المشهد يناقش حرية الرأي والتعبير في مصر
التاريخ : الخميس 07 سبتمبر 2023 . القسم : سياسية
مضامين الفقرة الأولى: حرية الرأي والتعبير
قال الإعلامي نشأت الديهي إن هناك حالة من الابتزاز تقابلها الدولة المصرية، خلال الحديث عن حرية الرأي والتعبير أو إطلاق الحريات خاصة من بعض الساسة والمعارضين، أو من التقارير الحقوقية والدراسات والمقالات مدفوعة الأجر. وتساءل: «إلى أي حد تُطلق الحريات؟ وهل المطالبة بحرية الرأي والتعبير فكرة جوفاء وصماء؟». وأشار إلى أن المطالبين بحرية الرأي والتعبير لا يملكون من الأساس رأيًا، وإنما يحاول مغازلة الجهة الداعمة له والمانحة للأموال، أو مناوئة الدولة. وذكر أن بمتابعة دقيقة لهؤلاء المطالبين بحرية الرأي والتعبير نجد أنهم لا يقبلون بأي رأي مخالف لهم. ولفت إلى أن حرية الرأي والتعبير وصلت إلى درجة الإساءة للرئيس عبد الفتاح السيسي وأسرته والجيش المصري، حتى أن المدافعين عن حرية الرأي والتعبير يطالبون بإطلاق سراح أمثال المتطاولين في رموز الدولة مثل علاء عبد الفتاح. وشدد على أن النخب السياسية قادرة على إدارة أي حوار.
وقال الدكتور محمد كمال، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن حرية الرأي والتعبير من أهم حقوق الإنسان، مبينًا أنه رغم موافقة الجميع على حرية التعبير إلا أنها ما زالت مثار جدل بين الجميع. وتساءل: «هل حرية الرأي والتعبير تتعلق بالسباب والتطاول، وجرائم الكراهية؟». وذكر أن ظاهرة النشطاء في مصر أصبحت أكثر من المفكرين أو أصحاب الرأي الذي يريدون التعبير عن وجهة نظر معينة. وأضاف أن هناك انتشار لثقافة الإلغاء في مصر، معقبًا: «لو أنت مختلف معي في وجهة نظري، لا أريد أن أسمع وجهة نظرك، من أجل نشر فكرة بوجهة نظر وحيدة».
ولفت إلى أن عملية الفلترة التي كانت توجد في الصحف والتلفاز كانت جيدة جدًا، لأنها تحافظ على قيم المجتمع، مشيرًا إلى أن تعدد مواقع التواصل الاجتماعي أدى إلى تحول كثير من الأفكار الهامشية إلى أفكار رئيسية، ومكنت ما يمكن أن نسميه من الغوغائية من تصدر الرأي العام. وشدد على أن الغوغائية الآن لها صوت، ولديها وجهة نظر، ومن الممكن أن تسهم في إيصالك لأعلى منصب في البلاد، كما حصل في الولايات المتحدة الأمريكية من وصول الرئيس السابق دونالد ترامب إلى الحكم.
وقال الكاتب الصحفي عماد الدين حسين، رئيس تحرير جريدة الشروق وعضو مجلس الشيوخ وعضو مجلس أمناء الحوار الوطني، إن أية اختلافات وجدالات نشبت داخل جلسات الحوار الوطني وخاصة في جلستي حرية الرأي والتعبير، وحوكمة الأحزاب ودورها؛ أمر ليس مقلقًا، بل ربما يكون مفيدًا لكونه اختلاف سياسي داخل مصر، وتحت سقف الوطن وجرى نقله عبر وسائل الإعلام؛ ما يصب في صالح الدولة بأكملها من حكومة، وشعب، وأحزاب. وأضاف أن حرية الرأي لا تعني إطلاقًا الابتزاز، أو انتهاك القانون، قائلًا: «نتفق أن الأساس هو حرية الرأي والتعبير، وبدون حرية رأي منضبطة؛ لا أمل في أي شيء».
وبيَّن أن الحوار الوطني هو أهم حدث سياسي منذ 2013، متابعًا: «لم يكن لدينًا حوارًا، وبات الآن لدينا حوار له منجزات ومخرجات، ومصر تستحق ذلك»، مشيرًا إلى غياب الحوار وتيبس الحالة السياسية قبل ذلك؛ نظرًا لتحديات الإرهاب وأمور أخرى، وهذه هي الحالة التي تم تجاوزها الآن. وأشار إلى اتفاق جميع القوى السياسية بما في ذلك المعارضة، حول ثلثي التوصيات التي تم رفعها لرئيس الجمهورية؛ كمخرجات للحوار الوطني.
وأضاف أن قواعد تنظيم الحوار الوطني أخذت عدة أشهر، لكن انتهى الأمر إلى جلوس الكثير من الفرقاء السياسيين، وإعادة الحوار السياسي بين القوى السياسية مرة أخرى، مشيرًا إلى أن ثلثين المقترحات التي رفعت إلى الرئيس السيسي متفق عليها بالإجماع بين القوى السياسية، وهذا إنجاز كبير.
وتابع بأن الأصل هو تمكين الجميع من حرية الرأي، وهذا لا ينفي وجود ضوابط، ولكن يجب ضمان مساحة لحرية الرأي مكفولة للجميع، وأن يُطبق القانون على المتجاوزين، معتبرًا أن البيئة السليمة للتطبيق أهم من النصوص الدستورية والقانونية. وشدد على ضرورة تمكين المجتمع لتطبيق حرية الرأي والتعبير بطريقة واقعية وصحيحة وسليمة، وعند توافر هذه البيئة سيتم مواجهة أي خروج عن المألوف وانتهاك لحرية الرأي.
وأوضح أن الحوار الوطني ليس بديلا للحكومة أو مجلسي النواب والشيوخ، ولكنه أشبه بجسر تواصل، قائلًا إن الحوار الوطني كشف قابلية الدولة والمعارضة للنقاش والتفاهم والتلاقي في نقطة ما، وهذا التطور شديد الأهمية؛ وبعض الذين تشككوا في ذلك عدّلوا عن موقفهم بسبب ما شاهدوه.
وحول ماذا يستفيد المواطن المصري من الحوار الوطني، أكد أن المواطن سيستفيد من المخرجات الصادرة عن الحوار، مشيرًا إلى تغيرات مرتقبة في قوانين أو إجراءات تنفيذية؛ وهي أمور من شأنها ترسيخ حرية الرأي والانعكاس على حالة المواطن بالإيجاب. وأشار إلى تصريحات المنسق العام للحوار الكاتب الصحفي ضياء رشوان، والتي قال فيها إن بعض المشاركين يشخصون الأزمة ولا يضعون حلولًا لها، مضيفًا أن كثيرين يتحدثون في القضايا العامة، بينما على المشاركين تقديم أفكار محددة لصانع القرار؛ من أجل تسهيل الأمر.
وشدد على ضرورة مناقشة مفهوم النخبة بجدية، وهل اختفت النخبة؟ أم الظروف تغيرت؟ أم هي ما زالت موجودة ولكن لا نعلم أين هي؟ وهل فرضت وسائل التواصل الاجتماعي جدول أعمالنا، وإذا صح ذلك فهو يشير إلى وجود تقصير في صفوف النخبة. وأكد أن حرية الرأي مفهوم كبير وواسع؛ يتجاوز الدساتير والقوانين، ويرتبط بحالة المجتمع بأكمله، ومدى وعي الرأي العام، وقدرته على التفرقة بين الخبيث والطيب، وفرز الأخبار الحقيقية من الشائعات.
وقال حلمي النمنم، وزير الثقافة الأسبق، إن الجدل المثار حول قضية حرية الرأي قديم جدًا، وسيستمر مدى التاريخ على حد تعبيره، ولفت إلى أن إعدام سقراط كان بسبب حرية الرأي والتعبير، مشيرًا إلى أن الدستور نص على حرية العقيدة المطلقة، والكثير من الحريات، وكل الدساتير المصرية تحمل نفس المعنى. وتابع أن حرية الرأي والتعبير تقتضي إصدار قانون حرية تداول المعلومات، من أجل أن يحصل الصحفيون والكتاب والمواطنون على المعلومات اللازمة، مشددًا على ضرورة الإسراع في إنجاز قانون حرية تداول المعلومات، لأن هناك كثير من المعلومات الخاطئة التي تنشر على المواقع الأجنبية.
وأضاف أن مشكلات حرية الرأي والتعبير في مصر لا تتعلّق فقط بالقضايا السياسية، بل إن السلطة الدينية والكثير من السلطات تعوق حرية الرأي والتعبير. ولفت إلى أن أي شخص ينتقد الحكومة أو النظام السياسي يجب ألا نتهمه بشكل أجوف بأنه خائن وعميل، ولكنه مواطن يعبر عن رأيه، وفي نفس الوقت لا يجب أن نتهم أي شخص يدافع عن النظام السياسي بأنه منافق أو «مطبلاتي» وفقًا لتعبيرات اليوم.
وذكر أن جماعة حسن البنا هي من أفسدت كل شيء في الحياة المصرية حتى وُصمت المعارضة بالإرهاب، ومنعوا بطريقتهم الغوغائية. ولفت إلى أن مذهب الأشاعرة كان مميزًا لأنه كان يربط الحرية بالمسؤولية ولم تكن الحرية مطلقة.
واستدل بأن المواطنين الأمريكيين لم يعترضوا على إلغاء صفقة ترسية شركة دبي للموانئ لشراء ميناء نيويورك، لأن وجود شركة دبي للموانئ يعد تهديدًا للأمن القومي الأمريكي، ولم يقل أحد آنذاك أن هذا اعتداء على الحريات، مشيرًا إلى أن حديث البعض بأن السودانيين اللاجئين سينشرون التهاب رئوي في مصر لا يعد رأي أو تعبير ولا تدخل في نطاق الحريات وإنما يدخل في نطاق التحريض، إحداث قلاقل في المجتمع.
واستدل بحديث جاسوسة مصرية تدعى هبة سليم كشف أوراق من الجيش المصري لجيش الاحتلال الإسرائيلي، بدعوى عدم قدرة مصر على محاربة إسرائيل، ولذلك لجأت إلى كشف أوراق الجيش المصري لعدم خوض غمار هذه الحرب، مبينًا أنه حتى الخيانة دخلت ضمن نطاق حرية الرأي والتعبير.
وقال العميد خالد عكاشة، مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن كل المشاركين في الحوار الوطني متطوعين، ولم يحصلوا على أي مقابل مادي، مثلما يعتقد البعض، رغم استمراره منذ عام ونصف. وتابع بأن الحوار الوطني تحدث في كثير من المحاور بين الفرقاء السياسيين، خاصة محور حرية الرأي والتعبير، مشيرًا إلى أن هناك سخونة وتشدد في الرأي بين الفرقاء السياسيين أحيانًا، وهذا أمر متوقع، والوصول إلى حرية رأي رصينة أمر في حاجة إلى جهد ووقت.
ولفت إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي، العدو الأول لحرية الرأي والتعبير، وأضرت بشكل فادح بالصحافة ووسائل الرأي المقروءة والمسموعة، وهي الصانع الأول لكل النماذج السلبية لحرية الرأي والتعبير. وأشار إلى أن قضايا حماية الأمن القومي تنتهي داخل مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرًا إلى أن المجتمع لن يتقدم من خلال صناعة الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، من بعض النشطاء، والمعنى الحقيقي بصناعة الجدل حول القضايا المختلفة هم المفكرين وقادة الرأي.
وقال أسامة سرايا رئيس تحرير جريدة الأهرام الأسبق، إنه قابل في إحدى الندوات صحفي أجنبي وتحدثا سويًا عن الإعلام ودور الدولة فيه، مضيفًا أنه ردَّ على الصحفي قائلًا إنه لو كان في الدولة لأغلق الإعلام تمامًا، مستدلًا بأن حرية الرأي والتعبير بلغت حد التهديد بحرق محطات البنزين لإشعال القاهرة إذا لم يفز محمد مرسي في انتخابات الرئاسة، وذكر أن الدولة من حقها سحب التراخيص من المحطات الفضائية والصحف والمواقع إذا رأت أن هناك تحريض من هذه الجهات.
وأضاف أن الأكاذيب التي يجري الترويج لها على منصات التواصل الاجتماعي تأتي من المنصات الإعلامية الكبرى مثل قناة الجزيرة، مستدلًا بأنه شاهد القناة لمتابعة ما يدور فيها ووجد أنها تهاجم الدولة المصرية بشكل منهجي إذ عرضت برنامجًا عن سجناء الرأي والتعبير وسلطت الضوء على عدد من صحفييها المسجونين ورأى أن هذا من حق القناة في إطار ممارسة ضغوط على الدولة للإفراج عن صحفيي الجزيرة، مبينًا أن البرنامج التالي كان عن السياحة المصرية وعرض آراء لشخصيات يتحدثون عن وجود بلطجة ومظاهر طاردة للسياحة في مصر، مؤكدًا أنه تأكد في هذا الوقت أن هذه المنظمات الإعلامية تعمل بشكل منهج وليس عشوائي.
وأكد النائب محمود القط، عضو مجلس الشيوخ عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، أن تفريغ الطاقات في الحوار الوطني من الأمور الحميدة من هذه الجلسات. وأضاف أن عبارة "لا توجد حرية رأي في مصر" دلالة على قدرة الشخص القائل لهذه العبارة على التصريح برأيه. ولفت إلى أن البعض في جلسات الحوار الوطني كان يتحدث عن ضرورة إعادة مفهوم الأمن القومي، مؤكدًا أن هؤلاء شخصيات عادية وليسوا من الإخوان.
وذكر أن مواقع التواصل الاجتماعي لا ينبغي أن نستعديها أو نحاربها، داعيًا إلى إبراز المنشور الجيد في هذه المواقع؛ لكنه استدرك بأن ما يحدث على مواقع التواصل الاجتماعي يهدد السلم والأمن المجتمعي. وأشار إلى أن هناك كليشيهات مرفوعة دائمًا في وسائل التواصل الاجتماعي وهي حرية سجناء الرأي. ونوه بأن التقارير الحقوقية مفزوعة من عراك لفظي اشتعل بين هشام قاسم وكمال أبو عيطة وجرى تحويل قضيتهما إلى القضاء المصري. ودعا إلى إرسال رسائل هاتفية -مثل رسائل غرامات مخالفات المرور- تنص على وجود عقوبة لنشر الأخبار الكاذبة والشائعات وتداولها.