الشاهد – محمد الباز – حلقة الجمعة 16-06-2023

التاريخ : السبت 17 يونيو 2023 . القسم : سياسية

مضامين الفقرة الأولى: شهادة علي جمعة على أحداث 30 يونيو

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية الأسبق، إنه لم يكن لدي قناعة بقدرة الإخوان على الاستمرار في الحكم. وأضاف أنه تلقى في ليلة إعلان النتيجة أن الفريق أحمد شفيق قد فاز، وكان الحرس الجمهوري، قد انتقل بالفعل إلى منزل أحمد شفيق، لكن فجأة عند إعلان النتيجة من المستشار المشرف على الانتخابات أن محمد مرسي هو الفائز، وكانت نتيجة تبين عدم رضا الشعب عن هذه الحالة، لأن نسبة التصويت كانت متقاربة. وأشار إلى أن النسب التي حصل عليها مرسي بالانتخابات الرئاسية تشير إلى أن الشعب غير راضٍ على هذا الحال.

وذكر أن فوز محمد مرسي بالانتخابات الرئاسية كان هزيلًا وكان على المحك. وأشار إلى أنه من البداية لم يبتلع مسألة تولي جماعة الإخوان الإرهابية للحكم، متابعًا: «كان هناك شخص صاحب ود وهو الدكتور سيف عبد الفتاح، وعندما رأى موقفي السلبي من ثورة 25 يناير، لأنه لا يليق بالخروج هكذا لأنه سيكلف البلاد كثيرًا وسيشعل الفتن والمحن، واختلف معي واتجه إلى التغير وإلى الإخوان ولم ألقاه بعد ذلك، وبعد ذلك خرج لخارج مصر وتشتت أسرته في أنحاء العالم». وأوضح أن سيف عبد الفتاح اختلف معه بسبب موقفه ورفضه لثورة يناير وبعدها توجه لجماعة الإخوان.

وجه رسالة للدكتور سيف عبد الفتاح، قائلًا: «تب إلى الله لأنك تعرف أن ما يفعله الإخوان مخالف للشريعة». وأضاف أن محمد مرسي رفض التمديد له مفتيًا للجمهورية وقال "على جثتي". وتابع أن أحد العلماء الأزهريين العراقيين، سأله عن سبب عدم تعاونه مع جماعة الإخوان، فأجابه أنه لا يعنيه الإخوان وكل ما يهمه هو مصر، فأخبره بأنه أبلغ الجماعة الإرهابية بذلك، وقال عندما يتواصلون معك لا ترفض، قائلًا: «أخبرته أنني شخص محب لهذا البلد ولدي تعلق شديد بالوطن».

وذكر أن الإخوان كانوا يتعاملون بطريقة متعالية بصورة كبيرة، حيث كانوا يرفضون إدراك الواقع، واضطهدوا رجال الدين والعلماء، وخيبوا آمال السلف الصالح، ونظرًا للطريقة غير الآدمية التي تعامل بها الإخوان بعد وصولهم للحكم أخاب الله آمالهم جميعًا. وأكد أن الجيش المصري ملتحم التحام شديد بالشعب المصري، الجيش المصري ليس مرتزقة، بل هو من أبناء الوطن، ويعمل لمصلحة الوطن والمواطن، مبينًا أن الجيش المصري يقوم بدراسة أزماته السابقة حتى لا يتم الوقوع فيها مرة أخرى، والدليل على ذلك نجاح الجيش في حرب أكتوبر بعد النكسة.

وأضاف أن جماعة الإخوان الإرهابية عندما أتى محمد مرسي لإلقاء اليمين في جامعة القاهرة حدثت منهم مواقف لا يستطيع أحد أن ينكرها، قائلًا إن البلتاجي أغلق على عدد من الإخوان الذين هتفوا ضد الجيش، وكان يشتم فيهم، وعندما قررت الدخول فعل حركة بيده أظهرت ما بقلبه، وأذن لي بالدخول بغير ترحيب، وشيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب لم يجد له مكان في القاعة فقرر المغادرة، وهذه المؤشرات كانت خير دليل على فشل هذا النظام. وأشار إلى أن جماعة الإخوان لديهم فشل وخلل في العاطفة بصورة واضحة، وكان المنصب هو الهدف الأسمى لديهم دون النظر للوطن أو المواطن.

وبيّن أنه تلقى اتصالًا من اللواء أحمد جمال الدين واتفقا على تأسيس تيار وطني. وأضاف أنه اتصل به وزير الداخلية الأسبق أحمد جمال الدين، وقال له إنه يريد أن يقوم بعمل شيء لمصر في هذه المرحلة، وتم الاتفاق على عمل شيء يسمي التيار، ولا يكون منطوي تحت حزب أو تيار سياسي معين، ولكن يكون تيار وطني مستقل محب للوطن، وانضم إلينا مجموعة كبيرة تحت اسم "مصر بلدي"، وكان تعبير عن اللحظة والحالة التي يعيشها المجتمع المصري. وأشار إلى أنه تم انضمام مجموعة من النخبة للتيار، وجرى اختياره الأمين العام للتيار، وبدء يتنامى بشكل غريب، ليدل على أن إرادة الشعب ألقيت في قلبه إلقاء، وكان هناك زحام في كل فعاليات التيار في كل ربوع الوطن، وكان مطلبنا 3 استحقاقات الرئاسة والبرلمان والدستور. وأوضح أنه في اللحظة الفارقة التي اجتمع فيها رموز الوطن وسلبوا الولاية من جماعة الإخوان ومن الرئيس المزعوم، وأعطوها لرئيس المحكمة الدستورية العليا ليديرها وكان قد أحسن الإدارة حيث كان قاضيًا يحكم بين الناس ولم يقف ضد أحد حتى الإخوان الذين أفسدوا في الأرض، مؤكدًا أن المستشار عدلي منصور أحسن إدارة البلاد.

وتابع قائلًا: «يوسف القرضاوي حرَّض على اغتيالي، عامله الله بما يستحق، وحرض على الشيخ سعيد البوطي حتى قُتل، وجاءت الأوامر من تركيا لحركة حسم لقتلي لتقديم رأسي هدية مناسبة للقرضاوي حينما كان في مؤتمر بإسطنبول». وأضاف: "القرضاوي خلال مؤتمر إسطنبول قال ما لم يعجب أردوغان، وتزامن هذا المؤتمر مع حادث محاولة اغتيالي، وقال له أنت ليس اسمك طيب أردوغان، لأن أبيك هو من سماك هكذا، لكن أنت سلطان المسلمين وخليفة المسلمين"، مشيرًا إلى أن حزب أردوغان ارتعب لأن خليفة المسلمين يعني أن أردوغان ضد كمال أتاتورك ويخالف الدستور والقانون التركي، ولذلك خرج وصرَّح المتحدث الرسمي باسم الحزب وقال: «نرجوكم خلوا هذا الكلام في بلادكم لأننا لنا خصوصياتنا وقوانيننا ودستورنا الذي يأبى مثل هذا الكلام».

ولفت: «كانوا يريدون رأسي هدية للقرضاوي وجاء خمسة أشخاص يحملون أسلحة رشاش وأنا خارج لصلاة الجمعة ألبس الزي الأزهري متوجه للمسجد حتى أعطي درسًا بعد صلاة الجمعة وتفاجأت بطلقات من النيران تحيط بي فحاولت الانخفاض وحدثني أحد المحققين مع الذين حاولوا اغتيالي إنهم اضطروا للانسحاب بعد إصابة أحدهم برصاص في ساقه ولما دخلت المسجد قلت للدكتور مجدي عاشور أنا من سأخطب الجمعة وخطبت عن الخوارج وموقف سيدنا النبي منهم وهو يقول إنهم كلاب أهل النار لأنهم ينقلون إلى العالمين صورة من صور التحريف والتخريب تحت عنوان الإسلام والتمسك به». وقال: «الإخوان نشروا خبر وفاتي قبل محاولة اغتيالي بدقائق وبعدها حذفوها».

وأردف: «كان يوجد أحد الصالحين، يفطر معنا في شهر رمضان، وفتحنا التلفزيون، فوجدنا أحد المتحدثين على منصة رابعة وهو يدعو بحرقة وشدة، فوجدت هذا الرجل الصالح معي، يقول أعوذ بالله، فسألته: تستعيذ بالله من ماذا؟ فقال لي: هذا الذي يتحدث على المنصة وكأنه يشتم الله سبحانه وتعالى، فقلت له: أعوذ بالله، لكنه يدعو الله أن يحقق له ما يتمناه».. فقال لي: «اسمع لهجته معناها إذا لم تفعل لنا ذلك فنحن لن نعبدك مرة أخرى». وأشار إلى أنه تعجب من هذا الموقف كيف لهذا الرجل الصافي البسيط الذي ليس له هذه المداخل يدرك من الصوت فقط أن هذا الرجل الذي يخطب على المنصة ضلالي، وأثرت بداخله كلمات هذا الرجل ووجدت بعد فترة أن هناك أبناء من الإخوان ألحدوا.

وذكر أنه كان يناقش رسالة دكتوراه للباحث الدكتور هشام حنفي، وأثناء المناقشة دخل القاعة عدد من شباب الإخوان واللذين بلغ عددهم آنذاك 21 شابا، وكانوا يهتفون ضد الجيش المصري. وتابع: «الدكتور جابر نصار كان رئيس جامعة القاهرة وعاقب الشباب بالقانون لأنه رجل قانون، وقرر حرمانهم ورفتهم من الجامعة، ولكن سعيت بشكل أو بآخر إلى أن يتراجع الدكتور جابر نصار عن قرار الرفت وأن يتم الاكتفاء بحرمان الطلاب من دخول الامتحان لعامين، وعند خروجي من قاعة المناقشة اكتشفت أن هذه المجموعة قامت بتخريب سيارتي بالكامل».

وأكد أن الإخوان قاموا بتفجير الشاليه الخاص به في الفيوم. وأضاف أن الإخوان حاولوا قتله أكثر من مرة، وبالرغم من محاولاتهم الكثيرة بالاغتيال إلا أنه لم يتوقف عن تحذير الأجيال الجديدة من هذه الجماعة. وتابع: «هؤلاء الناس ضالون مضلون، وسيحاسبهم الله في الدنيا قبل الآخرة، ناس ضلالية فعلا وكل ما تتوغل معرفة بهم كل ما تبعد عنهم».

وبيَّن أن الثقافة السائدة التي عملت عليها جماعة الإخوان هي ركوب المؤسسات، حيث كان يوجد مؤسسة تسمى الندوة العالمية للشباب استطاع الإخوان أن يركبوها، كما أنهم ترجموا 200 كتاب إلى 56 لغة، وهي كلها ثقافة إخوانية، وهو ما ساعد على نشر أفكارهم وجعلها ثقافة عامة. وأضاف أن الغريب هو أن كل هذا المجهود وتلك الأموال والمليارات التي تم إنفاقها تذهب بكلمة طيبة وموعظة حسنة تخرج من قلب صادق.

ولفت إلى أنه عندما دخل الإخوان السجن بالجرائم والقتل وما فعلوه، بدأوا يراجعوا أنفسهم، فبعضهم تراجع، وبدأ يقول أحدهم "يا جماعة على فكرة، يبدو أننا ارتكبنا خطيئة كبيرة"، فهاجوا عليه، وهو ما يؤكد أن ضلال الإخوان الذي جعلهم يحاصرون هذا الرجل حتى لا يتوب، مستشهدًا بقوله تعالى: "واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه" وأضاف أن تراجع هذا الرجل عن تصريحاته وسحبها حتى لا يُغضب إخوانه، مبينًا أنه من الممكن أن يُغضب الله نعم لكنه لا يستطيع أن يغضب الإخوان.

وذكر أن الخلل لدينا في مواجهة الفكر الإخواني هو أننا لم نشتغل بشكل مكثف، فقد اشتغل الإخوان كثيرًا، كما أنهم اشتغلوا على الشباب وعلى الأطفال، ولذلك تحصلوا على أثر لكنه أثر ضعيف لأنه ناتج عن ضلالة. وأضاف: «كان ينبغي علينا أن نكون موجودين بقوة، ولا بد أن نعمل لأن أهل الباطل يعملون وبشدة، كما أن أهل الباطل تمكنوا من الأموال، وتمكنوا من غسيل مخ بعض الحكام بأموالهم».

وذكر أنه عندما كان يسمع جملة «الإخوان ناس بتوع ربنا» كان يقول لمن يرددها: «أنتم لا تعلموا شيء». وأضاف أنه هذه الجملة يتقبلها الناس، لأنه يمتلك رصيد عند الناس، مبينًا أنه من خلال التاريخ والمنصب والعلم يكون لها أثر وأكثر واقعية من لو قالها شخص آخر، كما أن هناك مساحة من الثقة يمتلكها الشعب الذي يلعب الدين في تكوينه دور كبير، حيث يحب الشعب المصري الدين، لكنه يحب الدين الذي هو جزء من الحياة، وليس الذي هو ضد الحياة، فالشعب المصري واعٍ وذكي.

وأشار إلى أنه وصف 30 يونيو بأنه مثل فتح مكة، والمشابهة بين 30 يونيو وفتح مكة تأتي في البدء، حيث يعتبر فتح مكة هو بداية عصر جديد، حيث كان توجد مكة أولًا ثم المدينة ثانيًا، وقد بدأنا المدينة ثانيًا بعد فتح مكة. وأضاف أنه قبل فتح مكة، كان مبنى المدينة على المواطنة، حيث دخل ووجد اليهود ووجد المشركين، ووجد المسلمين، ووجد منافقين، فكون منهم دولة، والمشترك بين هؤلاء الناس هي "المواطنة" أي العلاقة بين المواطن والمدينة، ومن هنا كُتِبت صحيفة المدينة، ومن هنا تأتي المشابهة ليس من خلال تشبيه القاهرة بمكة، لكن التشبيه بكونهما سيبدآن بداية جديدة لعصر جديد ولذلك سمعنا بالجمهورية الجديدة، وهي نموذج جديد حدث بعد 30 يونيو، وهذا المقصود بتلك المشابهة.

وبيَّن أن رفضه الانضمام إلى جماعة الإخوان يستند إلى أرضية شرعية وفقهية، ومعه الدليل على ذلك، ولم يستطع الإخوان الرد على هذا الدليل. وأضاف أنه عندما رفض الانضمام إلى جماعة الإخوان، قالوا له: «وهل يجوز أن نترك المسلمين هكذا دون جماعة»، فقال لهم ومن أخبركم بأن المسلمين بلا جماعة، فالجيش المصري هو جماعة تحارب العدو تحت راية ليست عمومية، لكن الإخوان تحارب تحت راية عمومية لا نعرف مصدر تمويلها ولا أين اتجاهكم ولا من تحاربون. وتابع: "لكن الجيش المصري عندما يحارب العدو دفاعًا عن الأوطان فهذا شيء واضح ومعروف من أين جاء بسلاحه، لكن الإخوان لا ندري عنهم شيئًا، والرسول صلى الله عليه وسلم نهانا أن نحارب تحت راية العمومية وكان هذا موقفي من جماعة الإخوان منذ أن كنت في العشرين من عمري».