بالورقة والقلم – نشأت الديهي – حلقة الأربعاء 02-08-2023
التاريخ : الخميس 03 أغسطس 2023 . القسم : أمني وعسكري
مضامين الفقرة الأولى: القضية الفلسطينية
تساءل الإعلامي نشأت الديهي: «هل عادت القضية الفلسطينية مجددًا على الساحة بعدما قد توارت عن الأنظار بعد الربيع العربي وظهور قضايا أخرى على الساحة؟». وذكر أن عودة القضية الفلسطينية إلى بؤرة الاهتمام العربي ظاهرة إيجابية، مبينًا أن العودة كانت من أجل المصالحة الفلسطينية بين عناصر المقاومة والسلطة الفلسطينية من أجل التوحد لإيقاف التناحر والتنابز بنين الفلسطينيين. وشدد على أنه لا يمكن قراءة المشهد الفلسطيني بعيدًا عن الوضع الداخلي الإسرائيلي وما يحدث فيه من صراعات بدأت منذ وصول اليمين المتطرف إلى سدة الحكم، والتظاهرات الإسرائيلية.
قال الدكتور عبد المنعم سعيد، عضو مجلس الشيوخ، إن الجانب الفلسطيني سئم من المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي بسبب حالات الاستيطان والاعتداءات المستمرة، ولذلك بدأت تعود عمليات المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي. وأضاف أن وجهة النظر الإسرائيلية للقضية الفلسطينية بدأت تعود مرة أخرى إلى رؤية 1948، حيث تريد إسرائيل إنشاء دولتها من نهر الأردن إلى البحر المتوسط، وبمنطق "الجلوس في المنزل"، مشيرًا إلى أن هناك خلافًا كبيرًا في إسرائيل في الوقت الحالي حول القضية الفلسطينية. وأشار إلى أن الانقسام الفلسطيني-الفلسطيني ليس انقسامًا بين فتح وحماس، أو بين قومية وطنية وأيديولوجية دينية، ولكنه انقسام قائم على خلاف أساسي حول الاستراتيجية الوطنية. وأضاف أن الأهداف واحدة وهي تحرير الأراضي الفلسطينية، وإقامة الدولة، ولكن طريقة تنفيذ هذه الأهداف تؤدي إلى حدوث بعض الخلافات والانقسامات بين الفصائل الفلسطينية.
ولفت إلى أن مصر أجرت العديد من محاولات المصالحة، وبعض الدول الأخرى مثل السعودية والجزائر وقطر وتركيا، ولكن العلاقات الفلسطينية المصرية هي خاصة بحكم كثير من الأمور، وهذا يرشح القاهرة للعب دور بارز في إتمام المصالحة. وذكر أن استضافة مدينة العلمين الجديدة المصالحة الأخيرة لها رمزية، وتعنى أن بناء الدولة يستلزم جهودًا كبيرة. ولفت إلى أن المنعطف الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني سيكون غاشمًا ومن الصعب مواجهته، ما دعا أمريكا إلى تعزيز التطبيع السعودي الإسرائيلي.
وأشار إلى ضرورة احتكار الدولة الفلسطينية للسلاح وألا يكون منتشرًا في أيدي المقاومة، مستدلًا بأنه كلما كانت هناك محاولة للاتفاق بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي تعمل على حركة حماس على نسفه عبر العمليات العسكرية، لافتًا إلى أن حال حدوث عملية عسكرية يجب أن يكون هدفها استراتيجي وسياسي، مبينًا أنه حدث ما أسماه "تطعيم ضد النار"، بما يعني أنه حال حدوث تصعيد عسكري غاشم تصدر الإدانات ثم تنخفض وتيرة التصعيد، ثم يبدأ الحديث عن البطولات العسكرية للمقاومين، وذلك دون أي تقدم في القضية.
وقال الدكتور محمد كمال، أستاذ العلوم السياسية، إن القضية الفلسطينية تواجه تحديًا كبيرًا على المستوى الدولي والإقليمي، في ظل الظروف الدولية الصعبة، مشيرًا إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بادين هي امتداد لإدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، ولديها نفس الرؤية القديمة للتعامل مع هذه القضية، وتسعى هذه الإدارة في الوقت الحالي إلى عدم حدوث تصعيد يؤثر في استقرار الإقليم، وتشجيع عمليات التطبيع بين تل أبيب والدول العربية. واستبعد أن تسعى الإدارة الأمريكية إلى حل القضية الفلسطينية، كما أن روسيا والصين ليس لديهما القدرة على أداء دور الوسيط بين فلسطين وإسرائيل في ظل تأزم الوضع العالمي.
وأشار إلى أن الدول العربية خلال السنوات الأخيرة بدأت تنظر إلى الداخل، وبدأ منطق الدولة والمصلحة الوطنية هو السائد، خاصة بعد أحداث الربيع العربي، في ظل ظهور تحديات تواجه الدول العربية مثل الإرهاب، والتوغل الإيراني والدور التركي المتزايد. ولفت إلى أن الأجيال الشابة لم تعد تهتم بالقضية الفلسطينية بصورة مماثلة للسابق، وهذا يعني أن هذه القضية لم تعد محل ضغط من الرأي العام والشارع على الدول العربية.
ولفت إلى أن الداخل الإسرائيلي تغير تمامًا عما كان منذ 15 عامًا لأنه حتى أصبح اليمين المتطرف العنصري أصبح لها السيطرة، مبينًا أن هذه الحكومة اليمنية مثل "دراكولا مصاص الدماء"، مشيرًا إلى أن هذه الحكومة الإسرائيلية تعيش على دماء الفلسطينيين والاعتداء على منازلهم. وبيَّن أن هذه الدلالات تفرض رؤية مغايرة للتعامل مع القضية الفلسطينية. ونوّه بضرورة أن يكون هناك اهتمام على كيفية إدارة الصراع وليس حل الصراع، لا سيما أن الأمور قد تنفجر في أي لحظة.
وقال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إنه لم يكن متفائلًا بالجولة الحالية من المفاوضات بين الفصائل الفلسطينية التي تُجرى في مدينة العلمين، خاصة أن رؤية الرئيس محمود عباس تتمثل في إعداد حكومة وحدة وطنية، ووجود سلاح واحد في فلسطين، لأن "أبو مازن" يخشى تكرار ما حدث في قطاع غزة عام 2007. وأضاف أن تنفيذ شروط محمود عباس صعب تقبلها من الفصائل الفلسطينية، ولذا حاولت القاهرة الوصول إلى تفاهمات وسط مثل إعداد حكومة تكنوقراط، بدلًا من حكومة وطنية.
ونوّه بأن حماس لن تقدم تنازلات مجانية للاحتلال الإسرائيلي، رغم إمكانية وجود قنوات اتصال بين الجانبين، على حد زعمه. وعقب المذيع بأن هذا لا ينفي وجود تفاهمات واضحة بين حماس وتل أبيب.
وأكمل بأنه لا نستطيع أن يقول إن غزة تدار بدون التواصل مع إسرائيل؛ قائلًًا: «نحصل على الرقم القومي من إسرائيل وعندما يصدر الشاب بطاقة هوية يجب أن تصل إلى إسرائيل وكذلك جواز السفر، لذلك أنت مرتبط بحبل سُري مع إسرائيل شئت أم أبيت».
وأوضح أن مصر استشرفت الخطر عام 2005 واستدعت كل الفصائل ومارست ضغوط لتشكيل كيان قيادي لمنظمة التحرير يمثل كل الفصائل والجميع وافقوا على ذلك ولكن الاتفاق أفسد؛ وكانت هذه التجربة الخط الرئيسي لإنهاء الانقسام. ولفت إلى أنه بعد انقلاب 2007 عادت محاولات القاهرة للتوصل على ورقة تفاهمات؛ وقعت فتح عام 2009 وحماس وقعت عام 2011 بعد أن اعتقدت أن الأوضاع في مصر تغيرت، بينما من عام 2011 إلى عام 2016 كان موجود الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في السلطة بعد تعثر هيلاري كلينتون في الوصول إلى السلطة.
ولفت إلى أن مصر استشرفت الخطر قبل أن يأتي الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ما دعاها إلى دعوة الفصائل الفلسطينية إلى الحضور للقاهرة لإنهاء الانقسام، وجرى الاتفاق على بدأ تنفيذ اتفاق المصالحة الفلسطينية، وعندما جاء "ترامب" أفشلت الجهود المصرية مرة أخرى التي كانت تسعى إلى توحيد السلطة في قطاع غزة والضفة الغربية.
وأكد الدكتور جهاد الحرازين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أن القضية الفلسطينية اكتسبت زخمًا دوليًا كبيرًا بعد ظهور الربيع العربي، في عام 2012، واستطاعت أن تحصل على عضوية مؤقتة في الأمم المتحدة، ورُفع علم فلسطين. ولفت إلى أن ذلك لا ينفي وجود سياسة الكيل بمكيالين من الجانب الغربي، منوهًا بأن هنام مسارات قانونية ودبلوماسية تقوم بها القيادة الفلسطينية من أجل الاعتراف بالاحتلال إسرائيل، واستصدار قرار من محكمة العدل الدولية يدين جرائم وانتهاكات الجانب الإسرائيلي، لافتًا إلى وجود 44 دولة مؤيدة للموقف الفلسطيني بينما 11 دولة ضده، متوقعًا أن يكون هناك رأيًا استشاريًا حتى منتصف عام 2024 يؤكد أن سياسات إسرائيلية مدانة، بما يتسبب في وجود مُتغير دولي جديد.
ولفتت إلى أن الانقسام بين الفصائل الفلسطينية جاء عبر قرار إقليمي وليس عبر قرار فلسطيني داخلي، مستشهدًا بخطط كونداليزا رايس في تنفيذ خطة الفوضى الخلاقة في الإقليم، وتسببه في تبوأ تنظيم الإخوان المنطقة العربية. واستدل في ذلك باستمرار نقل حقائب ممتلئة بالدولارات من مطار بن غوريون إلى قطاع غزة وتُسلم إلى حماس من أجل تعزيز الانقسام الفلسطيني، حتى قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: «لن أسمح بإنهاء الانقسام الفلسطيني»؛ لذلك وجدنا كلمة إسماعيل هنية رئيس حركة حماس لم تبد أية مرونة تجاه إنهاء الانقسام.
وثمَّن الدكتور جمال عبد الجواد، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية، إجراء جولة جديدة من المفاوضات بين الفصائل الفلسطينية في مدينة العلمين الجديدة، للتأكيد على عدم شرعية الانقسام، مشيرًا إلى أن هناك 21 محاولة لإنهاء الانقسام، ولم تنجح جميع هذه المحاولات.
وشدد على ضرورة عدم تعليق آمالًا كبيرة على تحقيق المصالحة الفلسطينية في ظل الواقع الراهن، مشيرًا إلى أن الانقسام الحالي في فلسطين حدث من قبل في ألمانيا، وكوريا، والانقسام عندما يحدث مُعزز بأيديولوجية، فلا ينتهي بصورة طواعية، مبينًا أن ألمانيا لم تتوحد إلا بعد حدوث زلزال كبير وهو انهيار الاتحاد السوفيتي. ولفت إلى أن المصالحة الفلسطينية لن تحدث قريبًا، ويجب بذل الجهد لإنهاء الانقسام بدون تعليق الآمال الكبيرة على تحقيق هذا الأمر في وقت قريبها الأمر، مشيرًا إلى أن تل أبيب لم تعد معنية بالمفاوضات، ولم تعد أيضًا حماس تقاوم الاحتلال، وتحولت إلى سلطة أمر واقع معنية بالحفاظ على الهدوء في قطاع غزة، وتسيير حياة الناس، مؤكدًا أن حماس لم تعد حركة مقاومة.