المشهد – نشأت الديهي & عمرو عبد الحميد – حلقة الأربعاء 14-06-2023
التاريخ : الخميس 15 يونيو 2023 . القسم : سياسية
مضامين الفقرة الأولى: نتائج حكم الإخوان وثورة 30 يونيو على مصر
قال الإعلامي عمرو عبد الحميد، إن يوم 30 يونيو سيكون خالدًا في تاريخ الأمة المصرية، مبينًا أنه تابع بحكم عمله الصحفي والإعلامي لحظة بلحظة ثورة المصريين في ميدان التحرير على جماعة حكمت مصر بالترهيب والتضليل وتمكنت في لحظة مؤلمة من الوصول إلى قلب السلطة، لكن الضمير الشعبي قرر الثورة عليهم، لا سيما أن أول ما خرجت الثورة كانت من قلب وزارة الثقافة التي ظلت ممسكة بحضارتها ولم تتغير من مستعمر غازٍ أو آخر محلي، واستعادت مصر هويتها الثقافية، ومشروعها الوطني الذي تشكل يومًا بعد يوم، والذي لم يتوقف بالشائعات أو الفتن.
وقال الإعلامي نشأت الديهي، إن ثورة 30 يونيو أثرت في مصر والإقليم، في ظل حالة من لا فهم ولا وعي ولا يقين، مضيفًا أن الجماعة ما زالت تحاول العودة مرة أخرى إلى المشهد السياسي. وأضاف أن حديث الرئيس السيسي خلال المؤتمر الوطني للشباب تطرق إلى 25 يناير و30 يونيو. وأشار أن المسيرة تعطلت ببعض الأحداث مثل جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية والأزمات الاقتصادية؛ لكنها ما زالت مستمرة. وذكر أنه ينبغي أن نبحث كيفية منع استعادة الفصيل الإخواني الإرهابي.
قال الكاتب والمفكر السياسي الدكتور عبد المنعم سعيد، عضو مجلس الشيوخ، إن ما حدث قبل 25 يناير يُوصل إلى طريق مسدود بالنسبة للشعب المصري، الذي خرج في احتجاج ثمَّ توقف عنده، مؤكدًا أنه لم يكن هناك مشروع مكتمل في 25 يناير ولا يوجد قيادة أو تحالف واضح من قوى سياسية محددة. وأضاف أن جماعة الإخوان المسلمين كان لديها مشروع بداية من إجراءات السيطرة على ميدان التحرير وتأجير الشقق ترتيب الأمور أن تكون هي القوى الفاعلة التي يجري التفاوض معها وبحث كيفية انتقال البلاد من مرحلة إلى أخرى.
ولفت إلى أن مشروع الإخوان منذ 2007 قائمًا على أن تكون مصر مثل إيران، ولكن بالرغم من هذه الحالة إلا أن القوات المسلحة المصرية كانت جزء أساسي من الهوية المصرية منذ وجود جيش نظامي حديث مع محمد علي باشا حتى الآن، واستطاعت أن يكون لديها هندسة التغيير حتى يستطيع الشعب المصري البحث من جديد عما يريده.
وأشار إلى أن الطريق إلى 30 يونيو كان محصلة كشف الإخوان عن أنفسهم بشكل قوي، إلى جانب أن الشعب المصري وضعهم تحت الاختبار خلال فترة حكمهم، لافتًا إلى أن برنامجهم لم يقنع المصريين نظرًا لما تضمنه من توجهات فاشية واضحة مثل الإعلان الدستوري ومحاصرة المحكمة الدستورية العليا، إلى جانب الخسائر الفادحة التي ألمت بمصر.
وذكر أنه خلال العام الأول الذي تلا 25 يناير، تكبدت مصر خسائر بقيمة 110 مليار دولار، نتيجة أمور كثيرة، مؤكدًا أن الميزة الأساسية لثورة 30 يونيو إلى جانب الخروج للشارع ورفض مشروع الإخوان المسلمين، هو ظهور قوى شعبية بخلاف الجماعة مثل حركة تمرد، واستطاعت عمل جبهة تضم ملامح الوجه المصري ومكوناته السياسية والوطنية الأساسية.
ولفت إلى أن قوة التلاحم الوطني بين المصريين والدولة ظهرت حين قرر الرئيس السيسي إنشاء قناة السويس الجديدة، ثم قرار التعويم الأول للجنيه.
وقال الدكتور محمد كمال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن ما حدث في 30 يونيو كان له تأثير على العالم كله وليس مصر فقط، مبينًا أن أحداث سبتمبر في أمريكا خلَّفت مشروعًا أمريكيًا أظهر أن الولايات المتحدة الأمريكية عملت على طرح المشروع الإسلامي إلى السطح لمبارزته ومعرفة ماذا يفعلون في دولهم ما تسبب في طرح فكرة دمج الإسلاميين في الأحزاب السياسية، ثم انتقل العالم إلى فكرة تمكين الإسلاميين في دولهم وتحولت إلى واقع عملي في عدد من الدول. ورأى أن ثورة 30 يونيو قضت على مشروع سبتمبر في أمريكا الذي عمل على نشر الإسلاميين وإظهارهم على السطح السياسي.
وأضاف أن ما قبل 30 يونيو كان مطروحًا في المجتمع أن الدولة هي الشر والحل في يد المجتمع المدني، مبينًا أن ثورة يونيو أعادت مركزية الدولة مجددًا ودورها في الحياة المصرية، ورأى أن عودة الروح لفكرة مصر المدينة كانت ستختفي تمامًا حال استمرار الإخوان في الحكم، وشدد على أن الوطنية المصرية كفكرة هي الوحيدة التي ستهزم مشروع وفكر جماعة الإخوان.
وقال الدكتور حلمي النمنم وزير الثقافة الأسبق، إن الرئيس الراحل محمد حسني مبارك ظنَّ أن رحيله لمنصبه الرئاسي سيتسبب في هدوء الأوضاع السياسية المصرية، مضيفًا أنه بمجرد مغادرة مبارك للحكم جرى تقسيم الشارع المصري إلى فلول ينبغي مطاردتهم وذبحهم، وفئة الشباب الثوار الذين لا ينبغي محاسبتهم بالمطلق، وعامة الشعب الذي سمي لاحقًا بحزب الكنبة، ثم انتقلت مصر من مرحلة التقسيم إلى مرحلة الشيطنة للقوات المسلحة وعلى وجه التحديد المشير محمد حسين طنطاوي، ومحاولة إبعاد الجيش عن المشهد السياسي، وظهرت ملامح هذه المرحلة بالدعوة إلى تدشين المجلس الرئاسي الذي يحدده الثوار وليس مؤسسات الدولة الذي جرى شيطنتها مع القوات المسلحة حتى وُصف الجيش المصري بجيش المكرونة.
وشدد على ضرورة أن يُكشف للرأي العام المصري نص مكالمة الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي طالب الرئيس الراحل محمد حسني مبارك بإعلان مجلس رئاسي مدني بقيادة محمد البرادعي قبل مغادرة الحكم في فبراير 2011. ودعا إلى ضرورة تسمية ما حدث في مصر بمسمياتها، مبينًا أن الذين جاءوا من الأنفاق التي كانت موجودة في مصر هي جيوش مسلحة وغزو خارجي للدولة.
ونوّه بأن ما كان يحدث في دول الإقليم في يناير 2011 كان نتيجة تدخل خارجي في دول المنطقة والإقليم، لافتًا إلى أن من أطلق الرصاص على الرئيس الليبي معمر القذافي من المخابرات الفرنسية بتكليف من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، لافتًا إلى أن الغرب يرى أسامة بن لادن رجل سيء وكذلك أيمن الظواهري بينما يرى عمر التلمساني يرونه رجل معتدل.
وأشار إلى أن هناك دراسة أعدها الدكتور حسن حنفي عام 1976 رصدت بأن الصدام الذي كان بين الإخوان والضباط الأحرار كان صدامًا في الظلام، مشيرًا إلى أن الإخوان والنخب المصرية أبرمت اتفاقًا على التخلص من الرئيس الراحل محمد أنور السادات منذ عام 1977، مستشهدًا بوثيقة نُشرت في جريدة الشعب ضمت توقيعات عدد من مسؤولي الدولة ووزراء سابقين تطالب الرئيس مبارك وقت توليه الحكم بعدم إعدام خالد الإسلامبولي، من بينهم الصحفي والمفكر فتحي رضوان. ولفت إلى أن ألاعيب الحزب الوطني خلال فترة حسني مبارك اعتمدت على تصدير الإخوان للمشهد السياسي من أجل إزعاج الشيوعيين والوفديين.
وذكر أن الشعب المصري خرج إلى الشارع المصري بسبب اطمئنانه أن القوات المسلحة ستحمي الشعب خلال ثورته.
وقال النائب محمود بدر، عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، إن مجموعة تمرد كانت ترى كثيرًا من الأخطاء التي يجب ألا تتجاوزها في بداية عملها قبل 30 يونيو، ومن ضمن هذه الأخطاء التي تراها المجموعة بأن الشباب كانت تتحدث في الشارع بينما تنظيم الإخوان الإرهابي نجح في السيطرة على السلطة. ولفت إلى أنه كان يجب نسيان مصطلحات مثل الفلول، والتحدث مع حزب الكنبة وشباب الثورة وغيرهم ممن يروا خطرًا على الدولة ليكون في قلب الحدث.
وأوضح أن تنظيم الإخوان الإرهابي خلال وجوده في السلطة أحدث صراعًا مع الأقباط على نحو علني، ولأول مرة في تاريخ مصر يحدث الاعتداء على الكاتدرائية المرقسية في العباسية، في محاولة لتقسيم المصريين والعبث في وحدة الشعب المصري، وهذا كان أخطر شيء نظرت إليه الحركة وقتها.
وذكر أن جماعة الإخوان أحدثت أزمة مع كل مؤسسات الدولة مثل القضاء بداية من الإعلان الدستوري ومحاصرة المحكمة الدستورية العليا، وكذلك الجهاز الشرطي بمهاجمة الداخلية في مجلس النواب، ونهاية بالأزمة من القوات المسلحة قبل 30 يونيو حينما أصدرت بيانًا يحذر من الانزلاق في الانقسام المجتمعي ويمنح مهلة لجميع الأحزاب السياسية، مشيرًا إلى أن جمع توقعات «تمرد» لم يكن جديدًا وتكرر أكثر من مرة في تاريخ مصر، مبينًا أنه خلال لقاء في منزل الدكتور محمد البرادعي طُرحت فكرة تدشين مجلس رئاسي مدني بقيادة البرادعي بعد عزل محمد مرسي.
وأشار إلى أن مصر ما زالت تعاني وجود معارضة بلا مشروع لها في كيفية إدارة الدولة، حتى ظهر أحد المرشحين المحتملين لانتخابات الرئاسة- يقصد أحمد طنطاوي- يتحدث عن إعادة الإخوان إلى المشهد السياسي مجددًا. ولفت إلى أن هذه الإشكالية (المعارضة بلا مشروع وطني) لم تكن موجودة بعد 30 يونيو لكنها بدأت تظهر تدريجيًا في الآونة الأخيرة في ظل اتساع الفجوة بين الدولة والمواطنين بسبب الأزمة الاقتصادية.
وقال العميد خالد عكاشة رئيس المركز المصري للفكر والدراسات، إن المشروع الوطني الذي تبنته مصر بعد ثورة 30 يونيو، هو مشروع يؤسس لدولة سيادة القانون والمساواة وللدولة المدنية الحديثة ومشروعها المباشر في فروع مختلفة رفع كفاءة وجودة حياة المصريين. وأضاف أن إعادة بناء في مجموعة من المحاور تحدث الرئيس عن أنها تأخرت كثيرًا في العقود الماضية، لافتًا إلى أن المشروع الوطني الحالي جاء في 30 يونيو لبناء دولة تليق بالمصريين وبمكانة مصر في الإقليم وفي العالم.
وذكر أن 25 يناير أخذت المصريين في موجة أوصلتهم لشهور قبل 30 يونيو لمدة عامين، وكانت كل المؤشرات في حالات هبوط كبير جدًا على مستوى كل الأصعدة، ولم يحدث فيها أي تقدم يُذكر، قائلا إنهم وجدوا أنفسهم أمام وضع سيئ ولم يزيحوا نظام مبارك لأجله. ولفت إلى أن التهديدات التي كانت موجهة للدولة المصرية خلال فترة حكم الإخوان، أولها على مستوى النسيج الوطني المصري تعصف بالاستقرار داخل أحياء مصر كلها تقريبًا، وغزو حقيقي على الحدود المصرية الشرقية، وتمكين ما يقارب الاحتلال لمدن وقرى في شمال سيناء، وتهديد بعصا الإرهاب الغليظة بأنها ستطال أي مصري يحلم بالتغيير ضد جماعة الإخوان، موضحًا أن تلك الأسباب أدخلت المصريين في ثورة 30 يونيو لأن مكونات المشهد كانت لا تليق بمصر والمصريين.
وأكد أن المصريين الذين وقعوا على استمارات تمرد، تمردوا على مكونات المشهد بأكمله وليس على النظام الحاكم فقط، مضيفًا أن ثورة 30 يونيو أرجعت ما يسمى بحزب الكنبة للمشهد السياسي مرة أخرى، وجعلت القوات المسلحة تقف في لحظة اختبار ثالثة أو رابعة منذ 25 يناير وانحازت للمصريين. وأكد أن نجاح مصر في 30 يونيو 2013، أسام في ولادة المشروع الوطني المصري الجامع الذي استعاد مكانة مصر في الإقليم وعلى مستوى العالم، لافتًا إلى أن هناك بعض القصور في الترويج والشرح للمشروع الوطني بسبب مجموعة من الأخطاء من السهل تصويبها كي يدرك المصريون جميعًا أن هناك اصطفافًا حقيقيًا حول المشروع الوطني.
وقال الخبير الاقتصادي مدحت نافع، إنه بالحديث عن جماعة الإخوان ينبغي ألا نغفل عن حقيقة هذه الجماعة وبداية تأسيسها التي كانت عبر ملاليم لاستئجار شقة في الإسماعيلية تكون مقرًا للمركز العام. وأضاف أنه هناك مقولة للسياسي الوفدي البارز مصطفى النحاس عن حسن البنا مؤسس التنظيم: «زعيم ديني على رأسي إنما زعيم سياسي بالجزمة». وأضاف أن قوة الجماعة بدأت أنها تلعب ببراغماتية شديدة، بداية بقبولها بالتبرع الشهير من الحكومة الإنجليزية 500 جنيه إسترليني، كما أنها لا تهتم بالصناعة والتصدير خلال مشروعها الاقتصادي، وظهر ذلك خلال مصادرة الدولة لأموالها.
وأضاف أن الجماعة لم تنجح- رغم اصطفاف القوى الدولية حولها- في مشروعها الاقتصادي، حتى انهار سعر الصرف، وتحدث عن أن فكرة الصكوك الإسلامية لم تُعرض إبان تولي الإخوان الحكم أو خلال مجلس النواب وقتها، وإنما جاءت عن طريق سيدة مسيحية قبل وصول الإخوان إلى المشهد السياسي. وذكر أن الجماعة أغرقت السوق المصري خلال حكمها بمسودات حول مشروع قانون الاستثمار، حتى إذا ظهرت تعديلات من المصرفيين أو الخبراء الاقتصاديين حول مشروع القانون أخذوها وأدرجوها في المسودة النهائية على أنها فكرتهم ومن آرائهم ومنظورهم.