الشاهد – محمد الباز – حلقة الإثنين 26-06-2023
التاريخ : الثلاثاء 27 يونيو 2023 . القسم : سياسية
مضامين الفقرة الأولى: شهادة سمير مرقص على ثورة يناير حتى تولي مرسي الحكم
قال الدكتور سمير مرقص، الكاتب والمفكر السياسي، إننا من جيل التوترات الدينية في جيل السبعينيات، حيث تفتحت أعيننا في ظل أزمة وتوترات دينية في مطلع السبعينيات وعشناها في الجامعة، ووصلنا إلى الذروة مع اغتيال الرئيس محمد أنور السادات، ورغم التليين السياسي بعد عام 1981، وحضور حزبي متنوع، وكان في القلب الإخوان المسلمين، الذين خاضوا انتخابات 1984، وحملهم إلى الانتخابات حزب الوفد، ثم بدأوا في الحضور السياسي منفردين من انتخابات 1995.
وأردف: «شئنا أو لم نشأ فالإخوان كانوا طرفًا في المعادلة السياسية، وكانت الذروة في انتخابات 2005 بعد الفوز بـ 88 مقعدًا، وكان هناك حديث عما يخوف الناس من الإخوان خاصة الأقباط»، مضيفًا أنه كتب ورقة نقاشية، وحدد 5 مخاوف، أهمها قضية المواطنة هل الأقباط أهل ذمة ومواطني درجة ثانية، أم كاملي المواطنة، والمسألة الثانية بناء الكنائس، ووضعت 3 احتمالات لبناء الكنائس، والمسألة الثالثة موقفهم من الردة. وتابع أنه أحضر نصوص من كتابات حسن البنا، في كتابة الرسائل له نص شهير، كتبته وقلت إن عجزوا وكان النص: «لا بأس من الاستعانة بغير المسلمين في غير مناصب الولاية العامة عند الضرورة»، قائلًا: «ماذا لو لم تأت الضرورة؟».
وذكر أن إسلام الخبرة المصرية حل الإشكاليات الموجودة في أدبيات الإخوان، خاصة ما يتعلق بقضية المواطنة. وأضاف أن الإمام الليث بن سعد سُئل عن بناء الكنائس في القرن العاشر، فقال من زينة الدنيا وعمارتها، مردفًا: «اعتبر الكنائس حالة معمارية يجب أن تبقى، هذا ما أسميه إسلام البراحة والخضرة والنيل، إسلام الطهطاوي ومحمد عبده والشيخ شلتوت». وأوضح أن الإخوان يعانون من إشكاليتين، الأولى أن انخراطهم في العمل السياسي جعل الجانب الفقهي عندهم يتراجع، فلم يكن منهم فقيه ولا عالم، أما الإشكالية الثانية هي أن تأهيلهم حسم كثير من القضايا، وتبين في الواقع العملي عندما تولوا السلطة أنهم لم يقدروا على التعاطي مع الإشكاليات المثارة.
وأشار إلى أنه جرى العرف في الفترة السابقة أن يكون هناك محافظًا قبطيًا، ولكن في التشكيل الوزاري لحكومة عصام شرف، جرى تعيين محافظ قبطي في قنا، ولكنه لم يتمكن من دخول المحافظة. وأضاف أن التيار السلفي وقتها منع المحافظ من دخول المحافظة، وأعيد تشكيل الحكومة في يوليو 2011 بالتبعية، مؤكدًا أن أغلب الأقباط رفضوا منصب المحافظ تأثرًا بمشهد محافظ قنا. وأكد أنه عرض عليه الوزارة في حكومة عصام شرف، الثانية، فاعتذر وذلك لأنها ليست من طموحاته ووقتها أكد له أنه يستطيع تقديم المساعدة.
وذكر أنه جرى تعينه نائبًا لمحافظ القاهرة في أغسطس 2011، وعرض عليه الأمر المستشار محمود عطية، وزير التنمية المحلية، مؤكدًا أنه لم يكن يعرفه أو سبق والتقى به. وأضاف أنه حلف اليمين أمام المجلس العسكري بحضور المشير طنطاوي رحمه الله، ورئيس الوزراء وقتها عصام شرف، مؤكدًا أن ما حمسه على ذلك وقبوله للمنصب هو حرصه على تنوع الدولة، وخوفه من سابقة حضور القبطي، وحتى تكون الدولة المصرية بما تمثله من تنوع حاضرة. وأشار إلى أنه خلال عام في 2011 أجروا له نوعًا من أنواع الاستجواب، موضحًا أنه ليس ضده، ولكنه اكتشف أنها استجوابات شكلية وامتنع عن الحضور، وكان يرسل شخص من رؤساء الأحياء لأنه شعر أن فيها نوعًا من المضايقة والابتزاز وطلب خدمات مباشرة وحدث ذلك مرتين معه.
ولفت إلى أن بعض النواب كانوا يحاولون إفشال تجربته كنائب لمحافظ القاهرة، ولكن حب الناس هو ما كان يفرق معه. وتحدث عن المواقف التي تعرض فيها للمضايقة والابتزاز خلال تعيينه نائبًا لمحافظ القاهرة في عام 2011. وقال إن أحد الذين رفضوا السلام الجمهوري في البرلمان "سلفي"، كان يحضر لمبنى المحافظة ولا يدخل مكتبه، ولاحظ ذلك عندما يخرج من مكتبه ويجده وكان يرفض التعامل معه ولا يقبل بذلك، مؤكدًا أنه ككاتب لا يمكن أن يصدق أشياء تحكى له مثل ذلك ولا يتخيل أن تصل المسألة لذلك.
وتابع أن الواقعة الأخرى كانت أجيال جديدة من شباب الإخوان نجحوا في الانتخابات وأرسل له أحدهم يطلب أن يتم تنظيف الشارع من القمامة أمام منزله، مؤكدًا أن رقم هاتفه كان معروفًا في كل المنطقة الشمالية التي تضم 7 أحياء وكان يلبي كل طلبات المواطنين ولكن الخدمة كانت للدولة وليست لشخص. وأشار إلى أنها كانت لحظة استثنائية في تاريخ مصر ويجب أن نتعاون في الخدمة وليس أن تكون الدولة في خدمتك وخدمة الشارع الذي تقيم به، مبينًا أنه شعر أن هناك نوعًا من التعالي والابتزاز والاختبار.
وأضاف أنه لم تحدث مواجهات بينه وبين أحد من النواب، ولكنه كان "يلتقط" الشيء ويتقبله لأن لديه قناعة أنه عاش طوال عمره في مصر وسيعيش فيها حتى يموت، كما أن لديه قناعة بفكرة التواصل وبناء الجسور ويعيشها بشكل أو آخر وكان يشعر أنه يجب ألا يصل إلى درجة الصدام. وتابع أنه لديه فكرة عن النصوص وليس دخيلًا عليها أو متطفلا ويعرف من صاحب الفتاوى المهمة ودائمًا ما يفخر بإسلام الخبرة وكانت الناس تلتقط ذلك وتحترمه وتقدره.
وأشار إلى أن الحضور الديني المفاجئ في استفتاء 19 مارس، والذي عُرف بغزوة الصناديق، عمل انتباه أو جرس إنذار أن 25 يناير التي هي ملك الجميع يحدث بها خلل. وأضاف أن الدكتور الراحل يحيى الجمل كان مسؤولًا عن مؤتمر الوفاق القومي، وفي توثيق أعمال المؤتمر كان هناك محاولة لعمل أوراق دستورية تسهم في عمل الدستور المصري الجديد، وهذا الجهد سُلم إلى الدكتور علي السلمي فيما عرف بوثيقة السلمي، والتي عملوا جمعة قندهار ضدها.
وأضاف أن الدكتور علي كان حريصًا أن يعرض النص على كل القوى السياسية والوطنية وكل مؤسسات الدولة، وحصل على تعديلات وتصويبات من الحركة العمالية والفلاحين واليسار والسلفيين والإخوان والليبراليين، مبينًا أنه كان هناك لجنة في الظل تضم شخصه، وتهاني الجبالي، ومنى ذو الفقار، وعمرو حمزاوي. وأردف أنه حضر بعض ممثلي الإخوان، ومن بينهم الدكتور محمد مرسي في رمضان 2011، وافقوا على النص بالكامل، فيما عدا ديباجة صغيرة توضح اللقطة واللحظة التاريخية نفسها، وبعد ما وافقوا، فوجئ الجميع في الصحف المصرية في اليوم التالي أن الإخوان يعترضون على النص الدستوري. وأكد أن الإخوان وافقوا برضاهم، ولم يكن أحد يملك الضغط عليهم.
ولفت إلى أنه كان يوجد حالة من القلق والتوتر لدى الأقباط في أثناء انتخابات 2012، خاصة عندما كان أحد المرشحين للرئاسة إخوان، لافتًا إلى أنه هذه الفترة غاب عنها البابا شنودة حيث توفي في مارس 2012، وبالتالي فقد كانت فترة قلق. وأضاف أنه لا بد من الإشادة بالأنبا باخوميوس الذي كان يعتبر رجلًا استثنائيًا، كان من الممكن أن يتحدث في الهاتف الساعة الثامنة صباحًا للسؤال عن موضوع معين لاستشارة الكثيرين، حيث كانت المرحلة قلقة وحرجة وخوف من المستقبل وعدم يقين خاصة وأن الجميع يتساءل: «إلى أين مصر ذاهبة؟».
ولفت إلى أن الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية 2012 كانت يوجد بها عدد كبير من المرشحين، ومن أهم الانتخابات في تاريخ مصر ولم يتم دراستها بعناية، وذلك لأن هذه الجولة كان بها عدد كبير من مختلف الاتجاهات من المرشحين، لذا يمكن القول إن هذه الجولة عكست بالأرقام هذا التعدد الضخم. وأكد أن هذه الانتخابات كانت بها نوع من الحماس الحقيقي داخل قلوب المصريين، قائلًا: «أرى أن كل لون كان يمثل بشخصه فيما عدا التيار الديني، ويبدو لي أنه كان يجب أن يكون أكثر من شخص يجب أن يمثل التيار الديني آنذاك». وتابع أن هذه الانتخابات كانت لا تستدعي الاستقواء بقدر وجود ممثلين عن المصريين، أي أنه كان يجب أن يكون لليساريين ممثل، والليبراليين ممثل، والإسلاميين ممثل.
واستطرد أنه حدث ارتباك أدى إلى المرحلة الثانية من الانتخابات الرئاسية، حيث تم حصر المصريين في خانات بعينها، بالرغم من أن فلسفة ثورة 25 يناير كانت قائمة على موقف ما من الحزب الوطني وموقف ما من التيار الديني المتشدد، لذا يمكن القول إن الرمزين في الجولة الثانية من الانتخابات هم من خرجوا ضدهم المصريين في الثورة.
وقال إنه كان يوجد التزام بفكرة وجود فريق رئاسي به ألوان الطيف المختلفة، ووجود نواب للرئيس، وهي فكرة كان قد كتبها في 2006 في كتاب يسمى "المواطنة والتغيير" بعد الانتخابات الرئاسية 2005 أيام حكم مبارك، فتحدث عن فكرة الفريق الرئاسي والانتقال من مرحلة الرئيس الأب إلى الرئيس المؤسسة، ولا بد أن يكون هناك نوع من التنوع، وهي سنة الحياة والتطور. وأضاف أن خطاب الإخوان عن الأقباط عقب فوز "مرسي" كان سياسيًا مطمئنًا، لكنه تغير مع أول اختبار.
وأشار إلى أن جماعة الإخوان حرصوا على أن يجعلوا الأغلبية البرلمانية للأغلبية الإسلامية، وهذه الأغلبية هي التي ستقوم بتشكيل الدستور المصري، والذي أطلق عليها اللجنة التأسيسية الدستورية، وهذه اللجنة تم تشكيلها ضمن التشكيل البرلماني، قائلًا: «ليس هكذا تُكتب الدساتير». وأكد أنه ليس رجل دستوري ولكن حرص على عمل دراسة للاطلاع على تجارب الدول الخارجية عند تأسيس دستورها، قائلًا: «بعد اطلاعي على تجارب الآخرين، وجدت أنه من أخطر ما يمكن عمله عند وضع الدستور أن يكون هناك أغلبية عددية».
وتابع أنه يتم كتابة الدستور بالتوافق وليس بالأغلبية، وهذا تم تطبيقه في التجربة الإسبانية وغيرها. واستطرد أنه كان من الأسماء المرشحة وجرى تعيينه في اللجنة التأسيسية بالفعل ولكن كتب استقالته عن اللجنة مع الدكتور عبد الجليل مصطفى والدكتور جابر نصار، والدكتورة سعاد كامل، وكان محتوى الاستقالة التي قمت بكتابتها يتمثل محتواها في جملة «دستور الغلبة وشرعية الإكراه». وأشار إلى أنه تحاور مع أعضاء اللجنة على أن يتم فصل البرلمان عن اللجنة التأسيسية، وأن يتم اتباع مبدأ التوافق في اللجنة وليس الأغلبية ولكن لم يتم النظر في الحديث.
وبيَّن أن محمد مرسي اختاره ليكون مساعدًا له للتحول الديمقراطي، ووافق في محاولة لتحقيق نقلة في التحول الديمقراطي، ولتكون إنجازًا يحسب له كقبطي يقبل منصبًا بجوار رئيس إخواني. وأضاف أن الإخوان رفضوا أن يتولى منصب نائب رئيس، وتم تخفيف المنصب إلى "مساعد رئيس" وهو بمثابة مساعد رئيس وزراء. وأوضح أن مرسي تحدث إليه واعتذر عن تعيينه نائبًا بسبب الضغط الواقع عليه من التيار الديني، معتبرين أن المساعد منصب إداري، بينما نائب الرئيس قد يصبح رئيسًا في لحظة. وذكر أن الملف الذي تولاه، وهو التحول الديمقراطي، كان تجربة مهمة في تاريخ مصر، لكن مرسي وعد وعودًا كثيرة اتضح أنها أكبر من قدراته أو صلاحياته، لأن صلاحياته كرئيس جمهورية كانت لدى شخص آخر وليست في يده، والسياسي بطبعه لا يرفع سقف الوعود.