الجارديان: الفلسطينيون الراغبون في مغادرة غزة يدفعون الآلاف من الرشاوى لـ «السماسرة»
التاريخ : الثلاثاء 09 يناير 2024 . القسم : أمني وعسكري
كشف تحقيق نشرته صحيفة الجارديان دفع الفلسطينيين لمبالغ تُقدر بالآلاف وذلك للخروج من غزة عبر معبر رفح الحدودي مع مصر.
وتقول الصحيفة البريطانية إن الفلسطينيين الذين يأملون في مغادرة غزة يدفعون رشاوى لسماسرة تصل قيمتها إلى 10 آلاف دولار لمساعدتهم على الخروج من المنطقة عبر مصر، وفقًا لتحقيق أجرته الصحيفة.
وتلفت الصحيفة إلى أن قلة قليلة من الفلسطينيين تمكنوا من مغادرة غزة عبر معبر رفح الحدودي، لكن أولئك الذين يحاولون إدراج أسمائهم في قائمة الأشخاص المسموح لهم بالخروج يوميًا يقولون إنهم يُطلب منهم دفع «رسوم تنسيق» كبيرة من جانب شبكة من السماسرة الذين لديهم صلات مزعومة بأجهزة المخابرات المصرية.
«الاتجار بدماء سكان غزة»
ونقلت الصحيفة عن رجل فلسطيني في الولايات المتحدة قوله إنه دفع 9000 دولار قبل ثلاثة أسابيع لإدراج زوجته وأطفاله في القائمة. وكانت الأسرة تحتمي بالمدارس منذ هجمات 7 أكتوبر. وفي يوم السفر، قيل له إن أسماء أطفاله غير مدرجة وسيتعين عليه دفع 3000 دولار إضافية. وقال إن السماسرة «يحاولون الاتجار بدماء سكان غزة».
وقال «إنه أمر محبط ومحزن للغاية». إنهم يحاولون استغلال الأشخاص الذين يعانون والذين يحاولون الخروج من الجحيم في غزة. ولم تغادر عائلته القطاع بعد.
وفقًا للأمم المتحدة، فإن 85% من سكان غزة نازحون الآن. ويحتشد معظم الناس في مدينة رفح الجنوبية حيث تدفعهم الهجمات الجوية والبرية الإسرائيلية إلى الخروج من الأجزاء الوسطى والشمالية من القطاع.
ووفقًا للصحيفة، لطالما قاومت مصر، وهي لاعب إقليمي رئيس في المفاوضات بشأن غزة، فتح معبر رفح، خوفًا من نزوح ملايين الأشخاص إلى شبه جزيرة سيناء المجاورة. وزعمت القاهرة أن التدفق قد يشكل تهديدا أمنيا. كما قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن التدفق الجماعي للاجئين من غزة سيشكل سابقة لتهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى الأردن.
شبكة سماسرة
وتشير الصحيفة إلى أن شبكة من السماسرة، مقرها القاهرة، تعمل حول حدود رفح لمساعدة الفلسطينيين على مغادرة غزة لسنوات. لكن الأسعار ارتفعت منذ بداية الحرب، من 500 دولار لكل شخص.
وتحدثت صحيفة الجارديان إلى عدد من الأشخاص الذين قيل لهم إنه سيتعين عليهم دفع ما بين 5000 دولار و 10000 دولار لكل منهم لمغادرة القطاع، مع إطلاق البعض حملات تمويل جماعي لجمع الأموال. وقيل للآخرين إن بإمكانهم المغادرة أسرع إذا دفعوا أكثر.
وتمتلئ صفحات الفيسبوك التي تقدم أخبارًا من معبر رفح بمنشورات من فلسطينيين يطلبون المساعدة لإدراجهم في القائمة.
وقال كل من جرت مقابلتهم إنهم تواصلوا مع السماسرة من خلال الاتصالات في غزة. وتُسدد المدفوعات نقدًا، أحيانًا من خلال وسطاء مقيمين في أوروبا والولايات المتحدة.
قيل لبلال بارود، وهو مواطن أمريكي من غزة، إنه سيحتاج إلى جمع 85 ألف دولار لإخراج أفراد الأسرة البالغ عددهم 11 من المنطقة، بما في ذلك خمسة أطفال دون سن الثالثة.
وقال بارود، الذي أمضى الأشهر الثلاثة الماضية في مناشدة فريق العمل بوزارة الخارجية الأمريكية لوضع والده المصاب بالسكري على قائمة الخروج: «أنا أفكر فقط في هذا الخيار لأن الحكومة الأمريكية لا ترد علي»..
وقال «أنا في هذا الوضع لأن الولايات المتحدة لا تريد مساعدة مواطنيها».
واحتجزت القوات الإسرائيلية والد بارود البالغ من العمر 70 عاما لفترة وجيزة في ديسمبر. وكان أحد مجموعة من الرجال الذين جردوا من ملابسهم الداخلية، وقُيدت أيديهم ونُقلوا إلى مكان احتجاز سري.
وحتى قبل اعتقال والده، أمضى بارود أسابيع في طلب المساعدة، وقضى ساعات على الهاتف في محاولة التواصل مع واشنطن أو السفارة الأمريكية في إسرائيل وأرسل رزمًا من المعلومات بالبريد الإلكتروني إلى وزارة الخارجية.
حددت سياسة وزارة الخارجية الأمريكية في البداية أنها ستساعد فقط المواطنين الأمريكيين على الخروج من غزة، لكنها قالت لاحقًا إنها ستوسع مساعدتها لتشمل آباء المواطنين والأشقاء الأمريكيين.
وقال: «منذ منتصف ديسمبر، لم أتلق أي رسالة بريد إلكتروني منهم، وتابعت ست مرات - لا يمكنهم التواصل إلا عبر البريد الإلكتروني. وعلى النقيض من ذلك، أرى أشخاصًا آخرين يدفعون المال للمغادرة، ويمكنهم الخروج في غضون يوم أو يومين».
وقالت وزارة الخارجية إنها غير قادرة على التعليق على الحالات الفردية، وأضاف متحدث باسمها أنه لم يكن على علم بنظام الوسيط الذي يستخدمه البعض للخروج من غزة. وأضاف المتحدث «لقد ساعدنا أكثر من 1300 مواطن أمريكي ومقيمين دائمين قانونيين في الولايات المتحدة وأفراد عائلاتهم في مغادرة غزة».
وقال مهند صبري، الخبير في شؤون سيناء ومؤلف كتاب «سيناء: عماد مصر، حياة غزة، كابوس إسرائيل» إن السماسرة «يستهدفون الأشخاص الأكثر ضعفًا».