ذا كونفرزيشن: مصر وإثيوبيا تعملان أخيرًا على صفقة مياه - ماذا يعني ذلك لدول نهر النيل الأخرى؟

التاريخ : الخميس 27 يوليو 2023 . القسم : ترجمات

نشر موقع «ذا كونفرزيشن» الأسترالي مقالًا للباحث جون موكوم مباك، أستاذ بجامعة ويبر ستيت، يستعرض فيه تأثيرات توصل مصر وإثوبيا لاتفاق بشأن سد النهضة إن وجدت على دول النيل المجاورة. 

في ضوء اتفاق مصر وإثيوبيا أخيرًا على إبرام «اتفاق مقبول للطرفين» بشأن سد النهضة في غضون أربعة أشهر، وذلك بعد سنوات من الخلاف الدبلوماسي المحتدم بين البلدين والذي كاد أن يخرج عن السيطرة في بعض الأحيان، يجيب الكاتب في تقريره عن أربع أسئلة رئيسة مطروحة.

سياق الصراع الحالي

وفي معرض إجابته عن السؤال الأول حول سياق الصراع الحالي، يقول الكاتب إن إثيوبيا، التي توفر مرتفعاتها أكثر من 85٪ من المياه التي تتدفق إلى النيل، جادلت لفترة طويلة بأن لها الحق بموجب القانون الدولي في إدارة الموارد داخل حدودها من أجل تنميتها الوطنية. وترى في «النيل هبة من الله» أعطيت للإثيوبيين لاستخدامها في تنميتهم.

بدورها ترى مصر، التي تعتمد على النيل في أكثر من 90٪ من مياهها العذبة، أن السد الإثيوبي يمثل تهديدًا لأمنها المائي ووجودها كشعب.

وأدى قرار أديس أبابا بالبدء في بناء السد على النيل الأزرق في عام 2011 إلى تفاقم العلاقة المتدهورة بالفعل بين إثيوبيا وجيرانها في اتجاه مجرى النهر، مصر والسودان، بشأن الوصول إلى مياه النيل. وبعد فشل الجهود الدبلوماسية المصرية في وقف البناء، أعادت القاهرة توجيه طاقاتها لتأمين اتفاقية ملزمة قانونًا لملء السد وتشغيله.

لكن لم يتوصل الطرفان إلى اتفاق مقبول للبلدين لملء وتشغيل السد.

في أغسطس 2020، بدأت أديس أبابا في ملء خزان السد. وتكررت هذه العملية في عامي 2021 و 2022.

في عام 2023، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد أن البلاد ستؤجل الملء الرابع حتى سبتمبر «لتخفيف مخاوف دول الجوار».

إن ملء خزان السد بشكل خاص، وتشغيله بشكل عام، هي قضايا يجب على الدول الثلاث حلها، على الأرجح من خلال اتفاقية أو معاهدة ملزمة قانونًا.

في فبراير 2022، بدأ السد الإثيوبي في إنتاج الكهرباء. وزعم المصريون أن أديس أبابا «تنتهك التزاماتها بموجب إعلان المبادئ لعام 2015» وتعرض «المصالح المائية» المصرية للخطر.

النقاط الشائكة

وحول النقاط الشائكة الرئيسة في المحادثات، يوضح الكاتب أن من الضروري أن يتعامل الاتفاق صراحة مع القضايا المهمة لمصر وإثيوبيا والسودان. وأهمها حقوق مصر والسودان المكتسبة تاريخيًا في مياه النيل. وقد مُنحت تلك الحقوق بموجب المعاهدة الأنجلو-مصرية لعام 1929 والاتفاقية الثنائية لعام 1959 بين مصر والسودان (معاهدة النيل لعام 1959). ومنحت المعاهدتان 66٪ من مياه النيل لمصر، و 22٪ للسودان و 12٪ لحساب التسرب والتبخر. وكذلك مُنحت مصر حق النقض على جميع مشاريع البناء على نهر النيل وروافده.

وأصبحت هذه الحقوق تُعرف باسم حقوق مصر والسودان المكتسبة. لقد كانت النقطة الشائكة الرئيسة في الجهود المبذولة لإبرام معاهدة بين جميع دول نهر النيل الـ 11 لتخصيص مياه النيل، وكذلك بين مصر وإثيوبيا والسودان بشأن السد الإثيوبي.

وفي حين أن إثيوبيا ودول النهر الأخرى ترى هاتين المعاهدتين على أنهما مفارقات تاريخية استعمارية لا علاقة لها بواقع النيل الحديث، تصر مصر والسودان على أنهما ملزمتان.

تأثير الاتفاق

وفيما يتعلق بتأثير الأختراق الأخير على اتفاقيات حوض النيل الأخرى، يلفت الكاتب إلى أن هذا التأثير سيعتمد على نوع الاتفاق الذي سيتوصلون إليه، مفترضًا أن كل من مصر والسودان يوافقان على التخلي عن الحقوق الممنوحة بموجب معاهدتي 1929 و 1959. ويمكنهم بعد ذلك الدخول في مفاوضات مع إثيوبيا لإبرام معاهدة جديدة تخلق حقوقًا لجميع الدول الثلاث.

ويمكن أن توفر مثل هذه المعاهدة الدافع لجميع دول حوض النيل الـ 11 للعودة إلى الاتفاقية الإطارية التعاونية، والتي من المتوقع أن توفر إطارًا قانونيًا لإدارة مياه نهر النيل على أساس الاستخدام العادل والمعقول للمياه. وكانت الاتفاقية الإطارية في طي النسيان منذ أن رفضتها مصر والسودان.

تعتبر دول حوض النيل الأخرى هذه المعاهدات التي تعود إلى الحقبة الاستعمارية انتهاكًا لمبادئ القانون الدولي، وانتهاكًا لرؤية مبادرة حوض النيل.

ادعاءات تهدد الوضع الراهن

ويتطرق الكاتب إلى الادعاءات الأخرى التي تهدد الوضع الراهن، فيقول إن مصر تخشى أنه إذا سُمح لأديس أبابا بملء الخزان دون اتفاق ملزم قانونًا، فقد تتخذ دول حوض النيل الأخرى أيضًا إجراءات أحادية الجانب. قد يضر ذلك بأمن المياه في مصر وقدرتها على السيطرة على المشاريع على نهر النيل وروافده.

ثم هناك مسألة كيفية إدارة القضايا المتعلقة بتغير المناخ، مثل فترات الجفاف والفيضانات. ويعني وجود السد أن تعاون أديس أبابا سيكون مطلوبًا. في أوقات الجفاف، على سبيل المثال، من المتوقع أن يطلق السد الإثيوبي بعض المياه لمساعدة مصر والسودان على التعمال مع هذه الفترة.

وأضاف الكاتب أن حق إثيوبيا في الحصول على المياه لأغراض الزراعة واستهلاك الأسر المعيشية مسألة لم تتفق عليها البلدان الثلاثة بعد.

وتشعر مصر والسودان بالقلق من الضرر الذي قد يلحق بهما من الأنشطة المنبثقة عن المنبع. ولا تزال مصر مصرة على أن السد سيضر بإمدادات المياه ويهدد التنمية المحلية.

لكن يبدو أن المسؤولين السودانيين غيروا تقييمهم لتأثير السد. وهم يرون الآن أنه منظم محتمل للفيضانات الموسمية ومزود للطاقة النظيفة.

وينبغي دراسة هذه المسائل دراسة مستفيضة أثناء المفاوضات. وينبغي للبلدان الثلاثة أن تعتمد معاهدة أو اتفاقا يكون مقبولا ومفيدا لجميع الأطراف.

على مر السنين، كافحت الدول الثلاث للوصول إلى دلالات ملموسة لمصطلحات مثل «الضرر الكبير» و «الاستخدام العادل والمعقول». وينبغي أن تحدد المعاهدة النهائية تلك المصطلحات بدقة. كما ينبغي أن تنشئ آلية للوساطة، والتي يمكن أن تشمل إحالة بعض المسائل المحددة إلى محكمة العدل الدولية لحلها.