المشهد يناقش تشكيل العالم الجديد ودور الإعلام في الصراع الحالي بين الدول

التاريخ : الخميس 17 أغسطس 2023 . القسم : سياسية

مضامين الفقرة الأولى: تشكيل العالم الجديد

أشار الإعلامي نشأت الديهي إلى أن هناك عالم متعدد الأقطاب يتشكل الآن في ظل صراع أمريكي صيني، تزامنًا مع الحرب الروسية الأوكرانية، وعلى الجانب الإفريقي هناك صراع دولي وإقليمي في القارة الإفريقية. وأكد أن الصراعات الدائرة الآن من أجل التموضع الجديد للدول، وإبرام التحالفات الجديدة، مبينًا أن صداقات الدول تغيرت إذ من كان صديقًا بالأمس صار عدوًا اليوم. وأكد أن حالة اللايقين هي سمة الأجواء السياسية الحالية. وشدد على أن الحرب الدائرة الآن ليس حرب بنادق فقط، بل أصبحت حرب إعلام، وقوى ناعمة.

وقال المفكر عبد المنعم سعيد، عضو مجلس الشيوخ، إن هناك حربًا حقيقية بين معسكرين أساسيين في العالم، تشارك فيها أجهزة المخابرات الدولية المختلفة. وأضاف أن هناك ثروة معلوماتية صعب استيعابها في ظل تشكيل عالم جديد. وأكد أن العالم في نقطة ضاغطة حتى أنه لم يتصور أحد يومًا بحدوث صراع في أفقر دول القارة الإفريقية مثل انقلاب النيجر. وأكد أن مصر كانت تنادي منذ عام 1952 بتحرير العالم العربي والقارة الإفريقية، مبينًا أن مصر ما زالت تنادي بهذه المبادئ في ظل حالة الاضطراب الذي يعيشه العالم.

وقال الدكتور محمد كمال أستاذ العلوم السياسية، إن العالم يمر بلحظة فارقة في تاريخه تشابه ما بعد الحرب العالمية الأولى والثانية، ستؤدي إلى إعادة هيكلة النظام الدولي. وأكد أن هناك تراجع للنظام الليبرالي العالمي كمؤسسات ودول وقيم، حتى ظهرت أفكارًا مناهضة شعبوية، حتى ظهر ما يُسمى بتقديم الاستفتاءات الشعبية بدلًا من الانتظار لمدة سنوات من أجل الانتخاب. ولفت إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية التي تقود النظام الليبرالي تراجعت عن قيادة العالم ودخلت مرحلة الانعزال بسبب مشكلات داخلية، ما تسبب في ظهور قوة اقتصادية جديدة مثل الصين. 

وأشار إلى أن الصين قوة اقتصادية وتقدم نموذجًا سياسيًا ناجحًا مختلفًا، من حيث قدرة بكين على تحقيق التنمية على الأرض في الاقتصاد والتأمين الصحي؛ استنادًا إلى آليات معينة تختلف عن آليات الغرب. وتابع بأن الصين بدأت تنشئ مؤسسات دولية بالتعاون مع دول أخرى، لكي تكون بديلة عن المؤسسات الموجودة في النظام الليبرالي، حيث يقدم بنك التنمية المرتبط بالصين قروضًا، شبيهة بالقروض المقدمة من البنك الدولي. وذكر أن قمة "البريكس" التي ستنعقد الشهر المقبل ستكون هامة جدًا في طرح بديل للنظام الحالي، من خلال طرح عملة بديلة للدولار المهيمن على الاقتصاد العالي، في ظل وجود معارضة، ورفض كبير لهيمنة الدولار على العالم.

ولفت إلى أن العلاقة بين الولايات المتحدة والصين تحتوي على جانب تنافسي كبير، ولكن ما زالت تحتوي على جانب تعاوني غير محدود، مشيرًا إلى أنه لا توجد حرب باردة بين بكين ونيويورك على غرار الحرب التي حدث سابقًا بين أمريكا والاتحاد السوفيتي. وشدد على ضرورة تماسك البناء الداخلي للدولة المصرية، لمواجهة ما يحدث من تغيرات في العالم الدولي.

وقال الدكتور حلمي النمنم، وزير الثقافة الأسبق، إن مصر ليست دولة منعزلة عن التفاعلات الإقليمية والدولية، بحكم موقعها المتميز في الإقليم، وبحكم وجود قناة السويس، وبحكم العلاقات المصرية الإسرائيلية، خلال السيطرة المصرية على البحر الأحمر. وتابع بأن مصر من الضروري أن تكون دولة قوية، حتى لا تُداس في ظل التغيرات الإقليمية والدولية، مشيرًا إلى أن الليبرالية الدولية في حاجة إلى تطوير خلال المرحلة المقبلة، مبينًا أن فكرة فرض الولايات المتحدة الليبرالية على العالم، وإسقاط نظام سياسي مثل صدام حسين، لم يعد مقبولًا الآن، خاصة أن هناك كثير من النماذج الناجحة بعيدًا عن الليبرالية مثل النموذج الصيني.

وتابع أن إيران متهمة اليوم بإمداد روسيا بالطائرات المسيرة لضرب أوكرانيا، وتعميق العلاقات مع بكين، وفي نفس الوقت تتفاوض مع أمريكا للإفراج عن بعض المحتجزين مع الولايات المتحدة مقابل الإفراج عن بعض الأموال الإيرانية المحتجزة في الولايات المتحدة البالغة 6 مليار دولار. ورأى أن قطع مصر علاقاتها مع أي دولة في العالم لا يحبذ سياسيًا، مستدلًا بأن هزيمة مصر في عام 1967 كان بسبب إعلان مصر انحيازها المطلق للاتحاد السوفيتي بعد اغتيال الرئيس الأمريكي جون كيندي.

وذكر أن هناك وصفة جديدة لإنهاء الدول وهي تفجير البلاد وتفخيخها من الداخل وعبر مواطنيها، مستدلًا بما يحدث في الملف السوداني والفلسطيني والليبي. وأكد أن مصر تمتلك مشروعًا وطنيًا يحتاج إلى تقويته حتى لا تظهر جيوب تنخر في الدولة.

وقال العميد خالد عكاشة، مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن الأطراف الدولية منشغلة بالأزمة الروسية الأوكرانية، وهذا يؤثر على دورها في بعض القضايا الإقليمية مثل انقلاب النيجر. وتابع يأن الولايات المتحدة مهمومة الآن بما يحدث في الحرب الروسية، وما يحدث من تغيرات دولية في النظام العالمي، مما يجعلها تقوم بإعداد نشر قوتها العسكرية في العالم. ولفت إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت تتراجع عن كثير من الملفات، وهذا واضح في إعلان أمريكا مغادرة الشرق الأوسط، للتواجد بشكل أكبر في الشرق الأقصى، لمجابهة الهيمنة الصينية في هذه المنطقة.

وأضاف أن خروج أمريكا من أفغانستان حدث بسبب إرهاق القوات الأمريكية، وهذا جعلها تخرج من هذه البلد بصورة ليست جيدة، رغم وجودها لمدة 20 عامًا. وذكر أن هذا ينطبق أيضًا على فرنسا وخروجها من القارة الإفريقية. وأكد أن الدول الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية لم تنتبه إلى تعاظم نفوذ المليشيات الإرهابية. وذكر أن كلمة السر في الانتخابات الأمريكية المقبلة ستكون إعادة تموضع واشنطن في الشرق الأوسط بعدما تركت الإدارة الحالية هذه المنطقة نهبًا للنفوذ الروسي والصيني.

وأكد النائب عماد الدين حسين عضو مجلس الشيوخ أن الولايات المتحدة الأمريكية هي المستفيد الأول من الحرب الروسية الأوكرانية التي اندلعت منذ أكثر من عام ونصف. وقال إن بعض الصحفيين الأوروبيين يقولون إن بلادهم الضحية الأولى للحرب الروسية الأوكرانية بعد أوكرانيا وأن الفائز الأول من الحرب هي الولايات المتحدة. وأضاف أنه بعد الحرب توقفت أوروبا عن استيراد الغاز الروسي وفرض عليها أعنف عقوبات في التاريخ وتبيع الولايات المتحدة النفط والغاز لأوروبا بأسعار مرتفعة وأصبح هناك طلب على الأسلحة الامريكية؛ لأن الأوروبيين اكتشفوا أنهم كانوا معتمدين على الجيش الأمريكي والامريكيين أخبروهم أنهم يحتاجون إلى المال في مقابل ذلك.

وتابع بأن الاقتصاد الأوروبي بدأ يتراجع وأوروبا تكتشف أنها عاجزة وتعززت القوة الأمريكية أكثر بعد أن كان البعض يتحدث عن موت إكلينيكي لحلف شمال الاطلنطي. وذكر أن الروس قالوا إن وزير الخارجية الأمريكي السابق أخبرهم أن حلف شمال الأطلنطي لن يتمدد بوصة واحدة، ولكنهم شعروا بالإهانة لأن كل ما قيل لهم قد جرى نقده، والحلف أصبح يحيط بروسيا بالكامل.

وذكر أن الولايات المتحدة هي المستفيد الأكبر من الحرب، وتحاول جر الصين إلى المواجهة بكل الطرق، مبينًا أن الصين تتميز بهدوء استراتيجي كبير للغاية ولا تريد أن تنجر إلى معركة لا تختار مكانها أو زمنها، لافتًا إلى أن الصين تتميز بهدوء وصبر يدرس ومصالحها التجارية موجودة مع الغرب وميزانها التجاري مع الولايات المتحدة 800 مليار دولار، ومع أوروبا 600 مليار دولار، ومع روسيا 120 مليار دولار.

وذكر أن المستفيد الأول من الحرب بعد الولايات المتحدة هو الصين أيضًا، منوهًا بأن الحديث حاليًا عمن يربح الهند أم الصين أم الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أنه لو قررت الهند التحالف مع قوة دون الأخرى قد يكون المرجح للفائز في الصراع. وبيَّن أن هناك بوادر تحرك عقلاني شاهدناه من السعودية والإمارات في سياستها الخارجية حيث كان تاريخيِا ينظر إليهما على أنهما تابعان للولايات المتحدة ولكن حاليًا أصبح لديهم علاقات قوية مع الدول الأخرى مثل الصين، مشددًا على أن القضية أصبحت ما هي الأوراق الموجودة بيدك لكي تحصل على مصالحك؟

وقال الدكتور ياسر عبد العزيز الخبير الإعلامي، إن جوزيف ناي بروفيسور العلوم السياسية في جامعة هارفارد، إن الحروب تكسب في العقول ووسائل الإعلام. وأكد أن هناك مصطلح يسمى الحكم بوسائل الإعلام عن طريق تقديم البروباجندا الإعلامية حولها رغم مساوئ الحكم من عدم تقديم صناعة وتنمية حقيقية. وذكر أن هناك بعض النخب والقادة السياسيين يؤمنوا بهذا النوع من الحكم، مستدركًا أن هناك دولًا تغيرت في أنظمة الحكم لكنها تسيطر سيطرة كاملة على الإعلام مثل تونس وسوريا والسودان. ولفت إلى أنه رغم تباين وجهات النظر حول تأثير الإعلام في الدول إلا أنه يؤيد مقولة أيمن الظواهري لأبي مصعب الزرقاوي في إحدى رسائله حينما قال الأول للثاني إن نصف المعركة في الإعلام. ولفت إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قال في إحدى تصريحاته إنه لولا تويتر لم يصبح رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية. وذكر أن هناك بعض الدول بات لديها سيادة رقمية مثل إيران وروسيا، حتى أنه روسيا أعادت تعريف الإنترنت مجددًا بعدما أصبح شبكة عنكبوتية تستطيع أن تصل إلى كل مكان في العالم، مشيرًا إلى أن موسكو عملت على أن تعزل سيادتها الرقمية عن العالم.

وقال إن هناك ألعابًا إعلامية تُستخدم ضد مصر، مشددًا على ضرورة الاستثمار في الوسط الإعلامي الجديد ووسائل التواصل الاجتماعي لا سيما أنه بات سهل الاختراق، مبينًا أن مصر تحتاج إلى الوعي الثقافي والإعلامي، في ظل غياب إطار تشريعي متماسك ومواكب لحالة الاتصال الإعلامي الراهنة. واستدل بما أن مصر لم تستطع مواجهة التواصل الاجتماعي حتى وجدت أمامها ساحة جديدة للمعركة تُسمى الذكاء الاصطناعي، مؤكدًا أن مصر تُهزم هزائم منكرة في الوسط الإعلامي، وإدارة الأحداث والأزمات الإعلامية، مشددًا على أنه لا ينبغي أن تدير مصر أزماتها الإعلامية بالصمت والإرجاء أو عرض المعلومات غير الدقيقة.