منتدى الشرق الأوسط: مستقبل غامض ووهم الاستقرار.. تداعيات الهجوم الإسرائيلي الشامل على غزة
التاريخ : الأربعاء 01 نوفمبر 2023 . القسم : أمني وعسكري
نشر مركز منتدى الشرق الأوسط مقالًا للكاتب جوناثان سباير يستعرض تداعيات الحرب في غزة على منطقة الشرق الأوسط.
وقال الكاتب إن هجوم حماس على إسرائيل غيَّر الصورة الإستراتيجية للشرق الأوسط بضربة واحدة. فحتى 7 أكتوبر 2023، بدا أن الاتجاه العام في المنطقة يتجه نحو نوع ما من الاستقرار غير الراسخ. وبدأت الاضطرابات في الفترة 2010-2019 في التراجع. وكانت نتيجتها الرئيسة هي تجزئة الحكم وانهياره الجزئي في عدد من الدول العربية، وأهمها اليمن والعراق وسوريا. ولكن يبدو أن ظهور جهات فاعلة خطيرة من غير الدول، مثل تنظيم الدولة وغيره، قد تقلصت إلى حد كبير.
قبل الهجوم
وأشار الكاتب إلى أنه كان هناك كتلتان من القوى يمكن تحديدهما على نطاق واسع في المنطقة؛ الأولى وهي الكتلة التي تقودها إيران وهي مجموعة مناهضة للغرب وتشمل المجموعات الشيعية الموالية لإيران وكذلك حركة حماس والجهاد الفلسطينيتين.
وفي مقابل هذه الكتلة، هناك مجموعة من الدول والتي توصف بأنها مؤيدة للغرب. ومن بين هذه المجموعة سيجري تضمين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة ومصر والمملكة العربية السعودية والمغرب والبحرين كمكونات أساسية، إلى جانب عدد من الجهات الفاعلة غير الحكومية مثل مناطق الحكم الذاتي الكردية في العراق وسوريا.
وعلى عكس المجموعة المؤيدة لإيران، والتي تشترك في معظمها في وجهة نظر أيديولوجية معينة (الإسلام السياسي)، فإن هذه المجموعة الفضفاضة لا تشترك في أشكال الإدارة أو الثقافة السياسية. فلديهم هواجس مشتركة فيما يتعلق بنوايا الكتلة الإيرانية، وفيما يتعلق بالإسلام السياسي.
وكان عديد من المحللين قد خلصوا في الأشهر الأخيرة إلى أنه على الرغم من الخلافات الحادة بين عناصر هذه الكتل (وأهمها بين إسرائيل وإيران)، إلا أن المنطقة تبدو وكأنها تتحرك نحو توازن محدد. وتوسطت الصين في التقارب بين إيران والمملكة العربية السعودية، مما ضمن استئناف العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين البلدين. واستأنفت إسرائيل العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع تركيا بعد عقد من التوترات.
وهم الاستقرار
ولفت الكاتب إلى أن العلاقات التي لم يلمسها التغيير كانت تلك التي بين إيران وإسرائيل لكنها شهدات استقرارًا من نوع ما ولا يخرج عن الوضع عن التصريحات العدائية. لكن هجوم حماس أثبت أن هذا الاستقرار لم يكن سوى وهمًا.
ويرى الكاتب أن وراء هذا الوهم المتصور بالاستقرار لدى البعض عاملان مرتبطان: الأول، وربما الأقل ملاحظة، هو استمرار شعبية تيار الإسلام السياسي على المستوى الشعبي في رقعة واسعة من العالم العربي الإسلامي السني ذي الأغلبية، ومع ذلك في الوقت نفسه هُزمت أو هُمشت جميع المشاريع التي أنتجها الإسلام السياسي السني على مدى العقد الماضي.
من مصر إلى العراق، مرورًا بإسرائيل/الضفة الغربية/غزة والأردن ولبنان وسوريا، حاولت الحركات الإسلامية إثارة عدد من المشاريع السياسية على مدى العقد الماضي – حكومة الإخوان المسلمين في مصر، وانتصار حماس في الانتخابات في الأراضي الفلسطينية، والتمرد السني في سوريا، وتنظيم الدولة في العراق وسوريا – لكن كل هذه المشاريع تم هُزمت وهُمشت. ونتيجة لذلك، تحول الاهتمام على مدى نصف العقد الماضي إلى العمليات الدبلوماسية التي تقودها الدولة من أعلى، وبدأ في تجاهل النشاط والشعبية المستمرة للأفكار والمنظمات الإسلامية على المستوى الشعبي.
أما العامل الثاني الذي تم تجاهله فهو الطبيعة الراديكالية وغير التصالحية للمشروع الإقليمي الإيراني، الذي يسعى إلى قلب النظام الإقليمي، والذي تعتبر الحرب ضد إسرائيل أداة سياسية، وفقًا للكاتب. وتمثل حماس الإرادة الإسلامية الشعبية في السياق الفلسطيني.
وقد عززت المساعدة العسكرية الإيرانية لحماس القدرات العسكرية للحركة. وكان هجوم حماس في ذلك اليوم بمثابة التقاء لهذين العاملين، وأعادهما إلى مركز الصدارة في الشرق الأوسط بعد نصف عقد من الأوهام.
ولفت الكاتب إلى أن إسرائيل حشدت مئات الآلاف من جنودها وبدأت حربها على غزة وتحالف معها عدة دول غربية على رأسها الولايات المتحدة والتي أرسلت حاملتي طائرات للمنطقة وزودت إسرائيل بالسلاح والذخيرة والاستشارة العشكرية. وفي المقابل تسعى المحموعات الشيعية الحليفة مع إيران لمساعدة حماس وإن لم تعلن بعد انخراطًا كاملًا في الحرب.
والنتيجة بحسب ما يرى الكاتب معاناة الطرفين، الإسرائيليين والفلسطينيين، وتبدد وهم الاستقرار والأمن والسلام للشعبين,
ويشدد الكاتب في ختام مقاله أن ما يمكن قوله بثقة هو أن الحرب التي بدأت بهجمات حماس في 7 أكتوبر لم تنته بعد، وهناك الكثير من المعاناة لم تأت بعد.