليون دولار لاستضافة مباراة للوزن الثقيل بين أولكسندر أوسيك وأنتوني جوشوا في عام 2022.

في عام 2021، استثمر صندوق الاستثمارات العامة في رعاية شركة مكلارين جروب بقيمة 550 مليون دولار، وهي شركة مملوكة للبحرينيين مقرها في وكينج والتي تعد جزءًا رئيسا من فورمولا 1 من خلال تصنيعها لسيارات السباق. 

ومع ذلك، فإن الرقم 6.3 مليار دولار لا يشمل 40-45 مليون دولار التي تنفقها شركة النفط العملاقة المملوكة للدولة أرامكو سنويًا لرعاية الفورمولا 1، أو العقود الأخرى الموقعة قبل 2021 مثل 65 مليون دولار لعقد سباق الجائزة الكبرى السنوي في المملكة.

ويستثني الإجمالي أيضًا الإنفاق المكثف لصندوق الاستثمارات العامة في عالم الرياضات الإلكترونية، بما في ذلك استثمار بقيمة مليار دولار مؤخرًا في شركة ألعاب الفيديو إمبريسير جروب، والأحداث الرياضية حيث يكون مبلغ الرعاية غير معروف، مثل صفقة مدتها أربع سنوات في مارس 2021 بين مدينة نيوم المخطط لها على ساحل البحر الأحمر والاتحاد الآسيوي لكرة القدم.

واتصلت الصحيفة بالسفارة السعودية في واشنطن، التي ترد بشكل روتيني على الأسئلة المتعلقة بالمملكة، للتعليق.