أسوشيتد برس: دول الشرق الأوسط تخشى ارتفاع الأسعار بعد انسحاب روسيا من اتفاقية الحبوب
التاريخ : الخميس 03 أغسطس 2023 . القسم : ترجمات
سلَّط تقرير لوكالة أسوشيتد برس الضوء على تداعيات انسحاب روسيا من اتفاقية الحبوب مع أوكرانيا على مصر ودول الشرق الأوسط الأخرى التي تعاني بالفعل من ارتفاع الأسعار.
تشير الوكالة إلى أن روسيا انسحبت من اتفاقية الحبوب التي توسطت فيها الأمم المتحدة وتركيا للسماح بتدفق الحبوب الأوكرانية خلال أزمة الغذاء العالمية. وقد ساعدت تلك الاتفاقية في استقرار أسعار المواد الغذائية التي ارتفعت العام الماضي بعد غزو روسيا لأوكرانيا - وهما دولتان موردتان رئيستان للقمح والشعير وزيت عباد الشمس وغيرها من المواد الغذائية للدول النامية.
قلق من التداعيات
ولفتت الوكالة إلى أن مصر، أكبر مستورد للقمح في العالم، ودول الشرق الأوسط الأخرى ذات الدخل المنخفض مثل لبنان وباكستان يشعرون بالقلق بشأن ما سيأتي بعد ذلك. وهم يكافحون بالفعل في مواجهة المشاكل الاقتصادية التي دفعت المزيد من الناس إلى مستويات الفقر، ويخشون أن يؤدي ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى مزيد من الألم للأسر والشركات والحكومة.
شعر أحمد صلاح بالقلق عندما سمع نبأ تعليق روسيا صفقة الحبوب الحاسمة في زمن الحرب. ويشعر صاحب المخبز في العاصمة المصرية بالقلق من أن ذلك قد يعني ارتفاع أسعار المواد الغذائية العالمية.
قال الرجل البالغ من العمر 52 عامًا الأسبوع الماضي أثناء إشرافه على العمال الذين يعملون في مخبزه بالقاهرة: «قد لا يكون هناك تأثير فوري، لكن إذا لم يجدوا حلًا في أقرب وقت، فستكون الأمور صعبة للغاية».
ونوَّهت الوكالة إلى أن الكثيرين قاموا بتنويع مصادر القمح، وهو المكون الرئيس للخبز الذي يعد عنصرًا أساسيًا في الأنظمة الغذائية في عديد من دول الشرق الأوسط، ولا يتوقعون نقصًا. حتى أن باكستان شهدت محصولًا وفيرًا على الرغم من الفيضانات غير المسبوقة العام الماضي.
لكن نهاية صفقة الحبوب تخلق حالة من عدم اليقين بشأن ارتفاع الأسعار.
وقالت عبير عطيفة المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة إنها «صدمة غير ضرورية لـ 345 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد في جميع أنحاء العالم».
ضعف العملة يُفاقم الأزمة
وأضافت الوكالة أن روسيا شنت هجمات على الموانئ والبنية التحتية الزراعية الأوكرانية في أعقاب انهيار الاتفاق، مما أدى إلى عدم استقرار أسعار القمح العالمية.
وقال جوزيف جلوبر، كبير الباحثين في المعهد الدولي لأبحاث السياسة الغذائية، إنه على الرغم من التقلبات، فإن التكاليف أقل مما كانت عليه قبل غزو روسيا لأوكرانيا، وهناك إنتاج كافٍ لتلبية الطلب العالمي.
لكنه قال إنه وفيما يتعلق بالدول ذات الدخل المنخفض مثل اليمن الذي مزقته الحرب أو لبنان والتي تعد من كبار مستوردي القمح، فإن العثور على موردين بعيدين سيضيف تكاليف. بالإضافة إلى ذلك، ضعفت عملاتهم مقابل الدولار الأمريكي، الذي يستخدم لشراء الحبوب من الأسواق العالمية.
وقال جلوبر كبير الاقتصاديين السابق في وزارة الزراعة الأمريكية: «إنه أحد الأسباب التي تجعل تضخم أسعار المواد الغذائية مستمرًا في الكثير من البلدان - لأنه على الرغم من أن الأسعار العالمية التي ذكرتها كانت عند مستويات ما قبل الحرب، إلا أن هذه الأسعار بالدولار. وإذا قستها بالجنيه المصري، على سبيل المثال، سترى أن أسعار القمح في مصر قد ارتفعت بالفعل».
وقال «إنها بالتأكيد مرتفعة كما كانت خلال النقاط المرتفعة لعام 2022».
وقال إن ذلك يضغط على الحكومات، التي سيتعين عليها دفع المزيد لمواصلة دعم الخبز عند المستوى نفسه وتجنب زيادة التكاليف على الأسر. وفي ضوء أن كثير من تلك من الدول تشهد انخفاضًا في احتياطياتهم من العملات الأجنبية، فقد يضع ذلك البلدان في الشرق الأوسط وأماكن أخرى في وضع مالي أكثر خطورة.
ارتفاع الأسعار
وبحسب الوكالة، يخشى صلاح، صاحب المخبز، من أنه في حالة ارتفاع أسعار القمح، يمكن لحكومة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الرد برفع أسعار الخبز.
وقال «مثل هذه الخطوة سيكون لها خسائر فادحة على الناس العاديين».
وأثار السيسي وزعماء آخرون مخاوف بشأن ارتفاع أسعار المواد الغذائية في قمة استضافتها روسيا للدول الأفريقية الأسبوع الماضي. ودعا إلى إحياء اتفاق البحر الأسود من خلال «حل توافقي» يأخذ في الاعتبار مطالب ومصالح جميع الأطراف ويضع حدا للارتفاع المستمر في أسعار الحبوب.
لا تلبي الحبوب المحلية حتى نصف طلب مصر، وخاصة القمح والذرة. وتشتري أكثر من 10 ملايين طن من القمح - معظمها من روسيا وأوكرانيا - ومن المتوقع أن ينمو هذا الطلب.
ويُتوقع كذلك أن يظل إنتاج القمح المحلي عند 9.8 مليون طن، بينما يرتفع الاستهلاك بنسبة 2٪ إلى 20.5 مليون طن في 2023-2024، وفقًا لتقرير وزارة الزراعة الأمريكية في أبريل.
ومع ذلك، قالت الحكومة المصرية إن تأثير نهاية صفقة الحبوب ضئيل حتى الآن. وقال وزير التموين علي مصيلحي الأسبوع الماضي إن مصر نوعت مصادرها من القمح المستورد وأن مخزونها سيغطي احتياجات البلاد لمدة خمسة أشهر.
وقالت وزارة الزراعة الأمريكية إن مشترياتها من القمح من أوكرانيا تراجعت بنسبة 73.6٪ خلال الفترة 2021-2022 حيث استفادت مصر من مصادر أخرى.
تعميق الأزمة الاقتصادية
وشدَّدت الوكالة على أن أي زيادة في أسعار القمح ستزيد من إجهاد الاقتصاد المصري، الذي عانى من عقود من سوء الإدارة والصدمات الخارجية مثل جائحة كزفيد والحرب في أوكرانيا. وقالت كابيتال إيكونوميكس إن ذلك قد يجبر الحكومة على خفض الدعم فضلًا عن ارتفاع التضخم.
وتغذي تكاليف الغذاء بالفعل أزمة تكلفة المعيشة. وسجل التضخم السنوي مستوى قياسيًا بلغ 36.8٪ في يونيو، مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 64.9٪.
في لبنان، قد يكون انهيار صفقة الحبوب عقبة إضافية ذلك أن الدولة المتوسطية الصغيرة تعتمد على أوكرانيا للحصول على 90٪ على الأقل من قمحها.
ساعدت الاتفاقية في حل نقص الإمدادات الذي صدم السوق خلال بداية الحرب. وقال وزير الاقتصاد المؤقت أمين سلام إن أي تأثير سلبي على أسعار القمح بعد انهيار الصفقة سيؤثر «بالتأكيد» على الأسعار في الداخل.
البلد الذي يبلغ عدد سكانه حوالي 6 ملايين نسمة يعاني من أزمة اقتصادية أدت إلى فقر ثلاثة أرباع سكانه. وكانت صوامع تخزين القمح الرئيسة قد دُمرت في انفجار ميناء بيروت في عام 2020، لذلك تقع احتياطياتها من الحبوب بالكامل في صوامع المطاحن الخاصة.
ويواصل الاقتصاد اللبناني انكماشه، وفقدت عملته 90٪ من قيمتها منذ عام 2019، ويقول برنامج الغذاء العالمي إن أسعار المواد الغذائية المحلية من بين أعلى الأسعار في العالم.
في غضون ذلك، تعد باكستان نقطة مضيئة. كانت مستوردًا رئيسًا للقمح الأوكراني، لكن هذا العام سجلت أعلى إنتاج محلي منذ عقد على الرغم من الفيضانات الكارثية في عام 2022. ويُعزى المحصول الوفير إلى توفير البذور وغيرها من المساعدات للمزارعين.
ولا تزال الحكومة تدعو إلى استعادة صفقة الحبوب لضمان الأمن الغذائي العالمي وتجنب ارتفاع الأسعار. وتضررت باكستان، التي يحصل اقتصادها المتعثر على خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار، بشدة عندما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بعد الغزو الروسي.