نظرة يناقش دعوات الاستغناء عن الأحاديث النبوية والطعن في الإمام البخاري وحكم المرتد وزيارة المفتي إلى أوزبكستان
التاريخ : السبت 09 ديسمبر 2023 . القسم : ديني
مضامين الفقرة الأولى: زيارة المفتي لأوزبكستان
كشف الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، تفاصيل زيارته لمدينة «بخاري» التابعة لدولة أوزبكستان، موضحا أن مدينة بخارى زاحمت حواضر الخلافة ومدنها، وأسهمت بشكل فعال في أبرز ما تفردت به الحضارة الإسلامية، وهو الاهتمام بالتوثيق وعلومه، وعلى رأس هذه العلوم علم الحديث، فقد كان لمدينة بخاري السبق الذي لا يضاهي، والشرف الذي لا يباري. وتحدث عن مشاركته في أعمال المؤتمر الدولي للإدارة الدينية لمسلمي أوزبكستان بمناسبة الذكرى الخمسمائة لإنشاء مدرسة مير عرب بمدينة بخارى، تحت عنوان: «مكانة بخارى الخالدة في الحضارة الإسلامية».
وثمن المفتي إشادة سماحة الشيخ نور الدين خاليق نظروف مفتي أوزبكستان بالجهود الكبيرة التي تنهض بها دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لنشر صحيح الدين وضبط بوصلة الإفتاء في العالم، وأبدى تطلعه إلى مزيد من التعاون خاصة في مجال تدريب المفتين، والاستفادة من خبرات دار الإفتاء المصرية في كافة الجوانب الإفتائية.
وأكد مفتي الجمهورية، أن زيارته لكلية الإمام البخاري للدراسات الإسلامية ومركز الفتوى هناك، تعرف من خلال جولة تفقدية على الأقسام المختلفة بالكلية، وكذلك مركز الفتوى، مشيدًا بالمستوى العلمي والمهني لمركز الفتوى والتطور الكبير الذي يشهده علميًا وتكنولوجيًا.
مضامين الفقرة الثانية: الطعن في البخاري
قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إن الإمام محمد بن إسماعيل البخاري كان من أعظم علماء الحديث وأجلهم، وهو العلم الأبرز لهذه المدينة بكتابه العظيم «الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه» والمعروف اختصارًا بـ «صحيح البخاري»، مشيرًا إلى أن الإمام البخاري بذل في هذا المؤلف العظيم جهده وعمره، حتى بلغ في ثبوته وتوثيقه وكان أصح كتاب بعد كتاب الله سبحانه وتعالى.
ولفت إلى أن نتاج هذه المدينة لهو أمر مبهر للعقول، ولشرف عظيم يجعل من هذه المدينة مدينة بخارى عالية القدر، محفوظة المكانة في وجدان كل مسلم، بل في وجدان كل إنسان، بعطائها الزاهر للتاريخ والحضارة، موضحًا أن الإمام محمد بن إسماعيل البخاري- رحمه الله تعالى- إمام مجتهد من أكابر أئمة المسلمين في الحديث والفقه، وعلماء الأمة أجمعوا على إمامته وتبحره في السنة النبوية الشريفة وعلوم الحديث.
وأضاف أنه لا يخفى أن الطعن في علمه وإمامته فيه مخالفة لما عليه إجماع المسلمين في قديم الدهر وحديثه، بل فيه اتهام للأمة كلها بالجهل والضلالة، وتسفيه لعلماء المسلمين عبر القرون حيث اتفقت كلمتهم على إمامته وتفوقه.
ولفت المفتي إلى أن من أسباب بركة علم الإمام البخاري «مال والده»، فقد ساعده هذا المال على نشر علمه في الآفاق بل عبر الأزمان والدهور، مبينًا أن صحيح البخاري عمدة المسلمين بعد القرآن، والمعين الذي لا ينضب على مر الدهور فلم تقتصر قراءته على العلماء وطلاب العلم، بل اجتمع العوام له، فقرءوه تعلمًا، وقرءوه تبركًا، بل وصل الحال بتعظيمه في القلوب أن أقسموا به كما الحال في ديارنا المصرية.
مضامين الفقرة الثالثة: الاحتجاج بالحديث النبوي
استعرض الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، كيفية التثبت والاحتجاج بالحديث النبوي الشريف؛ ردًا على من يطالب بتنحية السنة جانبًا عدا المتواتر منها لتكون عمدة الأحكام فقط مع القرآن. وقال إن المحدثين وضعوا أسس علم الحديث، وبينوا صحيحه من سقيمه، وبينوا أن الضعف ينقسم إلى مراتب متفاوتة، فضلًا عن وضعهم لضوابط دقيقة جدًا للعمل بأحاديث الآحاد والضعيف في حالات معينة دون المختلق أو المكذوب.
وقال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إن التثبت هو أول منهجية في الاستنباط السليم، وذلك فيما يتعلق بسنة النبي- صلى الله عليه وسلم- أما القرآن فمقطوع بثبوته، لا يحتاج إلى بحث ولا يحتاج إلى دليل، فلا محل للاحتمال في القرآن؛ لأنه ثابت كله بلا ريب. وأضاف أن ثاني قواعد التثبت، تتعلق بفهم النص وتفسيره، حيث أن فهم النص يحتاج إلى الرجوع إلى قواعد اللغة العربية وإلى دلالات الألفاظ، وإلى معرفة استعمالات هذه الألفاظ في حقائقها الموضوعة لها لغة وشرعًا وعرفًا.
وأشار إلى أن من الشريعة جملة من الأحكام القطعية الثبوت والدلالة، وهي التي لا مجال فيها للاجتهاد أو التغيير، ولا يجوز أن يأتي قانون يخالفها أو يسمح بإلغائها أو يجور عليها، والاجتهاد في مثل تلك الحالات يؤدي إلى زعزعة الثوابت التي أرساها الإسلام، بل تضر باستقرار الأمن المجتمعي. وتابع بأن هناك الأحكام الظنية التي يجري فيها الاجتهاد، والتي وقع فيها الاختلاف بين أئمة الفقهاء تبعًا لاختلاف أصول كل مذهب من المذاهب، فيتخير المشرع والمقنن من هذه الأحكام ما يلائم حال أهل عصره وزمانهم، وما يكون متلائمًا مع ثقافتهم وحياتهم.
مضامين الفقرة الرابعة: حكم الردة
كشف الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، موقف الإسلام من المرتد؛ قائلًا: «لو قرأنا هذه النصوص متكاملة فسنفهم أحاديث النبي مع الآيات الكريمة، فالنص القرآني يقول: "ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة"، كما قال النبي: «من بدل دينه فاقتلوه»، وهناك حديث شريف آخر ينص على أنه «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بثلاث» كان من بينهم «التارك لدينه المفارق للجماعة».
وبين مفتي الجمهورية أنه من خلال هذه الأدلة الشرعية يتبين أن عقوبة القرآن الكريم للمرتد أخروية وليست دنيوية، إلا إحباط الأعمال، وهي ليست من اختصاص أي إنسان بل من اختصاص ولي الأمر المتمثل في الجهات المختصة بدءً من الاتهام إلى التطبيق، وهي مرتبطة بالتوفيق الإلهي فقط، أما من بدل دينه فإن قتله يستلزم أن يكون مفارقًا للجماعة، وهذا من ضمن الضوابط والمعايير الدقيقة للحكم بالردة.
وأكد أنه من الخطأ رفض ما تركه لنا المفتون والفقهاء من ثروة فقهية بصورة كلية بدعوى تغير الزمان والمكان، فمن دعا إلى الاستغناء عن هذا التراث النبوي جملة وتفصيلًا فقد ضاع وضيع غيره وضل الطريق، فلا بد من الاستفادة من هذا التراث ولكن بعقل منفتح.