المونيتور: روسيا تسعى لإنشاء منطقة تجارة حرة في شمال إفريقيا في ظل العقوبات الغربية

التاريخ : الأحد 20 أغسطس 2023 . القسم : ترجمات

نشر موقع المونيتور تقريرًا للكاتب جاك داتون يسلط فيه الضوء على سعي روسيا لإنشاء منطقة تجارة حرة مع أربع دول من شمال إفريقيا هي مصر والتونس والجزائر والمغرب. 

ووفقًا للموقع الأمريكي، فبعد أيام قليلة من استضافة القمة الروسية الأفريقية الثانية في سانت بطرسبرغ في نهاية يوليو، دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى اجتماع لمجلس الوزراء.

وقال في ذلك الاجتماع إن روسيا وأربع دول في شمال إفريقيا - الجزائر ومصر والمغرب وتونس - تعمل على إنشاء منطقة تجارة حرة سيجري دمجها في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، وهو كتلة اقتصادية تضم روسيا وأرمينيا وبيلاروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان.

ولفت الموقع إلى أن تجارة روسيا مع إفريقيا منخفضة وتتركز بشكل كبير في أربع دول: مصر والجزائر والمغرب وجنوب إفريقيا العضو في مجموعة البريكس. في عام 2022، بلغت التجارة الروسية الأفريقية 18 مليار دولار، بما في ذلك 4.7 مليار دولار من المواد الغذائية. هذا المبلغ يتضاءل أمام 282 مليار دولار المسجلة في ذلك العام بين الصين والدول الأفريقية.

لكن هناك إمكانية للنمو. على سبيل المثال، المغرب هو ثالث أكبر شريك تجاري لروسيا في المنطقة والتجارة بين البلدين آخذة في الارتفاع. وأفادت شركة أتالايار الإسبانية أنه من عام 2020 إلى عام 2021، ارتفعت التجارة بنسبة 42٪ لتصل إلى 1.6 مليار دولار. وزادت التجارة الثنائية بنسبة 25٪ منذ عام 2021، وهو اتجاه تقول وزارة الخارجية المغربية إنه استمر حتى الأشهر الأولى من عام 2023.

وأشار الموقع إلى أن العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي ودول أخرى في مجموعة السبع وأستراليا بسبب الحرب منعت 300 مليار يورو (326 مليار دولار) من احتياطيات البنك المركزي الروسي ، وتخضع 70٪ من الأصول في النظام المصرفي الروسي للعقوبات، وفقًا للمفوضية الأوروبية. ومع بدء تأثير العقوبات، تبحث روسيا في أماكن أخرى لتنمية اقتصادها.

وتقول انتصار فقير، الباحثة البارزة ومديرة برنامج شمال إفريقيا والساحل التابع لمعهد الشرق الأوسط، إنه من المنطقي أن ترغب دول شمال إفريقيا الأربع في توثيق العلاقات الروسية أيضًا.

الفوائد

ونقل الموقع عن سابينا هينيبيرج، الباحثة في معهد واشنطن، قولها إن تونس ومصر على وجه الخصوص ستستفيدان من منطقة التجارة الحرة مع روسيا لأنها ستسمح لهما باستيراد الحبوب والأسمدة الروسية بتكلفة أقل.

وقالت للمونيتور: «من الناحية المثالية، ستساعد هذه الاتفاقية أيضًا في تصحيح بعض الاختلالات التجارية بين روسيا والمنطقة، لأن مستويات التصدير الروسية إلى هذه الدول أعلى بكثير من الصادرات الجزائرية/التونسية/المصرية إلى روسيا».

وبحسب ما ورد تهدف الاتفاقية أيضًا إلى تضمين مجموعة من القطاعات بما في ذلك السياحة - وهو قطاع اقتصادي مهم في تونس ومصر وقطاع يجب أن تحاول الجزائر تعزيزه.  

ويعتقد جون ألترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أن اتفاقية التجارة الحرة مع روسيا لن تغير قواعد اللعبة لهذه البلدان الأفريقية، ولكنها ستوفر «بعض الفوائد الهامشية».

وقال للمونيتور: «من المفترض أن عزلة روسيا تعني أنها ستقدم سلعًا بشروط جذابة، وهذا يساعدهم. كلهم مستوردون رئيسون للمواد الغذائية وروسيا تنتج الحبوب وغيرها من المواد الأساسية».

بالإضافة إلى ذلك، فإنهم يشترون لأنفسهم بعض التفاهم مع روسيا، التي تؤثر إجراءات سياستها الخارجية في جميع أنحاء القارة الأفريقية على مصالحهم الوطنية.

في الواقع، تتمتع روسيا بنفوذ في جميع أنحاء إفريقيا، وكان تعزيز العلاقات في القارة جزءًا من الخطة قبل وقت طويل من غزو موسكو لجارتها العام الماضي. وينظر الكرملين إلى عديد من البلدان الأفريقية على أنها أماكن ذات إمكانات اقتصادية عالية، وقد كان هذا واضحًا نظرًا للوجود المتزايد لمجموعة فاغنر في القارة، على سبيل المثال. بالإضافة إلى كونها مجموعة مرتزقة، تدير مجموعة فاغنر أيضًا أعمالًا تجارية وتتهم بامتلاك حصص في مناجم الذهب واستغلال موارد طبيعية أخرى في إفريقيا.

تتمتع روسيا أيضًا بعلاقة استمرت عقودًا مع الجزائر ولها وجود قوي في ليبيا منذ سقوط الدكتاتور معمر القذافي في عام 2011.

وأشارت فقير إلى أنه لم ينجح أحد في جعل اقتصادات شمال إفريقيا أكثر تكاملاً والمتاجرة أكثر مع بعضها البعض.

وأضافت: «من منظور جيوسياسي بحت، إذا تمكنت روسيا من القيام بذلك، فهذا تأثير كبير يمكنهم تحقيقه في شمال إفريقيا».

وقال ديونيس سينوسا، محلل المخاطر السياسية والزميل الزائر في مركز دراسات أوروبا الشرقية، إن اتفاقيات التجارة الحرة تساعد في خلق ترابطات يمكن استغلالها على المدى الطويل لأغراض جيوسياسية.

وقال سينوسا للمونيتور: «روسيا مستعدة للتنافس على النفوذ الجيوسياسي في الجوار الشرقي للاتحاد الأوروبي في شمال إفريقيا بعد أن فقدت حصة كبيرة من الأهمية في أوروبا الشرقية».

وأضاف أن التجارة الحرة يمكن أن تكون جذابة لدول شمال إفريقيا التي تعتمد على واردات المنتجات الغذائية الزراعية.

وقال إن «الأمن الغذائي أصبح قضية ملحة بشكل متزايد بسبب تداعيات الحرب في أوكرانيا وبسبب عواقب تغير المناخ. وكلاهما تستغلهما روسيا حتى في سياق مبادرات التجارة الحرة الجديدة».

المخاطر

ويلفت الموقع إلى أن هناك خطر من أن يفرض الغرب عقوبات على هذه البلدان لدخولها في ترتيب تجارة حرة رسمي مع روسيا، بالنظر إلى غزوها لأوكرانيا. ومع ذلك، فإن الصفقات التجارية تستغرق وقتًا طويلاً حتى تتحقق. لكن فقير قالت إن أحد الإيجابيات هو أن هذا الأمر يجري التفاوض عليه من خلال شريك تعتبره الجزائر «فاعلًا متعاطفًا».

وقالت هينبيرج: «النفوذ الروسي عبر شمال إفريقيا متنوع. ومن الواضح أن لديها علاقات وثيقة بالفعل مع مصر والجزائر، ولكن على الرغم من أن مستويات التجارة مع المغرب مرتفعة نسبيًا مقارنة بالتجارة الروسية في أماكن أخرى من القارة، إلا أنها لا تملك النوع نفسه من الشراكة الاستراتيجية هناك كما تفعل الولايات المتحدة».

كما ترى الجزائر أن الولايات المتحدة حليف رئيس. وكان وزير الخارجية الجزائري في واشنطن الأسبوع الماضي يحاول تحفيز الاستثمار الأمريكي في بعض القطاعات نفسها حيث تسعى روسيا الآن إلى تعميق التجارة، مثل الطاقة والزراعة والأدوية.

وقالت هينيبرج: «توقيع اتفاقية اتفاقية التجارة الحرة مع موسكو قد يردع الاستثمار الأمريكي. ومع ذلك، هناك عائق آخر وهو العداء العميق بين الجزائر والمغرب بشأن الصحراء الغربية، والذي يمنع دول شمال إفريقيا منذ عقود من تعميق تكاملها الاقتصادي. ولا أستطيع أن أرى كيف سيجد هذان البلدان فائدة كافية من تشكيل اتفاقية تجارة حرة مع روسيا ليكونا على استعداد لتنحية خلافاتهما جانبًا».  

قالت هينبيرج إن روسيا ستستفيد سياسيًا من سياسات العمل الجماعي مع الدول التي لم تتمكن أبدًا من تشكيل اتحاد اقتصادي فيما بينها.

وقالت إن «موسكو تحاول أيضا تذكير العالم والولايات المتحدة بوجودها وأهميتها في إفريقيا، لذلك سيكون هذا تذكيرًا آخر من هذا القبيل».

وقالت فقير إنه من غير المرجح أن تنجح منطقة التجارة الحرة، لكن «إذا كان هناك من يستطيع القيام بذلك، بالنظر إلى فشل الآخرين، فربما كانت روسيا هي من يفعل ذلك».