جيروزاليم بوست: إطلاق سراح باتريك زكي هل هو انتصار أم ستار دخان لحقوق الإنسان في مصر ؟
التاريخ : الخميس 10 أغسطس 2023 . القسم : سياسية
يناقش المراقبون ما إذا كان عفو مصر عن باحث محتجز يعني إصلاحًا حقيقيًا أم أنه مجرد محاولة لاسترضاء النقاد الدوليين.
نشرت صحيفة جيروزاليم بوست تقريرًا كتبته هانا ليفين في الأساس لموقع ميديا لاين حاولت فيه الإجابة على التساؤل المطروح حول نوايا مصر من الإفراج عن الباحث الحقوقي باتريك زكي: هل هو إصلاح حقيقي أم مجرد خطوة لتخفيف الانتقادات الدولية؟
تقول الكاتبة إن منظمات مختلفة تدق ناقوس الخطر بشأن أزمة حقوق الإنسان في مصر مع انتهاء ملحمة باحث حقوقي محتجز، مشيرة إلى أن مصر أصدرت عفوًا رئاسيًاعن الباحث باتريك زكي الشهر الماضي بعد قرابة عامين في الحجز الوقائي لاتهامة بجرائم «نشر أخبار كاذبة» و «التحريض على الاحتجاج».
انتهاكات جسيمة
وتنقل الكاتبة عن شيريدان كول، منسقة المناصرة في مشروع ديمقراطية الشرق الأوسط، قولها: «قضية باتريك هي رمز لعدد كبير من الانتهاكات الحقوقية الجسيمة التي لا يزال النظام المصري يمارسها على نطاق واسع حقًا. ويتضمن ذلك قيودًا قمعية على أنشطة الجهات والمنظمات المستقلة في المجتمع المدني، ونقصًا شبه مطلق للحرية الأكاديمية وحرية التعبير، واستهداف ومقاضاة النشطاء والمدافعين عن الحقوق من خلال قضاء تابع للنظام، والمشقة المستمرة التي تواجهها طوائف الأقليات».
وكان زكي، طالب دراسات عليا قبطي مصري يدرس في جامعة بولونيا بإيطاليا، قد سافر إلى مصر في فبراير 2020. ولدى وصوله المطار، ألقت السلطات المصرية القبض عليه لكتابته مقالًا في عام 2019 ينتقد معاملة مصر للأقلية القبطية.
وتلفت الكاتبة إلى أن المسيحيين الأقباط يشكلون حوالي 10٪ من سكان مصر، مشيرة إلى أن التمييز ضد الأقباط في مصر موثق جيدًا من الأمم المتحدة وكذلك من منظمات حقوقية عدة.
وبعد أن أمضى 22 شهرًا في الحبس الاحتياطي، حُكم على زكي بالسجن ثلاث سنوات. وفي اليوم التالي للحكم عليه، أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عفوًا عنه. وعاد إلى إيطاليا فور إطلاق سراحه.
تدهور مطرد ووحشي
وقال كلاوديو فرانكافيلا، حقوقي بارز في هيومن رايتس ووتش، إن اعتقال زكي كان جزءًا من «النمط الأوسع للقمع في مصر، والذي يهدف أساسًا إلى تصنيف كل من يُعتبر على صلة بجماعة الإخوان المسلمين، أو ناقدًا بأي شكل من الأشكال للحكومة، باعتباره ارهابيًا وتهديدًا للأمن القومي لمصر».
وقال فرانكافيلا: «ما يجري في مصر منذ الانقلاب، منذ تولي السيسي السلطة، يمثل تدهورًا مطردًا ووحشيًا في وضع حقوق الإنسان في البلاد».
منذ وصول السيسي إلى السلطة في 2014، اعتقلت السلطات أكثر من 60 ألف من السجناء السياسيين، وفقًا لجماعات حقوق الإنسان المحلية والدولية. ويمكن احتجاز هؤلاء السجناء رهن المحاكمة لمدة تصل إلى سنتين ويتعرضون للتعذيب البدني والنفسي.
وقالت كول: «هؤلاء أفراد محتجزون لممارستهم حرية التعبير، وحرية التجمع، وأشياء أساسية حقًا، وما كان عليهم أبدًا قضاء يوم من حياتهم خلف القضبان».
نفت الحكومة المصرية مزاعم التعذيب المنهجي. في الأسبوع الماضي فقط، شبهت مشيرة خطاب، التي تشغل منصب رئيسة مؤسسة حقوق الإنسان شبه الحكومية في مصر، مجمع سجون مصري بفندق خمس نجوم.
ثقب أسود
وأضافت كول أن جهود مصر المزعومة في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك لجنة العفو الرئاسية، يجب أن تُقر الولايات المتحدة والحكومات الأخرى أنها «واجهة لتبييض انتهاكات النظام لحقوق الإنسان على المسرح الدولي».
ولفتت الكاتبة إلى أن اعتقال زكي أثار دعوة دولية واسعة النطاق للإفراج عنه، خاصة من الحكومتين الإيطالية والأمريكية. وتوترت العلاقات بين مصر وإيطاليا منذ تعذيب وقتل طالب الدكتوراه الإيطالي جوليو ريجيني عام 2016 في مصر. ونفى مسؤولون مصريون أن تكون البلاد قد لعبت أي دور في وفاة ريجيني.
ووصف فرانكافيلا مصر بأنها «ثقب أسود لحقوق الإنسان» ووصف رد المجتمع الدولي على انتهاكات حقوق الإنسان المختلفة في مصر بأنه «يستحق اللوم».
وقال فرانكافيلا: «إنها حقًا حالة نفاق من الشركاء الغربيين لمصر، الذين اتخذوا نهجًا قصير النظر للغاية للاستقرار على حساب حياة وحريات الكثير من الناس في مصر»، مضيفًا أن هذا «شجع النظام وسمح له بالازدهار».
الضغط الدولي
من ناحية أخرى، قالت كول إن عفو زكي يشير إلى أن الضغط الدولي قد ينجح في تغيير معاملة مصر للمعتقلين وكذلك نهجها تجاه حقوق الإنسان بشكل عام.
وقالت إن «سرعة الإفراج عن زكي تظهر فعالية هذا النوع من الضغط المستمر والموجه والمنسق على الحكومة المصرية بشأن حقوق الإنسان من حانب الحكومات الشريكة ومنظمات المجتمع المدني»، مضيفة أنها تعتقد «أن حالة زكي تذكير مهم بأن هذا النوع من المناصرة العنيدة يمكن أن يؤدي إلى نتائج ويؤثر على القمع المستمر في البلاد»، حسب ما تختم الكاتبة.