المشهد يناقش شراء تل أبيب برامج تحت سيطرة المخابرات الإسرائيلية للتأثير على المزاج العام العالمي ونتائج الانتخابات في أكثر من 30 دولة
التاريخ : الخميس 25 يناير 2024 . القسم : أمني وعسكري
صناعة المزاج العام
قال الإعلامي نشأت الديهي، إن التحكم في المزاج العام بات قضية خطيرة وأصبح يدار بالذكاء الاصطناعي في بعض الدول، مؤكدًا أننا جميعًا نعد أسرى للماضي؛ ولكن لدينا قيم وقيمة موجودة، ولكن الظرف والوقت تغير، متسائلًا: «من الذي يصنع المزاج العام ويتحكم فيه الآن؟».
قال الدكتور محمد كمال، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن جريدة هآرتس الإسرائيلية، نشرت خبر حول شراء تل أبيب برامج سوفت وير للتأثير على الرأي العام العالمي، مشيرًا إلى أن هذه البرامج متطورة، وتستطيع أن تستهدف المناطق التي تشهد وجود رسائل عدائية، والعمل على خلق بعض الرسائل الإيجابية، من خلال نشر بعض الفيديوهات وخلافه.
وتابع أن معركة التأثير في الوعي أو المزاج العام، ليست داخلية فقط، لكن لديها الكثير من الأبعاد الدولية، مضيفًا أن صحيفة الجارديان البريطانية، أجرت تحليلا استقصائيا ووصلت من خلاله وجود شركة إسرائيلية، مؤسسة من عملاء المخابرات الإسرائيلية، تؤثر على الانتخابات، وتشوه وتزيف المعلومات والشخصيات، وتدخلت هذه الشركة في الانتخابات في 30 دولة، وتقدم الخدمات لتشويه بعض الشخصيات
ولفت إلى أن هناك حالة من المزاج الانعزالي داخل الولايات المتحدة، فالمواطن الأمريكي لا يريد أن تنغمس أمريكا في حروب أخرى، بعد الفشل الأمريكي في العراق وأفغانستان، مشيرًا إلى أن المزاج العام يؤثر على السياسة الخارجية للولايات المتحدة. وتابع ان إدارة المزاج العام في غاية الأهمية، لأن الحالة المزاجية للفرد، هي التي تتحكم في تلقي المعلومات من أي مصدر، وبالتالي فالحالة المزاجية تؤدي إلى رد فعل انتقائي غير رشيد، قائم على الحالة المزاجية في الأساس.
وقال إن البرامج متقدمة للغاية وتستطيع أن تحدد وتستهدف مجموعات معينة برسائل معينة؛ البرامج تستطيع أن تحلل إن مدينة سان فرانسيسكو أو الحي الموجود فيه جامعة بيركلي على سبيل المثال يصدر عنه رسائل عداء لإسرائيل وبالتالي تقوم بالتعامل مع هذه الرسائل بمجموعة من الرسائل الإيجابية أو نشر مقاطع مصورة أو عمل مواقع إلكترونية. وأضاف أن التكنولوجيا أصبحت متقدمة بشكل كبير في هذا المجال، مبينًا أن معركة التأثير على الوعي أو المزاج العام ليست معركة داخلية فقط ولكن لها أبعاد دولية.
وذكر أن ما يحدث يؤكد على أهمية شبكات التواصل الاجتماعي في مسألة تشكيل الوعي وإدارة المزاج العام؛ وسوف انتقل لموضوع يناير 2011 وهو دراسة حالة لكيفية استخدام أدوات التواصل الاجتماعي لخلق حالة من الغضب والكراهية والتأثير في المزاج العام للشعب المصري في اتجاه معين.
وبيَّن أن المزاج العام له تأثير سياسي واقتصادي ويخلق قيود على الحركة السياسية في كثير من الأحيان، وعلى سبيل المثال التجارب الأمريكية الفاشلة في العراق وأفغانستان أصبح هناك حالة من المزاج الانعزالي، سواء كنت ديموقراطي أو جمهوري فأنت لا تريد للولايات المتحدة أن تنغمس في حروب مرة أخرى وحالة المزاج تؤثر على عموم الشعب وتأثيرها أكثر امتداد من مواقف الرأي العام تجاه السياسة الخارجية. وذكر أن الرأي العام هو موقف تجاه قضية معينة قد تتغير ولكن المزاج العام له تأثير أكبر، منوهًا بأن موضوع إدارة المزاج العام أمر في غاية الأهمية، لا سيما أن الحالة المزاجية للفرد تتحكم كثيرًا في تلقيه للمعلومات من أي مصدر وتفسيره للمعلومات حسب حالته المزاجية.
وأكد المفكر السياسي عبد المنعم سعيد عضو مجلس الشيوخ، أن المزاج العام في مصر يتولد نتيجة العلاقات الجماعية والظروف التي يتشكل فيها، وحجم الرضا، أو عدم الرضا تجاه كثير من القضايا. وقال إن المزاج العام للدول هو حالة وظاهرة متقلبة. وأضاف أن العوامل الاقتصادية والسياسية والأيديولوجية من العوامل المؤثرة في حالة المزاج العام داخل الدولة. وتابع بأنه لا تزال نقطة القياس التاريخية المعاصرة هي أحداث الربيع العربي في المنطقة، إذ شهدت فترة الربيع العربي وجود مزاج عام بضرورة عدم استمرار نظام الحكم القديم، وبيَّن أن المزاج العام مقاوم للتغيير، وهذا ما رصدناه على مدار سنوات طويلة وأحداث تاريخية.
ولفت إلى أن العوام الذين يشكلون الرأي العام هم الكتلة الأكبر في المجتمع، والأقل تدريبًا وعلمًا، وجزء كبير من الرأي العام يكون قائمًا على التلقائية. وتابع بأن المزاج العام قائم على العدوى بين مجموعة من الناس من خلال التشكيك في بعض الحقائق، ولذلك جماعة الإخوان تعمل على التشكيك في الكثير من المشروعات أو الإنجازات التي تحدث في الدولة المصرية. وأضاف أن وجود الرئيس حسني مبارك في الحكم لمدة 30 عامًا خلق مشكلة مع المواطنين، وهذا أمر غير طبيعي، وأوقف دورة الحياة الطبيعية، معقبًا بأن استمرار مبارك 30 عامًا في الحكم مثل مشكلة في الدولة المصرية.
وقال حلمي النمنم وزير الثقافة الأسبق، إنه على مدار تاريخ مصر يمكن العبث بالمزاج العام للشعب المصري. وأضاف أن المزاج العام يمكن أن يتم تشكيله وتوجيهه في اتجاه معين. وتابع بأنه في الفترة من 1942 وحتى 1952 كانت بها إنجازات ضخمة في التعليم والعدالة الاجتماعية لكن جرى خلق مزاج عام سيئ عن الدولة. وأردف بأن هناك محاولة لخلق مزاج عام مضطرب في مصر به حالة من عدم الرضا تجاه ما يحدث في مصر من إنجازات.
وأكد الدكتور أحمد خيري حافظ أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس، أن المزاج العام لأي مجتمع، هو مكون وجداني، ويعتبر خليطا بين المشاعر والعواطف والانفعالات. وقال إن الرأي العام مكون معرفي، والرأي العام تناولته تخصصات وتصنيفات كثيرة بينما لا يزال المزاج العام يقع تحت محورين إما سلبي او إيجابي. وأضاف أن المزاج العام يجمع بين الحالة النفسية للفرد والحالة النفسية للمجتمع. وتابع بأن خطورة المزاج العام تكمن في أنه يؤثر في إدراك الفرد والجماعة وتصرفات الجماعة تجاه المواقف العامة. ورأى أن المجتمع المصري يفتقد إلى مؤسسة لرصد وقياس المزاج العام.
وأكد الكاتب والشاعر أحمد تيمور، أن المزاج العام هو العقل والوجدان والضمير، مضيفًا أن الأخلاق العامة ترشد الغريزة وتمنعها من الاعتداء على العقل العام. وقال إن النخبة هي من تقوم بصناعة وتوجيه العقل العام في أي مجتمع. وأضاف أن النخبة يجب أن تكون طيبة وواعية وتأخذ بأسباب العلم، والعلم يقف ضد العشوائية في الكثير من الأحيان، مشددًا على ضرورة عدم القفز على أي نتائج بدون تواجد مسببات ومقدمات، قائلًا: «وعلينا أن نأخذ بأسباب العلم لترتيب المعلومات حول أي ملف أو قضية». وقال إنه من المفترض أن تسير بنا النخبة على المزيد من المعرفة تجاه الكثير من القضايا.