جويش نيوز سينديكيت: مصر تواجه مجموعة متزايدة من التحديات

التاريخ : الأربعاء 03 يناير 2024 . القسم : أمني وعسكري

نشر موقع جويش نيوز سينديكيت تقريرًا للكاتب سمادار بيري يسلط فيه الضوء على التحديات العديدة التي تواجهها مصر وتداعياتها على اتفاقية السلام مع إسرائيل.

يلفت الكاتب في مستهل تقريره إلى تأجيل حفل الافتتاح للمتحف المصري الجديد، الذي يقال إنه أكبر مساحة متحف في العالم، مشيرًا إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي كان يأمل في دعوة قادة العالم للتجمع في الجيزة خارج القاهرة، مع الأهرامات في الخلفية، وإعطاء دفعة لكل من السياحة وله شخصيًا عندما يبدأ فترة ولاية ثالثة في المنصب.

 لكن الأزمة في غزة أوقفت الاحتفالات، ولا يوجد سوى عدد قليل من المعروضات مفتوحة للجمهور في المتحف الجديد. وإلى حد كبير، هذا انعكاس لمشاكل مصر الأوسع.

تراجع السياحة

ويشير الكاتب إلى أن السياحة هي أحد مصادر الدخل الرئيسة في مصر، ولكن بعد 7 أكتوبر، تضاءلت السياحة من الخليج وبعض الدول الأوروبية إلى حد كبير، بينما يبدو أن السياح الأمريكيين واليابانيين وآسيويين آخرين قد أخرجوا مصر من وجهاتهم السياحية. وانخفضت عائدات السياحة إلى ثلث مستويات ما قبل الحرب في غزة.

أما فيما يتعلق بالسياح الإسرائيليين، فقد اختفوا منذ مقتل سائحين إسرائيليين على يد شرطي مصري في الإسكندرية يوم 8 أكتوبر بعد يوم من هجوم حماس. وحتى شواطئ البحر الأحمر في سيناء لم تعد تستضيف المحتفلين الإسرائيليين، الذين اعتادوا مخالطة السعوديين والأردنيين والمصريين في الخيام أو الفنادق نفسها على طول الشاطئ.

إيرادات قناة السويس

وأضاف الكاتب أن مصدرًا أساسيًا آخر للإيرادات - رسوم عبور قناة السويس - اهتز في ديسمبر 2023 إذ توقفت الناقلات وسفن الشحن عن الإبحار عبر مضيق باب المندب باتجاه قناة السويس.

 وأعلن الفريق أسامة ربيع، الرئيس التنفيذي للقناة، أن حركة المرور لم تتعطل بشكل كبير، وتجنب بعناية أي ذكر للمرور إلى إسرائيل وموانئ البحر المتوسط في أشدود أو حيفا.

ولكن مع استمرار حرب غزة، فإن التهديد الذي يشكله نظام الحوثي المدعوم من إيران على عائدات قناة السويس سيثير حتمًا القلق في القاهرة وعاصمة مصر الجديدة الناشئة. واختارت مصر عدم الانضمام إلى «عملية حارس الازدهار» التي تقودها الولايات المتحدة لحماية ممرات الشحن في البحر الأحمر.

ضربة آل ساويرس

ويلفت الكاتب إلى أن المشاكل الاقتصادية - التي تشمل الارتفاعات الحادة في أسعار السلع الأساسية - في أواخر ديسمبر، ترافقت مع ضربة لمكانة مصر الاقتصادية على أيدي عائلة ساويرس، العائلة المسيحية الأغنى في البلاد وأبرز المستثمرين في الاقتصاد المصري.

اختار ناصف ساويرس، الذي تقدر ثروته بـ 7.6 مليار دولار، المغادرة إلى أبو ظبي وإدارة إمبراطوريته التجارية من هناك. واتخذ شقيق آخر، سميخ، خطوة مماثلة، إذ ذهب إلى المملكة العربية السعودية.

واضطر الشقيق الثالث نجيب للرد على غضب آلاف العمال والمهندسين والإداريين المصريين الذين قد يتأثرون. وأوضح أن عديدًا من المستثمرين يخشون القدوم أو البقاء في مصر في ظل السقوط الحر للجنيه المصري مقابل الدولار.

وفي غضون ذلك، كان سميح، متحدثًا مع قناة العربية التلفزيونية المملوكة للسعودية، أكثر وضوحًا: المستقبل، كما قال، يكمن في الخليج، بينما تبقى مصر في الخلف.

أزمة المياه

وأوضح الكاتب أن مشاكل أخرى تكمن في الدبلوماسية المائية الإقليمية، والأهم من ذلك، تأمين تدفق مياه النيل من إثيوبيا إلى مصر عبر السودان. وتعتمد مصر على النيل في 97% من مياه الشرب والري.

وتدرك دول المنبع جيدًا هذه الحاجة الوجودية. ومع ذلك، اضطرت مصر إلى الإعلان عن فشل المحادثات الثنائية مع أديس أبابا بشأن معدل ملء سد النهضة الإثيوبي على النيل الأزرق.

وزعم مسؤولون مصريون أن الإثيوبيين يلعبون لعبة خطيرة، بينما تصر مصر والسودان (التي مزقها الصراع الداخلي) على استمرار توفير مياه النيل الأزرق في اتجاه مجرى النهر.

وفي سبتمبر 2023، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد نجاح المرحلة الرابعة من ملء بحيرة السد، والتي اعتبرتها القاهرة انتهاكًا صارخًا للالتزامات الإثيوبية بالحفاظ على تدفق النهر. ومن هنا جاء تحذير وزير الخارجية المصري، سامح شكري، بأنه سيكون من الخطأ افتراض أن مصر يمكن أن تقبل بحالة تتعرض فيها حياة مائة مليون مصري للخطر بسبب نقص مياه الشرب.

استراتيجية النظام للبقاء

ويقول الكاتب إن النظام الذي يواجه عواقب هذا التدهور الاقتصادي والدبلوماسي هو نظام يهيمن عليه شخصيتان؛ الأولى هو الرئيس السيسي، البالغ من العمر 69 عامًا، والشخصية الثانية هو الجنرال عباس كامل، البالغ من العمر الآن 66 عامًا، رئيس جهاز المخابرات المصرية.

وأكد الكاتب أن القمع الفعال للمعارضة هو جزء من استراتيجية النظام للبقاء. وفي حين سمح النظام «للمتنافسين» الرمزيين بالترشح ضده، فاز السيسي بولاية ثالثة في ديسمبر 2023 بنسبة ساحقة بنحو 90% - الأمر الذي يشير إلى أنه يعتزم إدامة قبضته على السلطة.

كما اتخذ النظام إجراءات صارمة على نحو متزايد ضد ما يعتبره عناصر تخريبية. وعند مشاهدة أكثر من 60 ألف سجين سياسي في سجون مصر، أصبحت الإدارة الأمريكية أكثر صراحة في انتقاداتها لانتهاكات مصر لحقوق الإنسان.

ينتهي الأمر باعتقال أي شخص يشتبه في قيامه بنشاط إسلامي، بالإضافة إلى منتقدين آخرين للنظام مثل الناشط والصحفي السابق هشام قاسم. وقد اعتقلت السلطات القيادي في المعارضة الليبرالية «الحركة المدنية» في أغسطس 2023، على الرغم من إخبار أصدقائه بثقة أن النظام لن يجرؤ على لمسه.

التعاون الإسرائيلي مع القاهرة

ونوَّه الكاتب إلى أن المسؤولين الإسرائيليين لم يتبنوا أبدًا الممارسة الأمريكية المتمثلة في انتقاد السيسي بشأن قضايا حقوق الإنسان. وبحسب مسؤول إسرائيلي كبير يشارك بعمق في مراقبة التطورات في مصر، فإن هذه السلطة التقديرية تجعل من الممكن العمل بشكل وثيق مع القاهرة.

 وقال: «نحن منخرطون في الأوضاع الأمنية الحالية في سيناء، ونحن في حوار مع مصر حول مستقبل غزة. وكما أرى، لدى مصر فهم عميق للوضع، لكننا بحاجة إلى أن نكون على دراية بالخطاب المزدوج: ما سيقولونه في المجال العام لن يكون مشابهًا لما نسمعه وجهاً لوجه».