أتلانتك كاونسيل: تأملات من أبوظبي.. هل يعرف الإسرائيليون حرب البسوس؟

التاريخ : الخميس 19 أكتوبر 2023 . القسم : أمني وعسكري

استعرض الكاتب ويليام ويكسلر في مقال نشرته مجلة أتلانتك كاونسيل بعض تأملاته التي خرج بها من حديثه مع مسؤولين كبار في أبو ظبي حول الحرب بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية. 

يقول الكاتب إنه توجه إلى أبو ظبي قادمًا من تل أبيب عقب هجوم حماس وقد أُتيحت له فرصة الحديث مع بعض المسؤولين البارزين في الإمارات والتي خرج منها ببعض التأملات التي أوردها في مقاله.

دفع ثمن إدانة حماس

أوضح الكاتب أن حكومة الإمارات العربية المتحدة تتعاطف تعاطفًا كبيرًا مع الشعب الفلسطيني، لكنها واضحة بشأن حماس، التي صنفتها منذ فترة طويلة بأنها منظمة إرهابية. لذلك، لم يكن مفاجئًا أن تصدر الإمارات، التي انضمت إليها البحرين الشريكة في اتفاقية إبراهام، أقوى إدانات العالم العربي لحماس بعد 7 أكتوبر بقليل. وأشارت الإمارات على وجه التحديد إلى أنها «فزعت» من احتجاز حماس مواطنين إسرائيليين كرهائن، بينما أصدرت البحرين «إدانة» لعمليات الاختطاف. 

في المقابل، أعلنت جارتهم قطر أن «إسرائيل وحدها هي المسؤولة عن التصعيد الحالي» - وهي وجهة نظر للأسف أكثر تمثيلًا للشارع العربي. وبالنظر إلى مدى صراحة الإمارات العربية المتحدة في الترويج لاتفاقيات إبراهام على مدى السنوات الثلاث الماضية، فإن الحكومة تشعر بأنها مكشوفة بشكل خاص وعرضة للتحولات في الرأي العام العربي الآن.

وأشار الكاتب إلى أن مسؤول حكومي كبير في الإمارات أخبره أنهم فخورون بهذا التصريح - الشعور الذي سمعته من الكثيرين هنا هو أنه كان الشيء الصحيح الذي يجب فعله. ومع ذلك، فقد علموا أيضًا مسبقًا أن تكلفة وضع الإمارات على أنها «صوت عقل» - وهي عبارة أخرى سمعتها متكررة عدة مرات - لن تكون من دون ثمن.

وفي كل من وسائل التواصل الاجتماعي المحلية والعربية، تدفع البلاد هذا الثمن اليوم. وفي الوقت نفسه، أوضح المسؤولون الإماراتيون أيضًا أن العلاقات الاقتصادية بين الإماراتيين والإسرائيليين ستستمر على الرغم من الحرب المقبلة وأنه، كما قال وزير الدولة الإماراتي للتجارة الخارجية ثاني بن أحمد، «نحن لا نخلط الاقتصاد والتجارة مع السياسة».

في السر وخلف الكواليس، وحسب ما يلفت الكاتب، يأمل الكثيرون هنا أن تقضي إسرائيل بنجاح على حماس وأن تفعل ذلك بسرعة خاصة، قبل أن تخرج المشاعر العامة العربية عن السيطرة.

وبالتأكيد تتوقع إسرائيل أن هذه التصريحات ستمثل على الأرجح ذروة الدعم المعلن الذي ستحصل عليه من الإمارات خلال الحرب. علنًا، ستؤكد الإمارات الآن على ثلاثة مواضيع للمضي قدمًا: العمل نحو وقف تصعيد الصراع، ومن المحتمل أن تلعب مصر دورًا رئيسًا، والدعوة إلى عودة المحتجزين، مع سعي قطر للتأثير على حماس، وتقديم الدعم الإنساني للشعب الفلسطيني، وهو مجال تركيز للإمارات وللرئيس محمد بن زايد شخصيًا، بعد أن وجه بالفعل عشرين مليون دولار في شكل مساعدات. لذلك من غير المرجح أن تتضمن الدبلوماسية الإماراتية المستقبلية خطابًا مناهضًا لحماس وستتبع على الأرجح البيان المشترك الأخير الصادر عن مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي، والذي دعا إلى «ضبط النفس».

أشار بعض المسؤولين الذين تحدثت معهم أن إسرائيل قد تضطر إلى التفاوض على وقف إطلاق النار مع حماس في وقت أقرب مما يظن المراقبون. ومع ذلك، يرى الكاتب أن هذا السيناريو غير واقعي، خاصة على المدى القريب، موضحًا أن الجمهور الإسرائيلي ليس في حالة مزاجية لتقديم تنازلات، تمامًا كما لم تكن الولايات المتحدة في حالة مزاجية لتقديم تنازلات مع القاعدة بعد 9/11. 

ومن المؤكد أن الإماراتيين يتفهمون المشاعر السائدة، مثلما كان الحال عندما تأثر محمد بن زايد وشعبه بشدة بهجوم الحوثيين في 2022 على أبو ظبي، وهو حدث شبهوه مرارًا بأحداث 11 سبتمر. ومن المرجح أن تقابل أي انتكاسات مستقبلية محتملة في حرب إسرائيل ضد حماس بطفرات لمضاعفة القتال وليس المفاوضات لإنهائه.

ثلاثة سيناريوهات مقلقة

ووفقًا للكاتب، وحتى لو انتصرت إسرائيل بسرعة نسبيًا ضد حماس، فإن المسؤولين الإماراتيين مهتمون بثلاثة سيناريوهات أخرى.

الأول، أن يفتح حزب الله جبهة شمالية، والتي يمكن أن تمتد بسرعة إلى سوريا وإيران وحتى إشراك الولايات المتحدة - الأمر الذي من المحتمل أن يضع الإمارات على الخطوط الأمامية أيضًا. ويدرك الجميع أنه إذا أصاب صاروخ أو طائرة مسيرة من إيران ناطحة سحاب واحدة في دبي، فإن معظم الرعايا الأجانب هنا سيغادرون على الفور الإمارات وسينهار الاقتصاد الإماراتي غير النفطي. وهكذا كانت الإمارات العربية المتحدة جزءًا من موجة الدبلوماسية المكوكية في جميع أنحاء المنطقة خلال الأسبوع الماضي لإرسال تحذيرات إلى إيران وحلفائها. 

ونوّه الكاتب إلى أنه خرج من هذه المناقشات باعتقاد أن واشنطن إذا لم تكن قد فعلت ذلك بالفعل، فيجب على إدارة بايدن العمل مع الإمارات على خطط طوارئ مشتركة للرد على الفور إذا استهدف الحوثيون، بناءً على طلب إيران، الإمارات مرة أخرى.

ويتمثل السيناريو الثاني المثير للقلق الشديد في احتمال أن يقوم المتظاهرون، الغاضبون من مقاطع فيديو للفلسطينيين الذين يعانون في غزة والتي يحرضها جهات فاعلة مثل الإخوان المسلمين، بتوسيع احتجاجاتهم، وإطلاق أعمال شغب في النهاية، وربما تُشكل تلك الاحتجاجات تهديدًا لاستقرار دول مثل مصر والأردن - شركاء أمنيون رئيسون لإسرائيل.

وهذا السيناريو ليس بعيد المنال؛ فقد. أطاحت انتفاضة بالحكومة المصرية في عام 2011، مما أدى إلى تشكيل حكومة إخوان مسلمين منتخبة هناك حتى أدت الجولة الثانية من الاحتجاجات الشعبية إلى الانقلاب العسكري في عام 2013 - وأبو ظبي بالتأكيد ليست حريصة على إعادة تلك الأحداث.

وعلاوة على ذلك، يتذكر المسؤولون كيف هددت المنظمات الفلسطينية النظام في الأردن في عام 1970 ثم ساهمت في الحرب الأهلية اللبنانية في وقت لاحق من ذلك العقد. وتشارك مصر بالفعل في حملة لمكافحة الإرهاب في سيناء، لذلك لن تكون هناك شهية لمصر لجلب مليوني غزي إلى أراضيها قد يهددون القاهرة لاحقًا.

وأضاف الكاتب أن الهاجس الثالث ينبع من حالة عدم اليقين السائدة حول الخطط الإسرائيلية لغزة بعد الانتصار على حماس، مشيرًا إلى أن المسؤولين الإماراتيين الذين تحدث إليهم كانوا يأملون في أن تقدم إسرائيل قريبًا تأكيدات معلنة بأنها، بعد هزيمة حماس بالكامل، ستسمح للفلسطينيين الأبرياء بالعودة إلى المناطق التي فروا منها، وسوف ترحب بالتمويل الإنساني من أماكن مثل الإمارات، وستتراجع إلى حد كبير عن القيود التي فرضتها إسرائيل على غزة بعد تولي حماس السلطة في عام 2007.

ويتابع الكاتب أن البديل هو سيناريو ينتهي فيه المطاف بإسرائيل وقد اتخذت، بدافع فقط من الرغبة المفهومة في الانتقام من حماس، إجراءات تبعد في النهاية أصدقائها العرب الجدد، لافتًا إلى أن أحد المسؤولين الإماراتيين سأله عما إذا كان الإسرائيليون على دراية بقصة حرب البسوس، وأوضح أنه قبل أكثر من مائة عام من ظهور الإسلام، اندلعت حرب بين قبيلتين في الجزيرة العربية في البداية بسبب قتل ناقة، ولكن من خلال دورة متصاعدة من الانتقام والثأر استمرت لأربعين عاما وجلبت دمارًا كبيرًا. وفي النهاية، وجد أولئك الذين ركزوا فقط على الانتقام أنفسهم وحدهم، واضطر أصدقاؤهم للتخلي عنهم.