السيسي يردّ على انتقادات عسكرة الوظائف المدنية
التاريخ : الثلاثاء 26 سبتمبر 2023 . القسم : أمني وعسكري
هاجم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعض الانتقادات بشأن "عسكرة الوظائف المدنية"، من طريق إخضاع المتقدمين للوظائف الجديدة في وزارات مثل التربية والتعليم والمالية والنقل والأوقاف للاختبارات داخل الأكاديمية العسكرية بالكلية الحربية، واشتراط حصولهم على دورات حول "الولاء" و"مقتضيات الأمن القومي" بالأكاديمية مدتها 6 أشهر، من أجل التعيين في الوظائف الحكومية.
وقال السيسي، ضمن فعاليات الاحتفال بيوم تفوق جامعات مصر، الثلاثاء، إن "ما تردده بعض العناصر باتهام الدولة بعسكرة المعلمين، أو غيرهم من الذين يحصلون على تدريب وتأهيل في الأكاديمية العسكرية المصرية، هي مجرد شائعات وأكاذيب وإفك يقولونه للناس. حين كنا نعلن قبول معلمين في مرحلة التعليم الأساسي، كان التقديم يكون من خلال وزارة التربية والتعليم وموقعها الإلكتروني، وبالتالي كانت هناك شكاوى حول معايير الانتقاء، لأنها عبارة عن معايير عامة جداً".
وأضاف: "وضعنا برامج للتقييم والاختبار للعناصر المتقدمة لشغل هذه الوظائف، وقررنا خضوعهم للاختبارات بالأكاديمية العسكرية لأن المجتمع شهد حالة كبيرة من التطور، وكان يجب النظر جيداً في مهارات المعلم وانتماءاته واستعداده لخدمة وطنه. وبدلاً من تسليم المعلم الجديد لمدير المدرسة لتعليمه، وجدنا فرصة لتأهيله في الأكاديمية، بحيث يكون مهتماً بالرياضة، ويصحو مبكراً من خلال برنامج عمل يؤهله".
واستطرد السيسي: "لو أقدر على عمل ذلك في كل مؤسسات الدولة لفعلته، لأن الجهاز الإداري للدولة يحتاج لأن يكون أكثر التزاماً وانضباطاً وقدرة على العطاء. وكل ما فعلناه أننا أخذنا هؤلاء لمدة 6 أشهر حتى ننتقي من بينهم، ونجهزهم جيداً لهذه الوظائف، ولو كان عندي فرصة أكرر ذلك مع 30 ألف معلم من المخطط تعيينهم فلن أتردد"، على حد تعبيره.
وزاد قائلاً: "نريد من هؤلاء المعلمين أن يستفيقوا مبكراً في السادسة صباحاً، وأن ينتبهوا لممارسة الرياضة، وهو ما حدث سابقاً مع المتقدمين لشغل وظائف في وزارتي النقل والمالية. فنحن نريد أن نعيد صياغة الشخصية، وليس عسكرتها، وإنّ من يقول إننا نعسكر الوظائف يستهدف التشويه والإساءة، وبث السموم في عقول وقلوب الناس، وتحطيم الأمل في الغد".
وبات الجيش في مصر مسؤولاً عن تدريب واختبار أي متقدمين للوظائف العامة في الجهاز الإداري، وإخضاعهم لدورات في الأكاديمية العسكرية بناءً على تعليمات مباشرة من السيسي، وذلك للتأكد من ميولهم السياسية تجاه السلطة الحاكمة، ومنع تسرب أي معارضين لها في جهاز الدولة.
وصدق السيسي في عام 2021 على تعديل قانون الفصل بغير الطريق التأديبي رقم 10 لسنة 1972، القاضي بفصل أي موظف في الجهاز الإداري للدولة يَثبُت انتماؤه إلى جماعة "الإخوان المسلمين"، في مخالفة صريحة لأحكام الدستور الذي نص على "عدم التمييز بين المواطنين أمام القانون بسبب الانتماء السياسي أو لأي سبب آخر".
وكان نواب في البرلمان قد تقدموا بأسئلة إلى الحكومة بشأن استبعاد أصحاب الوزن الزائد، والنساء الحوامل واللواتي أنجبنَ حديثاً، من اختبارات الأكاديمية العسكرية للمعلمين الجدد، بغضّ النظر عن اجتيازهم الاختبارات التربوية والتعليمية لشغل الوظيفة.
السيسي: تخصصات جامعية كثيرة فرص عملها "منعدمة"
من جهة ثانية، قال الرئيس المصري، إن "السنوات العشر الماضية (فترة حكمه) مثلت مرحلة انتقالية لسد الثغرات والفجوات التي كانت موجودة في كل قطاعات الدولة"، مؤكداً أنه "لم يقل للمصريين كلاماً معسولاً أو أنه سيحقق كذا (عند توليه السلطة)، بل أنه قال سنعمل وفقط حتى يوفقنا الله تعالى".
وأضاف السيسي، في لقاء عقده مع أعضاء المجلس الأعلى للجامعات، أنه "لا يريد أن يسمع كلاماً جميلاً عن الوضع الحالي، بل إن هدفه هو التوصيف الحقيقي لواقع مصر، حتى يمكن وضع حلول للمساهمة في تقدم الدولة، واستعادة الثقة في مؤسساتها، وبناء الأمل".
وأطلق السيسي سلسلة من الوعود حول تحسين الأوضاع في البلاد، منذ ترشحه للرئاسة للمرة الأولى في عام 2014، بدايتها كان مع ظهوره في لقاء مع الإعلاميين إبراهيم عيسى ولميس الحديدي، في 6 مايو/أيار 2014، حين قال إن "المواطن المصري سيشعر بتحسن خلال عامين. تحسن في الاقتصاد والتعليم والصحة، وفي حياته عامة".
كما وعد السيسي، في 13 إبريل/نيسان 2016، بأن "أسعار السلع الأساسية لن ترتفع، حتى لو زاد سعر صرف الدولار مقابل الجنيه"، بينما قفزت أسعار بعض السلع الهامة بنسب تصل إلى 300%، ومن أبرزها الأرز والسكر وزيت الطعام.
وفي 28 ديسمبر/كانون الأول 2016، طلب السيسي من المصريين مهلة جديدة قوامها ستة أشهر، وبعد مرور نحو عامين طالبهم بالصبر، قائلاً: "اصبروا وسترون العجب العجاب في مصر". ولاحقاً، وعد المواطنين بأنهم "سيرون دولة ثانية في 30 يونيو/حزيران 2020".
وتابع السيسي، في كلمته أمام المجلس الأعلى للجامعات، أن "الدولة أنهت 50% من البنية الطبية المطلوبة، حيث إن المطلوب هو الوصول إلى 1400 مستشفى مقارنة بعدد السكان الحالي في مصر، فيما يبلغ العدد 700 مستشفى فقط"، مستطرداً بأن "الجهود المبذولة في قطاع الصحة لا تساوي حجم العمل المطلوب، وذلك لوجود اعتبارات أخرى"، وفق قوله.
وزاد: "يجب طرح الأفكار العلمية في مواجهة التحديات التي تعاني منها الدولة، وكثير من التخصصات التي تدرس في الجامعات المصرية حالياً فرص عملها منعدمة، فالشاب الذي يدرس في كلية الآداب ماذا سيعمل؟ هذا الكلام معروف منذ 15 عاماً، بينما سوق العمل داخل مصر أو خارجها يتيح مئات الآلاف من الفرص بمجال مثل الرقمنة".
واستدرك السيسي: "لا أتحدث هنا عن جودة التعليم، أو أن أقلل من كلية مثل الآداب، ولكن ما أقوله إننا قد نحتاج نسبة من هذه التخصصات، وليس للأعداد الكبيرة التي تتخرج منها سنوياً. وما حدث في السنوات الماضية استهدف تحسين البنية التحتية لقطاع التعليم العالي، وحاولنا بأفكار مثل الجامعات الأهلية تعويض الفجوة التي نحتاج جميعاً أن نفهمها"، على حسب تعبيره.
وأكمل: "علينا أن ندير حواراً مجتمعياً حول أي طرح جديد لتطوير التعليم، ومبلغ الـ160 مليار جنيه الذي خصصته الموازنة العامة لوزارة التربية والتعليم ليس كافياً، لأن وجود نحو 25 مليون طالب في مراحل التعليم المختلفة يحتاج إلى تريليون جنيه على الأقل، ولكننا غير قادرين على تلبية ذلك في الوقت الراهن"، خاتماً أنه "وجه الحكومة مؤخراً بإنشاء 100 مدرسة جديدة بمواصفات متميزة بكلفة تصل إلى 15 مليار جنيه، بحيث تدخل الخدمة في غضون عام من الآن".
وكفل الدستور المصري حق التعليم المجاني والإلزامي للتعليم الأساسي والثانوي، وألزم الحكومة بزيادة نسبة الإنفاق على التعليم إلى 6% من الناتج المحلي، تقسم إلى 4% للتعليم قبل الجامعي و2% للتعليم الجامعي.
ومع ذلك، تراجعت المخصصات الدستورية للتعليم في آخر ميزانية للدولة (2023-2024) إلى نسبة 1.9% من الناتج المحلي، بمبلغ نحو 239 مليار جنيه من إجمالي 11.8 تريليون جنيه، ما أدى إلى فجوة كبيرة بين الإنفاق الفعلي والنسبة الدستورية بقيمة تقدر بنحو 480 مليار جنيه (الدولار بنحو 31 جنيهاً).