تحذيرات أمريكية من تصاعد جبهة لبنان.. وجيش الاحتلال الحرب مع حزب الله "أمر لا مفر منه"

التاريخ : الاثنين 13 نوفمبر 2023 . القسم : إقليمي ودولي

تصاعدت حدة المواجهات في جنوب لبنان، خلال الأيام القليلة الماضية، بصورة غير مسبوقة منذ اندلاع الحرب في غزة، وسط تقديرات إسرائيلية بأن الحرب في مع حزب الله في شمال دولة الاحتلال "أمر لا مفر منه"، وتخوفات وتحذيرات أمريكية لتجنب هذا التصعيد.

وبعد ساعات من إعلان الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، ارتقاء العمليات عبر جنوب لبنان "كمّاً ونوعاً وعمقاً"، وتشديده على أن "الميدان هو الذي يفعل ويتكلم"، شنّ مسلحو الجماعة اللبنانية و"كتائب القسام- فرع لبنان"، سلسلة هجمات على إسرائيل، أدت إلى وقوع عدد من الإصابات، ما دفع الجيش الإسرائيلي إلى الرد وتحميل الحكومة اللبنانية واللبنانيين المسؤولية عن أفعال الحزب.

وشكّل استهداف حزب الله "لقوة لوجستية تابعة للجيش الاسرائيلي كانت في صدد نصب أعمدة إرسال وأجهزة تنصت وتجسس في تجمع مُستحدث قرب ثكنة دوفيف"، الحدث الأبرز، الأحد، عبر الجبهة الجنوبية للبنان.

كما استهدف حزب الله جرافة تابعة للجيش الإسرائيلي، قرب ثكنة دوفيف بالصواريخ الموجهة، مما أدى إلى تدميرها ومقتل طاقمها، ووقوع عددٍ من الإصابات المؤكدة بين الجنود المتواجدين حولها ، وكذلك أعلن عن استهداف ثكنة زرعيت، وتجمعاً لمشاة الجيش الإسرائيلي في بركة ريشا، ومستوطنة يفتاح قبالة بليدا وميس الجبل، وأفراداً إسرائيليين في مثلث الطيحات رويسة العاصي.

وكذلك أعلنت "كتائب القسام- لبنان"، مسؤوليتها عن قصف شمال حيفا وشلومي ونهاريا، بعدة رشقات صاروخية مركزة.

وتعليقا على هذا، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، على منصة "إكس" (تويتر سابقا) إن حزب الله "جماعة إرهابية تخاطر بلبنان كدولة".


كما حمّل المتحدث العسكري الإسرائيلي دانيال هاغاري، الحكومة اللبنانية واللبنانيين المسؤولية عن أفعال حزب الله"، وشدد على أن حزب الله هو المسؤول عن جميع الصواريخ التي تطلق من لبنان، مؤكدا أن "الجيش الإسرائيلي يركز على غزة لكننا في حالة استعداد عالية جداً في الشمال".

وترجم جيش الاحتلال ذلك على الارض، عندما وسّع من دائرة قصفه على مناطق الجنوب اللبناني، والتي يضعها في سياق الرد على الهجمات التي تستهدفه.

وبحسب "الوكالة الوطنية للإعلام" اللبنانية (رسمية)، قصف الجيش الإسرائيلي "أطراف بلدات شيحين وأم التوت ورامية وطير حرفا وبيت ليف والطيبة وعيتا الشعب والخيام وتلة الطهرة الشرقية والمطلة".

كما استهدف "بلدات كفررمان وكفرتبنيت ومحيط كنيسة الجرمق ومجرى الجردلي ورميا، ومنطقة زريقون والحمامص، وأغار على بلدة تل النحاس وعلى المنطقة الواقعة ما بين طرييخا ومروحين، ومنطقتي المشيرفة واللبونة وقصف الضهيرة والبستان، وخراج البويضة".

وقام كذلك الجيش الإسرائيلي بتمشيط وادي قطمون في خراج بلدة رميش بالأسلحة المتوسطة، واستهدف بحسب الوكالة الوطنية أطراف بلدة ميس الجبل وبلدة حولا بالقذائف الفوسفورية.

وحلّق الطيران الإسرائيلي في أجواء قضاء صور والساحل البحري وقرى القطاعين الغربي والأوسط على مستوى منخفض جداً، وألقى قنابل مضيئة في أجواء بلدتي عيتا الشعب ورميش.


رغم تصعيد حزب الله لهجماته، أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، تمسك لبنان بالشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة، وقال: "لسنا هواة حرب ولن نقوم بأي خطوة لإشعال مزيد من الحروب في المنطقة".

وفي حديث تلفزيوني، شدد على أن "الحذر موجود، ونأمل أن تؤدي الاتصالات إلى وقف إسرائيل إطلاق النار على جنوب لبنان.. ما يهمني أن يبقى بلدنا بعيداً من الحرب.. نتطلع دائما إلى الاستقرار".

ورغم التحذيرات اللبنانية من اتساع رقعة الحرب، إلا أن ميقاتي كشف عن وضع حكومته خطة طوارئ لـ3 أشهر، إذا حصلت أي حرب على لبنان".

ولمواجهة التحديات ومخاطر توسّع رقعة النار، استكملت وزارة الصحة اللبنانية، تعزيز جهوزية المستشفيات الحكومية والخاصة، خاصة "في المناطق الأكثر خطراً"، حيث قامت الدوائر المعنية في الوزارة بتوزيع كميات كبيرة من المستلزمات الطبية (حوالي 50 طنا) مخصصة لمعالجة جرحى الحرب على 20 مستشفى حكومياً وخاصاً، موزعين على 6 محافظات جنوبية.

ومع ارتفاع سخونة الميدان، يخشى اللبنانيون من انفلات الوضع وغرق بلدهم أكثر في طوفان النار، لاسيما بعد حديث وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، السبت، حيث قال إن "حزب الله يرتكب أخطاء، وهو يقترب من ارتكاب خطأ فادح، وقد ينتهي الأمر بسكان بيروت إلى نفس وضع غزة، حيث بدأوا بالفعل يرفعون الراية البيضاء ويهربون من منازلهم".

وحسب قول غالانت، فإن "طيارونا يجلسون في قمرة القيادة، وأنوف الطائرات تتجه نحو الشمال.. لدينا ما يكفي للقيام بكل ما نحتاجه في الجنوب".


حديث الوزير الإسرائيلي، كشف عن تضاعف التقديرات لدى الجيش الإسرائيلي بأن الحرب في الشمال هي أمر لا مفر منه.

ووفق القناة "13" العبرية، فإن تصريحات غالانت جاءت بعد زيارة إلى شمال دولة الاحتلال، حيث أبلغه القادة العسكريون في المنطقة، بأنه يتعين على الجيش الإسرائيلي الانتقال إلى مرحلة الهجوم.

وأشارت القناة، إلى أن "فاعلية هجمات الجيش الإسرائيلي ضد خلايا حزب الله آخذه بالتراجع، حيث تعلم عناصر الحزب طرق التحصن والدفاع عن أنفسهم، ودرسوا تكتيكات سلاح الجو الإسرائيلي، إذ أن الجيش الإسرائيلي لم ينجح باستهداف الأسلحة المضادة للدبابات كما نجح في الماضي".

ولفتت القناة، إلى أن "السؤال المطروح هو هل ستعطي إسرائيل نصرالله الحق في كتابة السيناريو، لتستيقظ ذات صباح على وابل من الصواريخ تجاه حيفا، أم ستبادر إلى أمر ما؟، في حين أن التقديرات هي أنه بعد استكمال مرحلة مهمة في داخل مدينة غزة ستفكر إسرائيل مجددا في صورة المعركة".

وأمام ذلك التصعيد، وتقديراته إسرائيل بالمواحجهة، أجرى وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، اتصالا هاتفيا الأحد، مع غالانت، معربا عن قلقه بشأن دور إسرائيل في تصعيد التوترات على طول الحدود مع لبنان.

ووفق تقرير لموقع "أكسيوس"، وترجمه "الخليج الجديد"، نقلا عن ثلاثة مصادر إسرائيلية وأمريكية مطلعة على المكالمة، فقد عكست رسالة أوستن إلى غالانت القلق المتزايد في البيت الأبيض من أن العمل العسكري الإسرائيلي في لبنان "يؤدي إلى تفاقم التوترات على طول الحدود، الأمر الذي قد يؤدي إلى حرب إقليمية".


ويقول تقرير "أكسيوس"، إن ‏البعض في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، يشعر بالقلق من أن إسرائيل تحاول استفزاز حزب الله وخلق ذريعة لحرب أوسع في لبنان، يمكن أن تجر الولايات المتحدة ودول أخرى إلى مزيد من الصراع.

‏وقال مصدر أمريكي، إن البيت الأبيض طلب من أوستن التعبير عن قلقه لغالانت بشأن تصاعد العمل العسكري الإسرائيلي في لبنان.

‏وقال "البنتاجون"، في بيان بشأن المكالمة، إن أوستن "شدد على ضرورة احتواء الصراع في غزة وتجنب التصعيد الإقليمي"، دون ذكر لبنان على وجه التحديد.

‏لكن مصدرين أمريكيين وإسرائيليين مطلعين على المكالمة، قالا إنها كانت محادثة مباشرة وصريحة للغاية، وذكر أوستن على وجه التحديد المخاوف بشأن العمل العسكري الإسرائيلي في لبنان.

‏وقال مصدر إسرائيلي، إن أوستن طلب من غالانت توضيحات بشأن الضربات الجوية الإسرائيلية في لبنان، وطلب من إسرائيل تجنب الخطوات التي قد تؤدي إلى حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله.

وأضاف أن غالانت أبلغ أوستن أن السياسة الإسرائيلية تقضي بعدم فتح جبهة ثانية في لبنان، وأكد أنه لا يعتقد أن مثل هذا السيناريو سيحدث.

‏كما أخبر غالانت نظيره أوستن، أن حزب الله يصعد هجماته، بما في ذلك هجوم بطائرة بدون طيار من سوريا على مدينة إيلات على بعد 350 ميلاً، وصافا ما يجري بأنه "لعب بالنار".


‏ولم يرد البنتاجون على الفور على الأسئلة المتعلقة بمكالمة أوستن-غالانت، كما رفضت وزارة الدفاع الإسرائيلية التعليق.

‏وتضغط إدارة بايدن على الحكومة اللبنانية والقوى الإقليمية الأخرى لفعل ما في وسعها لمنع حزب الله من الانضمام إلى الحرب.

ونقلت "أكسيوس"، عن مصدر مطلع على القضية، القول إن كبير مستشاري البيت الأبيض عاموس هوشستاين، سافر إلى لبنان الأسبوع الماضي، ووجه تحذيرًا قويًا لحزب الله عبر رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، ومسؤولين لبنانيين آخرين، بعدم تصعيد الوضع.

‏وأكد هوشستاين خلال الزيارة أن الولايات المتحدة لا تريد أن ترى الصراع في غزة يمتد إلى لبنان، وأن استعادة الهدوء على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية يجب أن تكون الأولوية القصوى لكل من لبنان وإسرائيل، حسبما ذكر متحدث باسم مجلس الأمن القومي.

‏فيما قال مصدران مطلعان على الوضع، إن الانطباع الذي حصلت عليه إدارة بايدن أثناء وبعد زيارة هوشستاين، هو أن الحكومة اللبنانية والرأي العام وكذلك حزب الله غير مهتمين بحرب مع إسرائيل.

‏وقال أحد المصادر، إن مسؤولي إدارة بايدن مقتنعون بأن خطابات نصرالله خلال الأسبوع الماضي، لم يتضمن دعوة لمزيد من التصعيد، ورأوا في ذلك علامة على أن رسائلهم تصل إلى حزب الله.

إلا أن مصدر إسرائيلي قال إن مسؤولي إدارة بايدن يشعرون بالقلق أيضًا من تهديدات غالانت العلنية ضد حزب الله، ويعتقدون أن هذه التهديدات لن تؤدي إلا إلى زيادة التوترات.

‏وذكرت الصحافة الإسرائيلية أنه بعد عدة أيام من اندلاع الحرب، أراد غالانت وعدد من كبار قادة الجيش الإسرائيلي توجيه ضربة استباقية واسعة النطاق ضد حزب الله في لبنان، إلا أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نقض قرار غالانت.