أتلانتك كاونسيل: الحرية والازدهار والتنمية البشرية في مصر- لماذا الحرية مهمة ؟

التاريخ : الثلاثاء 19 سبتمبر 2023 . القسم : اقتصاد

نشرت مجلة أتلانتك كاونسيل مقالًا للكاتب محمد فريد تناول فيه كيف تمثل الحرية والازدهار والتنمية البشرية أهمية كبيرة لمصر. 

وقال الكاتب إن حكومة مصر واجهت تحديات غير مسبوقة منذ عام 2011. على المستوى الدولي، كان لعدم الاستقرار والحروب الأهلية في البلدان المجاورة، إلى جانب الأزمات العالمية المستمرة الناجمة عن جائحة كوفيد 19 وتداعياتها، واضطرابات سلسلة التوريد، والغزو الروسي لأوكرانيا، والتشديد العام للسياسة النقدية تأثيراتها العابرة للحدود. وعلى المستوى الوطني، شهدت مصر أيضًا انتفاضتين كبيرتين - في عامي 2011 و 2013 ، وحربًا على الإرهاب، ونموًا سريعًا في عدد سكانها الشباب، وفقًا للكاتب.

ولمعالجة هذه الأزمات، اعتمدت الحكومة اعتمادًا كبيرًا على تدخل الدولة لدفع النمو وخلق فرص العمل من خلال توسيع وتعزيز السلطات الاقتصادية العامة والشركات المملوكة للدولة. وقد أدى ذلك إلى تقييد الحرية الاقتصادية وأعاق نمو القطاع الخاص، حتى قبل وقوع الغزو الروسي. ومن يوليو 2021 إلى فبراير 2022، بلغ متوسط مؤشر مديري المشتريات في مصر 48.8.

وأضاف الكاتب أن سياسات الحكومة وتدخلاتها واستثماراتها الضخمة في الأنشطة غير القابلة للتداول والبنية التحتية أدت إلى بعض التحسينات في مستويات المعيشة وتصنيف أفضل على مؤشر التنمية البشرية، كما يتضح من البيانات. 

ومع ذلك، لا يزال هذا التقدم متواضعا. وعلى الرغم من هذه التحسينات، لا تزال نوعية الخدمات رديئة، ولا تزال هناك حواجز تحول دون الحصول عليها. وأدت بيئة الاقتصاد الكلي غير المواتية إلى انخفاض نشاط القطاع الخاص، رغم أنها لا تزال تفوق أداء القطاع العام. علاوة على ذلك، هناك بعض المؤشرات المقلقة المتعلقة بـ «هجرة العقول» من القطاع العام إلى القطاع الخاص داخل مصر، وكذلك إلى بلدان أخرى.

وأدت الحرب المستمرة في أوكرانيا، وارتفاع التضخم - لا سيما أسعار المواد الغذائية - إلى جانب تدفق كبير إلى الخارج بنحو 21 مليار دولار أمريكي في استثمارات المحافظ خلال السنة المالية 2021/22، إلى انخفاض مفاجئ في الاحتياطيات وزيادة الضغط على الميزانية. وكما ذكرت مارجريت تاتشر الشهيرة، «مشكلة الاشتراكية هي أن أموال الآخرين تنفد في النهاية»، والتي أصبحت في حالة مصر حقيقة واقعة. ونتيجة لذلك، من المتوقع أن يرتفع معدل الفقر وأن تتدهور مستويات المعيشة لملايين المصريين.

لذلك، سيتطلب تحسين حياة الناس وتحريرهم من الفقر في نهاية المطاف سوقًا حرة نابضة بالحياة حيث يمكن للقطاع الخاص أن يزدهر ويخلق فرص عمل لائقة، مع ضمان استثمارات عامة فعالة في رأس المال البشري. وقد أثبت التاريخ والبحث أن الحريات الاقتصادية والسياسية شرط أساسي لتحقيق هذا الهدف. وليس من المستغرب أن تكون البلدان التي تتصدر مؤشر التنمية البشرية على رأس مؤشرات الحرية والازدهار.

لذلك، لكي تتغلب مصر على تشوهاتها الهيكلية والتحديات الهائلة المتمثلة في الحد من الفقر وتحسين مستويات المعيشة، هناك حاجة ماسة إلى دور محدد جيدًا للدولة في الاقتصاد، وتحسين الحكم، وتخصيص الموارد العامة بكفاءة. وسيمكن ذلك من تحقيق النمو بقيادة القطاع الخاص، إذ يمكن إيجاد فرص العمل وتوليد المزيد من الإيرادات، مما يسمح بتنمية العمال الأصحاء والمهرة، وتهيئة بيئة اقتصادية أكثر استقرارًا وأقل عرضة للصدمات والأزمات الخارجية. وسيكون توسيع نطاق الحماية الاجتماعية للفقراء وتحسين الصحة والتعليم للجميع خطوات حاسمة نحو تحقيق هذا الهدف.

ولا يمكن تحقيق ذلك بدون مزيد من الحرية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. ومن الضروري أن تنظر حكومة مصر إلى الأزمة الحالية على أنها فرصة لمزيد من الإصلاح وتنفيذ إجراءات أكثر صرامة لتقليل مشاركة الدولة في الاقتصاد ووضع إطار واضح للعلاقة بين الدولة والقطاع الخاص. ومن الخطوات الحاسمة أيضاً تحسين سياسات المنافسة وإزالة الحواجز التجارية. بيد أن هذه الخطوات لا يمكن أن تنجح بدون إدارة أفضل ومزيد من الشفافية.