ميدل إيست اي: مقاطع فيديو مسربة تثير مخاوف بشأن الظروف المزرية داخل سجن بدر
التاريخ : الخميس 14 سبتمبر 2023 . القسم : سياسية
سلط تقرير نشره موقع ميدل إيست أي الضوء على مقاطع الفيديو المسرية من أحد السجون المصرية التي نشرها أحد النشطاء المصريين في الخارج.
وقال الموقع البريطاني إن سلسلة من مقاطع الفيديو المسربة من داخل أحد السجون المصرية المشيدة حديثًا أثارت مخاوف جدية بين الجماعات الحقوقية والنشطاء بشأن أوضاع السجناء السياسيين، بما في ذلك قصور الرعاية الطبية والحبس الانفرادي وحظر الزيارات العائلية.
ونشر الناشط المصري على وسائل التواصل الاجتماعي المقيم في الولايات المتحدة، علي مهدي، يوم الاثنين مقطع فيديو يُزعم أنه يظهر زنازين كبار قادة جماعة الإخوان المسلمين.
ولم تتمكن ميدل إيست آي من التحقق بشكل مستقل من هويات السجناء، لكن جماعات حقوقية أكدت أن اللقطات كانت لمجمع سجن بدر.
جدل حول هوية الشخصيات
ولفت الموقع إلى أن أحد مقاطع الفيديو يُزعم أنه لصلاح سلطان، الذي لديه إقامة قانونية كاملة في الولايات المتحدة ووالد الناشط البارز محمد سلطان. ومع ذلك، صرح نجله على موقع إكس أن الرجل الذي ظهر في الفيديو لم يكن والده.
كما أكدت مبادرة الحرية، وهي مجموعة تركز على السجناء السعوديين والمصريين، أن المطع لم يكن لصلاح سلطان.
تواصلت ميدل إيست أي مع مهدي، الناشط المصري الذي نشر اللقطات، للتعليق على التسريبات، لكنها لم تتلق ردًا بحلول وقت النشر.
وقالت أليسون مكمانوس، كبيرة مديري الأمن القومي في مركز التقدم الأمريكي، عن اللقطات المسربة أن عائلات السجناء لم تسمح بالتسريبات والبعض، مثل محمد سلطان، ينكرون أن هؤلاء هم ذويهم.
وقالت مكمانوس على موقع إكس إن «طريقة مشاركة هذه التسريبات يمكن أن تضر بجهود تلك العائلات للإفراج عن ذويهم».
ظروف قاسية
ومع ذلك، فإن مقاطع الفيديو التي سُربَت تعزز ما تحذر منه الجماعات الحقوقية والناشطون المصريون منذ شهور: أن الظروف داخل سجن بدر مؤسفة وأن النزلاء يعانون من المعاملة القاسية، بما في ذلك الإهمال الطبي، وفقًا للموقع.
ويُظهر مقطعان فيديو أيضًا أن فراش النزلاء يتكون فقط من فرشة رقيقة موضوعة على الأرض، بينما تظهر جميع اللقطات المسربة أن كل نزيل بمفرده.
وقال عمرو عفيفي، مدير الأبحاث في مبادرة الحرية، إن مقاطع الفيديو تؤكد ما تحدثت عنه العائلات بشأن ظروف الاعتقال المزرية، مضيفًا أن الانتهاكات في بدر جزء لا يتجزأ من نظام عدالة يفتقر إلى الشفافية والإجراءات القانونية الواجبة والمساءلة.
كما دعت مبادرة الحرية الحكومة المصرية إلى السماح للهيئات الدولية بالدخول والتحقيق في الأوضاع داخل نظام السجون في البلاد.
وسلطت رسالة مسربة من المحتجزين اطلعت عليها ميدل إيست أي في فبراير الضوء على الواقع القاتم داخل السجن، بما في ذلك حظر الزيارات العائلية والرعاية الصحية غير الكافية.
وجاء في الرسالة أن أحد السجناء انتحر في زنزانته بينما حاول آخر الانتحار بعد أن رفض مسؤولو السجن السماح له بالاتصال بأسرته التي تعيش في مدينة تركية تضررت مؤخرا من الزلزال المدمر.
ولفت الموقع إلى أن زنازين السجن المعروضة في مقاطع الفيديو التي المسربة يومي الاثنين والثلاثاء أكبر من تلك الموثقة سابقًا، وتظهر مساحة واسعة للأفراد للصلاة والوصول إلى المياه المعبأة في زجاجات. ومع ذلك، من غير الواضح ما إذا كانت السلطات هي من سمحت بتسريب اللقطات باعتبارها دفعة علاقات عامة.
الداخلية تنفي
ونوَّه الموقع إلى أن وزارة الداخلية المصرية نفت، الإثنين، أن تكون مقاطع الفيديو قد صورت أيًا من قادة جماعة الإخوان المسلمين، أكبر جماعة سياسية معارضة في البلاد. وقد سُجن الآلاف من أعضاء وقادة جماعة الإخوان بعد الإطاحة بحكومة الرئيس محمد مرسي في عام 2013.
وتوفي مرسي في قاعة محكمة في يونيو 2019 بعد احتجازه في الحبس الانفرادي لمدة ست سنوات، فيما وصفه خبراء الأمم المتحدة بأنه «قتل تعسفي تقره الدولة».
وقالت وزارة الداخلية المصرية في منشور على فيسبوك إن «جميع نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل، بمن فيهم الأشخاص المذكورون في هذه الادعاءات، يتلقون رعاية طبية كاملة ويستخدمون كافيتريات المراكز ويحضرون جلسات المحاكمة في القضايا التي يمثلون فيها».
واضاف «تُتخذ اجراءات قانونية بشأن هذه الادعاءات والمسؤولين عنها».
«أسوأ من سجن العقرب ألف مرة»
ووفقًا للموقع، فمنذ أن أصبح رئيسًا في عام 2014، بنى السيسي ما لا يقل عن 28 سجنًا جديدًا - أكثر من ثلث العدد الإجمالي للسجون في مصر، والذي يقدر الآن بـ 81 سجنًا.
جاء مجمع سجن بدر الواقع شمال شرق القاهرة نتيجة لسياسة جديدة أطلقها السيسي في سبتمبر 2021. وتضمنت الخطة، التي تحمل عنوان الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، تحديث مرافق الاحتجاز في البلاد.
بعد ذلك بوقت قصير، افتتحت القاهرة سجون بدر ووادي النطرون، وهما مجمعان كبيران للسجون، وبدأت في نقل السجناء السياسيين هناك. سجن بدر هو موطن لثلاثة سجون مختلفة بما في ذلك بدر 3، حيث يُحتجز عديد من السجناء السياسيين البارزين بعد نقلهم من مجمع سجن طرة سيئ السمعة - والذي يضم سجن العقرب شديد الحراسة - في عام 2022.
وروج السيسي لمرافق السجون الجديدة باعتبارها نموذجًا في الامتثال لحقوق الإنسان، لكن جماعات حقوقية انتقدتها لعدم تلبيتها للمعايير الدولية ولكونها أسوأ من السجون السابقة حيث كان المعتقلون السياسيون محتجزين.
وقال عفيفي «وثائقنا تشير إلى أن سجن بدر أسوأ من سجن العقرب سيئ السمعة».
وأضاف أن الضباط أنفسهم الذين أشرفوا على التعذيب في سجن العقرب انتقلوا إلى بدر. وجاءت المباني الجديدة بممارسات أسوأ.
وذكر الموقع أن مبادرة حتى آخر سجين، وهي حملة قادها المدافعون عن حقوق الإنسان وأسر المعتقلين للمطالبة بالإفراج عن السجناء السياسيين في مصر، أصدرت بيانًا عقب اللقطات المسربة، تفيد بأنها كانت تراقب «الحظر المتعمد المستمر الذي تفرضه إدارة السجون على الوصول إلى الضروريات الأساسية» داخل السجن.
كما أشارت المجموعة إلى أن أضواء المراقبة والكاميرات تعمل على مدار الساعة، وأن عديدًا من السجناء يعانون من نقص الرعاية الطبية. وأضافت المجموعة أن هناك ثماني وفيات مسجلة في السجن بسبب «الإهمال الطبي المتعمد».
وقالت الحملة في بيان إن «السجناء في بدر ما زالوا محتجزين في ظروف قاسية وغير إنسانية وعقابية».
وأوضحت المجموعة أنه ومنذ اللحظة التي نُقل فيها السجناء إلى سجن بدر، سلطت الرسائل والمناشدات الضوء باستمرار على الظروف المزرية للاعتقال، بما في ذلك التعذيب الجماعي المنهجي، ووصف البعض الوضع بأنه «أسوأ ألف مرة من سجن العقرب».
كما لاحظت المجموعة أن السجناء محرومون من الاتصال بأسرهم ومحاميهم، وأفاد عديد من أسر المحتجزين أن زياراتهم «لا تتجاوز 20 دقيقة وأنها تتم بحضور الحراس وموظفي السجن».
في غضون ذلك، وثقت منظمة العفو الدولية أن السجناء في سجن بدر 3 محتجزون في «ظروف قاسية وغير إنسانية».
وشجبت منظمة العفو الجهود المصرية لتصوير السجن على أنه يطوي صفحة عن ثقافة السجون السيئة في البلاد.
وقالت منظمة العفو إنه بينما فُتح السجن «وسط ضجة كبيرة من السلطات»، في الواقع، «يواجه السجناء الانتهاكات الحقوقية نفسها التي أفسدت المؤسسات القديمة مرارًا، مما يكشف عدم وجود إرادة سياسية من السلطات المصرية لإنهاء أزمة حقوق الإنسان في البلاد».
أظهرت دراسة نشرتها الشبكة العربية لحقوق الإنسان في مارس أن مصر تحتجز ما يقدر بنحو 65 ألف سجين سياسي، جرى اعتقالهم بسبب معارضتهم لحكومة السيسي.
ولقي مئات الأشخاص حتفهم في السجن منذ انقلاب السيسي، بسبب الإهمال الطبي وعدم وجود نظام رعاية عاجلة عندما يعاني معتقل من حالة طبية طارئة، بما في ذلك مرسي والنائب السابق عصام العريان.