أسوشيتد برس: وزارة إسرائيلية في «ورقة مفاهيمية» تقترح نقل مدنيين من غزة إلى سيناء المصرية
التاريخ : الثلاثاء 31 أكتوبر 2023 . القسم : أمني وعسكري
نشرت وكالة أسوشيتد برس تقريرًا يُسلط الضوء على الوثيقة الإسرائيلية المُسربة التي تتحدث عن خطط لتهجير الفلسطينيين إلى غزة.
وقالت الوكالة الأمريكية في تقرير نشرته عدة صحف بينها واشنطن بوست إن وزارة حكومية إسرائيلية صاغت اقتراحا في زمن الحرب لنقل 2.3 مليون نسمة من قطاع غزة إلى شبه جزيرة سيناء المصرية، مما أثار إدانة الفلسطينيين وتفاقم التوترات مع القاهرة.
وقلل مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من أهمية التقرير الذي أعدته وزارة المخابرات باعتباره تدريبًا افتراضيًا - «ورقة مفاهيمية». لكن استنتاجاتها عمقت المخاوف المصرية طويلة الأمد من أن إسرائيل تريد جعل غزة مشكلة مصرية، وأحيت الوثيقة للفلسطينيين ذكريات أكبر صدمة لهم - اقتلاع مئات الآلاف من الأشخاص الذين فروا أو أجبروا على ترك منازلهم أثناء حرب عام 1948.
إعلان حرب جديدة
ونقلت الوكالة عن نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن التقرير «نحن ضد النقل إلى أي مكان بأي شكل من الأشكال ونعتبره خطًا أحمر لن نسمح بتجاوزه. وما حدث عام 1948 لن يُسمح بحدوثه مرة أخرى».
وقال ردينة إن النزوح الجماعي سيكون «بمثابة إعلان حرب جديدة».
وأشارت الوكالة إلى أن الوثيقة مؤرخة في 13 أكتوبر، بعد ستة أيام من هجوم حماس الدام الذي أثار حربًا إسرائيلية مدمرة في غزة. ونشرت الوثيقة للمرة الأولى موقع سيخه ميكويت العبري، وهو موقع إخباري محلي.
التهجير أفضل البدائل
وقالت الوكالة إن وزارة المخابرات - وهي وزارة صغيرة تجري أبحاثًا لكنها لا تضع سياسة - قدمت في تقريرها ثلاثة بدائل «لإحداث تغيير كبير في الواقع المدني في قطاع غزة في ضوء هجوم حماس الذي أثار عملية السيوف الحديدية».
يرى مؤلفو الوثيقة أن هذا البديل هو الأكثر استحسانًا لأمن إسرائيل.
تقترح الوثيقة نقل السكان المدنيين في غزة إلى مخيمات لاجئين في شمال سيناء، ثم بناء مدن دائمة وممر إنساني غير محدد. وستنشأ منطقة أمنية داخل إسرائيل لمنع الفلسطينيين النازحين من الدخول. ولم يذكر التقرير ما سيحدث لغزة بمجرد تطهير سكانها.
الموقف المصري
ولفتت الوكالة إلى أن وزارة الخارجية المصرية لم ترد على الفور على طلب للتعليق على التقرير. لكن مصر أوضحت طوال هذه الحرب الأخيرة أنها لا تريد استقبال موجة من اللاجئين الفلسطينيين.
وتخشى مصر منذ فترة طويلة مساعي إسرائيل فرض تهجير دائم للفلسطينيين إلى أراضيها، كما حدث خلال حرب عام 1948. وحكمت مصر غزة بين عامي 1948 و 1967، عندما استولت إسرائيل على المنطقة، إلى جانب الضفة الغربية والقدس الشرقية. والغالبية العظمى من سكان غزة هم من نسل اللاجئين الفلسطينيين المقتلعين مما يعرف الآن بإسرائيل.
وقال الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، إن التدفق الجماعي للاجئين من غزة سيقضي على القضية القومية الفلسطينية. وقال إن ذلك سيخاطر أيضًا بجلب نشطاء إلى سيناء، حيث قد يشنون هجمات على إسرائيل. وهذا من شأنه أن يعرض للخطر معاهدة السلام بين البلدين عام 1979. واقترح أن تقوم إسرائيل بدلًا من ذلك بنقل الفلسطينيين في صحراء النقب حتى تنهي عملياتها العسكرية.
خطأ فادح
ونقلت الوكالة عن يوئيل جوزانسكي، الزميل البارز في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، قوله إن الوثيقة تُلحق الضرر بالعلاقات مع شريك رئيس.
وأوضح جوزانسكي الذي قال إنه عمل مع الوزارة في الماضي: «إذا كانت هذه الورقة صحيحة، فهذا خطأ فادح». وأضاف: «قد يتسبب ذلك في خلاف استراتيجي بين إسرائيل ومصر. وأرى أنه إما جهل أو شخص يريد التأثير سلبًا على العلاقات الإسرائيلية المصرية، وهي مهمة جدًا في هذه المرحلة».
وقال إن مصر شريك قيم يتعاون وراء الكواليس مع إسرائيل. وإذا كان يُنظر إليها على أنها تساعد علانية خطة إسرائيلية كهذه، خاصة فيما يتعلق بالفلسطينيين، فقد تكون «مدمرة لاستقرارها».
دول تدعم الخطة
ونوَّهت الوكالة إلى أن مصر لن تكون بالضرورة المحطة الأخيرة للاجئين الفلسطينيين. وتتحدث الوثيقة عن دعم مصر وتركيا وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة للخطة إما ماليًا، أو من خلال استقبال السكان المقتلعين من غزة كلاجئين وعلى المدى الطويل كمواطنين. وتضيف الوثيقة أن ممارسات الهجرة «المتساهلة» في كندا تجعلها أيضًا هدفًا محتملًا لإعادة التوطين.
تعترف الوثيقة للوهلة الأولى بأن هذا الاقتراح «عرضة للتعقيد من حيث الشرعية الدولية. في تقييمنا، سيؤدي القتال بعد إجلاء السكان إلى عدد أقل من الضحايا المدنيين مقارنة بما يمكن توقعه إذا بقي السكان».
وقال مسؤول إسرائيلي مطلع على الوثيقة إنها غير ملزمة وأنه لم تكن هناك مناقشة جوهرية لها مع مسؤولي الأمن. ووصفها مكتب نتنياهو بأنها «ورقة مفاهيمية، يجري إعداد أمثالها على جميع مستويات الحكومة وأجهزتها الأمنية».
وقال مكتب رئيس الوزراء إن «مسألة» ’اليوم التالي’ «لم تُناقش في أي منتدى رسمي في إسرائيل والتي تركز في الوقت الحالي على تدمير القدرات الحاكمة والعسكرية لحماس».
وترفض الوثيقة الخيارين الآخرين: إعادة السلطة الفلسطينية التي تتخذ من الضفة الغربية مقرًا لها باعتبارها صاحبة السيادة في غزة، أو دعم نظام محلي. وهي ترفضها، من بين أسباب أخرى، لأنها غير قادرة على ردع الهجمات على إسرائيل.
وترى الوثيقة أن إعادة السلطة الفلسطينية، التي طُردت من غزة بعد حرب استمرت أسبوعًا عام 2007 مع حماس، ستكون «انتصارًا غير مسبوق للحركة الوطنية الفلسطينية، وهو انتصار سيودي بحياة الآلاف من المدنيين والجنود الإسرائيليين، ولا يحمي أمن إسرائيل».