الشاهد – محمد الباز – حلقة الأحد 25-06-2023
التاريخ : الاثنين 26 يونيو 2023 . القسم : سياسية
مضامين الفقرة الأولى: شهادة الكاتب يوسف القعيد على أحداث 30 يونيو
قال الكاتب الصحفي والروائي يوسف القعيد، إنه أدرك أهمية اندلاع ثورة ضد جماعة الإخوان منذ بداية حكمهم، مضيفًا أنه منذ البداية أدرك أن الإخوان لا يمكن أن يستمروا في حكم مصر وأن أخطاءهم ستكون كبيرة من اللحظة الأولى وهذا حدث. وأضاف أنه كان لديه فكرة عن جماعة الإخوان قبل القراءة والاستيعاب، وهذه الخلفية كانت ناتجة عن تجربة حياتية بحكم إنه من البحيرة مسقط رأس مؤسس الجماعة. وتابع بأنه لا يعترف بالإخوان كحكام لمصر، ولم يشعر مرة واحدة أن رئيسهم الذي يمارس عمله من الاتحادية إنه رئيس مصر، وكان يرى أنهم لن يستمروا في الحكم؛ لأن مصر صاحبة التاريخ والحضارة.
وأضاف أنه تلقى أكثر من دعوة لمقابلة الرئيس المعزول محمد مرسي، إلا أنه لم يستجب لأي منها. وذكر أنه رفض رفضًا قاطعًا لقاء محمد مرسي، وتواصل معه عدة أشخاص لكن موقفه كان واضحًا. وتابع: «لو رئيس أنا متوافق معه ويحقق مصالح لمصر لن أتردد في مقابلته، إنما أنا رفضت لقاء مرسي لأني شعرت أنهم مغتصبون للوطن والحضارة، ويقولون كلامًا ويفعلون عكسه». وأكد أنه من الحرام أن هذه الجماعة تكون في الاتحادية وتحكم دولة بحجم مصر، كما أشار إلى أن عام حكم الإخوان كان عامًا كاشفًا لمواقف كثير من المثقفين الذي كانوا في مصر أو تركوها وذهبوا إلى أوروبا.
ولفت إلى أنه كتب مقالًا بعنوان "لا سمع ولا طاعة" ومُنع من النشر في جريدة الأخبار وقت حكم الإخوان. وأضاف أنه كتب المقال ردًا على عبارة كان يرددها الإخوان وهي السمع والطاعة وكأنهم مندوبو الله على الأرض. وتابع أن السمع والطاعة أمر أساسي عند الإخوان، وكتب المقال ردًا على منهج الإخوان في إلغاء العقل الإنساني ومنعه من التفكير والاجتهاد. ورأى أن هذا المنهج في القرى كان يتضخم جدًا ويتحول كأنه أمر إلهي وليس من الجماعة، موضحًا أن جماعة الإخوان كان لديها مندوبين في كل جرنال ومحطة وإذاعة وكانوا يعتبرون أن الإعلام في مقدمة المعركة مع المصريين.
وذكر أن الأديب الراحل نجيب محفوظ كان شديد الوضوح فيما يخص جماعة الإخوان الإرهابية، سواء في أعماله الأدبية السابقة على هذا الحدث أو في ممارسته اليومية. وأضاف أن نجيب محفوظ رفض رفضًا قاطعًا ربط الدين بالسياسة وهذه كانت من ثمار ثورة 1919. وتابع أن نجيب محفوظ كان ضد الإخوان لكن بطريقته، فلا يعلن ذلك إلا للأصدقاء المقربين له، ولو كان حيًا لرفض حكم الإخوان لمصر، مشيرًا إلى أن أدب نجيب محفوظ يطرح أفكارًا كثيرة جدًا تؤكد رفضه لحكم الجماعة.
وأشار إلى أنه عاتب الكاتب الصحفي الراحل محمد حسنين هيكل على مقابلة المعزول محمد مرسي. وأضاف أن هيكل قال له إن هناك اعتبارات كثيرة لهذا اللقاء، وأن الاستماع وتوصيل رسالة إليه أمر شديد الأهمية، مبينًا أنه كان مختلفًا معه في هذا الأمر. وأكد أن الراحل محمد حسنين هيكل وقف مع ثورة 30 يونيو بشكل مطلق من اللحظة الأولى، ولم يتردد لحظة أو يسأل إلى أين ستصل تلك الثورة. وتابع أن عينه دائمًا كانت على القوات المسلحة، حيث كان يراها رمانة الميزان في الواقع المصري منذ فجر التاريخ وحتى اللحظة.
وتحدث عن واقعة حريق برقاش في محافظة الجيزة على يد جماعة الإخوان إبان فض اعتصام رابعة. وقال إن محمد حسنين هيكل فقد تاريخه بسبب هذا الحريق، متابعًا بأن برقاش بالنسبة لهيكل كانت العاصمة الروحية له. وقال: «أعتقد أن هيكل كان يفكر أن تكون برقاش مكتبة تحمل اسمه بعد رحيله، ويوم الحريق يعد بروفة موت هيكل وكان أمرًا مؤسفًا». ووصف القعيد الإخوان في حريق برقاش بالتتار الذين دمروا 60 عامًا من تاريخ مصر والوطن العربي ومن تاريخ العالم وذكريات الدنيا كلها.
ونوّه بأن معجزة 30 يونيو، تفوق الوصف والخيال، مندهشًا من فكرة أنها لم تظهر في عمل أدبي حتى الآن. وأضاف أن سبب عدم توثيقه لـ 30 يونيو هو اضطراب عملية البناء في كل يوم تفاجأ بعملية بناء كل يوم وإنجاز وعمل جديد، وابتكار وخروج عن المألوف ورهان على الزمن المقبل والشعب المصري، مما أدى إلى التشتت من تشعبها ووصولها للقرى المصرية. وأشار إلى أن أهالي قريته يتحدثون معه ولا يصدقون حجم الإنجازات التي تتم في القاهرة وانتقلت إليهم في القرى.
وشدد على ضرورة توثيق ثورة 30 يونيو حتى لو يوميات؛ لأنها أنقذت مصر والوطن العربي والأمة الإسلامية والعالم كله من مصير مجهول، ولم نكن نعرف إلى أين سيأخذنا وإلى أي مكان يذهب بنا وأي فكرة من الممكن أن تذهب بنا وتتركنا هناك. وأضاف أن ثورة 30 يونيو يمكن توصيفها بأنها ثورة شعبية مكتملة الأركان. وأكد أن قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح السيسي، والمجموعة التي كانت برفقته، ومنهم اللواء حسن الرويني، هم من أنقذوا مصر من مصير مجهول لو لم تُنقذ منه لما كنا نعرف هل سنكون نتحدث هذا الكلام الآن أم لا.
وأكد أن 30 يونيو مستمرة حتى الآن ويوجد شيء الكل يتحدث عنه في الإعلام ولا يدرك أهميته سوى أبناء القرى وهو تبطين الترع. وأضاف أن حجم المياه الفاقد من الترع والقنوات في الريف وصعيد مصر بحجم ما يروى به 10 مرات، مشيرًا إلى أن فكرة التبطين عبقرية ولم نقف أمامها ولم نحتف بها بالقدر الذي تستحقه. وتابع: «أدين نفسي والآخرين؛ لأننا لم نهتم بهذا المشروع، لأن الأرض والمياه هما مصدر الحياة وهما الأساس». وأكد أن مشرع حياة كريمة شديد الأهمية ووصل إلى الناس ومقياس المشروعات ليس في الحديث عنها، ولكن المستفيد يخرج ويتحدث عن استفادته منها، رغم أن المصري لديه حساسية تجاه من يقوده، ولكن حياة كريمة تشكل فاصلًا مهمًا في تاريخ الريف المصري وأثرها الاجتماعي والاقتصادي والنفسي مستمر طوال السنوات المقبلة.
وذكر أنه دائمًا يربط بين الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، والرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي. وأضاف أنه يرى أن محمد علي باشا، هو أهم حاكم في القرن التاسع عشر، و"عبد الناصر" أهم حاكم في القرن العشرين، والرئيس السيسي أهم حاكم في القرن الوحد والعشرين، مؤكدًا أن الـ 3 قرون بنيت فيها مصر الحديثة التي نعيش فيها وننعم بآثار الثورات الثلاث. وتابع أن محمد علي لم يكن مصريًا ولكنه يعتبر أحد الذين أسسوا مصر الحديثة رغم أنه استعماري وأجنبي وألباني وجاء تحت المظلة العثمانية. وأكد أن ثورة 30 يونيو تشبه ثورة 23 يوليو 1952؛ وذلك لأن كليهما كانا ثورة على وضع قائم ولم تكتف بهدمه والقضاء عليه والتخلص منه وتخليص مصر من آثاره الرهيبة، لكنها بنت بديلًا آخر له في نفس الوقت، لا سيما أن الهدم والبناء السمتين الأساسيتين فيهما تهدم الماضي وتبني المستقبل والحاضر، والكوبري بين الماضي والمستقبل، وجرى ذلك بوعي شديد في الثورتين.
وبيَّن أن اعتصام المثقفين تحول من وزارة الثقافة في الزمالك إلى ميدان التحرير، أيام حكم الإخوان. وأضاف أن جماعة الإخوان كانت ضد الثقافة لأنها إبداع إنساني. وأشار إلى أنه لا يوجد مثقف مصري في هذا الوقت لم يأتِ للاعتصام، وهذا أثبت مبكرًا جدًا أن الجماعة الإخوانية معادية للثقافة، وعبر تاريخها كله لم تنتج كاتبًا كبيرًا، وفسر عداء الإخوان للثقافة أنه إبداع إنساني، وخاصة لو أن الإصدار من أحد ليس من الجماعة الإخوانية. وتابع أنه كانت الثقافة والإبداع ضد مبدأ الإخوان الأساسي السمع والطاعة، لأن هناك أدباء كثيرين سبقوا الإخوان وقالوا نفس الكلام، ولكنهم أبرياء من هذا الكلام، معتقدًا أن لو علي باكثير عاصر الإخوان سيكون ضدهم، لأنه كان مفكرًا ويستعمل عقله في طرح أمور كثيرة جدًا لا يوافقون عليها، وبالتالي جماعة المثقفين المصريين العرب أبرياء تمامًا من فكرة مناصرة الإخوان.
وتحدث حول كواليس التهديدات التي تلقاها اعتصام المثقفين من جماعة الإخوان. وقال إن تعيين وزير الثقافة الإخواني كان تحديًا لجماعة المثقفين، حيث رفض المعتصمون السماح للوزير الإخواني بدخول مكتبه، وتوالت رسائل التضامن مع المثقفين من مصر وخارجها. وبيَّن أن خالد يوسف هو من أبلغه باعتصام المثقفين واحتلال الوزارة، مبينًا أنه شخص مقدام وجريء ولديه إمكانات عالمية ليست موجودة عند كثير من المثقفين، وطلب منه تحديد الموعد لاحتلال الوزارة، قائلًا: «كنت أرى كلمة احتلال على أنه خيال نتيجة الحراسة والأسلحة، وكان الإنذار الأول لتنبيه المصريين بأن هناك جماعة ستغتصب هذا الوطن». وتابع: «نقلنا اعتصام الثقافة إلى ميدان التحرير وسط انضمام آلاف المواطنين، وكان الجميع ينضم دون سؤال، مرورًا بشوارع الزمالك وصولًا لميدان التحرير».
وبيَّن أن وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم كانت ترى خطر جماعة الإخوان الإرهابية منذ البداية. وأضاف أنها كانت أول من نبهته لخطر جماعة الإخوان، وفي مقدمة الداعمين لاعتصام المثقفين، وهو ما دفع الجماعة لإقالتها من منصبها. وأشار إلى أن بيان اتحاد الكتاب ضد الإخوان كان بمثابة الشرارة الأولى للثورة على حكم الجماعة.
وذكر أن اعتصام المثقفين بوزارة الثقافة ونزولهم الميدان كان لإحساسهم بالخطر على الدولة. وأضاف أنه خلال أيام الاتحادية قرر الذهاب والمبيت هناك وسط الناس، مؤكدًا أنه رأى وقتها عبقرية الشعب المصري عندما يتكاتف ورأى عندما يكون الكل في واحد، مشيرًا إلى أنه لا يحتكر الأمر على المثقفين. وتابع أنه لا يدعو للأمية، وأنه يعتبرها عارًا ويجب التخلص منها لأنهم يتسللون للبلد منها، وأنه وقتها رأى أميين لا يقرأون ولا يكتبون وكانوا ينامون بالجامع وكانوا بكثرة وبتصميم أكبر منهم. وأكد أن حجم الإنجاز الذي حدث أكبر من أي انجاز والخيال البشري لا يمكن توقع ما حدث في 30 يونيو، مبينًا أن الجماعة هشة لدرجة لا يمكن وصفها، مشيرًا إلى أنه يتذكر السنة الباغية الطاغية المسروقة من العمر كان يجلس وقتها في محل بمنتصف البلد حتى يطمئن على أن المصريين يعيشون حياتهم العادية، وأن الحياة مستمرة رغم أنف الإخوان، وكانت مسألة مهمة ولا يمكن أن تحدث إلا في مصر.
وشدد على أن ما يخشاه على الدولة هو الأمية، لأنها الباب الذي تتسلل منها الجماعة، لأن لديهم تلفزيونات تخرج من إسطنبول، والتي غادروها مؤخرًا وذهبوا إلى لندن وباريس وروما. وأضاف أن الأمية تحتاج إلى شغل كبير، ويجب أن يكون هناك قرار من الرئيس السيسي يحدد فيه فترة للقضاء على الأمية لأنها حجر الزاوية. وأكد أن ثورة 30 يونيو هي استرداد مصر، واسترداد وطن بأكمله تم السطو عليه في غفلة من الزمن وسرقة سنة من عمره، ولكن الله فوض من أنقذنا من هذه الكارثة ومن استمرارها وتعايشنا معها.