الشاهد: رفعت سيد أحمد يدعي إعدام «عبد الناصر» لـ 9 من الإخوان فقط في عهده

التاريخ : الثلاثاء 22 أغسطس 2023 . القسم : سياسية

مضامين الفقرة الأولى: الإخوان

قال الدكتور رفعت سيد أحمد الباحث في شئون الحركات الإسلامية، إن بداية اهتمامه كراصد لحركة جماعة الإخوان بدأت منذ حادثة اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات، وكان قد أكمل جامعته عام 1979 بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، والتحق بالتجنيد. وأضاف أن ما حدث في 30 ثانية هزّ تاريخ مصر ولفت انتباهه آنذاك خلال فترة السبعينيات داخل الحرم الجامعي الذي شهد مظاهرات، مؤكدًا أن حادث الاغتيال كان مفصليًا لباحث في بدايته ولديه حث صحفي. وتابع بأن تلك التيارات كانت متحالفة مع هذا الحاكم وأخرجهم من السجون ونحن شهود على تلك المساحة التي أعطيت لهم قياسًا بالتيارات اليسارية التي كانوا ينسبون إليها، مؤكدًا أن هذا الحادث دفعه للقراءة منذ أول الثمانينيات وكان ضابطًا احتياطيًا بالقوات المسلحة بأكاديمية ناصر التي تعد معقلًا للكتب، حيث اندمج في القراءة عن تلك الحركات التي قتلت رئيس دولة.

وذكر أن حادث اغتيال الرئيس أنور السادات دفعه إلى الاهتمام بالتاريخ واعد رسالة ماجيستير في "الدين والدولة في فترة عبد الناصر"، وبالتحديد شق الصدام بين "عبد الناصر"، والإخوان في 1954 و1965. وأضاف أن الدكتور علي الدين هلال كان أستاذه وأحد دوافعه لقراءة التاريخ والبحث فيه، مؤكدًا أن هاجسه الأول كان لماذا وصل الإخوان لهذه النتيجة وكلما تحالفوا مع نظام انقلبوا عليه، لكن ناصر كان أسرع من السادات. وتابع بأنه خصص بعد ذلك رسالة الدكتوراه في التيارات الإسلامية في مصر وإيران، مشيرًا إلى أن هناك شباب كثر منهم عبود الزمر تأثروا بحادث الثورة الإسلامية في إيران، وكانت زلزالًا ضد حكم وكان لها تأثيرات على كل القوى، لكنهم تأثروا بها بطريقة أخرى "خائبة"، مبينًا أن الثورة كانت تحالف شيوعي إسلامي كبير، ثم انفرد الإسلاميين بالحكم.

وزعم بأن ثورة 30 يونيو، كانت ثورة على حسن البنا وتنظيمات الإخوان، وثورة على الاغتيالات بداية من أحمد الخازاندار، وأحمد ماهر، وثورة على استخدام العنف في الحكم. وأضاف أن 30 يونيو كانت ثورة على موروث كبير من كراهية الآخر واختطاف وطن تم وضعه داخل تنظيم وليس تنظيم في إطار وطن، كانت ثورة على المفاهيم وفلسفة الحكم وروحية الثأر والانتقام من الآخر المختلف معه.

وتابع بأنه قبل 30 يونيو بسبعة أيام في حادثة الكثير لا يتوقف أمامها وهي مقتل القيادي الشيعي حسن شحاته، في أبو النمرس في 23 يونيو 2013، وعشرات حرائق الكنائس بمصر واستخدام لغة وأسلوب مناهج الاقصاء ضدهم وصولًا إلى الصدام مع الإخوان.

وزعم بأن خروج الناس في 30 يونيو كان رفضًا لهذا الخيار التاريخي الذي كان مرسومًا وفقًا للإخوان بأن يستمروا 500 عام على الأقل في الحكم. وأضاف أنه كان يكتب في جريدة "الدستور" مقالًا يوميًا وقبل 30 يونيو كتب مقالًا بعنوان "عدى النهار"، وأسقط قصيدة عبد الرحمن الأبنودي التي صاغها عشية عام 1967، وقال إن الإخوان هم المغربية وأنه سيخرج نهار ونور الشعب قريبًا.وأكد أنه عشية هذا المقال تلقى تهديدًا من مدير مكتب الإرشاد، يقول له فيه: «نحن قاعدين 500 سنة وفكر قبل ما تقول».

وادعى أن التنظيم الخاص لجماعة الإخوان الذي جرى تدشينه خلال فترة الأربعينيات قام بأعمال عنف كثيرة بموافقة سياسية من إدارة مكتب الإرشاد آنذاك، لذا كانت الأحكام التي أصدرها الخازندار ضد تنظيم الجماعة كونه تنظيمًا يقوم بأعمال عنف من دوافع ليس أصلها الخلاف السياسي أو الاندفاع أو المجابهة بالفكر والإعلام، بل كانت تلك الأعمال من منطلق القتل العمدي. وأضاف أنه جرى قتل النقراشي باشا على أيدي هذا التنظيم بعدما أصدر قرارًا بحل جماعة الإخوان، فبدلًا من أن يلجأ التنظيم للقضاء قاموا بقتله واغتياله، لافتًا إلى أن هذا التنظيم ليس حزبًا، لكنه شكل سري للعمل في دولة، لهذا حل هذا التنظيم كان أمر حتمي، فالتنظيم غير خاضع لأي قانون من قوانين الوطن. وأضاف أن إزاحة الآخر المختلف في الرأي بالقتل فكرة تم تأسيسها على أيدي جماعة الإخوان.

وزعم بأن عنف الإخوان بدأ من النصف الثاني من الثلاثينات مع الجوالة، ومنها بعض الظواهر التي تبدو في ظاهرها خيرًا ولكن باطنها عنف. وأضاف أن جماعة الإخوان أنشأت التنظيم الخاص بها وقالوا إنه لمقاومة الاحتلال، والشاهد أن 90% من ضحاياه مصريين في مواقع مؤثرة مثل أحمد ماهر، والنقراشي باشا، وأحمد الخازندار، حتى هم مع بعضهم بتفجير الإخواني سيد فايز، بوضع القنابل له في حلوى المولد.

وزعم بأن الإخوان قاموا بالكثير من أعمال العنف بفترة حسن البنا، والذي كان يحمل أفكار عنف وتغيير بالقوة وليس بالديمقراطية، ومناورات سياسية شديدة المكر والدهاء. وأشار إلى أن المنشقين عن الإخوان في تركيا أكدوا أن حسن البنا كان داعيًا للعنف واستخدام القوة مع المخالف والمعترض فالقصة ليست بالصورة الوردية.

وادعى أن الإخوان كانوا يسيرون وفق منهج استخدام العنف ضد الآخر المصري والسياسي، وعدم استبدال هذا الخلاف بالحوار أو عن طريق اللجوء للقضاء، وهذه هي عقيدة الإخوان التي لمعت بذورها في كتابات الإخواني حسن البنا أواخر الثلاثينيات، ثم تم تأصيلها من خلال الفعل المسلح خلال فترة الأربعينيات، وبعد ذلك اكتملت هذه العقيدة في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. وأكد أن تحرير الحدث وقراءته قراءة موضوعية يشير إلى أن هناك أصابع وأدوار خارجية كان لها تأثير واضح في تأسيس جماعة الإخوان عن طريق التمويل، قائلًا: «نعلم جميعًا كمؤرخين، الدور البريطاني من خلال شركة التأسيس في قناة السويس في تمويل الإخوان بمبلغ تأسيسي ضخم، وهذه الأصابع البريطانية في تأسيس الجماعة ليست لوجه الله، وكان هدف التمويل البريطاني تفرقة الهلال والصليب».

وادعى أنّ جماعة الإخوان ضخمت دورها في حرب فلسطين 1948، فقد شاركت الجماعة بأعداد ولم تشارك في الحرب بشكل فردي، ولم تقاتل وحدها. وأضاف أنّ الحركات الوطنية المصرية والجيش المصري شاركا في حرب فلسطين، ومن بينها بعض شباب الجماعة، ولكن جعل الذي جرى في فلسطين كله كان من الإخوان ليس صحيحًا. وتابع بأن تضخيم دور الإخوان في الحرب كان من بين الأكاذيب التي كان هناك مبالغة في تصديرها وتقديمها للناس، مشددًا على أنها لم تكن حرب إخوان.

وشدد، على أن استخدام العنف ضد الآخر المصري والسياسي وعدم استبداله بالحوار والخلاف القانوني كان عقيدة بذرت بذورها في كتاب حسن البنا ونهاية الثلاثينيات وجرى تأصيلها من خلال الفعل المسلح في فترة الأربعينيات ثم اكتملت في زمن الرئيس جمال عبد الناصر.

وقال إن كثير من الدراسات التأريخية أشارت إلى أنه كان يوجد حركة مصرية كبيرة نتجت عن ثورة 1919 لإسقاط الخلافة العثمانية عام 1924 بكل مآسيها على الشعب المصري. وأكد أن الدولة المصرية عانت كثيرًا أثناء الخلافة العثمانية حيث كان التعداد السكاني أثناء هذه الخلافة في مصر يبلغ 9 ملابين في بداية الفترة وفي النهاية وصل التعداد السكاني لمصر 3 ملايين نتيجة التهجير بالقسوة، والقتل، وتفشي الأمراض، والفساد، ولهذا هذه الخلافة كانت شديدة القسوة على الشعب المصري، واستبدال هذا الحكم تحت وهم الخلافة الإسلامية كان يتطلب شكل شعبي يتقاطع مع دور بريطاني إنجليزي بقهر الحركة الوطنية فكان الإخوان هم الأداة التي سوف تعيد هذه الخلافة؛ لذا هذه الدعوة الإسلامية التي حملها تنظيم الإخوان كانت استجابة لمطالب إقليمية ودولية استعمارية. وأضاف أنه عندما بدأ التنظيم ممارسة أدواره السياسية وصدامه مع القوى الوطنية المختلفة كانت الجماعة متحالفة مع المستعمر.

وقال إنه من المؤكد تاريخيًا وليس بانحيازه الأيديولوجي المصري الوطني، أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر انفتح على الإخوان في بداية ثورته، وأعاد جماعة الإخوان التي تم حلها من قبل من خلال زيارة قبر حسن البنا، كما قدم لهم عروضًا وزارية في الحكومة التي كان سيتم تشكيلها بعد الثورة. وأكد أن جمال عبد الناصر لم يترك مساحة للاختلاف مع الإخوان، وكان يرى أن الاخوان ساندوا ثورة 23 يوليو 1952 ولو بالصمت، أو من خلال الحشد الجماهيري التابع لهم، ولكن في الحقيقة الكتلة المحركة الأساسية لهذه الثورة كان الجيش المصري والضباط الأحرار، إضافة إلى غضب الشارع المصرية آنذاك

وتابع: «بدأت الجماعة في الصدام بعد ثورة 23 يوليو 1952 من خلال جامعة القاهرة الطلابية، عن طريق رفض إعطاء أي منصب في الجهاز الوزاري سوى لعناصر إخوانية، أي أنه كانت هناك مطالبة كاملة من الإخوان بالسيطرة على الثورة».

وادعى بأن الإخوان بدأوا في التفاوض مع المستعمر الإنجليزي خلف ظهر النظام الجديد الحاكم، وكان المعلن أن التفاوض من أجل الجلاء ولكن في الحقيقة كان التفاوض من أجل الوصول للحكم، وهي نفس الفكرة التي تكررت في 30 يونيو. وأكد أن السبب الأساسي وراء حل الجماعة عام 1954 هو التخابر والتواصل مع الإنجليز.

وأضاف في حديثه، أن بيان الحل الذي تم إصداره في 14 يناير عام 1954 من قبل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر تضمن أكثر من عشرة أسباب لحل الجماعة، وكان من بين الأسباب فكرة تشكيل جيش موازي للجيش الوطني، والتفاوض مع المستعمر في الوقت الذي تكون فيه الدولة بحاجة إلى مساندة وطنية لتخطي الأزمة، وتأسيس روح العنف في الأجيال الصغيرة، وكانت البداية مع طلاب جامعة القاهرة.

وزعم بأن تدبير الإخوان لاغتيال الزعيم جمال عبد الناصر في حادث المنشية كان حقيقيًا، معقبًا: «لدي جلسات مع بعض قيادات الإخوان منهم عصام سلطان الذي يعتبر نسيب مرشد الإخوان آنذاك وهو الهضيبي، أكد خلالها أن حادثة المنشية حقيقية ومدبرة تمام التدبير». وأضاف أن استثمار النظام الناصري الجديد لحادثة المنشية يعتبر شيئًا طبيعيًا ومنطقيًا كما أنه يعتبر ذكاءً من النظام ويحسب له. وتابع بأن الزعيم جمال عبد الناصر تعرض للقتل خلال حادثة المنشية من قبل الإخوان، فكان من الطبيعي أن يجفف منابع هذا الفكر الذي قاد إلى حمل السلاح حتى لا يتكرر مرة أخرى.

ولفت إلى أن حادثة اغتيال المنشية في الإسكندرية جعلت نظام عبد الناصر أمام خيار شعبي، حيث استخدم العنف من قبل عناصر الإخوان في المناطق الشعبية آنذاك والجامعات دفعت الشعب إلى المطالبة بالوقوف لهذه الجماعة والتصدي لأفعالها. وأكد أن الإخوان بدأوا الصدام مع النظام قبل الثورة، وقرار الحل الذي تم إصداره من قبل جمال عبد الناصر سبقه مقدمات طويلة من الصراعات والالتفاف للتفاوض مع المستعمر. وتابع بأن النظام حاول خلق مساحة للتفاوض مع الإخوان، ولكن الإخوان عقيدتهم الاستقصاء الجسدي للمخالف، وبالتالي تمت محاولة اغتيال عبد الناصر في المنشية من قبل أحد التنظيمات.

واستطرد بأن التحقيقات التي أظهرت الجزء الأكبر منها في الموسوعة التي قمت بإصدارها عن تنظيمات العنف الديني في مصر أعوام 1928، و1948، و2018 تقول إن ما جرى في المنشية كان حادثًا مخططا له من قبل أحد التنظيمات، وتم تقديمه أسبوع من تاريخ التخطيط، حيث كان يريد التنظيم التخلص من جمال عبد الناصر كونه القوى المؤثرة في الحركة الثورية.

وأشار إلى أن استثمار النظام الناصري لما جرى في المنشية أمر طبيعي، لذا يمكن القول إن الذي دبر لهذا الحادث هو غباء وعدم رضا الإخوان في تقاسم الحكم والسلطة، ولكن عبد الناصر استثمر الحدث في صالحه، وهذا الغباء السياسي لاحق الإخوان في جميع محطاتهم التاريخية، حيث تكرر الأمر في 30 يونيو، عندما عرضت القوات المسلحة المطالب الشعبية على محمد مرسي، معبرًا: «لو أن ثمة ذكاء حباهم الله بها كانوا قد قبلوا تلك المبادرة الشعبية المبكرة بدلًا من الثورة عليهم والتخلص منهم خلال أيام».

وزعم بأن جماعة الإخوان أخطأت من خلال الغباء السياسي التاريخي الذي حباهم الله به في استثمار اللحظات التي بها انفراجة كبيرة للعودة وممارسة الديمقراطية من جديد. وأضاف أن جماعة الإخوان تفتقر إلى الديمقراطية، لافتًا إلى أن جينات الإخوان وبنيتهم غير ديمقراطية، وبالتالي هم يرفضون التعايش مع فكرة الديمقراطية وتقاسم السلطة وتداولها. وأوضح أنه على الرغم من أن جماعة الإخوان أرادوا أن يستثمرون الأحداث في تصدير المظلومية تاريخيًا، إلا أن مئات الكتب عن بطولات الإخوان وتعرضهم للأعمال القمعية والتعذيب الرهيب الذي مارسه نظام عبد الناصر عليهم، والقتل الرهيب الذي جرى لقيادات الإخوان، كشفت في المحصلة أن كل الذين أعدموا طيلة الحقبة الناصرية من الإخوان لم يتعد عددهم تسع أشخاص، منهم 6 أشخاص في عام 1954، و3 أشخاص في عام 1965، مؤكدًا أن التاريخ عكس ذلك من خلال الكتب.

وادعى أنه قد تم الإفراج عن العشرات من معتقلي الإخوان تباعًا في الحقبة الناصرية، ومنهم سيد قطب الذي كوّن تنظيمًا بمجرد الإفراج عنه. وأضاف أن جماعة الإخوان هي من وضعت فكرة إقصاء المختلف بالقتل، وكذلك الإمعان في الانتقام، لافتًا إلى أنه بعد عام 1954 سيد قطب كان موجودًا في السجن وخرج، ومعظم كتابات سيد قطب تمت كتابتها في السجن، بما يعني أنه كان متروك له المساحة، فكيف له إذا كان يتعرض للتعذيب أن يكتب ويؤلف، وبعد خروجه كوّن تنظيما آخر. وأوضح أن عام 1965 كان كاشفًا أكثر من عام 1954، لافتًا إلى أن المبدع وحيد حامد عندما عمل الجزء الثاني من الإخوان، وجاء مشهد الفنان الذي جسد شخصية سيد قطب وهو الفنان محمد فهيم، فإن مساحة الحرية التي رأيناها أمامنا والتي أعطيت لسيد قطب آنذاك وزيارات أخته إليه، تكشف أن الأمر لم يكن بنفس الصورة التي جرى تصديرها إلينا في السبعينيات والثمانينات عن مجازر وتعذيب وقتل إلخ، مؤكدًا أن الإخوان أنفسهم لم يعترضوا على هذه المساحة من الحرية التي ظهرت في المسلسل حيث أشادوا ببعض الوقفات به.

وادعى أن جماعة الإخوان تعمدوا التزييف والكذب في التاريخ نفسه، لافتًا إلى أن ادعاءاتهم بالمجازر والقتل والتعذيب الذي مارسها نظام عبد الناصر عليهم لم يكن مبنيًا على حقائق ووقائع. وأضاف أن الاخوان استخدموا الكذب كوسيلة لتبييض صورتهم وإظهار غير الحقيقة، مؤكدًا أنه كان يوجد صراع سلطة وصراع على الحكم للرغبة في الانفراد بالحكم وعدم الرضا بفكرة وجود مساحة ديمقراطية مع القوى الأخرى الموجودة والقوى المسيطرة على الحكم، وليس صراعًا بين الإسلام والكفر، وهذا هو ما جرى سنة 1954.

وذكر أنه في عام 1965 انحاز الرئيس جمال عبد الناصر للناس، وانحاز إلى القطاعات الواسعة التي كانت جماعة الإخوان تخاطبها، وبالتالي سحب عبد الناصر البساط الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الذي قد يوفر لهم بعد ذلك قدرة على التجنيد.

وأضاف أن سيد قطب جاء في الزمن الخطأ وبالأقوال الخطأ والفكر الخطأ، وهي فكرة الجاهلية وتكفير المجتمع، لافتًا إلى أنه في عام 1965 كان واضحًا جدًا وجود تنظيم، وعندما بلغ جمال عبد الناصر معلومة عن طريق المباحث العسكرية، بأنه يوجد كتاب لسيد قطب يسمى "معالم في الطريق" وبأن سيد قطب يريد طباعته، فسمح جمال عبد الناصر بطباعته. وأشار إلى أن عبد الناصر بعد الطبعة الثالثة للكتاب قال بأنه ليس مجرد كتاب وإنما تنظيم، ومن ثم بدأت أجهزة المخابرات والمباحث العسكرية ترصد، وبالفعل اكتشفوا وجود تنظيم وخطة متكاملة له، حيث كان يوجد 300 عنصر متهم في هذا التنظيم.

وادعى أن الشواهد في عام 1954، وعام 1965، تؤكد أن الإخوان يرفضون الديمقراطية ويرفضون الآخر ويكرهون المجتمع لأنه لا يستجيب معهم في انقلابهم المطلوب. وأضاف أن جماعة الإخوان ادعوا قديمًا أن جمال عبد الناصر كان من الإخوان، وهو ادعاء غير حقيقي، لافتًا إلى أنه في فترة الأربعينيات كان أغلب الضباط والمثقفين يمر على كل التنظيمات، فمرّ عبد الناصر على الشيوعيين ومصر الفتاة والحزب الوطني وكل القوى الوطنية التي تختلف مع المستعمر، وكانت الإخوان واحدة بين تلك القوى. وأشار إلى أن عبد الناصر كان يرغب في معرفة الإخوان وليس التجنيد فيها، وهناك شهادات تؤكد أن جمال عبد الناصر لم يبايع المرشد: «انحاز لقوى الرفض الاجتماعي بشكل عام، مرّ على الإخوان والتقاهم لكنه لم يكن يتبع تنظيمًا بعينه أو يعطي ولاءه لأي تنظيم، كان يستفيد منها ويفيدها بفكرة الثورة مع رفاقه».

وشدد على أن سيد قطب كان أكثر الإخوان ثقافة، لدرجة أن بعض قيادات الإخوان لا يعتبرونه منهم، ليس لأنه ذو فكر عنيف وإنما لأنه "شاطح" عن انتهازية الإخوان التاريخية، لذلك كان من الصعب أن يتم ترويض سيد قطب في إطار تنظيم. وأضاف أنه كان أمامنا أكثر من سيد قطب، فهناك سيد قطب ما قبل الثورة في كتابات "العدالة الاجتماعية في الإسلام"، وهناك سيد قطب الأمريكاني الذي ذهب إلى أمريكا وزارها، ثم سيد قطب العائد من أمريكا والصديق لبعض الضباط في بدايات ثورة 1952، ثم سيد قطب التكفيري الذي انتهى إلينا عام 1965، وبالتالي لكي نؤرخ بشكل صحيح لتلك الحالة الملتبسة وهي حالة سيد قطب، أن تقرأه من خلال تلك القراءات المتعددة.

وأشار إلى أن الحالة التي انتهينا إليها من سيد قطب، والتي أنتجت "في ظلال القرآن" و"معالم في الطريق"، في ظني أنه كان في حالة تحتاج إلى نقاش نفسي ونقاش سياسي. وأكد أن تجربة السجن لم يكن بها تعذيب لسيد قطب، وإنما كانت بها عزلة، تخلق فكرًا إقصائي كتابة أو سلوكًا عندما خرج، ومن هنا فإن الحالة الأخيرة لسيد قطب التي نقف أمامها والتي أثرت فيما تلاه من أزمنة كانت حالة مخاصمة ومعتزلة ليست عن الواقع بل عن التاريخ الإسلامي كله، لأن التراث من التاريخ الإسلامي المتراكم في الفكر والانفتاح والتغيير والدعوة بالتي هي أحسن كان تراثًا متناقضًا مع ما انتهى إليه سيد قطب.

وأشار إلى أن ما كتبه سيد قطب في تفسير "في ظلال القرآن" كان اجتهاد في كتابه، لكن غلبت عليه الإنشائية والمحسنات البديعية أكثر من التفسير المتقن المحكم للقرآن الكريم، وبالتالي فقد كتب بلا منهج ولا أدوات. وأضاف أن بعض مثقفي الإخوان يقرون بذلك أيضًا، حيث قدم سيد قطب كتابًا إنشائيًا، لافتًا إلى أن الذي أعطى لميراث سيد قطب تلك القداسة هي نهاية سيد قطب وإعدامه، وقد يكون للنظام الناصري مبرراته وأسبابه لكن حدث الإعدام لسيد قطب أعطى قداسة للفكر الذي لم يكن يوزن بمثقال.

وقال إن الأزهر الشريف أصدر من خلال الشيخ محمد السبكي سنة 1965، تقريرًا مفصلًا ردًا على كتاب سيد قطب "معالم في الطريق" بمذكرة بديعة ومحكمة وبالآيات القرآنية وبالتنزيل والنص في مكانه. وأضاف أنه تم توظيف سيد قطب في إطار المشروع الإخواني السبعيني والثمانيني والداعشي حتى اليوم، حيث إن فكر داعش هو فكر سيد قطب، وكتاب "معالم في الطريق" هو تكفير ليس فحسب للنظام وإنما للمجتمع والناس، وبالتالي فإن عين ما قام به أبو بكر البغدادي مفكر داعش في كتابه "إدارة التوحش" ستجد أنه هو نفسه كتاب سيد قطب "معالم في الطريق" ولكن بنسخة 2014، وهي ذاتها المنطلقات التي خرج بها خوارج الإمام علي آنذاك "كلمة حق يراد بها باطل" أي أنه هو ذات الفكر الخوارجي بطبعاته المتعددة.