نظرة – حمدي رزق – حلقة الجمعة 09-06-2023
التاريخ : السبت 10 يونيو 2023 . القسم : سياسية
مضامين الفقرة الأولى: الحج
قال شوقي علام مفتي الجمهورية، إن النفوس تشتاق للحج لأنه عبادة العمر وأمنية كل مسلم، فأداؤها يمثل كمال الإسلام وتمام الدين، وهي دين على المستطيع واجب الأداء كما قال تعالى: "ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا"، مضيفًا أن بعض الشعائر في الحج لا تكون مطلوبة لذاتها، إنما لما وراءها من المعاني، وبهذا التوجيه يحصل لدى الحاج مزج بين الشكل الظاهري والبدني من الإحرام والطواف وسائر المناسك، وبين القيم والأخلاق والمشاعر التي يحياها في أثناء ممارسة هذه الشعائر، من الالتزام بأوامر الشرع الشريف، واجتناب نواهيه، ومقابلة الإساءة بالحسنى، والتحلي بمكارم الأخلاق عند التعامل مع الغير حتى وإن تعدى عليه من أجل صحة هذه العبادة وقبولها، ويستوي التعامل بالحسنى هنا مع الإنسان أو الحيوان أو النبات أو الجماد.
وأكد أن للحج حكما كثيرة منها تهذيب النفس وسكونها وتأديبها مع ربها وتعليمها الانقياد والتسليم طواعية لسائر التكاليف الشرعية والقوانين المرعية بما تستقيم به البشرية، والإنسان يعجز عن فهم لماذا شرع هذا التكليف على تلك الهيئة التي أمرنا بأدائه عليها؟ وقد يأتي سؤال آخر في بعض هذه التكاليف عن لماذا جاء بهذا العدد دون غيره؟! ولا نجد جوابا لذلك إلا بأن نتعبد الله سبحانه وتعالى بما أمر، وعلى الهيئة التي جاء بها، وبالعدد المأمور به؛ تسليمًا وخضوعًا لرب العالمين، مع جزمنا بأن هذه الأحكام ما جاءت إلا لجلب مصلحة الإنسان في الدنيا والآخرة.
وأشار إلى أن شعيرة الحج ترشد المسلم أيضًا إلى خير وسيلة يتقرب بها إلى الله في كل أحوال حياته وشئونها؛ حيث تجعله متجردًا بصورة كاملة أثناء مدتها الزمنية من كل شواغله، وهي تمثل تجربة تربوية حقيقية من شأنها تقويم حياة المسلم ووجدانه وضبط سلوكه وتهذيب نفسه دون فرض سلطة عليه من غيره، فقد نهى الله تعالى الحاج بأسلوب فيه تأكيد ومبالغة، عن الوقوع في سيئ الأخلاق ومذموم السلوك في هذا الزمان الفاضل والميقات المبارك؛ فقال تعالى: "الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج".
وأضاف أن شعيرة الحج تعتبر بمناسكها مجالا واسعا وفرصة مباركة لبناء شخصية المسلم بطريقة متوازنة؛ وذلك لأنه دين يقترب من الفطرة الإنسانية السليمة، ويوازن في أحكامه ومقاصده بين عناصر الشخصية البشرية بطريقة متكاملة لا يستغني عنها الإنسان.
وأوضح أن المتأمل في مناسك الحج وشعائره يجد أنها تحمل في مضامينها كذلك ترسيخ قضية التسليم والامتثال لأوامر الشرع الحنيف لأنها أصل التعبد وعليها بناؤه وهي من صور خلق الصبر وتجلياته؛ فرحلة الحج ما هي إلا استجابة لدعوة الله وامتثال لأمره، وإقامة لركن من أركان شريعته، وفيها يهذب الحاج نفسه؛ تقربا إلى الله تعالى واتباعا لرسوله الكريم صلَّ الله عليه وسلم.
وعن حكم النيابة في الحج قال: «يجوز لغير القادر صحيًا أن يوكل غيره ليحج عنه، بشرط أن يكون الوكيل قد أدى فرض الحج عن نفسه». وفي سؤال عن درجة القرابة التي تسمح بالإنابة في العمرة أو الحج، قال: «كل القرابات مسموح لها بالإنابة، بل لو لم توجد صلة قرابة كذلك، فالنيابة ليست مرتبطة بصلة القرابة من الأساس، ولا مانع لأي شخص أن ينوب عن المتوفى في الحج».
مضامين الفقرة الثانية: الصلاة على النبي
تحدث شوقي علام مفتي الجمهورية، عن أن الصلاة على النبي صلىَّ الله عليه وسلم، بعد صلاة الجمعة جهرًا واجتماع الناس على ذلك هو أمر مشروع على سبيل الاستحباب حيث يجتمع الناس على قربة من أجل القربات، فإذا ما اجتمع في ذلك مقاصد شرعية من تنبيه الغافلين ورفع الحرج عنهم وتعليم الشباب وتوجيههم كان تأكيدًا للمشروعية وأولى استحبابًا، ولا إثم فيه ولا بدعة، وإنما البدعة في التضييق على المسلمين فيما أفسح الله تعالى لهم ورسوله عليهم وجرت عليه أعرافهم وعاداتهم وعلماؤهم وعوامهم من أمر الذكر وقراءة القرآن والصلاة على النبي في كل وقت وحين، ويراعى في ذلك الالتزام بالآداب الشرعية كأن يكون رفع الصوت رفعًا متوسطًا، ليس فيه إزعاج، مع توافق الأصوات بطريقة موزونة، وهذا كله بمراعاة إجراءات جهات الاختصاص المنظمة لهذا الشأن.
وعن حكم تساهل البعض في تبديع الناس، قال: «عندما نقرأ النصوص الشرعية مجموعة مع بعضها البعض نخرج بأن البدعة المحرمة هي تلك البدعة التي تبطل أحكام الإسلام، أما ما تتوافق معها فتدخل في دائرة السنة الحسنة»، مستشهدا بقول النبي: "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة".
مضامين الفقرة الثالثة: التوسل بالنبي والأولياء
ردًا على سؤال عن عدم تقدير البعض لمكانة المسجد النبوي أكد شوقي علام مفتي الجمهورية أن العلماء أجمعوا على أن البقعة التي ضمت أعضاء الجسد الشريف للنبي أفضل بقعة في الأرض.
وعن حكم التوسل بالنبي قال إن علماء الأمة من المذاهب الأربعة وغيرها قد أجمعوا على جواز واستحباب التوسل بالنبي في حياته وبعد انتقاله للرفيق الأعلى، واتفقوا على أن ذلك مشروع قطعًا ولا حرمة فيه، وما ندين الله به أن التوسل بالنبي مستحب، وأحد صيغ الدعاء إلى الله عز وجل المندوب إليها، ولا عبرة بمن شذ عن إجماع العلماء، وكذلك القول في التوسل بآل بيت رسول الله وأولياء الله الصالحين؛ فإن جمهور العلماء قالوا على أنه مشروع ولا حرمة فيه، كما أن التوسل إلى الله بأهل الفضل والعلم هو في التحقيق توسل بأعمالهم الصالحة ومزاياهم.