المشهد يناقش تأثير تجمع بريكس في مصر

التاريخ : الخميس 31 أغسطس 2023 . القسم : اقتصاد

مضامين الفقرة الأولى: انضمام مصر للبريكس

قال الدكتور محمد كمال، أستاذ العلوم السياسية، إن هناك اهتمامًا من الرأي العام المصري بانضمام مصر لتجمع «بريكس»، مبينًا أن هذا الأمر جيد، خاصة وأن الرأي العام المصري في العادة لا يهتم بالقضايا الخارجية، وهذا الأمر إيجابي. وتابع أن هناك مبالغات حول الإيجابيات والسلبيات الخاصة بانضمام مصر لتجميع «بريكس»، ولذلك هناك ضرورة لفصل الحقائق عن الآراء حول انضمام مصر لـ «بريكس» مبينًا أن هذا الأمر حدث بجهد وحكمة وبعيدًا عن الأنظار، وعلى أعلى مستوى ممكن، من خلال مخاطبة قادة الدولة الخاصة بتجميع «بريكس»، سواء الرئيس الصيني أو الروسي أو رئيس وزراء الهند، مشيرًا إلى أن الجهد المصري للانضمام كان كبيرًا جدًا ويستحق الإشادة.

وأضاف أن «بريكس» تضم 42% من عدد سكان العالم، و24% من حجم ناتج الاقتصاد العالمي، وعند احتسابه بمقاييس القوة الشرائية يصل إلى 31%، ويضم روسيا والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا والصين. وأشار إلى أن هذا التكتل سيتطور تدريجيًا لكي يكون صوت الجنوب الرئيسي والمعبر عن وجهة نظره في المحافل الدولية، مشيرًا إلى أن «بريكس» ليس منظمة دولية بصورة مماثلة للاتحاد الأوربي، حيث لا يوجد مقر رسمي لـ «بريكس» في أي دولة.

ولفت إلى أن «بريكس» منظمة قائمة على التعاون والتنسيق بين الدول، وأنشأ «بريكس» بنك التنمية في عام 2015 لتمويل مشروعات البنية التحتية ومشروعات البنية المستدامة، مبينًا أن مصر انضمت لهذا البنك قبل الانضمام لتجمع بريكس. وأوضح أن بريكس يسعى إلى تعدد النظام الدولي، وهذا من مصلحة مصر، لأن القاهرة لا تريد الانحياز لأحد الاقطاب على حساب قطب آخر، مشيرًا إلى أن مصر تسعى إلى إيجاب علاقات متعددة، وأي أفكار لتعدد القوى العالمية ستخرج من هذا التكتل.

وقال الدكتور مدحت نافع، الخبير الاقتصادي، إن جنوب إفريقيا استفادت من الانضمام لـ "بريكس"، من خلال الحصول على قروض من بنك التنمية الخاص بـ "بريكس" لتمويل 12 مشروعًا، خاصة مشروعات الطاقة التي تعد شيئًا هامًا في جنوب إفريقيا، واستفادت من زيادة حجم التجارة الخارجية بنسبة 70%. وتابع بأن "بريكس" تسعى إلى تمثيل دول الجنوب أمام المجموعات الأكثر قوة، والأكثر سيطرة على الاقتصاد العالمي، مشيرًا إلى أن التجمع في بدايته لم يكن لديه رغبة في التوسع، وتحويل "بريكس" إلى تجمع كبير، ولكن حدث تحول في التجمع في عام 2018، عندما بدأت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.

 ولفت إلى أن هناك عدة اعتبارات لضم الدول الجديدة لـ "بريكس" منها حجم التأثير السياسي، وحجم الاقتصاد، وأهمية الدولة المنضمة في إقليمها من جميع النواحي، مشيرًا إلى أن المشهد العالمي مرتبك جدًا، ولفت إلى أن أهم كسب لمصر من الانضمام لتجميع "بريكس" ليس الحصول على تمويلات من بنك التنمية الخاص بالتجمع، ولكن هو وجود قوى تفاوضية لحل مشكلات ديون دول الجنوب، خلاف الحديث على إنشاء عملة موحدة لتجمع بريكس.

وكشف الدكتور هشام إبراهيم أستاذ التمويل والاستثمار عن كيفية استفادة مصر من الانضمام إلى تجمع بريكس. وقال إننا لدينا أربعة محاور وهي الصناعة والتجارة والسياحة والتكنولوجيا، مبينًا أن الغرب يكون بخيل في منح استثمار مشفوع بالتكنولوجيا، قائلًا: «أتصور المسألة مع الهند أو الصين أو روسيا قد يكون درجة التعاون التكنولوجي مع هذه الدول أفضل من درجة التعامل مع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا».

وأضاف أنه يمكن التعاون مع الهند في قطاع التكنولوجيا والبرمجيات وصناعة الدواء؛ ومع الصين في الصناعة ومع روسيا في صناعات الفضاء والمحور الثاني هو السياحة، قائلًا: «لدينا موسم سياحي جيد هذا العام ونحتاج أن تكون العلاقة أكثر تميزا من دول بريكس في هذا المجال». وتابع بأننا لدينا في بريكس دول من الكثافات السكانية العالية ومستوى الدخل المرتفع وقد يكون هناك فرصة للتعاون في قطاع السياحة، مشيرًا إلى أن الملف الآخر هو ملف الاستثمار؛ قائلًا: «لن أستطيع أن أجاري الصين والهند وروسيا والبرازيل في التبادل التجاري حاليًا؛ مشكلتنا ليس في الميزان التجاري ولكن ميزان المدفوعات».

ولفت إلى أن ملف التجارة ضاغط ولكن هناك ملفات لو تحركنا فيها يمكن أن يكون ملف المدفوعات قريب من التوازن؛ ومن هذه الملفات هو الاستثمارات، قائلًا: «لدينا منطقة صناعية روسية في قناة السويس وكذلك صينية أيضا ونقطة الانطلاق في بريكس بالنسبة لمصر كيف نحصل على الاستثمار المباشر ولاسيما لو كانت مشروعات تكنولوجية».

وذكر أن تعداد سكان بريكس يسيطر على العالم وهو ما يعني أن هناك سوق جديدة، قائلًا إن مصر موجودة في اتفاقية التجارة الإفريقية ويمكن للصين وروسيا والهند الاستفادة من ذلك، قائلًا إن مصر من أكثر الدول جاهزية حاليًا في جذب الاستثمار؛ لافتًا إلى أن ما يحدث خلال الأشهر الماضية هو التعامل مع المشكلات التي تواجه الاستثمار في مصر.

وأوضح أن الهدف أن تكون مصر محطة ارتكاز مهمة لدول بريكس للتوجه إلى سوق يضم 1.5 مليار نسمة؛ مبينًا أن الحكومة قررت اليوم إنشاء وحدة بريكس داخل مجلس الوزراء حتى تعمل على تجهيز مصر للتعامل مع بريكس. وذكر أننا نتحدث عن التواصل مع 10 دول لإقناعهم أننا المحطة المهمة بالنسبة إليهم لوضع الاستثمارات حتى نكون محطة ارتكاز للصادرات الخاصة بهم.

وتحدث العميد خالد عكاشة، مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، عن انضمام مصر لـ "تجمع بريكس" وأبعاده المختلفة، لافتًا إلى أنه بدأ كتجمع اقتصادي وتطور. وأكد أنه لا يمكن إنكار الدور الهام لتجمع بريكس، لأنه حدث تطور كبير داخل التجمع منذ نشأته. وأوضح أنه يوجد بعد جيواستراتيجي هام للغاية داخل تجمع بريكس أثبتته الدول الأعضاء على رأسها الصين، لافتًا إلى أن روسيا تعمل داخل تجمع بريكس بأبعاد تتجاوز الأبعاد الاقتصادية. وأضاف أن دول بريكس مثل البرازيل والهند وجنوب إفريقيا أثبتت أن اقتصاداتها هامة وواعدة في المستقبل.

وقال الدكتور أحمد غنيم أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، إن بريكس تعد تكتل أو تجمعًا، ولا يمكن مقارنته بأحد المؤسسات النظام العالمي مثل البنك الدولي أو منظمة التجارة العالمية أو اتفاقية الاتحاد الأوروبي لأنه يزحف ببطء نحو ما يريد. وأكد أنه ليس هناك مزايا تجارية لمصر من انضمامها إلى دول بريكس. ولفت إلى أن الصين أكبر شريك لبنك التنمية الدولي وتسعى إلى تقليل احتياطها من السندات الدولارية. وأكد أن بريكس لن يكون بديلًا للمنظمات المالية العالمية.

وقال يسري الشرقاوي رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة إن تجمع بريكس يعد خطوة في اتجاه دولي، بعد حدوث بعض الصراعات مثل الحرب الروسية الأوكرانية، وجائحة كورونا، مبينًا أن مصر ينبغي أن تحسن من حجم استثمارها، لافتًا إلى أن الدول الغربية والأوروبية هي أكبر الدول وأكثرها استثمارًا في مصر وليس دولة من تجمع بريكس، مؤكدًا أهمية مخاطبة مصر الفكر الاقتصادي لأيديولوجية دول بريكس، مستدلًا بوجود صناعة السيارات في المغرب بما يشير إلى وجود اتجاه دولي لتحويل صناعة السيارات إلى هناك. ولفت إلى أهمية وجود Think Tank جديد بشكل جيد لتحليل كيفية التعامل مع دول بريكس، حتى يتأهل الشعب في كيفية التعامل مع دول هذا التجمع. ونفي ما ادعته جماعات أهل الشر -بحسب تعبيره- أن يكون تجمع بريكس مصدرًا جديدًا لمصر من أجل الحصول على القروض.

وقال الدكتور عبد المنعم سعيد، عضو مجلس الشيوخ، إن البعض يرى بريكس أنه مثل تجمع عدم الانحياز السابقة. وأضاف أن البعض الآخر يرى بريكس أنه محور جديد أمام المحور الغربي، أو تكامل اقتصادي وتكتل جديد، لافتًا إلى أن صيحة قادمة من الحرب الروسية الأوكرانية من أجل مراجعة النظام الدولي. وذكر أن بريكس أداة تسعى إلى استقطاب الدول المتوسطة وشبه المتوسطة حولها، منوهًا بأن السعودية لم تنضم إلى بريكس وتدرس جدوى الانضمام. ولفت إلى أن الدولار ستظل عملة العالم، مشددًا على ضرورة أن يدرس الخبراء الاقتصاديين فكرة جدوى وجود عملة جديدة تتعامل بها مصر في تجمع بريكس. وأكد أهمية أن تكون مصر منتجة ومصدرة لدول بريكس، وليست مستهلكة.