الشاهد – محمد الباز – حلقة السبت 24-06-2023
التاريخ : الأحد 25 يونيو 2023 . القسم : سياسية
مضامين الفقرة الأولى: شهادة الرئيس الأسبق للهيئة العامة للكتاب على أحداث 30 يونيو
قال الدكتور أحمد مجاهد، رئيس الهيئة العامة للكتاب الأسبق، إن المثقف المصري عندما يستشعر الخطر يكون فاعلًا. وأضاف أن المثقف يؤدي دوره تجاه المجتمع ولكن فترات صمت وإحجام المثقف المصري عن المشاركة في الفعل السياسي كانت طويلة جدًا، أبرز تجليين لها الأول بعد 1967 عند دخول كل الشعراء والكتاب للجبهة في السويس ومحاولة لاستنهاض للأمة حتى تحقق النصر في 1973، والثانية كانت تتعلق بمعركة داخلية وهي الهوية الوطنية المصرية.
وأضاف أن اعتصام المثقفين كان أول اعتصام قبل ثورة 30 يونيو. وقال إن شعور رجل الشارع العادي في هذا الوقت أن هويته عرضه للتغيير، مبينًا أن المصري بطبيعته مؤمن ومتدين ويسمع أم كلثوم ويشرب كوب شاي على القهوة وهذا لا يتناقض مع تدينه، لافتًا إلى أن هذا من الطبيعة العادية التي لا تتنافى مع جوهر الدين، فعندما وجد ما يجبره على تغيير هذه الهوية خرج للشارع. وأضاف أن سرعة الشعب المصري في اكتشاف الإخوان كانت لافتة بالنسبة له، متابعًا بأن المثقفين كانوا يرفضون وصول الإخوان للحكم لأنهم أكثر ناس يعرفون أن طبيعة الإخوان تختلف مع الهوية المصرية، وكانوا يتوقعون هذه النتيجة، ولكن المثير للدهشة سرعة الشعب المصري في اكتشاف هذه الحقيقة، بعد ما كان يردد الشعب «ما نجرب الناس بتاعت ربنا».
ولفت إلى أن دور المثقفين يبرز في اللحظات الجدية، واستطاعوا بالفعل إقناع الشعب في تلك اللحظات إن الإخوان "مش بتوع ربنا"، أي أنها ليست جماعة تدعو إلى الله، كما تزعم، لكن هذه المسائل تغيرت بعد ثورة 30 يونيو، ولم تعد هناك مساحات كبيرة، يقال فيها مثل هذا الكلام. وأضاف أنه لم يعد هناك اتفاق مجتمعي، حتى بين طوائف المثقفين، لذا الفكرة الرئيسية التي تأسس عليها الحوار الوطني، فكرة تُحترم.
وذكر أن جماعة الإخوان تنظيم سياسي صريح لا علاقة له بالدين. وقال إنه سرعان ما اكتشف الشعب أن الإخوان المسلمين تنظيم سياسي صريح لا علاقة له بالدين ويعمل فقط على تسييس الدين، قائلًا: «تحسست الخطر بحكم عملي في السينما والمسرح والشعر والفنون الشعبية وكانت كل هذه مخاطر من الجماعة الإرهابية». وأضاف أن الترقي في المراتب الإخوانية يعتمد على قراءة كتب ومناقشتها مع الأخوة، ولذلك كان الإخوان يسيطرون على صناعة النشر.
وأشار إلى أن وزير ثقافة الإخوان علاء عبد العزيز استهدف مكتبة الأسرة لأنها كانت ضد خطهم. وأضاف أن علاء عبد العزيز وزير ثقافة الإخوان، طالب بتحويل مكتبة الأسرة إلى مكتبة الثورة، لأنها كانت تطبع كتب بسلاسة وتنشر كتب عن الهوية المصرية الوطنية، وأصدرت تصريح أن هناك قامات وأشخاص في مكتبة الأسرة ولا يستطيع أحد التدخل في عملها، وفي ثاني يوم عقد اجتماع لمكتبة الأسرة، وصدر بيان دقيق عن سلسلة إصدارات مكتبة الأسرة، وهناك إصدارين بالفعل عن إصدارات الثورة وليس هناك داعي لهذا التحويل. وتابع أنه في ثاني يوم لهذا الاجتماع وجدت إقالته من منصبه تنتظره على مكتبه، ولم يكن مستغربًا لهذا وكان يتوقع ذلك، قائلًا: «لم نكن على خط واحد مع هذه الجماعة الإرهابية، وتوقعت إقالتي من علاء عبد العزيز وزير ثقافة الإخوان بعد اجتماع مكتبة الأسرة».
وذكر أنه كان هناك تحريضات لإثارة قلق في الهيئة، مشيرًا إلى أن خالة أحد العاملين بالهيئة كانت زوجة محمد مرسي. وأضاف أن من المضايقات التي تعرض لها كانت في المطابع حيث كان الإخوان يقومون بحذف حروف وجمل من المطبعة ولديه دلائل على ذلك. وأشار إلى أن هذه القلاقل كانت من نوع أنهم يريدون أموال وأنه كان يتعامل معهم بالتفاوض ويقتنعوا لأنه يوجد شفافية.
وعن ميول الكتاب للإخوان قال إنه يوجد نوعين من الميل، ميل في الكتابة والفكر لم يرصده لأنه صعب، والميل الثاني للأموال والأعمال قد حدث ومنهم من التقى وزير الثقافة الإخواني علاء عبد العزيز، بعدما أقاله وجلسوا معه وقالوا إنهم يستطيعون عمل أشياء وجرى تصويرهم ونشر صورهم بالجرائد. وتابع أن الدكتور صلاح المليجي، كان وزير الثقافة قد طلب منه أن يرفع بعض اللوحات لأن بها مشاهد خارجة لكنه رفض وقال إنه لن يرفعها حتى لو أقيل فيها، وبالفعل جرى إقالته ولم يحضر الوزير حفل الافتتاح.
وذكر أنه بعد إقالته من وزرة الثقافة حدثت ردة فعل من المثقفين وكانوا مجموعة صغيرة، والوزير كان بمكتبه وكانت الهتافات ضد الأخونة والإقالات، وعندما تصعدت الإقالات جرى عمل خطة بما تحمل الكلمة من معانٍ وكانت واضحة المعالم لدخول الوزارة وكانت بها تمويه. وأضاف أنه كان هناك اجتماع للمثقفين الذين هم ضد حركة الإخوان والذين تمت إقالتهم في المجلس الأعلى للثقافة، وبعدها ذهب عدد من كبار المثقفين والفنانين ودخلوا وزارة الثقافة بهدوء شديد جدًا، حتى يقابلوا الوزير وبعد تجمعهم أعطوا إشارة البدء من "البلكونة" وبعدها انتقلوا إلى الوزارة. وأشار إلى أنها كانت المرة الأخيرة لدخول الوزير الإخواني علاء عبد العزيز لوزارة الثقافة، والذي نقل مكتبه لهيئة الكتاب لأن له حماية هناك.
وتابع أنه بعد توافد الكثير من المثقفين والفنانين، جرى عمل مسرح يقدم عليه فقرات فنية وبدأ يأتي الجمهور والشعب وأصبحت هناك اعتصامات أخرى على غرار هذا الاعتصام. وأكد أن الهدف من الاعتصام كان هو إسقاط هؤلاء والمعركة معهم كانت صفرية، مشيرًا إلى أن أحمد المغير وشباب الإخوان حاولوا فض الاعتصام بالقوة وكانوا يعرفون بقدومهم ومستعدين لهم حتى ضربوا أعضاء الإخوان.
وبيَّن أن اعتصام المثقفين في وزارة الثقافة كان معركة صفرية، ولم يكن لديهم ما يخسروه سوى حريتهم، مردفًا: «لكن لما نقارن موقفنا بموقف الرئيس عبد الفتاح السيسي، السيسي شخصيًا حمل رقبته على كفه، من أجل الوطن». وأضاف أنه كانت بالنسبة للرئيس السيسي معادلة صفرية، مضيفًا: «نحن كمثقفون ما سنتعرض له أننا سنُضرب ونُحبس في السجون، لكن بالنسبة لعبد الفتاح السيسي المعادلة كانت صفرية، وكان ذلك الانحياز هو أول صك ثقة قوي بين الرئيس السيسي وبين الشعب المصري».
وذكر أن المثقفين اتحدوا سويًا في ثورة 30 يونيو، على اختلاف توجهاتهم لأنه في لحظات جدية في تاريخ الوطن يفقد كل إنسان هويته الشخصية وأطماعه ومطامعه، وصراعاته الشخصية من أجل الوطن. وأضاف أنه داخل اعتصام وزارة الثقافة كان هناك مثقفين لا يقبلون بعضهم، ومختلفين أيديولوجيًا، وبعد 30 يونيو عادوا لخلافاتهم مرة أخرى، وعادوا للتشرذم والفردية، ولم نستطع أن نحافظ كثيرًا على زخم 30 يونيو. وأشار إلى أن طبيعة المثقف الميل إلى التغيير والاختلاف، ويحدث هذا بشكل سلمي، ولا يكون المثقف منسحبًا ولا شتامًا بدون تقديم طرق بديلة.
وتحدث عن أن شاعر العامية الراحل أحمد فؤاد نجم قبل وفاته بشهر اجتمع معه في الهيئة، وكان ذلك قبل الانتخابات الرئاسية في 2014، مردفًا: «دخل أحد الأشخاص وقال له هل ستنتخب السيسي؟ رد عليه قائلًا سأنتخب السيسي، ولو لم يفعل شيئًا غير إنه مشى الإخوان تفضل جزمته على رأسي». وعقب: «ذكرت أحمد فؤاد نجم لأنه نموذج من أقصى اليسار».
وأكد أن الإخوان حاولوا اختراق هيئة الكتاب، ومارسوا نوعًا من "المكايدة"، متابعًا أنه كان هناك اختراق ولكن لم يقدروا على ذلك، وكانوا يحاولون أن يخترقوا هيئة الكتاب، ولكن لجان القراءة كانت ترفض النشر، وكان هناك كيد متبادل، مثل منح كتاب ثروت الخرباوي جائزة معرض الكتاب في عام حكم الإخوان 2013، وكان عاصم شلبي رئيس اتحاد الناشرين، وأحد أكبر قيادات الإخوان، وكان المسئول عن تدريب محمد مرسي قبل ذلك في محافظته، وكان هو من يسلم الجائزة لثروت الخرباوي، الذي يهاجم الجماعة.
ونوّه بأن معرض الكتاب عندما توقف في عام 2011، ابتكر فكرة معرض فيصل الرمضاني للكتاب. وقال إنه خلال مروره بالمعرض وجد إحدى دور العرض الإخوانية، وطلبوا منه رؤية كتاب لأستاذ كبير في الأزهر، واطلع على الكتاب ووجده جيدًا. وأضاف أنه اتصل بالدكتور، وأخبره أن شغله في الكتب عظيم جدًا، وقال له "ألا يوجد شيء أبسط وننشره للناس في دار النشر الحكومية"، مؤكدًا أنه رحب بالفكرة وكان هو الدكتور سعد الدين الهلالي، والمعروف بموقفه من الإخوان، مبينًا أنه طبع 3 كتب مع دار النشر الحكومية لأنها توزع أكثر وتبيع أرخص، وكان هذا فوزًا عظيمًا وشرفا أنه وافق على هذا التعاون.
وأشار إلى أنه لم يحدث تواصل رسمي مع المثقفين المعتصمين بوزارة الثقافة وقت حكم الإخوان، مشيرًا إلى أن الشرطة كانت موجودة لتؤمن مقر الوزارة وفي الوقت نفسه تؤمن المعتصمين، والناس كانت تحتفل معهم بـ "كلاكس" السيارات، حتى جاء يوم 30 يونيو. وأضاف أنه من خلال الاعتصام تم استشراف مزاج المصريين وهواهم وخطواتهم القادمة وساروا على الخطوة الأولى حتى خطوة 30 يونيو.
وعن مشهد 3 يوليو ومهلة الأسبوع للإخوان قال إنه كان سعيدًا لأن الجيش شديد الوطنية وأنه شديد الإخلاص لطلبات الشعب وكان عادلًا بما يكفي حتى الرئيس السيسي كان يقول "أنا نصحت وطلبت وقلت"، فالرئيس نصح مخلصًا ولم يُستجاب لنصائحه. وأشار إلى أن الجيش من 25 يناير كان حكيمًا جدًا وثبت أن هدفه ليس المحافظة على السلطة ولكن المحافظة على الشعب والدولة واستقرار ومؤسساتها.
وبيَّن أن الإخوان اعتادوا أن يترعرعوا تحت الأرض، لافتًا إلى أنهم عندما خرجوا على وجه الأرض لم يعرفوا أن يعيشوا في النور. وأضاف أن أفراد هذا الجيل من الإخوان ذهبوا، لكن هناك أفراد آخرين من أجيال قادمة، لافتًا إلى أن فكر الاخوان يحتاج إلى مواجهة فكرية هادئة وأنفاس طويلة. وأوضح أن مصر لديها من يتصدى للإخوان بمستويات عديدة، حيث يوجد من يتصدى في الإعلام، ومن يتصدى بكتب ثقيلة بفكر مستنير مقابل الفكر الظلامي، وعندنا من يتصدى ليفند أفكارهم القديمة، وعندنا من يتصدى بفتح الأحداث، والأهم هو من يقدم الفكر البديل لفكر الإخوان، وشدد على ضرورة اليقظة لوجود فكر الإخوان حتى الآن، لافتًا إلى أن المثقفين والمفكرين يتعاملون على أنهم انتصروا وأن الإخوان ذهبوا، وبات عليهم الآن الالتفات إلى صراعات صغيرة وأشياء أخرى، لافتًا إلى أن ذلك تفكير خاطئ، وهذه الأحزاب لا تقوى إلا تحت الأرض.
وتحدث عن حقيقة طباعته 47 كتاب للإخوان وقت حكمهم، مؤكدًا أن هذا الأمر لم يحدث إطلاقًا وأن هذا الكلام يدخله السجن. وقال إن شعبان يوسف، أحضر له رواية من روايات سيد قطب، وتحمل اسم "أشواك"، وكان سيد قطب وعائلته قد طلبوا عدم نشرها، مشيرًا إلى أنها رواية عاطفية وبها مشاهد إباحية. وأضاف أن شعبان يوسف، طلب نشر الرواية حتى يوضح للناس أن هذا الرجل يوجد لديه تحولات في حياته قبل الدين، وقال إنه سيقدم دراسة للرواية يقول فيها ذلك.