الشاهد – محمد الباز – حلقة الأحد 11-06-2023

التاريخ : الاثنين 12 يونيو 2023 . القسم : سياسية

مضامين الفقرة الأولى: شهادة أسامة سرايا على أحداث 30 يونيو

قال الكاتب الصحفي أسامة سرايا، إن التجربة السياسية المصرية أفضل من تجارب العديد من الدول الأخرى. وأضاف أنه أثناء حكم الإخوان كان يردد دائمًا أننا ليس في فترة تنافس، وإنما في فترة إجماع على الوطن ضد حكم الجماعة الإرهابية، مبينًا أن الشعب المصري كان معظمه مع الرئيس السيسي ومع التخلص من المافيا الدينية، ومن المليشيا العسكرية وعودة الهوية المصرية.

ورأى أن الانقسام في المجتمع المصري حدث بعد 2011. وأضاف: «كنت أرى أن مناعة المصريين قد تراجعت كثيرًا بعد يناير 2011 وبعد أن استطاع الإخوان القنص على السلطة والبرلمان بسهولة، من خلال استغلال نظام انتخابي ضعيف وهش وغير منظم ومتوتر وخائف وسرقوا البلد». وأضاف أنه عند إعفاء المشير طنطاوي وسامي عنان، وتعيين وزير دفاع جديد وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي، أدركت أن المباراة انتهت، ولابد من رحيل الإخوان، حيث إن قيادة الجيش في ذلك الوقت كانت كبيرة في السن، وحدثت متغيرات كبيرة في هذه الفترة للمجتمع المصري، ومع ذلك لم يتحرك الجيش احترامًا لقيادته، فذلك كان حائط سد لحماية الإخوان المسلمين، ولأن الجيش عقيدته احترام إرادة المصريين واحترام الصندوق.

ولفت إلى أن الميليشيات ظهرت بشكل واضح في سيناء مع بدء حكم الإخوان. وأضاف: «في هذه الفترة كان الرئيس المعزول محمد مرسي قد زار روسيا وطلب أسلحة بـ 10 مليارات دولار، وعندما سأل في روسيا لمن هذا السلاح قال "لنا" ولم يذكر اسم الدولة المصرية، وهنا ظهر أن هناك دولتين، وفي نفس التوقيت كان هناك مؤشر آخر أن المليشيا العسكرية بدأت في التحرك في سيناء ويعبرون قناة السويس وبدأت تمارس مشاهد من استعراض القوة».

وأشار إلى أن الدولة المصرية ما قبل 2011، تسامحت مع أنفاق غزة، وتسامحت مع جماعة إرهابية استطاعت أن تقيم بنية أساسية ضخمة كبيرة في سيناء، وكانت تترك ذلك للشرطة، ولم تتدخل بقوة عسكرية كبيرة، والمصريون كانوا متسامحين بشكل كبير من قطاع غزة، رغم ذلك كان هناك ميليشيات عسكرية إخوانية كبيرة موجودة في قطاع غزة، والتحمت مع عناصر في سيناء ودخلت القاهرة لمحاولة إهانة الشرطة المصرية، ومحاولة اقتحام مبنى أمن الدولة.

وذكر أن اقتحام السجون جريمة لا تسقط بالتقادم. وأضاف: «الإخوان كانوا يلعبوا منذ اليوم الأول لأحداث يناير 2011، منذ يوم الجمعة 28 يناير 2011، وعندما نزلوا الميدان وقرروا السيطرة على الحكم». وأكد أن الإخوان أخبروا حبيب العادلي قبل 25 يناير عدم مشاركتهم في التظاهرات، متابعًا: «جماعة الإخوان أخبروا حبيب العادلي قبل 25 يناير عدم مشاركتهم في التظاهرات، والشرطة المصرية كانت على دراية بكل الأحداث ولكن حدث سوء تقدير وعدم لمس لحقيقة الأمور، وكان يجب على من كان في موقع سلطة أن يكون له خوف إيجابي ويتحسب مخاطر الطريق».

وأشار إلى أن العناية الإلهية أنقذت مصر في 2011 و2013، مبينًا أن مصر محمية إلهيًا ومثلما حدث في فترة الاستنزاف حتى حرب أكتوبر 1973، قائلًا: «كنت على يقين أن مصر محمية إلهيًا وأنه سيظهر لها القائد المناسب في الوقت المناسب الذي يتناسب طرديًا مع الحدث، مثلما حدث مع السادات والرئيس السيسي».

وبيَّن أن حبيب العادلي، وزير الداخلية وقت مبارك، كان في حالة انتشاء، مشيرًا إلى أنه تحدث معه عن خطورة الإخوان في 25 يناير، فأكد له أن قوة مصر ضخمة وأنه لا يوجد ما يُقلق، وبعد المظاهرات تحدثت معه تليفونيًا وقلت له «لازم الجيش ينزل مثلما فعل الرئيس مبارك»، وأمر الجيش للنزول الى الشارع لتطويق تمرد قوات الأمن المركزي ونزلت فرقة المشير أبو غزلة وأمنت البلد. وتابع، أن حبيب العادلي قال له: "احنا واحد"، فرد عليه أنه يعرف ولكن لا بد أن ينزل الجيش لأن الإخوان ركبوا الحصان وكانوا يديرون اللعبة السياسية بالريموت كنترول وكانوا سعداء بالحديث عن ذلك في التلفزيون.

ونوَّه بأن الإخوان كانوا يعلمون الشعب المصري، ويدركون أنه عند لحظة الإفاقة الجسم سيلفظهم والشعب لن يسمح لهم، وكانوا يحاولون ألا تحدث هذه اللحظة. وأضاف أن أحد اتباع الإخوان كتب كتبًا كثيرة وقلت له أن يخبرهم قال إن هناك قاعدة وهي عندما يقرر الأمير والمرشد يمشون في الطريق ولا ينظرون خلفهم ويسيرون بالريموت كنترول. وتابع: «كنا نصلي في مسجد الزهور بوجود عصام العريان، فقلت له أنت تتحدث عن الثورة كثيرًا أنت مالك ومال الثورة؟ أنتم تنتهزوا الفرص، الثورة ليست من طبيعة الإخوان، أنت جئت بالانتخابات وكان قصدي أن يفهم معنى تبادل السلطة ويكف عن الحدث بعنجهية عن مبارك، لأنه كان هناك تجاوزًا لا أخلاقي». وأردف: «كانوا قبل السلطة يجرون خلفك ليرضوك وفجأة توحشوا ولكن السلطة تأتي وتذهب فالسلطة جننتهم، ولذا قلت له أنتم أتيتم بالثورة وستذهبون بالثورة، ولكن لم يفهم».

وذكر أن الإخوان حتى يسيطروا على الحكم، وكانت هناك قوى إقليمية، وقوى عالمية، والقوى السياسية كانت مستخدمة، وأنه عندما تناقش مع بعضهم قالوا إن عبد الناصر فعل ذلك بالتعامل مع الإخوان، ولكن التجربة اختلفت وكانوا الظهير السياسي له في الخمسينيات، وظلت حاكمة للتيار اليساري المصري. وأضاف أن الناس عندما تقول إن السادات ومبارك، تعاملا مع الإخوان، فهذا غير صحيح، لأنهم كانا يمارسان سياسة الاحتواء معهم، لأنهم كانوا يدركون ويتحسبون لعواقب المعركة مع الإخوان. وتابع أنهم كانوا يؤجلون المواجهة لأطول وقت ممكن وهو ارتفاع الوعي لدى الشعب المصري، وحتى يصل المجتمع لدرجة القناعة أنه من العيب أن تصل هذه الجماعة لحكم مصر، وكان هذا موجودًا في الأربعين عامًا بعد حرب 1973.

وألمح إلى أن جزءً كبيرًا من الشعب المصري كان موجود في ميدان التحرير، حتى يشاهدوا الثورة، لأنها تعد أول ثورة تليفزيونية في التاريخ كانت في 2011، والناس كانت تشاهدها في البيوت وكانوا يريدون مشاهدة ما يحدث بالميدان. وأضاف أن سوء التقدير من الدولة جاء من أن قوة الإخوان لم تكن محسوبة، وصدقوا أنهم لن يشاركوا بالثورة، وقالوا إنهم تحت السيطرة وهذا غير صحيح، وعنصر القوة العالمية كان معهم. وأكد أنه كانت هناك قوة إقليمية تساعد الإخوان، وقوة عالمية، والقوة السياسية كانت مستخدمة.

وقال إنه لكي يحافظ المصريون على كشفهم لجماعة الإخوان وخطرها، ينبغي رفع مستوى معيشة الشعب، وحدوث تغير كيفي في نوعية السكان، ووجود تعليم وثقافة وصحة وضرورة الإنفاق عليهم بشكل قوي. وأضاف أنه للحفاظ على قوة المستهلكين، يجب أن يمتلك الشعب المال، التضخم من الممكن أن ينهك الطبقة الوسطى، كذلك الحال بالنسبة لسعر الدولار. وأوضح أن الوضع الاقتصادي للمواطن المصري انهار سابقًا في الفترة من 1967م حتى عام 1973، وذلك حتى يتم استجماع القدرة على حرب 1973، وبالتالي فإن الشعب المصري تحمل ودفع الثمن.

وشدد على ضرورة بناء المؤسسات، لافتًا إلى أن من أنقذنا القوى المنظمة المتمثلة في القوات المسلحة. وأضاف أنه يجب أن يكون هناك تحديث للمؤسسات، إذ لا بد أن تمتلك الدولة جدولًا في تحديث المؤسسات، وهو ما لاحظناه في الرئيس عبد الفتاح السيسي عندما يذهب لحضور اختبارات التربية والتعليم، مؤكدًا أن رأس الدولة عندما يكون حاضرًا فإنه يخلق حالة من الانتباه لدى الجميع، كما أوصى بضرورة أن تتحاور هذه المؤسسات مع بعضها وتنتج كفاءات وكوادر، لافتًا إلى أنه في حالة عدم القدرة على بناء المؤسسات ورفع مستوى الشعب من الناحية الاقتصادية والتنمية، ليترك المجتمع حتى يتحلل، فإن ذلك يعتبر جريمة سيدفع ثمنها قائد الطابور وهو الرئيس البطل الذي صنع ما بعد عام 2013.

ولفت إلى أن الشعب المصري حدث له اكتشاف ولحظة وعي وإفاقة لخطورة الإخوان، وإفاقة مبكرة جدًا. وأضاف: «لي شقيق أصغر مني بعام كنت أتناقش معه وهو يعرف الإخوان جيدا كمعرفة كف يده وتناقشت معه عن إفاقة الشعب المصري، فقال إنها سريعة وأنه يتمنى أن تستمر حتى ننتهي من الإخوان». وأضاف أن التوازن الدقيق الحاصل هي لحظة توفيق إلهي وليس بشريًا، لأنه لو استمر الإخوان كنا لن نتحمل وكنا سنتحول بعد مصر الكبرى والفرعونية لحالة الحروب الأهلية والاستئساد المليشياوي على الشارع المصري، وحالة من الصراع التي إزالتها من البشرية يأخذ وقتًا طويلًا.

وذكر أن استدعاء الشعب للقوات المسلحة في 30 يونيو كان استدعاءً في غاية النجاح، لافتًا إلى أن الشعب في لحظة ما شعر بأن الجيش متقاعس، وهو لم يتقاعس أبدًا بل كان مترفعًا. وأضاف أن القوات المسلحة كان لديها قراءة لما سيحدث، لكنها لم تكن متلهفة، لافتًا إلى أنه عندما يتم مراقبة دخول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الانتخابات ستجد أنه كان لا يريد ذلك، لكن هذه اللحظة كانت مهمة، حيث كان ينتظر فيها الشعب أن يكون البطل في القلعة؛ لأنه في النهاية سيكون المتوسط الحسابي الجامع لكل القوى داخل المجتمع المصري، بحيث لا يسمح بانزلاق المجتمع المصري إلى فوضى أو حرب أهلية، أو أننا نعود من جديد لعمل تمييز عنصري بيننا وبين بعض، فهذا مسلم وهذا مسلم بشرطة وهذا مسلم متدين، وقد رفض الجيش حدوث ذلك في مصر.