بلومبرج: جميع الأطراف تتودد إلى مصر باعتبارها محورية للاجئي غزة
التاريخ : الأحد 22 أكتوبر 2023 . القسم : أمني وعسكري
استعرض تقرير لوكالة بلومبرج الدور المحوري الذي يمكن أن تلعبه مصر في مسألة تدفق اللاجئين من غزة والذي لفت انتباه العالم لضرورة دعم مصر في أزمتها الاقتصادية.
وقالت الوكالة الأمريكية إن الحرب بين إسرائيل وحماس سلطت الضوء على دور مصر باعتبارهًا لاعبًا إقليميا محوريا، ومن المحتمل أن تكسبها الدعم الغربي وهي تحاول الهروب من أزمة اقتصادية طاحنة.
ومن خلال العلاقات القائمة منذ فترة طويلة مع إسرائيل والحدود مع غزة، يتشكل موقف مصر بوصفها أساسًا لمصير أي لاجئ والتدفق المستمر للمساعدات لسكان المنطقة المحاصرة بعد أن قطعت إسرائيل الإمدادات الحاسمة ردًا على هجوم حماس.
فرصة سانحة
وتلفت الوكالة إلى أن وضع مصر يمنحها فرصة سانحة في الوقت الذي تصارع فيه أسوأ توقعاتها الاقتصادية منذ عقود ويستعد الرئيس عبد الفتاح السيسي للانتخابات في أقل من شهرين. ومع ذلك، يُنظر إلى مجموعة من الاعتبارات المحلية والإقليمية على أنها تستبعد أي صفقة لاجئين محتملة.
تحدثت الحكومة الإسرائيلية إلى نظرائها في عدة دول حول إيواء مصر مؤقتًا للفلسطينيين الفارين من العنف في غزة، وفقًا لمسؤولين مطلعين على الأمر. وقال المسؤولون إن إسرائيل اقترحت إمكانية نقلهم إلى مخيمات لجوء في سيناء - بتمويل من الأمم المتحدة والولايات المتحدة - ثم إعادتهم بمجرد انتهاء العمليات العسكرية. ومن غير الواضح ما إذا كانت إسرائيل قد طرحت الفكرة مباشرة على مصر.
ونقلت الوكالة عن ميريت مبروك، مديرة برنامج مصر في معهد واشنطن، قولها «من الواضح أن الأمل لدى إسرائيل والجانب الأمريكي كان أن تقبل مصر الحوافز الاقتصادية، في وقت تعاني فيه من أزمة اقتصادية، للسماح لسكان غزة بدخول مصر»..
ومع ذلك، قالت «لا يوجد جمهور يعارض عقودًا من السياسة بشأن عدم السماح بالنزوح الفلسطيني»، في حين أن الإغراءات «قد ينتهي بها الأمر إلى أن تصبح مسؤولية سياسية، خاصة في عام الانتخابات».
أكبر من أن تفشل
ولفتت الوكالة إلى أن عديدًا من الاقتصاديين والمصرفيين والمستثمرين هذا الشهر في المغرب خلال الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي تحدثوا في الإطار ذاته، وهم يرون أن مصر من المرجح أن تتلقى بعض الدعم الاقتصادي، مهما كان موقفها من اللاجئين. وذكّرت الأزمة اللاعبين العالميين بوضع القاهرة باعتبارها محورًا إقليميًا لا غنى عنه، مما رسخ فكرة أنها أكبر من أن تفشل.
وقال أشخاص مطلعون على المناقشات لبلومبرج هذا الشهر إن مصر، التي توصلت إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي في ديسمبر، تجري بالفعل محادثات بشأن زيادة برنامج الإنقاذ هذا إلى أكثر من 5 مليارات دولار من 3 مليارات دولار.
ومن المحتمل أن يضغط المساهمون الرئيسون في صندوق النقد الدولي في الولايات المتحدة وأوروبا على الصندوق الدولي في واشنطن لتخفيف متطلباته والمضي قدمًا في البرنامج على الرغم من بطء وتيرة الإصلاحات في القاهرة، وفقًا لريكاردو فابياني، مدير مشروع شمال إفريقيا في مجموعة الازمات.
وذلك أيضًا لأن الصراع الحالي يعمل على تسليط الضوء على عدم الاستقرار المتزايد على جميع جوانب مصر، في ليبيا والسودان والآن في غزة. وقال فابياني إن ذلك يدفع الولايات المتحدة وأوروبا إلى النظر في ضرورة ضمان أن «تظل القاهرة شريكًا مستقرًا وموثوقًا به في المنطقة، وذلك في ضوء كونها تيستحق الدعم الخارجي».
وكان هناك دليل على هذا التركيز الدولي يوم السبت عندما استضاف السيسي ما وصف بأنه «قمة من أجل السلام» في القاهرة، بحضور قادة الشرق الأوسط وأوروبا.
موجة دبلوماسية
وأضافت الوكالة أن الموجة الدبلوماسية الأخيرة التي تركزت على القاهرة شكلت شيئًا من العودة إلى دور مصر التقليدي الذي ظهر بشكل بارز في كل نقاش حول سياسات القوة في جميع أنحاء المنطقة في النصف الأخير من القرن العشرين.
وفي الأيام التي تلت شن حماس، التي صنفتها الولايات المتحدة وأوروبا جماعة إرهابية، هجومها على إسرائيل، استدعى السيسي مجموعة من قادة العالم. وأعاد الرئيس الأمريكي جو بايدن التأكيد على «الشراكة الاستراتيجية الدائمة» بين البلدين في مكالمة هاتفية. وأشاد المستشار الزائر أولاف شولتز بالوحدة الألمانية المصرية في العمل على منع نشوب «حريق» في الشرق الأوسط. والتقى الرئيس الصيني شي جين بينغ برئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في بكين.
وقال روبرت ساتلوف، المدير التنفيذي في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن الحرب «تؤكد الدور المهم الذي لعبته مصر دائمًا في مواجهة القضايا الأمنية في غزة وحولها».
مغازلة السيسي
وقالت الوكالة إن هذه الحكومات نفسها تغازل السيسي الآن للمساعدة في تخفيف الضغط على غزة. لكنه رفض أي اقتراح بأن تستضيف مصر لاجئين من غزة، واقترح على إسرائيل بدلًا من ذلك استقبال الفلسطينيين في صحراء النقب. وقال الأربعاء «يمكنهم نقل الفلسطينيين إلى هناك حتى تنفذ إسرائيل خطتها المعلنة بالقضاء على حماس».
تستضيف مصر بالفعل حوالي 9 ملايين لاجئ ومهاجر آخر من دول من بينها سوريا والسودان واليمن وليبيا. وقد يُشكل فتح طريق للفلسطينيين أيضًا خطرًا أمنيًا جديدًا في سيناء.
وقال ساتلوف من معهد واشنطن إنه في حين أن مصر يمكن أن تستوعب عددًا معينًا من الناس، فإن العواقب السياسية المحلية ستكون «ضخمة»، مضيفًا أن «القيادة السياسية تعتبر هذا خطا أحمر لا ينبغي تجاوزه وتفضل مواجهة ضائقة مالية متفاقمة على قبول عدد كبير من اللاجئين».
مخرج
وأوضح الكاتب أن أحد طرق الخروج من المعضلة قد يتمثل في أن تقدم مصر للسعودية دورًا مشاركًا في قيادة القضية الفلسطينية للعالم العربي مقابل الدعم المالي، وفقًا للاستراتيجيين. وقد يرحب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي يدرك الغضب الداخلي من إسرائيل، بمثل هذه المبادرة لتعزيز صورته الإقليمية، رغم غيابه عن قمة السبت.
وقال فابياني من مجموعة الأزمات إن الوضع المتقلب قد يوفر لمصر فرصًا أخرى للقيام بدور الوساطة الذي يمكن مكافأته.
وقال إن مصر ستحاول في الوقت الحالي لعب دور بناء «على أمل أن يجري الاعتراف بمساهمتها من شركائها الدوليين والإقليميين وربما مكافأتها اقتصاديًا».