مودرن دبلوماسي: هل تنجح بادرة رئيس الوزراء أبي تجاه الصومال ومصر في تخفيف التوترات الإقليمية؟

التاريخ : السبت 10 فبراير 2024 . القسم : ترجمات

نشرت مجلة مودرن دبلوماسي تقريرًا أعدَّه إسماعيل عثمان، نائب مدير سابق لوكالة الاستخبارات الصومالية، يتناول رغبة رئيس الوزراء الإثيوبي في تخفيف التوتر مع الصومال ومصر بشأن القضايا الخلافية.
ووفقًا للكاتب، ففي بيان صدر مؤخرًا والذي لفت انتباه المجتمع الدولي، سعى رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد إلى التخفيف من حدة التوترات المتصاعدة مع الصومال، مؤكدًا على «الصداقة» الدائمة القائمة بين البلدين.


وتأتي هذه البادرة الدبلوماسية وسط خلفية من العلاقات المتوترة، التي غذتها في المقام الأول الاتفاقية البحرية بين إثيوبيا وإقليم أرض الصومال الانفصالي، وهي خطوة رفضتها الصومال. ومع ذلك، فإن دعوة آبي أحمد إلى الهدوء لا تقتصر على مجرد الدعوة إلى السلام بين الجيران؛ فهي بمثابة مناورة استراتيجية للحفاظ على سيادة إثيوبيا في مواجهة التدخل الخارجي المحتمل، والذي يصنفه على أنه محاولات لإثارة صراع «بالوكالة».


ويقول الكاتب إن تصريحات رئيس الوزراء جديرة بالملاحظة، بالنظر إلى الشبكة المعقدة من المصالح الجيوسياسية التي تتلاقى في القرن الأفريقي. وتنظر إثيوبيا، الدولة الحبيسة التي تسعى جاهدة إلى التوسع الاقتصادي، إلى اتفاقها مع أرض الصومال، الكيان غير المعترف به عالميًا دولة مستقلة، باعتبارها خطوة حيوية نحو الحصول على وصول بحري مباشر.
وتمثل هذه الصفقة شوكة في خاصرة الصومال، التي تعتبرها انتهاكًا لسلامة أراضيها وسيادتها. ويسلط إصرار أبي على الاتفاق، على الرغم من احتجاجات الصومال، الضوء على الضرورات الاستراتيجية الأوسع لإثيوبيا.


تخفيف التوتر مع مصر
لكن، وحسب ما يضيف الكاتب، فإن خطاب رئيس الوزراء لم يقتصر على قضية الصومال وإثيوبيا. ومد غصن زيتون إلى مصر بشأن سد النهضة الإثيوبي الكبير المثير للجدل، مما يشير إلى الاستعداد للدخول في حوار حول عملياته. وكان سد النهضة، وهو حجر الزاوية في تطلعات إثيوبيا لاستقلال الطاقة والتنمية الاقتصادية، مصدرًا للتوتر مع دول المصب، وخاصة مصر، التي تخشى تأثير السد على إمدادات مياه النيل.


وأوضح الكاتب أن نهج أبي هو محاولة محسوبة للفصل بين النزاعين – سد النهضة والاتفاق البحري مع أرض الصومال – لتجنب السيناريو الذي قد تجد فيه مصر والصومال أرضية مشتركة في معارضتهما لسياسات إثيوبيا.
ومن الممكن أن يؤدي مثل هذا التحالف إلى تضخيم الضغوط على أديس أبابا، مما يجعل الوضع الإقليمي أكثر خطورة. ويمكن أن يكون لاحتمال انخراط مصر والصومال في تحالف عسكري ضد تصرفات إثيوبيا عواقب جيوسياسية كبيرة.


وأشار الكاتب إلى أن القضايا المطروحة على المحك معروفة جيدًا: مخاوف مصر بشأن سد النهضة الإثيوبي الكبير، وتظلمات الصومال بشأن الاتفاق البحري الذي أبرمته إثيوبيا مع أرض الصومال. ومع ذلك، فإن التحرك نحو التعاون العسكري من شأنه أن يؤدي إلى تصعيد حاد في التوترات في المنطقة.
ويكشف هذا التوازن الدبلوماسي الذي قام به آبي أحمد عن التفاعل المعقد بين الطموحات المحلية والديناميات الإقليمية والمصالح الدولية في القرن الأفريقي. وبينما يسعى رئيس الوزراء إلى طمأنة كل من الصومال ومصر بشأن نوايا إثيوبيا، فإن القضايا الأساسية لا تزال بعيدة عن الحل. ولا يزال سد النهضة، بدورة إعادة التعبئة السنوية، بمثابة ساعة موقوتة يمكن أن تؤدي إلى تفاقم التوترات، خاصة خلال فترات انخفاض هطول الأمطار.


في جوهرها، تعكس تحركات إثيوبيا الأخيرة، كما عبر عنها آبي أحمد، استراتيجية أوسع للإبحار في المياه المضطربة للسياسة الإقليمية مع حماية مصالحها الوطنية. غير أن فعالية هذه الاستراتيجية ستعتمد على قدرة إثيوبيا على الانخراط في حوار حقيقي وإيجاد حلول عادلة للنزاعات التي تهدد التوازن الدقيق للسلام والتعاون في المنطقة.
وستكون الأشهر المقبلة حاسمة في تحديد ما إذا كانت هذه المبادرات ستؤدي إلى وقف التصعيد أو ما إذا كانت التوترات الأساسية ستظهر على السطح مرة أخرى، الأمر الذي يشكل تحديًا لقدرة الدبلوماسية الإقليمية على الصمود.