تحركات مصرية لحسم ملف «الأسرى» وتسريع وتيرة المساعدات ووفد «حماس» يصل القاهرة خلال أيام

التاريخ : الاثنين 30 أكتوبر 2023 . القسم : أمني وعسكري

تستعد القاهرة لمستوى جديد من التحركات السياسية خلال الأيام المقبلة، وسط توقعات باستقبال وفد من قادة حركة «حماس»، وتكثيف الاتصالات مع الولايات المتحدة من أجل التوصل إلى تفاهمات أمنية جديدة تفضي إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، إضافة إلى زيادة وتيرة الضغوط المصرية لمضاعفة كميات المساعدات لسكان القطاع، مع تراجع وتيرة المخاوف الأمنية المرتبطة بإجراءات إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء المصرية.

وكانت مصر نجحت في إدخال عدد أكبر من شاحنات المساعدات الإغاثية إلى القطاع، إذ وصلت إلى قطاع غزة قافلة مكونة من 60 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية لسكان غزة عبر معبر رفح، الاثنين، حسبما ذكرت وسائل إعلام مصرية.

بينما لم يزِدْ عدد شاحنات المساعدات التي وصلت إلى القطاع خلال أسبوع كامل، منذ بدء دخول المساعدات في 21 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي على 74 شاحنة، وفق إفادة سابقة لنائبة المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، لين هاستينغز.

وأكدت تقارير للأمم المتحدة أن قطاع غزة يحتاج إلى 100 شاحنة من المساعدات الطبية والغذائية على الأقل يومياً. وقبل 7 أكتوبر الحالي، كانت تدخل قطاع غزة يومياً نحو 500 شاحنة محملة بمساعدات وسلع أخرى، أهمها الوقود، الذي لا تزال إسرائيل تصر على منع دخوله إلى القطاع بزعم استخدام «حماس» له في صنع أسلحة ومتفجرات، فيما تؤكد مؤسسات أممية توقف كثير من المشافي والمخابز عن العمل جراء نفاد مخزونات الوقود.

وكانت زيادة كميات المساعدات إلى قطاع غزة ضمن أولويات الاتصالات المصرية خلال الأيام الأخيرة، ومن بينها الاتصال الهاتفي بين الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الأميركي جو بايدن، الذي جرى مساء الأحد، وجدد الرئيس المصري خلاله الدعوة إلى ضرورة التوصل إلى هدنة إنسانية فورية لتعزيز الجهود المكثفة التي تقوم بها مصر، بالتعاون مع الأمم المتحدة وكل الأطراف الدولية الفاعلة، وعلى رأسها الولايات المتحدة، لإيصال المساعدات الإنسانية والطبية والإغاثية إلى أهالي قطاع غزة.

وبحسب بيان للرئاسة المصرية، توافق الرئيسان على «أهمية تكثيف الجهود لزيادة المساعدات بشكل ملموس وفعال ومستدام، وبكميات تلبي الاحتياجات الإنسانية لأهالي القطاع الذين يتعرضون لمعاناة هائلة».

على المسار السياسي، تستعد القاهرة لاستقبال وفد من قيادات حركة «حماس»، حسبما أعلنت مصادر فلسطينية، وما ذكره البرلماني المصري مصطفى بكري، في تدوينة له على منصة «إكس» (تويتر سابقاً)، إذ أشار إلى أن وفداً من الحركة «سيزور القاهرة قريباً لبحث الموقف الراهن، خصوصاً قضية الإفراج عن المعتقلين في السجون الإسرائيلية مقابل الإفراج عن الرهائن الموجودين لدى حركة حماس».
وكان رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، أجرى اتصالاً هاتفياً مع رئيس المخابرات المصرية الوزير عباس كامل، الخميس الماضي، تناولا فيه آخر التطورات المتعلقة بقطاع غزة. وأشار بيان لـ«حماس»، إلى أن الاتصال تضمن استعراض الجهود التي تبذلها مصر من أجل ضمان وقف إطلاق النار في غزة وإدخال الاحتياجات العاجلة للشعب الفلسطيني، فيما عبّر هنية عن تقديره لموقف مصر رئاسة وحكومة وشعباً.

وأفرجت حركة «حماس» قبل أسبوع عن أسيرتين مسنتين «لأسباب إنسانية» بعد وساطة مصرية - قطرية، وأعلنت القاهرة في أكثر من مناسبة انفتاحها على أي جهود للوساطة في ملف الأسرى والمحتجزين، وطالبت مراراً بإقرار هدنة إنسانية ووقف لإطلاق النار.

من جانبه، قال أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأميركية في القاهرة الدكتور طارق فهمي، إن الاتصالات المصرية المكثفة «لم تتوقف طيلة أيام الأزمة»، ومن بينها الاتصالات مع القيادات السياسية في حركة «حماس»، مشيراً إلى أن تلك الاتصالات تكثفت مع تصاعد وتيرة العمليات العسكرية الإسرائيلية على القطاع، ومع إحكام الحصار على سكانه.

وأضاف فهمي لـ«الشرق الأوسط»، أن «حماس» تبحث حالياً عن «مسارات جديدة للخروج من الأزمة»، وأن هناك عدة قنوات أساسية للاتصال في هذا الصدد، منها قطر والأمم المتحدة ومصر بطبيعة الحال، التي كان لها إسهام فعال في إيقاف إطلاق النار أكثر من مرة سابقاً، إلا أنه استدرك قائلاً إن «الجميع بمن فيهم (حماس) يدركون أن الأزمة هذه المرة مختلفة تماماً».

ولفت أستاذ العلاقات الدولية إلى أن الاتصالات المصرية - الأميركية «زادت وتيرتها وعمقها خلال الأيام الأخيرة، حيث قدم الأميركيون تعهدات واضحة للقاهرة بعدم تهجير سكان غزة نحو الأراضي المصرية». وأشار إلى أن الأيام القليلة المقبلة ستشهد وضوحاً أكبر للموقف، وستسعى القاهرة بالتنسيق مع الجانب الأميركي إلى «وضع تفاهمات أمنية جديدة يمكن من خلالها تحقيق تقدم على المسار السياسي وملف الأسرى، الأمر الذي يسهم في نزع فتيل التوتر والتصعيد والحد من احتمالات اتساع رقعة الصراع في المنطقة».

يُذكر أن السيسي أكد خلال الاتصال الهاتفي مع نظيره الأميركي موقف مصر الثابت برفض سياسات العقاب الجماعي والتهجير، مشدداً على أن مصر «لم ولن تسمح بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى الأراضي المصرية». فيما أكد بايدن «رفض الولايات المتحدة لنزوح الفلسطينيين خارج أراضيهم».

دبلوماسياً، تواصلت الاتصالات المصرية مع كثير من الأطراف، إذ أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال الساعات الماضية، اتصالات مع وزراء خارجية التشيك وأستراليا وإيطاليا، وتركزت المباحثات الهاتفية حول التصعيد في غزة، وضرورة إنفاذ هدنة إنسانية فورية، ومخاطر توسيع إسرائيل لعملياتها البرية في القطاع، وضرورة تكاتف الجهود الدولية لضمان النفاذ المستدام للمساعدات للتخفيف عن الفلسطينيين.