ذا ناشيونال: الجنيه المصري يرتفع مقابل الدولار الأمريكي لكن الانتعاش الاقتصادي غير مؤكد
التاريخ : الأربعاء 07 فبراير 2024 . القسم : اقتصاد
نشر موقع ذا ناشيونال تقريرًا أعدَّه كمال طبيخة يسلط الضوء على ما وراء الارتفاع الأخير الذي شهده الجنيه المصري أمام الدولار في السوق السوداء.
ويقول الكاتب في مطلع تقريره إن الجنيه المصري ارتفع بنحو 25 في المائة مقابل الدولار الأمريكي نهاية الأسبوع، ليصل إلى 55 جنيهًا يوم الاثنين بعد أدنى مستوى له بأكثر من 70 في الأسواق الموازية الأسبوع الماضي.
واحتفت تقارير وسائل الإعلام الحكومية بالارتفاع الذي شهده الجنيه ولكن من المتوقع أن يكون مؤقتًا إذ قام تجار الدولار وحاملوه بتخفيض المعاملات فقط بسبب التقارير التي تفيد بأن خفض قيمة الجنيه وشيك.
حبس تجار العملة
ونقل الموقع عن أستاذ الاقتصاد السياسي بجامعة القاهرة،الذي رفض ذكر اسمه، قوله إن ذلك نتج جزئيًا عن حملة حكومية واسعة النطاق على تجار العملات والذهب بعد اتهامات متكررة من السلطات بأن التجار المتربحين هم من يرفعون سعر الصرف.
وأضاف: «منذ بداية العام، كان هناك تقرير تلو الآخر عن اعتقال تجار العملات والذهب وضبطهم متلبسين بكميات كبيرة من الذهب أو الدولار».
وقال: «أعتقد بالتأكيد أن بعضًا منها مبالغ فيه، لكن العدد الهائل من الاعتقالات بحد ذاته هو علامة على أن الدولة تأخذ هذا الأمر على محمل الجد».
وأنعشت التكهنات على وسائل التواصل الاجتماعي والبرامج الحوارية بأن دولة خليجية ستودع قريبًا 22 مليار دولار في البنك المركزي المصري الآمال في تخفيف مشاكل البلاد من خلال تدفق العملات الأجنبية إلى مؤسساتها المالية الرسمية، بدلًا من السوق السوداء، وفقًا للأكاديمي بجامعة القاهرة..
وأضاف الكاتب أن عاملًا آخر كان بيان من صندوق النقد الدولي، الذي تجري مصر محادثات معه للحصول على تمويل آخر بقيمة 3 مليارات دولار، بأن وفدها قد حقق «تقدمًا ممتازًا في المناقشات حول حزمة السياسة الشاملة» خلال زيارة انتهت في 1 فبراير.
وقال الأكاديمي إن بيان صندوق النقد الدولي خلق توقعات بأن انخفاضًا آخر في قيمة الجنيه المصري، وهو الرابع منذ مارس 2022 وشرط رئيس لقرض صندوق النقد الدولي، كان وشيكًا.
وأوضح: «الانخفاض الذي نشهده يرجع أساسًا إلى أن تجار السوق السوداء وأصحاب الدولار يحتفظون بالعملات الأجنبية الخاصة بهم حتى يروا أين سينتهي خفض قيمة العملة والقمع».
أكد بعض تجار السوق السوداء أنهم خفضوا عملياتهم بشكل كبير خلال الأسبوع الماضي وكانوا يقصرون المعاملات فقط على شراء الدولارات من مصادر موثوقة.
كما أوقف معظمهم بيع الدولارات حتى يجري تنفيذ خفض قيمة العملة وانتهاء حملة الدولة، كما قالوا للموقع
ارتفاع الأسعار مستمر
وأشار الكاتب إلى أن القوة الجديدة للجنيه لم تؤثر على الأسعار في مصر. وارتفعت تكلفة الغذاء، على وجه الخصوص، بشكل كبير في يناير، وهي مستمرة في الارتفاع.
وذلك لأن الحملة جعلت الناس يتوقفون عن تداول الدولار، مما أثر على إمدادات العملات الأجنبية اللازمة لمزيد من الواردات، وفقًا للأستاذ بجامعة القاهرة.
وقال: «أسعار المواد الغذائية ترتفع لأن تجار السوق السوداء يحتجزون الدولارات للواردات في محاولة لمعرفة خطوتهم التالية».
وأضاف: «تبيع محلات السوبر ماركت إمداداتها المخزنة، والتي تتزايد أسعارها بسبب العرض والطلب مع تضاؤل الإمدادات».
وعلى الرغم من أن عديدًا من المنظمات المالية الدولية، بما في ذلك جولدمان ساكي واتش إس بي سي، تتوقع خفض قيمة الجنيه بحلول نهاية مارس، إلا أن الحكومة لم تقل أي شيء عن التوقيت أو المدى.
وأضاف: «يوجد حاليا معسكران رئيسان للخبراء الاقتصاديين يقدمان المشورة للحكومة. البعض، مثل نجيب ساويرس، خرجوا لتشجيع الحكومة لرفع أيديها عن العملة بالكامل بحيث يجري تداولها بمعدل السوق السوداء نفسه. وهذا ما قد تسميه نهجًا ليبراليًا جديدًا»..
وأضاف: «هناك أيضا معسكر قوي يدعو إلى قمع تجار العملات وتحديد سعر الصرف. وبالنظر إلى الجولة الأخيرة من الاعتقالات، من الآمن القول إن الحكومة تسير مع المعسكر الأخير قبل أن تفعل ما يريده المعسكر الأول».
قالت الحكومة مرارًا إن سعر السوق السوداء للدولار مبالغ فيه بسبب التربح وتحاول خفض السعر الموازي قبل توحيده مع سعر الصرف الرسمي.
وقال أحد المتداولين في السوق السوداء: «الخطة هي خفض الطلب على الدولار من خلال جعل التجارة في السوق السوداء محفوفة بالمخاطر»، موضحًا أنه إذا ألقي القبض على شخص ما، فسوف تُصادر أمواله، والتي يبدو أنها تعمل حتى الآن كرادع.
وقال تاجر العملة: «جزء من نهج الحكومة هو تخويف حاملي الدولار لإيداع دولاراتهم في البنوك وعدم إعطائهم لنا».
لا يتوقع الأستاذ ولا التجار أن تظل السوق السوداء للعملات في مصر نائمة لفترة طويلة، وتوقعوا أن يرتفع الدولار مرة أخرى.
وأوضح الأستاذ الجامعي أن الأسواق السوداء لا تبقى منخفضة لفترة طويلة. وأضاف: «سوف يتأقلمون مع حملة القمع. بالتأكيد، سيذهب الناس إلى البنوك الآن بينما يسود الخوف وعدم اليقين، ولكن بمجرد أن يتكيف التجار مع الوضع، أعتقد أنهم سيذهبون إلى السوق السوداء مرة أخرى».
وتابع: «يحتاج الناس إلى كل الأموال التي يمكنهم الحصول عليها الآن».
وافق مجلس الوزراء المصري الأسبوع الماضي على اقتراح بوقف أي مشاريع حكومية جديدة حتى يوليو على الأقل، وفي ذلك الوقت سيحل موعد سداد ديون بنحو 16 مليار دولار، وفقًا لبيانات البنك المركزي.
ومن المقرر سداد 16 مليار دولار أخرى من القروض بحلول نهاية العام، الأمر الذي ترك عديدًا من المصريين قلقين بعد أكبر ارتفاع في الأسعار منذ بدء الأزمة الاقتصادية في مارس 2022.