معهد بحوث إعلام الشرق الأوسط: التاجر العسكري الذي قد يحمل مفتاحًا لغزة ما بعد حماس
التاريخ : السبت 17 فبراير 2024 . القسم : ترجمات
نشر موقع معهد بحوث إعلام الشرق الأوسط (ميمري) المقري من اليمين الصهيوني تقريرًا كتبه ألبرتو م. فرنانديز، نائب مدير معهد ميمري، يتناول شخصية رجل الأعمال المصري المقرب من السلطة إبراهيم العرجاني ونفوذه فيما يتعلق بحالة غزة.
يقول الكاتب في مستهل تقريره إن الحرب هي عمل جيد للبعض، وهذا ينطبق على شركتي رايثيون ولوكهيد مارتن كما ينطبق على أكثر مهربي الأسلحة تواضعًا في أفريقيا. وفي حين أن الحرب بطبيعتها مدمرة، فإن الظروف الفوضوية والديناميكية للصراع يمكن أن تخلق كل أنواع الفرص لأولئك المبدعين والقساة بما يكفي للاستفادة منها.
تجار الحرب
ومع دخول حرب غزة شهرها الخامس، وحسب ما يضيف الكاتب، يركز كثيرون على احتياجات إسرائيل العسكرية، في حين ينظر آخرون إلى القدرة التدميرية التي زودتها إيران بحلفائها في لبنان واليمن وحلفائها من حماس في وغزة. وفي مصر، الحرب أيضًا تجارة، رغم أن البلاد ليست دولة محاربة ولن تصبح كذلك.
وتجري أعمال البناء في الجزء الشرقي من سيناء لإقامة منطقة استقبال وإيواء محتملة لسكان غزة، «مدينة للاجئين»، في حال امتد النزاع إلى رفح الحدودية. وهذا هو الاحتمال الذي تعارضه مصر بشدة، لكنها تحرص – عن حق – على الاستعداد له، سواء من خلال تشديد الأمن أو الوجود العسكري على الحدود مع رفح، وكذلك من خلال إعداد مثل هذه المرافق، في حالة حدوث ذلك.
ويرتبط عمال البناء المحليون بشركة أبناء سيناء للتشييد والبناء المتعاقدة مع الجيش المصري. وهذه الشركة هي جزء من الإمبراطورية التجارية لإبراهيم جمعة العرجاني، وهو شخصية رائعة توضح كيف يمكن للصراع أن يكون بمثابة سلم للنجاح للبعض.
العرجاني، كما يوحي اسم شركته، هو ابن سيناء، وهو عضو في قبيلة الترابين البدوية الكبيرة في سيناء المصرية (توجد الترابين أيضًا في النقب الإسرائيلي). وتعتبر قبيلة الترابين وقبائل سيناء الأخرى، من بين أمور أخرى، مهربين ولها تاريخ طويل وملون في أعمال التهريب. وكما يفعل المهربون الجيدون، فقد قاموا بتهريب كل ما يحقق ربحًا. تاريخيًا، كان هذا يعني - في بعض الأحيان - دخول الأسلحة إلى غزة وخروج الناس من غزة، ولكن أيضًا تلك الأشياء الأخرى التي يريدها الناس - المواد المنزلية النادرة والمخدرات، وخاصة الحشيش.
كما سهّل المهربون البدو في مصر تهريب اللاجئين الأفارقة إلى إسرائيل وحتى الصواريخ الإيرانية إلى غزة. وعندما خدمت في السودان عام 2008، ضربت إسرائيل شبكات التهريب السودانية التي كانت تفعل ذلك بالضبط، حيث أخذت الصواريخ الإيرانية من بورتسودان إلى مصر حيث تنقلها الشبكات المصرية إلى القطاع الفلسطيني. وبطبيعة الحال، تقوم حماس اليوم بتصنيع معظم صواريخها محليا في منشآت تحت الأرض داخل غزة. وقد يجري إغلاق الأنفاق ويتغير الطلب على السلع لكن التهريب سيستمر.
من مهرب بسيط إلى أوليغارشي
ويقول الكاتب إن من المفارقات أن صعود العرجاني من مهرب بسيط إلى أحد أفراد القلة الحاكمة (الأوليغارشية) بدأ بالسجن. وفي عام 2008، كان مهربًا قبليًا بالفعل، وجرى اعتقاله وتعذيبه على يد السلطات المصرية نتيجة قيامه باختطاف جنود مصريين خلال صراع بين المهربين والشرطة للسيطرة على تجارة التهريب. وقتل أحمد شقيق العرجاني على يد الشرطة في هذا الصراع. لكن هذا تفسير بسيط لمسألة معقدة، فالمهربون في سيناء والمؤسسة الأمنية المصرية كانوا أعداء ومتنافسين وشركاء، حسب الظروف.
أصدرت السلطات عفوًا عن العرجاني و60 آخرين من رجال قبائل سيناء في يوليو 2010، وعادوا إلى ذلك العالم السفلي شبه الإجرامي وشبه الشريك للدولة العميقة خلال نهاية نظام مبارك ونظام مرسي القصير. وبعد الانقلاب الذي أوصل الرئيس السيسي إلى السلطة في عام 2013، خرج العرجاني من العزلة، وأصبح شريكًا أكثر علنية للنظام. وشمل ذلك تطوير العلاقة مع محمود السيسي، أحد كبار ضباط المخابرات والابن الأكبر للرئيس المصري.
تزامن إطلاق سراح العرجاني من السجن وانقلاب السيسي مع حدث مصيري آخر، وهو صعود التمرد الجهادي في سيناء. نشأت جماعة أنصار بيت المقدس من رحم الوضع الأمني الفوضوي في سيناء، ونشطت بقوة الانقلاب العسكري عام 2013. وفي عام 2014، حولت الجماعة ولاءها من تنظيم القاعدة إلى داعش، لتصبح معروفة باسم ولاية سيناء التابعة لتنظيم الدولة. بالاعتماد على كل من المصريين في وادي النيل وخاصة على البدو المحليين، أثبتت الجماعة أنها عدو هائل للجيش المصري. وفي نوفمبر 2017، أفادت التقارير أن الجماعة نفذت الهجوم الأكثر دموية في التاريخ المصري، مما أسفر عن مقتل أكثر من 300 شخص في هجوم على مسجد تابع للصوفية بالقرب من بلدة بئر العبد. وفي عام 2022، ذكر الرئيس السيسي أن التمرد تسبب في مقتل أكثر من 3000 من أفراد قوات الأمن وإصابة 12000 آخرين.
وباتباع الأنماط التي شوهدت في أماكن أخرى، ردت الحكومة المصرية على التمرد من خلال دعم صعود الميليشيات القبلية المناهضة لداعش، وهو نموذج «الصحوات» الذي رأيناه في العراق.
ولجأت السلطات إلى شريكها العرجاني في عام 2015 لتأسيس اتحاد قبائل سيناء، الذي كان في البداية شأنًا شبه عسكري لقبيلة الترابين. وتحول دور المقاتلين القبليين في نهاية المطاف إلى دور أساسي في الضغط على ولاية سيناء، خاصة عندما انضمت قبيلة الترابين لاحقًا إلى القبائل الرئيسة الأخرى في سيناء، السواركة والرميلات. وكانت هاتان القبيلتان، المعروفتان أيضًا ببراعتهما في التهريب، أكثر عرضة للانضمام إلى الجهاديين من قبيلة الترابين.
وجرى تجهيز المقاتلين القبليين بطرق تشبه قوات الجنجويد السودانية شبه العسكرية، حيث كانت الشاحنات الصغيرة وعربات اللاند كروزر مزودة بمدافع رشاشة باعتبارها الدعامة الأساسية لهم لتوجيه ضربات سريعة. واليوم ضعف الجهاديون في سيناء بالتأكيد، لكنهم لم يُهزموا. لكن سحقهم كان له فائدة جانبية مهمة، إذ جعل التهريب إلى غزة وإسرائيل أسهل لهذه الشبكات القبلية.
وأشار الكاتب إلى أن أعمال العرجاني توسعت لتشمل البناء والتعدين والسياحة وغيرها. كما أنه يرأس وكالة بي أم دبليو في مصر.
ويُنظر إلى العرجاني على أنه شريك ووسيط رئيس للنظام المصري في سيناء، على الرغم من أنه شخصية مثيرة للجدل ينتقدها الإسلاميون والليبراليون.
ونظرًا لنفوذه على شبكات التهريب وعلاقاته بالحكومة، فقد يلعب دورًا في سياسة مصر تجاه غزة وإعادة إعمارها في أعقاب الصراع الأخير مع حماس.
ومع ذلك، فهو يعتمد في النهاية على حالة الأمن القومي المصري ورؤيتهم للمضي قدمًا في غزة، الأمر الذي سيتضمن أسئلة معقدة حول الأمن والاستقرار والمصالح الاقتصادية.