الشاهد – محمد الباز – حلقة الأربعاء 07-06-2023
التاريخ : الخميس 08 يونيو 2023 . القسم : سياسية
مضامين الفقرة الأولى: شهادة حلمي النمنم عن أحداث يونيو 2013
قال الكاتب الصحفي حلمي النمنم، وزير الثقافة الأسبق، إن بعد 11 فبراير 2011 حدث نوع من التلوث الثقافي في البلد، من أبرز معالم هذه التلوث هو صدور 6 طبعات من كتاب «معالم في الطريق» لسيد قطب، الذي يعد العمدة في التكفير، في دور نشر مختلفة في الجمهورية. وأضاف أن أول من تصدى لمشروع حسن البنا وجماعته هم المثقفون المصريون، وكان سبب حملة الكراهية العنيفة لطه حسين وتكفيره. وأوضح أن الإخوان يجيدون النفاق الشديد، وأحد قادة الجماعة كان يطلب منهم في الاجتماعات القبض على حلمي النمنم، وحين يقابلني في الطريق يرحب بي ويقول «أستاذنا الذي نتعلم منه». وتابع أن مقاومة المثقفين للإخوان استمرت من طه حسين حتى تولوا الحكم في 2012.
ونوّه بأنه في عام 2010 خلال مشاركته في مؤتمر "أصيله" في المغرب وكان موجودًا به مثقفين وشخصيات عامة من العالم العربي كله، وكان يسألون عن مصير مصر ومن سيأتي بعد مبارك. وأضاف أن المؤتمر كان يضم وزير خارجية موريتانيا وكان وزيرًا سابقًا، سأله سؤالًا مباشرًا: "مين سيحكم مصر بعد حسني مبارك قول لي فرص جمال مبارك؟"، فقال له لا يوجد فرص وسأل عن فرص الإخوان، ووقته انتبه أن المشروع مطروح أيضًا خارج مصر.
وبيّن أنه دشن مجموعات كبيرة للدفاع عن حرية الفكر ومدنية الدولة، ونظم اجتماعات كثيرة للمثقفين لرفض وصول جماعة الإخوان للسلطة وأخونة مؤسسات الدولة. وأضاف أنه أول من استخدم تعبير أخونة مؤسسات الدولة وذلك في ثالث يوم لنجاح محمد مرسي، مشيرًا إلى أن محمد مرسي لم يؤدِ اليمين الدستوري بشكل رسمي، وكونه أدَّاه في ميدان التحرير ليس دستوريًا لأنه ليس كل الشعب المصري بميدان التحرير. وأشار إلى أنه حين كتب مقالات عن حسن البنا اتصل بي الرجل الثاني في الجماعة وقال لي «إلا حسن البنا»، وبعد ذلك طرحت كتابًا عن البنا وآخر عن سيد قطب، لأن سيد قطب مأساة إنسانية ومجرد فرع من حسن البنا.
وأكد أنه بعد وفاة حفيد مبارك كان واضحًا أنه لظروف صحية لن يكمل فمن البديل وكان هناك خيارين في منتهى الصعوبة إما الإسلام السياسي أو التوريث، ومحاصرة الشعب في الخيارين كان كارثيًا.
وأضاف أنه بعد أداء محمد مرسي اليمين الدستوري جرى التواصل معه وقيل له إن مرسي يريد الجلوس معه هو وحمدي رزق وإيمان الحفناوي. وتابع: «إيمان كلمتني وقتها، وسألت عن الملابس التي يجب أن ترتديها، فقلت لها، اذهبي كما ما أنتِ لأنه جرى اختيارك كرئيس تحرير مجلة حواء وأنتِ بهذه الصفة ستجلسين مع محمد مرسي». ولفت إلى أن إيمان الحفناوي سألت محمد مرسي، وقالت له "المرأة تريد منك كلمة تطمئنها فلم يجبها، ثم قالت الأقباط قلقون ويريدون كلمة تطمئنهم فلم يجبها، ثم قالت المثقفون قلقون منك ومن الجماعة نريد كلمة طمأنة فلم يجبها، وفي النهاية قال مرسي: «ما أنا قلقان من سيطمئنني؟». وأشار إلى أنه في نهاية المقابلة مع محمد مرسي تقابل مع قطب العربي وصلاح عبد المقصود وقال لهما: "هذا الرجل لن يكمل سنة في الحكم"، لأنه حينما تكون رئيسًا للجمهورية ولا تملك كلمة للمرأة والأقباط والقوى الوطنية فأنت لا تصلح، لأن الكلمة ليست بيدك. وأكد أنه رأى بروفة سقوط محمد مرسي عندما هرب من القصر من البوابة الخلفية في أحداث الاتحادية يوم 4 ديسمبر 2012. وأردف: "لما الحرس الجمهوري هرب الرئيس من القصر من بوابة خلفية والقصر أصبح فارغًا، لو أن المتظاهرين جاءوا القصر كان الموضوع انتهى، لكن أعتقد المؤسسات كانت ترى أن هناك فرصة». وأشار إلى أن القوى الوطنية من المؤسف أن مشروعها دائمًا في النقد وليس في طرح البديل.
وأكمل أن المعزول محمد مرسي لم يكن رئيسًا للجمهورية، بدليل أنه من البروتوكول المتبع أن رئيس الجمهورية إذا دخل مكان الاجتماع لا يدخل أحد وراءه، وفي أحد اللقاءات دخل مرسي الاجتماع وبعده بـ 26 دقيقة دخل خيرت الشاطر بحرسه الخاص، فقام مرسي ليرحب به. وأضاف أنه وجَّه سؤالًا لمرشد الإخوان محمد بديع، أن مرسي كان ترتيبه السابع ضمن قيادات الإخوان، وهو ملزم بتقديم فروض الولاء والطاعة لهم، فكيف كان يتعامل معهم وهو رئيس الجمهورية.
وتحدث عن كواليس مناظرة فرج فودة ومأمون الهضيبي في معرض الكتاب. وقال إنه كان حاضرًا يوم المناظرة الشهيرة في معرض الكتاب، وكان موجودا بصفة متابعًا، وليس صحفيًا مكلفًا بتغطية المناظرة، موضحًا أن المناظرة حدث فيها مجموعة غرائب، الأولى أن 2 من قيادات الحزب الوطني كانا حاضرين المناظرة وكانا في الصفوف الأولى. وأضاف أن أطراف المناظرة كانوا مأمون الهضيبي والشيخ محمد الغزالي ومحمد عمارة، والطرف الثاني كان فرج فودة والدكتور محمد خلف الله وكان يتحدث كأكاديمي، موضحًا أن فرج فودة "مسح بهم الأرض". ولفت إلى أنه رأى الدم في عيون الإخوان خلال المناظرة، منوهًا بأن الكاتب الراحل مكرم محمد أحمد بحث عنه في وقتها، وطلب منه كتابة المناظرة، لافتًا إلى أنه في نهاية الموضوع الذي كتبه طرح سؤالًا بعنوان "هل تكون هذه المناظرة نهاية حياة فرج فودة؟".
وأكد أن فرج فودة سحقهم وبدأ يتحدث بفهم عن الدين وطرح عليهم تساؤلات لم يستطيعوا الإجابة عليها، معلقًا: «لم يستطيعوا الرد عليه فقتلوه». ونوه بأنه كان يكتب في ملف التحقيقات وقتها، واتصل بأحد الخبراء وسأله عن تقييمه لاغتيال فرج فودة، فرد عليه وقتها: «الناس تخرس خالص، وهذه البداية»، منوهًا بأنه اكتشف أنه خلية نائمة وتابع للجماعة. وأردف: «كنت اعتبر مناظرة فرج فودة قضية هامشية- رغم أني مناهض دائمًا للإخوان وأفكارها- لكن بعد المناظرة قلت إن الإخوان ليسوا قضية هامشية، وكنت أرى أن نظام الإخوان يوائم مع الجماعة، وكنت أرى إمكانية التفاوض مع أي شيء وعن كل شيء، إلا التفاوض مع الجماعة».
وأضاف أنه كان هناك اختراق للإعلام ليس في فترة حكم مرسي فقط، وإنما بداية من السبعينيات مع المرشد عمر التلمساني، حينما اخترقوا النخب، ولكن الاختراق في فترة مرسي كان للسيطرة على الوسط، إذ عقدت لجنة الكتاب والنشر في المجلس الأعلى للثقافة ندوة سنة 2009 لمناقشة حرية التعبير، وفوجئنا أنه في البرنامج هناك عدد من أعضاء الجماعة البارزين مثل عصام العريان.
وتابع أن كان الرأي آنذاك أن يعطوا الفرصة للجماعة للتعبير عن رأيها، لكني كنت أرى أن ذلك اختراقًا مباشرًا للوسط، وفي هذا اللقاء وجهت سؤال للعريان لم يستطيع الإجابة عليه، قلت له لما وقع اغتيال الشهيد الدكتور فرج فودة، لم تصدروا بيانًا باستنكار العملية حتي الآن، قال لي لا أصدرنا، ولكن المرشد الهضيبي في هذا الوقت تقريبًا أيَّد العملية لعدم تطبيق الدولة للشريعة، لكن همَّ لما وصلوا للحكم كان هناك رغبة في التفطيس، والتمويت في وزارة الثقافة والمؤسسات الثقافية والصحافة القومية؛ لأن لديهم مؤسسات بديلة وهذا ما حدث مع المؤسسات الصحفية القومية بتكليف أناس غير أكفاء تجاوزوا كل الأعراف المهنية في التعيينات واختيار الأشخاص.
وأضاف أن الجماعة قبل محاولة اختراق الصحفيين والإعلاميين حاولوا تهديد المثقفين، منوهًا بأن الإخوان قالوا إنهم حصلوا على كل الملفات والأوراق التي كانت بحوزة أمن الدولة بعد سقوط نظام مبارك، وبحوزتهم فيديوهات وصورًا فاضحة للمثقفين والمثقفات. ولفت إلى أنه في جلسة مع عدد من المثقفين على كافتيريا الهناجر، أكد للحضور أن أمن الدولة لا يفعل مثل هذه التصرفات، وأن عدة قضايا وجدت الأجهزة خلال إجراء التحقيقات صور وغيره ولم تُقدم للنيابة ولم تستعمل ضد المثقفين، قائلًا: «لو هذا الكلام صحيح فأكثر ناس لديها فيديوهات وتسجيلات هما الإسلاميين كلهم بلا استثناء».
ونوه بأنه بعد انتهاء مرحلة التهديد حاول الإخوان التقرب من المثقفين، وقالوا إنهم متسامحون وأنهم مستعدون لمد أيديهم، وفي هذه الفترة بدأ بعض المثقفين في تربية ذقونهم. ولفت إلى أنه في أحد اللقاءات مع أحمد فهمي، رئيس مجلس الشورى ذهب مع عدة مثقفين، وكان هناك اجتماع عاصف منه، انتهي بتقديم استقالته. وتابع: «خلال الاجتماع مع أحمد فهمي، تحدث بإهانة مع المثقفين والإعلاميين»، وذلك بعد أن كان هناك تقدير كبير للصحفيين في أيام مبارك.
وأشار إلى أن مكتب رئيس مجلس إدارة دار الكتب، كان أكبر من مكتب وزير الثقافة 10 مرات، وكان يشهد اجتماعات ليلية لقيادات الإخوان وقت حكم مرسي. وأضاف أن الإخوان كانوا يبحثون في دار الكتب والوثائق القومية المصرية عن وثائق معينة، حتى أن العاملين اضطروا لتغيير أماكن وأسماء بعض الوثائق حتى إذا بحث عنها الإخوان لم يجدوها، وأنقذوها من أيديهم. ولفت إلى أنه حين تولى الهيئة العامة للكتاب وقت حكم الإخوان، وجد 43 كتابًا في المطابع، لا ينقصها سوى الأغلفة وتطرح في الأسواق، كلها عن جماعة الإخوان، أحد هذه الكتب كان بعنوان «بلاغة رسائل الإمام الشهيد»، وهي بالمناسبة بحث ترقية تقدم به صاحبه لأحد الجامعات الإقليمية قبل 2011 ونجح.
وتحدث عن ظروف كتابة كتاب "سيد قطب سيرة التحولات"، مشيرًا إلى أنه وجد أن بعد 2011 وعلى مقارب 2012 بدأت موجة أن ناس كثيرة تهرب للإخوان وآخرين يقدمون اعتذارًا للإخوان والذين كانوا يهاجمونهم أيام "عبد الناصر" وكانت أسماء كبيرة ومعروفة بمؤسسات قومية قائلًا: «الكاتب شاهد لا بد أن يقدم شهادته وقلت لا بد أن أضع شهادتي عن هذا الرجل». وأضاف أن سيد قطب لم يكن شاعرًا ولا رومانسيًا ولم يكن قصاصًا وغير صحيح أنه اكتشف نجيب محفوظ، لأنه كان أول كتابته عام 1934 بينما سيد قطب كتب عام 1948 أي بعد 14 عامًا وكان قد اعترف نقديًا بنجيب محفوظ وهذه مخالفة تاريخية.
وتابع أن مليشيات التواصل الاجتماعي عندما تنتقد الإخوان يقولون «يا جماعة هل هذا وقته خلونا في أسعار السكر والأرز»، ولكن هذا وقته أن تطالب الدولة أن تحل الأزمة وتنتقد الحكومة وكل هذا مشروع واجب ولكن لا ينبغي أن نصل لمرحلة الظلام، لأن الإخوان يجيدون القفز في الظلام.