المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: «حزام الانقلابات» في إفريقيا، وروسيا، والنظام العالمي المتضائل
التاريخ : الخميس 07 سبتمبر 2023 . القسم : ترجمات
كتب الباحث ثيودور مورفي مقالًا نشره المركز الأوروبي للعلاقات الخارجية ناقش فيه ما وراء حُمى الانقلابات في القارة الأفريقية والدور الذي تلعبه روسيا والقوى الوسطى (دول ليست كبيرة لكنها ذات سيادة ولها تأثير كبير).
يشير الكاتب في مستهل مقاله إلى أن الانقلابات عادت إلى إفريقيا. في التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، انخفض عدد عمليات الاستيلاء القسري على السلطة في القارة؛ لكن الرقم بدأ يتصاعد مرة أخرى منذ حوالي 15 عامًا.و برز هذا التدهور بشكل خاص مع ظهور «حزام انقلابات» يمتد من السودان إلى النيجر (ومؤخرًا الجابون)، حيث حدثت ثمانية انقلابات في السنوات الثلاث الماضية.
وتتراوح الدوافع وراء الانقلابات من هشاشة الدولة إلى ضعف التنمية الاقتصادية. لكن مثل هذه العوامل كانت ثابتة أيضًا في العقود التي أعقبت مباشرة نهاية الحرب الباردة - عندما شهدت إفريقيا عددًا أقل من الانقلابات.
وأوضح الكاتب أن العامل الذي جرى تجاهله هو إضعاف النظام العالمي والبيئة الدولية المؤاتية للانقلاب التي أوجدها. ويتعين على صانعي السياسة النظر، على وجه الخصوص، في الدور الذي تلعبه «القوى الوسطى» الناشطة وروسيا الآن في الاستفادة من بيئة دولية خارجة عن القانون على نحو متزايد.
وفي حين تتراجع الولايات المتحدة عن مواصلة منافستها الاستراتيجية مع الصين، فإن قدرتها على الاستثمار بجدية في كل من الضرورات الاستراتيجية وأهداف السياسة الخارجية التي تقودها القيم تتعرض لضغوط. ومع إيلاء الأولوية للمصالح على المباديء، فإن دعم الديمقراطية في إفريقيا قد تراجع في قائمة الأولويات الاستراتيجية لأمريكا.
كما ضعف نظام أفريقيا لردع عمليات الاستيلاء على السلطة تراجعًا كبيرًا. ونمت الانتقائية في تطبيق الاتحاد الأفريقي لقواعد حظر الانقلابات خلال الفترة نفسها، وكانت تلك الانتقائية بسبب نزوات الدول الأعضاء القوية في الاتحاد الأفريقي. وبدأ هذا بالانقلاب في موريتانيا عام 2008، وأعقبته انتخابات ما بعد الانقلاب التي أجراها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مصر، ومؤخراً الانقلابات في تشاد والسودان.
وأشار الكاتب إلى أن القوى الوسطى مثل تركيا والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وروسيا تنشط على نحو متزايد في إفريقيا، مستفيدة من فرص الانقلابات لتوسيع نفوذها.
وتقدم هذه الجهات الفاعلة الدعم لقادة الانقلاب، مما يقوض التعاون الدولي ضد الانقلابات. ومن المؤكد أن انخراط تلك الدول والقوى تقوي العناصر الاستبدادية وتساهم في عدم الاستقرار في القارة.
وفي حين تريد الدول الأفريقية شراكات متنوعة، فإن المشاركة من روسيا وبعض القوى الوسطى لها آثار سلبية بدلًا من إنشاء وكالة أفريقية حقيقية.
ويرى الكاتب أنه لا يمكن لأي جهة فاعلة واحدة الآن احتواء قوى وسطى حازمة مع انتشار القوة العالمية. ويلزم التعاون ولكن يصعب تحقيقه في فترة انتقالية متعددة الأقطاب غير مستقرة.
ويلفت الكاتب إلى أن القادة الأفارقة يدركون أن تغيير النظام العالمي يخلق اهتمامًا أكبر بأفريقيا. وهم يشجعون الشركاء الجدد باعتبارهم وسيلة مرحب بها للتنويع بما يتجاوز الاختيار السابق الذي كان محصورًا في الولايات المتحدة أو القوى الاستعمارية القديمة مثل فرنسا وبريطانيا أو الصين.
لكن تأثير انخراط روسيا والقوى الوسطى في حزام الانقلاب يوضح مخاطر مثل هذا التنويع. وبدلًا من خلق إضافة للخيارات لصالح إفريقيا، فإن مشاركة روسيا والقوى الوسطى تعزز المستبدين الأفارقة وتغذي زعزعة استقرار الدولة.
ووفقًا للكاتب، فلن تكون هناك عودة إلى النظام أحادي القطب الذي تقوده الولايات المتحدة، ولا يوجد محور أمريكي يجمع النظام القائم على القواعد ضد الانقلابات في إفريقيا. وحتى لو أعادت الولايات المتحدة تخصيص رأس المال السياسي لهذه الغاية، فقد أحدثت مرحلة ما بين الأعوام بالفعل تحولات في النظام العالمي بحجم يجعل من شبه المستحيل احتواء القوى الوسطى الحازمة وروسيا.
وكذلك لا يمكن للمشاركة القوية من فرنسا في مستعمراتها السابقة - منطقة الساحل من حزام الانقلاب - أن تملأ فجوة القيادة الأمريكية. وبقدر ما تكافح فرنسا للاحتفاظ بدورها الأساسي بين القوى الأوروبية في منطقة الساحل، فإن حرارة المشاعر المعادية للفرنسيين في مستعمراتها السابقة في الساحل تقيد فعاليتها.
عند تشجيع جميع القادمين على دعم التنمية في بلدانهم، ربما يكون القادة الأفارقة قد نظروا على عجل في عيوب مشاركة روسيا والقوى الوسطى. وإذا كان خوفهم من استخدام الصين والولايات المتحدة لأفريقيا، فإن روسيا والقوى الوسطى لا تنشئ وكالة أفريقية أكبر واكثر استقلالًا. وكما هو الحال، فإنهم ببساطة يضيفون إلى عدد الممثلين الذين يستغلون إفريقيا. وهذه هي دعوة الاستيقاظ الحقيقية التي أطلقها انقلاب النيجر.