سي إن إن: تقرير حقوقي يفيد أن مصر ناقشت خيارات أقل فتكًا قبل مقتل مئات المتظاهرين

التاريخ : السبت 19 أغسطس 2023 . القسم : سياسية

اهتمت شبكة سي إن إن الأمريكية بالتقرير الذي صدر عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية والذي كشفت فيه المنظمة الحقوقية أن هناك خيارات أقل فتكًا كانت مطروحة أمام الحكومة المصرية قبل فض رابعة في عام 2013.

ووفقًا للشبكة، وبعد عقد من مقتل مئات المصريين في يوم واحد عندما فرقت قوات الأمن اعتصامًا احتجاجيًا في القاهرة، زعم تقرير جديد أصدرته جماعة حقوقية تزامنًا مع ذكرى المذبحة أن السلطات ناقشت لكنها رفضت في النهاية خيارات أقل فتكًا لتفريق المظاهرة.

وشهدت مصر أحد أكثر أيامها دموية في 14 أغسطس 2013، عندما استخدمت قوات الأمن أسلحة آلية وناقلات جند مدرعة وجرافات لسحق اعتصام في ميدان رابعة العدوية بالقاهرة، حيث تجمع الآلاف من المصريين لأسابيع للاحتجاج على عزل الجيش الرئيس المنتخب ديمقراطيا محمد مرسي.

وقدرت الروايات الرسمية عدد القتلى بنحو 600 شخص، من بينهم عديد من أفراد قوات الأمن. وتعتقد جماعات حقوقية الإنسان أن الخسائر الحقيقية كانت أعلى من ذلك. واتهم المتظاهرون الدولة بتنفيذ مذبحة جماعية، فيما تزعم السلطات أن متظاهرين مدججين بالسلاح هاجموا الشرطة.

في أعقاب الواقعة الدامية، شُكلت لجنة وطنية للتحقيق في الاحتجاجات، بما في ذلك تفريق المتظاهرين ونتائجها المميتة. ونشرت اللجنة ملخصًا تنفيذيًا من 57 صفحة للنتائج التي توصلوا إليها في عام 2014، منها سبع صفحات فقط تناولت فض رابعة.

خيارات أقل فتكًا

وأشارت الشبكة إلى أن التقرير الكامل سُلم إلى عبد الفتاح السيسي، الجنرال السابق الذي أطاح بمرسي قبل أن يصبح رئيسًا. ومنذ ذلك الحين، لم تفرج حكومة السيسي عن التقرير.

في تقرير نُشر يوم الاثنين، قالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وهي جماعة حقوقية بارزة، إنها حصلت على النص الكامل للتحقيق، الذي تقول إنه يصل إلى أكثر من 700 صفحة، وأصدرت ما قالت إنها تفاصيل رئيسة حذفت في الملخص الذي نُشر قبل تسع سنوات. وقالت المبادرة في تقريرها إنها حصلت على النص «من مصدر موثوق به بشرط عدم الكشف عن هويته».

ومن بين التفاصيل أن قوات الأمن نظرت في خيارات متعددة حول كيفية فض الاعتصام، قبل أن تختار في النهاية استخدام القوة المميتة، وفقًا للتقرير.

وفي حين تضمن ملخص 2014 سطرًا واحدًا يقول إن الحكومة كان لديها «بدائل»، إلا أنه لم يحدد ماهية هذه البدائل أو يوضح النقاش بين قوات الأمن حول ما يجب القيام به.

وقال حسام بهجت، المدير التنفيذي للمبادرة المصرية، إن أهمية النص الكامل للتحقيق هي أنه يتضمن «نصوص شهادات الشهود» التي تظهر كيف قرر المسؤولون تفريق الاحتجاج.

وأوضح بهجت أن هذه هي المرة الأولى التي يكون لدينا فيها دليل رسمي، مضيفًا أن الوزارة نظرت في خيارين بالتفصيل، وسبب التخلي عنهما قبل العملية.

يستشهد تقرير المبادرة بشهادة تقول إن اللواء مدحت المنشاوي أدلى بها للجنة التحقيق، الذي ترأس عملية الفض وأصبح فيما بعد مساعد وزير الداخلية لقوات الأمن المركزي.

وقال المنشاوي للجنة إن السلطات ناقشت خيارات أقل فتكًا لفض الاعتصام، بما في ذلك قطع المياه والكهرباء، وكذلك محاصرة الميدان لمنع وصول الإمدادات الغذائية إلى المتظاهرين، بحسب التقرير..

لكن المنشاوي قال إن السلطات قررت أن هذه الخيارات كانت ستستغرق وقتا أطول لإنهاء الاحتجاجات وستؤدي إلى «إزعاج سكان المنطقة».

وقال المنشاوي لوسائل إعلام محلية في 2020 إن الخطة كانت لتفريق المظاهرة سلميا حتى بدأ المتظاهرون في مهاجمة قوات الأمن، لكنه لم يشر إلى الجدل داخل قوات الأمن حول الخيارات الأخرى المفصلة في تقرير المبادرة.

وذكر التحقيق أن «الحكومة كانت منقسمة بين تفريق التجمع بأي ثمن في فترة زمنية قصيرة، أو تفريقه بتكلفة أقل ولكن على مدى فترة زمنية أطول».

وبحسب تقرير المبادرة، قال المحققون في ذلك الوقت أيضًا إن «الإدارة المصرية كانت مخطئة أيضًا في سياستها المتمثلة في تفريق الاعتصام».

سلمية المتظاهرين

ولفتت الشبكة إلى أنها تواصلت مع وزارة الداخلية للتعليق على تقرير المبادرة.

كما تتعارض التفاصيل الواردة في تقرير المبادرة مع ملخص 2014، الذي قال إن الاعتصام «لم يكن سلميًا لا قبل ولا أثناء الفض»، حتى لو «بدأ على هذا النحو».

وقال تقرير المبادرة نقلًاعن التحقيق إن «العدد الأكبر من ضحايا رابعة كانوا من المدنيين الأبرياء الذين كانوا على الأرجح متظاهرين سلميين». واضاف ان «الذين حملوا السلاح وارهبوا المواطنين تمكنوا من الفرار من ميدان رابعة».

وبحسب المبادرة، يقول التقرير أيضًا إن قوات الأمن استخدمت الذخيرة الحية بطريقة «عشوائية وغير مناسبة»، وأنه لا يوجد «ممر آمن» يسمح بخروج أولئك الذين يرغبون في مغادرة الميدان بأمان وسط التفريق.

البحث عن المساءلة

بعد عقد من الزمان، لم تجري محاكمة أي من أفراد قوات الأمن المصرية، على الرغم من أن الملخص الذي صدر في عام 2014 خلص إلى أن المسؤولية عن الوفيات تقع على عاتق قادة الاعتصام وقوات الأمن. لكن في عام 2018، أصدرت محكمة مصرية 75 حكماً بالإعدام في محاكمة جماعية للمشاركة في الاحتجاجات بعد الإطاحة بمرسي. في عام 2021، أيدت محكمة النقض المصرية العشرات من تلك الأحكام.

وقالت منظمة العفو الدولية يوم الاثنين قف==في تقرير بعنوان «عقد من العار» في مصر، إن الذكرى السنوية العاشرة لمذبحة رابعة هي تذكير صارخ بكيفية تمكين الإفلات من العقاب على القتل الجماعي لأكثر من 900 شخص في هجوم شامل على المعارضة السلمية، وغياب أي ضمانات للمحاكمة العادلة في نظام العدالة الجنائية، وقسوة لا توصف في السجون على مدى العقد الماضي.

من جانبها، قالت هيومن رايتس ووتش في بيانها الخاص يوم الاثنين إن «السلطات المصرية فشلت منذ عقد في محاسبة أي شخص على أكبر عملية قتل جماعي في تاريخ مصر الحديث» ووصفت التفريق بأنه «جريمة محتملة ضد الإنسانية».

ويشير تقرير المبادرة إلى أن من بين التوصيات المقدمة إلى الرئاسة أنه «يجب إعادة فتح الملف» وأن الناجين والشهود الرسميين بحاجة إلى استدعاء لإجراء تحقيق قضائي.

وقال تقرير المبادرة نقلا عن التوصيات «هذا الجرح وجميع ضحاياه بحاجة إلى الإصلاح».

ولم يرد المركز الصحفي الحكومي المصري على طلب سي إن إن للتعليق على التقرير.

وردًا على سؤال حول الذكرى السنوية للمذبحة، قال متحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة في مؤتمر صحفي يوم الاثنين إنه لا يوجد شيء يضاف إلى ما قالته الأمم المتحدة في ذلك الوقت، ولكن «من حيث المبدأ، هناك دائما ضرورة للمساءلة».

وقال بهجت إن «من الواضح أنه ليس لدينا سبب لتوقع إعادة الإدارة المصرية الحالية فتح تحقيق، لأنهم لم يفعلوا ذلك خلال السنوات الـ 10 الماضية»، مضيفًا أن السلطات «قامت بحماية الجناة» أثناء محاكمة الناجين.

وقال بهجت إن الخيارين الواقعيين الوحيدين للمساءلة هما إما تغيير الوضع السياسي أو رفع القضية إلى محكمة دولية.

وقال «هذه جرائم تخضع للولاية القضائية العالمية في المحاكم الدولية حول العالم».