الشاهد – محمد الباز – حلقة الأحد 18-06-2023
التاريخ : الاثنين 19 يونيو 2023 . القسم : سياسية
مضامين الفقرة الأولى: شهادة الكاتبة لميس جابر على أحداث 30 يونيو
تحدثت الدكتورة لميس جابر، الروائية والكاتبة الصحفية، عن أن الشعب المصري عاش سنوات يعتقد أن محاولة اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر، كانت تمثيلية، مؤكدة أنها رغم صغر سنها وقتها كانت تسأل: «كيف تكون لعبة ويُعدم الجاني والمتهم؟». وأشارت إلى مظاهر إرهاب الإخوان، منذ أول سيارة مفخخة استهدفت بيت السياسي مصطفى النحاس، ومحاولة اغتياله عدة مرات عن طريق الموتوسيكلات والرشاشات أمام بيته، وقضية السيارة الجيب في عام 1948. وأشارت إلى أن محمود عبد اللطيف الذي اتهم بمحاولة اغتيال جمال عبد الناصر عند التحقيق معه تحدث عن قميص ناسف عبارة عن قميص مرصوص به ديناميت ويدخل على عبد الناصر ويوصل الأسلاك ثم يأخذ ناصر بالحضن لاغتياله.
ورأت أن سلوك العنف لدى الإخوان لا يوجد به إبداع منذ الأربعينيات، مستشهدة بأنها في يوم الجمعة 28 يناير 2011، حين نزلت الشارع ووجدت عددًا من الناس يسيرون بأسلحة بيضاء وجنازير، وهناك محلات هوجمت عدا محلين، ففهمت حينها لماذا هاجمت الجماعة محلات بعينها.
وأضافت أن الإخوان بعد عام 1964 هربوا إلى المملكة العربية السعودية للاختباء هناك، ثم انتشروا مرة أخرى، وظهروا في الجامعة في السبعينيات، قائلة: «وقتها ذهبت أسجل ماجيستير ووجدت الجامعة قد تحولت إلى جماعات»، مؤكدة أن خطأ الرئيس الراحل محمد أنور السادات أنه فتح لهم الجامعات لهم.
وأشارت إلى أنها لم تذهب ميدان التحرير إطلاقًا في 25 يناير. وأضافت أنها شعرت بزيف الأحداث من بدايتها، ووجود شخص اسمه خالد سعيد أيقونة الثورة، منوهًا بأنه هوجمت خلال هذه الأحداث بسبب رأيها. وتابعت أن ابنها شارك أول يومين فقط في أحداث 25 يناير، ثم توقف عن المشاركة بسبب وجود شخصيات ملتحية تحاوط المتظاهرين وتطلب البطاقات الشخصية من الحضور، مؤكدة أن الإخوان في هذا التوقيت كانوا سيطروا على الأمر. وذكرت أن الجميع على مقربة من الضياع في يناير، وفي ظل حريق 120 قسم، مشددة على التدخل الأمريكي في هذه الأحداث.
وقالت إن أصعب يوم في حياتها هو يوم إعلان فوز الإخواني محمد مرسي برئاسة مصر، مؤكدة أنها كانت صدمة كبيرة بالنسبة لها، لا سيما أنها وصلتها أخبار مسبقة بفوز الفريق أحمد شفيق. وأشارت إلى أنها ذهبت عند أصدقاء كان من ضمنهم فاروق حسني، وقال لهم إن مرسي فاز وردت عليه: «لا يمكن»، ثم اتصلت بأناس أخرين للتأكد من النتيجة وقالوا لها لم تظهر النتيجة حتى الآن. وأردفت أنه في إحدى الندوات سُئلت لماذا انتخبتِ شفيق؟ ردت وقالت: «شفيق أعرفه رجل قوات مسلحة حارب في أكتوبر، لكن مرسي لا أعرفه». وأضافت أنه في عام 2012 هاجمت محمد البرادعي في التليفزيون مع الإعلامي جمال عنايت فقال لي تقبلي يكون البرادعي رئيس جمهورية، قلت له أنا لا أعرفه لكن أعرف الفريق شفيق جيدًا.
وبيّنت أنه أول ما جرى إعلان النتيجة بفوز محمد مرسي العياط حدثت لها صدمة وسكتت طوال الوقت لمدة ساعة ثم انفجرت في بكاء مرير وقالت: «البلد راحت». وذكرت أنها تراهنت مع زوجها الفنان يحيى الفخراني على زوال حكم الإخوان. وأضافت: «قلت لزوجي الإخوان لن يكملوا سنة بالعافية بعد شهر واحد من الحكم». وأردفت أن زوجها يحيى قال لي إن الإخوان سيظلون 50 عامًا في الحكم لأنهم مسنودون من الخارج. وتابعت أنها في يوم ما كانت تسير عند منطقة غمرة ووجدت أكوامًا من القمامة على جنبات الطريق، ومنذ ذلك تأكدت أن الإخوان لا يفهمون أي شيء في إدارة البلاد نهائيًا، ثم بدأت مشكلات في الكهرباء والبنزين وغيرها. ونوّهت بأنها بعد ما شاهدته في غمرة كتبت مقالًا بعنوان "لم الزبالة يا مرسي" عندما قال إن أزمة القمامة بسيطة وطلب من الشباب تنظيف الشوارع.
وذكرت أنه بسبب هذا الكلام جرى حذف مقالاتها من المصري اليوم، ثم قابلت صلاح دياب وسألها عن سبب توقفها عن الكتابة، وردت عليه أنها تكتب المقالات لكنها تحذف، واستكملت: «بدأت بعدها أكتب في الفجر وأستاذ عادل حمودة كلمني وأبلغته أن المقالات جاهزة للنشر». وأشارت إلى تلقيها تهديدات من الإخوان بالقتل وشتائم بشعة. وذكرت أن الإخوان وضعوها على قائمة الاغتيالات. وأضافت: «عندما هددوني لم آخذ الموضوع على محمل الجد، وعندما كنت أسجل في الإذاعة حلقات لشهر رمضان، كان أجهزة الأمن تقطع التسجيل للتنبيه أني على قائمة الاغتيالات ومن هنا تخوفت على أحفادي، وطلبت مني أجهزة الأمن غلق فيس بوك، عندما قابلت اللواء سامح سيف اليزل، أكد لي أن على قائمة اغتيالات الألوية الكبرى».
وأشارت إلى أنها كانت تبكي بالدموع وحدها في بداية حكم الإخوان، وأضافت أنها كانت تخشى على البلد من التقسيم لأنها كانت ستقسم إلى «ولايات». وذكرت أنها كل فترة كانت تنظر لخريطة الشرق الأوسط وتنتظر ما سيحدث لها في عهد الإخوان، مستشهدة بجملة «الوطن حفنة تراب عفن»، مبينة أن الإخوان لا يعرفون كلمة وطن وكانوا يريدون أن يعطوا سيناء لحماس ويريحوا الإسرائيليين. وبيّنت أن الإخوان كانوا يسعون إلى تقسيم مصر، من شمال السودان وجنوب مصر بالسد العالي يكون دولة، مؤكدة أن تقسيم مصر هو الهدف من كل الربيع العبري الأسود مثلما رأينا في العراق وليبيا وسوريا. ونوّهت بأن محمد البرادعي، كان يتحدث مع النوبيين ويقول لهم «أنتم تتكلموا لغة ثانية».
وأشارت إلى أنها لم أكن مقتنعة بحركة "تمرد" في بداية ظهورها، لأن هذه الجملة كانت تتردد على لسان عبد المنعم أبو الفتوح، وحينها شعرت أنها حركة امتصاصية من الجماعة الإرهابية، ولكن بعد ذلك بدأت تثق فيها، ولم تكن تتخيل أن هذا العدد الهائل سينضم إلى ثورة 30 يونيو.
وألمحت إلى أن يحيى الفخراني أُصيب بالاكتئاب في فترة حكم الإخوان وكان يرغب في مغادرة مصر. وأضافت: «أنها في 30 يونيو كانت برفقة يحيى الفخراني في رحلة علاج، وكان يقول لها "تمنيت أني ما بنيت البيت، وكنا أخذنا فلوسنا وسافرنا»، مشيرة إلى أنها أكدت له أنها لن تقفز من المركب وهي تغرق». وأشارت إلى أنها في يوم 30 يونيو شاهدت على التليفزيون 30 مليون مواطن في الشوارع، وكانت فضائية BBC آنذاك هي التي تنقل الحدث، وعندما رجعت في يوم 1 يوليو، ذهبت من الطائرة مباشرة على قصر الاتحادية للانضمام إلى المتظاهرين.
وأكدت أنها اكتشفت أن الشعب المصري غريب ولديه إحساس بالخطر على مصر. وأضافت أن الشعب كان لديه إحساس في نكسة 1967 جعلهم يقفون مع الدولة لأنه ليس وقت الحساب، ووقفوا خلف النظام حتى أحداث 6 أكتوبر. وتابعت أن ما حدث في 30 يونيو لأنه كان هناك حالة رعب أن مصر تُخطف لأن الإخوان ليسوا شبه المصريين ويخسروا في كل خطوة يقومون بها من حرق سيارات، وقتل والأقباط في المنيا.
وحول رؤيتها لمشهد 30 يونيو واستدعاء الشعب للجيش للتخلص من الإخوان، قالت إن وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي لم يكن يستطيع أن يفعل هذا بدون نزول الشعب في الشارع، وشعر أن الشعب يسانده، وكانت هناك حالة تلاحم غير طبيعية، مبينة أن أغنية تسلم الأيادي كانت تعبيرًا تلقائيًا ودقيقًا عن شعور المصريين باستجابة الجيش لهذا الاستدعاء. وتابعت أنه في يوم 2 يوليو كانت في لقاء تليفزيوني مع عزة مصطفى على فضائية صدى البلد، وعندما سألتها عن انتهاء مهلة غدًا في 3 يوليو، أجابت وقالت لها إن مرسي لديه فرصة ذهبية، لكنه لن يستجيب، ولن يجري انتخابات رئاسية مبكرة، ولو أجرى الإخوان انتخابات مبكرة كان من الممكن أن ينجحوا مرة أخرى والعياذ بالله، ولكن هو لن يفعل ذلك ولن يستقيل.
وذكر أنه عندما استيقظوا في يوم 3 يوليو، وجدت ابنتها تركت المنزل لتستمع لبيان القوات المسلحة مع المتظاهرين في قصر الاتحادية، وجلست هي وزوجها ينتظران سماع البيان، مضيفة أنه أول ما قال الرئيس السيسي إلغاء الدستور صفق زوجها يحيى وهلل، وفرح وضرب طلقات نار في الهواء، وكان يومًا جميلًا، ولم يناما حتى صباح اليوم التالي.
وتحدثت عن زيارتها للرئيس الأسبق محمد حسني مبارك بالمستشفى، وماذا قال لها عن الرئيس عبد الفتاح السيسي. وقالت: «زرت مبارك بالمستشفى لأني أحب هذا الرجل لأننا عشنا 30 سنة في أمان والحكم على التاريخ يظل مبكرًا». وأضافت: «قلت له ما رأيك في عبد الفتاح السيسي قال لي "خليكم وراه"، وأنا أقف وراءه من أول يوم لأنه يدخل القلب دون استئذان، ونحن شعب عاطفي».
وأشارت إلى فاعليات "تفتيش حرب" التي نظمتها وزارة الدفاع إبان تولي عبد الفتاح السيسي الوزارة، بمقر الفرقة التاسعة المدرعة التابعة للمنطقة المركزية العسكرية، بحضور الفنانين والصحفيين، مؤكدة أن الفنان يحيى الفخراني، قام ليسلم عليه، ولكنه جاء إليه، وقال له يحيى: "أنا قلقان إن الناس لا تنزل لأنها زهقت"، فقال له السيسي: "لا تخافوا ولا تقلقوا».
وأكدت أن الرهان يكون على الوعي، لا سيما أن مصر تعيش في مأزق اقتصادي، ولم تستبعد أن يكون للإخوان يد في أزمة الدولارات، وسحبها من الأسواق. ولفتت إلى أن الإخوان لا ينتهون، وشبهتهم بـ «مستر إكس»، وقالت إنهم يثيرون الناس بالحديث عن الغلاء ويتحدثون دائمًا عن لقمة العيش. وشددت على ضرورة استمرار الإلحاح الإعلامي على المصريين حتى لا ينسى الشباب أرشيف الإخوان، مشيدة بحملة «حتى لا تكون آفة حارتنا النسيان»، مؤكدة أننا في احتياج إلى مزيد منها لأن ذاكرة الشعب المصري تشبه ذاكرة السمكة. وأضافت أنه حدث حوارًا بينها وبين أحد الإخوان وكان من الخلايا النائمة حول هذا الأمر، ثم اكتشفت بعدها أنه إخواني، وكان أحد جيرانها ودكتور في الجامعة، وصُدمت خوفًا من أن يكون والدها أيضًا إخواني.