الشاهد – محمد الباز – حلقة الإثنين 05-06-2023
التاريخ : الثلاثاء 06 يونيو 2023 . القسم : سياسية
مضامين الفقرة الأولى: شهادة خالد يوسف عن أحداث يونيو 2013
قال المخرج خالد يوسف إن خطر جماعة الإخوان لم ينته، لأسباب تتعلق بأن المسألة فكرة، والفكرة مازالت باقية. وأضاف أنه عندما يتم مواجهة الإخوان أمنيًا، مثلما واجهتهم أمنيًا وانتصرت عليهم، فأين سيتواجد أولاد الإخوان وتلاميذهم وكتبهم، معقبًا: «المشوار طويل، وحتى نستطيع أن ننتهي من التطرف الديني بشكل عام، فإننا بحاجة إلى عمليات كبيرة جدًا». وأوضح أن خطر الإخوان لن ينتهي في سنة أو سنتين أو عشر سنوات، لافتًا إلى أن المسألة قد تستغرق أجيال يتم تربيتها وجدانيًا بأن لا يقع فيهم أحد في خانة أن يخرج ويمسك بمدفع ويصبح إرهابي. وأشار إلى أن ذلك لن يتأتى إلا من خلال دخول الثقافة بأن نربي أبناءنا بأن يكون لديهم تذوق فني، من خلال البالية والمسرح وغيرها من الفنون، بحيث لا ينبت إخواني جديد ولا ينبت إرهابي جديد، وذلك عبر امتلاك اجتهادات فكرية تدحض فقه وأفكار وأولويات الجماعة، وكذلك إنشاء أجيال من تربة إنسانية مثقفة، حيث من المستحيل أن نجد إرهابي كان متذوقًا للفنون.
وذكر أن أول بيان صدر من المتظاهرين من داخل وزارة الثقافة، أنهم سيظلون معتصمين حتى يوم 30 يونيو، عندما يخرج الشعب لإسقاط النظام سيكونون في الصفوف الأولى. وأضاف أن مسيرة المثقفين بدأت تتحرك يوم 30 يونيو من وزارة الثقافة لميدان التحرير، وتحرك هو مع مجموعة أخرى من ميدان الجلاء، فشاهد مجموعة ضباط صغار خارجين من نادي ضباط الشرطة في شيراتون القاهرة، عندما رأوا المتظاهرين، يهتفون يسقط النظام، هتف الضباط أيضًا يسقط النظام، فحمل المتظاهرون الضباط على أكتافهم.
وأكد أن الضباط لم يكونوا في مهمة رسمية، مردفا: «هذا الالتحام استغله الإخوان لترديد أكاذيبهم أن ثورة 30 يونيو من صنع مؤسسات الدولة والجيش، لكن الحقيقة أن وجدان مؤسسة الدولة هو وجدان الشعب المصري، وقوامهم من المواطنين، طبيعي المؤسسات لو عندها وعي أكبر من وعي الشعب، وأنا دائمًا أقول الشعب هو المعلم والقائد، يكونوا مدركين لخطورة المشروع الإخواني».
وبيَّن أن الضباط نزلوا مع الشعب كمواطنين، ولم يكن هناك تعليمات من مؤسسات الدولة بالنزول، وكان الإخوان يسيطرون على الوزارات، حيث أغلب الوزراء من الإخوان، والمحافظين من إخوان، لكن وجدان الشعب المصري واحد، الكل مع فكرة رحيل الإخوان ومرسي.
وأضاف أن وزير الداخلية آنذاك محمد إبراهيم طلب لقاء القوى الوطنية وقادة تمرد، لكنهم رفضوا، وكان تقديرهم للموقف إن الشرطة ستضرب المتظاهرين في 30 يونيو، وكان مانشيت الصحف "تمرد ترفض لقاء وزير الداخلية" وأردف: «كلمني اللواء علاء محمود مسئول العلاقات العامة، وكان صديقي وقال لي الناس ترفض مقابلة وزير الداخلية، وهو عنده كلام مهم ممكن تقابله؟ رجعت للناس، وقلت يبدو إن فيه كلام لا بد أن نسمعه، وافقوا على ذهابي، وذلك اللقاء اعتبره خالد الشاطر أنه مؤامرة من الدولة والجيش على الإخوان». وذكر أن وزير الداخلية أراد أن يطمئن المتظاهرين أنهم لن يُضربوا، وأن الداخلية ستحمي المتظاهرين حال حدوث عنف تجاههم، وكانت وجهة نظره، أن المتظاهرين عندهم فكرة مسبقة أن الشرطة ستضربهم فيبدأوا هم الاحتكاك بالشرطة، وتندلع معركة لا داع لها، مضيفًا أنه لما عاد إلى جبهة الإنقاذ أخبرهم بما دار، وسألوني أصدقتهم؟ فأجبت أنا صدقته بنسبة مليون في المئة، وأنا رجل أفهم في الكذب.
وكشف أن تصوير مشهد خروج المتظاهرين يوم 30 يونيو 2013 كانت فكرته، التي سبق أن طرحها على الشئون المعنوية في 25 يناير 2011. وقال: «فكرة التصوير كانت عندي من يناير، كلمت الشئون المعنوية في 25 يناير، وطلبت يسمحوا لي أن أصور الميدان بطائرة، بغض النظر عن المآلات وموقفهم، لأنه جزء من تاريخ مصر سواء فشلت الثورة أو نجحت أنه ينبغي توثيقها، فكان الرد حينها إنهم سيقومون بالتصوير، أخبرتهم أن أريد التصوير بتقنيات سينمائية، لأن المادة من الممكن أن يفقدوها بسبب قلة الجودة، وفي 30 يونيو عملت نفس الحكاية».
وذكر أن الإخوان أعدوا سيناريو سلفًا لتكذيب المشهد في 30 يونيو، لافتًا إلى أن القيادي الإخواني عصام العريان، قال في مداخلة تلفزيونية في 28 يونيو قبل الثورة بيومين، إن أعداد المتظاهرين لا تتعدى الآلاف وإذا رأيتموهم ملايين فهذا من صنيعة مخرج ميوله معروفة.
وتساءل قائلًا: «لماذا ارتضى الإخوان في 11 فبراير عندما تنحي مبارك، أن تدير القوات المسلحة البلاد وتحمي الثورة؟ القوات المسلحة هي من حمت الثورة وانضمت لإرادة الشعب المصري في مطالبه في يناير، ولماذا عندما أيد الجيش الإرادة الشعبية في 30 يونيو أصبح انقلابًا؟ حتى الثوريين ارتضوا أن يؤمن الجيش الثورة في 18 يومًا». وأضاف: «لا يوجد أحد من شباب الثورة قاطبة إلا وسؤاله وهاجسه الأكبر هل الجيش سيحمي ثورة 30 يونيو؟ لأنه يعلم أن ضده بلطجية» وأردف: «لو الجيش لم ينزل لحماية ثوار 30 يونيو كانت ستصبح مهلكة، وكان الشعب ملَّ من المكوث في الميادين، جموع الملايين في الميادين ستقل تدريجيًا، خاصة أننا كنا مقبلون على شهر رمضان، وحينها سيهجم بلطجية الإخوان على الأعداد المتبقية، وهذه الخطة أعلنها نجل خيرت الشاطر لأحد الصحفيين، الذي قال نصًا: "نتركهم إلى رمضان، حتى تقل أعدادهم وننزل عليهم رجالتنا يقطعوهم"».
وأشار إلى أن أعداد المعتصمين الموالين لجماعة الإخوان الإرهابية في ميدان رابعة العدوية كانت قليلة، ولم تزداد إلا بعد 3 يوليو، عندما عُزل الراحل محمد مرسي. وكشف أنه صور جميع ربوع مصر في ذلك اليوم، حيث صور 30 ساعة، خلال 3 أيام، لم يذع منها سوى 15 دقيقة، ولم يستثن من التصوير إلا ميدان رابعة، تخوفًا من الاستهداف. وقال إنه فهم أنها تعليمات القيادة ألا تقترب الطائرة من رابعة حتى لا نُستهدف برشاش. ولفت إلى أنه استخدم في مسلسل "سره الباتع" بعض المشاهد التي صورها من ميدان التحرير وقصر الاتحادية واستخدم 4 محافظات، منها بلد حسن طوبار، وبلد محمد كريم، وبلد السلطان حامد. وقال إن مشهد 30 يونيو حضرت فيه الدولة، مبينًا أن الدولة ليست النظام، وإنما شعب وأرض وحكومة، قائلًا: «رأيت الدولة المصرية بكل قواها الناعمة الأزهر والكنيسة، والقوى الخشنة الجيش، مصر كلها كانت موجودة».
ولفت إلى أنه راعى الصدق في توصيف الإخوان دراميًا، معقبًا: «كنت أمين جدًا، تحدثت عنهم مثلما عرفتهم تمامًا». وأضاف أن دور "معتصم" الذي جسده الفنان علاء حسني، قدمته بأنه الإخواني الصرف الذي أعرفه وعاشرته، من الجامعة إلى الميدان، معقبًا: «نفذت كل مشاهداتي معهم منذ 2010 حتى 2013، وخبرتي بهم، هو الذي جعلني قدمت شخصية الإخواني معتصم، وجماعته بالشكل الذي أعتقد بأنهم عندما شاهدوه، قالوا بأن خالد يوسف كان يجلس بجوارنا». وأوضح أن كل تصرفات الإخوان والأحداث التي مروا بها، تمت روايتها من وجهة نظر المخرج خالد يوسف كما رآها، معقبًا: «قولت كل مشاهداتي مثلما رأيتها، مثل تخطيطهم لاقتحامهم للسجون، حيث قلت كل شيء بصدق شديد جدًا دون امتلاكي لأي درجة من درجات الثأر».
وبيَّن أن المقاربة التي قام بها بين الاحتلال الفرنسي والإخوان في المسلسل وجد خلالها أن الاحتلال الفرنسي اقترب من الهوية المصرية الوطنية، وحاول أن يغيرها، فلفظه المصريون، معقبًا: «كان ذلك أساس التحليل الذي توصلت إليه بأن الإخوان لن يستمروا كثيرًا». وأضاف أنه يعرف جيدًا ما الذي يقوم عليه مشروع الإخوان، معقبًا: «الدولة الوطنية المصرية ومكوناتها لا تعنيهم في شيء، الإخوان لا يعتنقون فكرة الأوطان، ووطنهم هو دولة الخلافة، وهي فكرة عالمية أو أممية مثل فكرة الشيوعية، إذ إنهم يريدون أن يجعلوا العالم كله تحت سيطرة تنظيم الإخوان». وتابع: "بدأت أنتبه إلى أن احتلال الإخوان قريب جدًا من الاحتلال الفرنسي، وإن كان كل احتلال يفكر بطريقته، لكنه في النهاية يحاول أن يغير من الهوية الوطنية، استنادًا لمشروع الخلافة وأستاذية العالم. ونوَّه بأنه تواصل مع نجيب ساويرس لعرض فكرة المسلسل عليه.
وقال إن الإخوان حاولوا كثيرًا التواصل معه وهو في الخارج، مشيرًا إلى أن الاختلاف مع النظام ليس مبررًا للتعاون مع الإخوان وخيانة مصالح الدولة المصرية، معقبًا: «بابي مغلق في هذه المنطقة، لأنه لو حكم مصر الهكسوس، سيكون عندي أخف من الإخوان». وأضاف أن الهكسوس محتل صريح، سيتعرض للطرد تحت أي ظروف، كما أن التتار أو أي محتل آخر يعتبر محتل صريح ولن يسكت عليه المصريون، حتى لو استمروا كثيرًا. وأوضح أن الوضع مختلف بالنسبة للإخوان كمحتلين، حيث إنهم يعتبروا مواطنين مصريين، لافتًا إلى أن احتلالهم سيكون خطرًا على تغيير الهوية، لأنهم لو كانوا استمروا أربع أو خمس سنوات، ستكون مصر غير التي هي الآن، لأنهم سيبدؤون في أخونة مفاصل الدولة، ومن ثمَّ تغيير عادات الناس. وتابع: «أنا لو مختلف مع النظام، فهو أمر مشروع في النهاية ويؤخذ منه ويرد، قد أكون على صواب أو على خطأ، لكن الذي لا يؤخذ منه ويرد هو أن أذهب وانضم لأساعد جماعة الإخوان بسبب اختلافي على سياسات مع النظام، في هذه الحالة أكون رجل أعمى البصر والبصيرة، أختلف مع النظام لكن على أرضية الدولة وعلى أرضية مصالح الدولة المصرية التي تعتبر أشياء لا يجب المساس بها».