نظرة: مفتي الجمهورية: محتكر السلع ملعون والكسب من تجارة الدولار في السوق السوداء حرام ومساعدة الفقير ماليًا أولى من الحج

التاريخ : السبت 02 ديسمبر 2023 . القسم : اقتصاد

مضامين الفقرة الأولى: الاحتكار

قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إن الشرع الشريف نهى عن احتكار السلع وحرمه، ودلت النصوص الشرعية على أن الاحتكار من أعظم المعاصي. وأضاف أن المحتكر لُعن وينتظره العذاب الشديد في الآخرة، مستشهدًا بوصف المحتكر بالخاطئ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يحتكر إلا خاطئ» وغيره من الأدلة. وأضاف المفتي أن المحتكر منعدم الضمير وآثم إذا قصد حجب السلع عن أيدي الناس؛ إضرارًا بهم حتى يصعب الحصول عليها وترتفع قيمتها، وبهذا يحصل المحتكرون على الأرباح الباهظة دون منافسة تجارية عادلة، وهو من أشد أبواب التضييق والضرر. وتابع المفتي بأن السلع التي يجري فيها الاحتكار هي كل ما يقع على الناس الضرر بحبسها، ولا مانع من اتخاذ الدولة لإجراءات تمنع الاحتكار.

ولفت المفتي إلى حرص الشريعة على تحري الكسب الحلال، وإظهار الرضا الصحيح من العقود والمعاملات، معلقًا بأن العقود الأصل فيها الرضا، لقول الله سبحانه وتعالى: «إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم»، بمعنى لا تدليس ولا نزاع ولا جهالة ولا غش، وغيرها من الضوابط والمعايير التي رسختها المذهبية الفقهية وهي الموافقة للشرع الشريف في الحفاظ على المال.

وأكد مفتي الجمهورية، أن الله سبحانه وتعالى أباح لنا الكسب المشروع الذي يكون مبنيًا على الرضا وطيب النفس لا على الغش والخيانة، وحرم علينا اتخاذ الأسباب المحرمة في المكاسب، وأمر بالسعي في طلب الرزق الحلال والبعد عن الكسب الحرام، وأن يكون الإنسان حريصًا على إطابة ماله، لأنه مسئول أمام الله سبحانه وتعالى.

مضامين الفقرة الثانية: الصدقة

أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إن الشرع الشريف لم يكتف بفرض الزكاة، وإنما وسع وجوه الإنفاق ونوع أبواب التكافل والتعاون على الخير والبر، كما حث على التبرعات ورغب في الهدايا والصلات والصدقات. وقال إن الشريعة الإسلامية أولت الطبقات المحتاجة والفقيرة عناية كبيرة، حيث شرعت أحكامًا من شأنها سد حاجة هذه الفئات، وتحقيق عدالة اجتماعية تقرب الفجوة الطبقية بينها وبين الأغنياء في الجملة رويدًا، حتى يرتقوا بالعمل والأمل، ليكونوا من اليد العليا المعطية لا الآخذة.

وتابع بأن هذه الطوائف المحتاجة في مجملها هي طوائف مستهلكة قابلة للاستهلاك بشكل عام فكلما ملكت مالًا استهلكته، ومردود ذلك جيد عند الاقتصاديين لما يمثله من دوران عجلة الاقتصاد فيرتد أثر ذلك على المجتمع بعمومه، ولهذا قال الرسول الكريم: «ما نقص مال من صدقة»، فالمعطي وإن كان له فضل العطاء.

وأوضح المفتي، أن ثمرة الصدقة تعود إلى المتصدق بدورها، عن طريق دوران عجلة الإنتاج وانتعاش الاقتصاد وحركة السوق، وذلك لب أفضل النظريات الاقتصادية التي نادى بها خبراء الاقتصاد، وهو كذلك ثمرة نظرية الزكاة في الإسلام، عن طريق تزويد الفقراء والمحتاجين بالصدقات بما يخلق لديهم القدرة على الاستهلاك ومن ثم تشغيل عجلة الإنتاج.

مضامين الفقرة الثالثة: تعجيل الزكاة

أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أن الإنفاق والدفع في مصالح الناس وإعانة الفقراء أولى من الحج النافلة والعمرة النافلة، مؤكدًا أنه كلما كانت المنفعة متعدية كانت أولى من المنفعة القاصرة على النفس، ونحن في هذه الظروف الاقتصادية نحتاج إلى وعي مجتمعي. وناشد المصريين بالاستمرار على أعمال الخير والتوسع في هذا العمل الخيري العظيم، وألا نقتصر على معرفة الواجب فقط فيما يخص الصدقات والزكاة، وخاصة تجاه ذوي القربى، بل نقدم الفضل والإيثار.

وحول السؤال عن حكم إخراج الزكاة قبل موعدها، قال: «يجوز تعجيل زكاة المال ولو لمدة عامين مقبلين، بسبب هذه الظروف الاقتصادية الاستثنائية فضلًا عن استحباب توجيه الأموال لمواساة الفقراء وأصحاب الحاجات ومساعدة المرضى ووجوه البر المتنوعة، بل ذلك أولى في ظل الأزمة الراهنة، ولا يقتصر الأمر على الزكاة، بل على الأغنياء والقادرين في المجتمع أن يشملوا المحتاجين بنفقاتهم وصدقاتهم في هذه المرحلة».

وذكر أنه على كل مواطن أن يستثمر هذه الفرصة في مساعدتهم والوقوف إلى جانبهم بما يمكنه من الوسائل المادية والمعنوية، بالمسارعة في الخيرات، والمسابقة في المكرمات، والمساهمة بالطيبات، مشاركة لهم في ظروفهم الحرجة، ومساعدة لهم في تغطية نفقاتهم واحتياجات أهليهم وذويهم، إظهارا للنخوة والمروءة في أوقات الأزمات.

مضامين الفقرة الرابعة: بيع الدولار

كشف الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، حكم احتكار العملات الأجنبية لبيعها بسعر أعلى، مؤكدا أنه يدخل في الاحتكار المحرم. وأضاف أنه لا يجوز التعامل في النقد الأجنبي إلا عن طريق البنوك وشركات الصرافة المعتمدة المرخص لها في هذا النوع من التعامل، والمال المكتسب مما يعرف بتجارة السوق السوداء كسب غير طيب. وأوضح أن احتكار العملة الأجنبية يدخل في الاحتكار المحرم شرعا، وهو أيضا مجرم قانونًا، ومرتكب هذا الفعل مرتكب لإثم كبير، لأنه يضيق على عامة الناس من خلال ارتفاع أسعار السلع والخدمات ومتطلبات الحياة بسبب شح العملة، فيلحق الضرر باقتصاد البلاد، ويؤثر سلبًا في الاستقرار ومسيرة البناء والتنمية، ويوقع المحتاجين في المشقة والحرج.

مضامين الفقرة الخامسة: معايير الكسب الحلال

قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إن المكسب الحلال هو الذي أصله مشروع لا غش فيه ولا خيانة ولا خداع، منوهًا بأنه لا شك في أن المكسب المبني على الغش والكتمان واستخدام الحيل المنهي عنها التي يستغل بها احتياج الناس إلى السلع أمر محظور شرعًا، لما فيه من الإضرار بالناس والتضييق عليهم.

ولفت المفتي إلى أن معايير الكسب الحلال تغيب عن عمل بعض التجار الجشعين، مردفًا أنه من يستغل ظروف الناس ويبيع بأسعار مبالغ فيها فقد ارتكب محرمًا، للضرر الناجم عن استغلاله احتياج الناس إلى مثل هذه السلع، فهو يضر الناس ويضيق عليهم وهذا يؤدي إلى إيذائهم ماديًا ومعنويًا وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الإضرار.

وناشد المفتي، التجار بضرورة الكسب الحلال وتحري الصدق والأمانة وتفعيل وترسيخ قيمة المراقبة، وهي قيمة عظيمة في الشريعة الإسلامية، حيث إنها أساس تربية الضمير، وإرساء قواعد التعامل مع النفس ومع الآخر ومع الله، وذلك من خلال المكاشفة التي تحافظ على اتساق الإنسان مع نفسه، فإذا ما التزم كل واحد منا بهذه القيمة العظيمة في نفسه أولا ومع غيره ثانيا فضلا عن علاقته بربه يصبح عامل بناء في مجتمع يحاول أن تكون نفوس أبنائه سوية.